أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين المصري - الاتجار بالدين الإسلاموي!















المزيد.....

الاتجار بالدين الإسلاموي!


ياسين المصري

الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 17:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا تقتصر التجارة بالدين على دين دون آخر، فجميع الأديان سواء كانت شخصية أو إلهية، وسواء كانت أرضية أو سماوية لها تجار متخصصون أو هواة يستفيدون من ترويج بضاعتها وتسويقها وبيعها للناس، وهي أقدم تجارة رائجة بين البشر إلى جانب تجارة الجنس (الدعارة) وتجارة العبيد، وهي عبارة تجارة كلامية رخيصة تعتمد على بضاعة غيبية، من المستحيل التأكد من صلاحيتها. ولا تحتاج إلى رأس مال أو دعاية أو عناء يذكر، وعليها طلب شديد، وتصل إلى الناس بسهولة ويسر. ومما يجعلها أسوأ وأحقر تجارة على مر التاريخ، أنها موجهة إلى عواطف البشر، فتقلب موازين الحياة لديهم، تسمي الأشياء بغير أسمائها، وتجعل القاتل ضحية والضحية قاتلا، والأغنياء فقراء والفقراء أغنياء والصدق كذبًا والكذب صدقا، والحقيقة خرافة والخرافة حقيقة، وتخلط الحابل بالنابل، والحق بالباطل، والأخلاق بسوء الأخلاق، على أساس مبدأ خرافي هو (الحلال والحرام)، فيستحيل على العوام التمييز بين الصح والخطأ والمفيد والضار. لذلك لا تزدهر إلا في وجود الجهل والغباء الجمعي الشامل بين الناس!. يقول الفيلسوف الأندلسي ابن رشد (1126 - 1198م): «التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل، فإذا أردت إقناع جاهل بفكرة ما فما عليك سوى أن تغلف كل باطل بغلاف ديني فيبدو له وكأنه حق...»!!
العقائد الدينية بوجه عام لا تنشأ وتزدهر إلا في وجود الجهل والخوف والعجز بين البشر. ومع أن الجهل في ذاته ليس عيبا، فجميعنا مهما بلغنا من التعليم والثقافة، نجهل أشياء ونعلم أشياء أخرى، إلا أن العيب كل العيب فى التعالى بالجهل، واعتباره ميزة أو هبة من الله، والإصرار على بقائه، وحمايته والدفاع عنه، أما الخوف فهو أحد أهم عوامل نشوء الاعتقاد الغيبي، والمسبب الرئيسي للعجز والخنوع والاستسلام.
الديانة الإسلاموية التي تمثل أسوأ استعمار على مدى تاريخ البشرية، ضليعة في ترسيخ هذا النمط من الحياة بين الناس، بيد أنها لم تشهد في بدايتها تجارة مؤسساتية، كما كانت عليه الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى المظلمة، وظلت تجارتها فردية برعاية شخصية من الحاكم، بصفته يجمع الدين والدولة معا، أسوة بنبي الأسلمة، الذي كان الدين والدولة يشكلان معاً مؤسسة تتجسد في شخصه وفي شخصيات الخلفاء من بعده، أي أن العلاقة بين الإثنين في تلك المرحلة كانت مشاركة بين الدين والسياسة في مجال واحد، وكان رجل الدين هو رجل الدولة أيضاً. ثم اضطرّ الحكام المتأسلمون على الابتعاد عن الدين تدريجيا، لممارسة مهامهم السياسية بحرية، وإشباع احتياجاتهم الدنيوية دون معوقات نفسية، ومن ثم يسمحون لرجل الدين الذين تتفق اتجاهاته الدينية مع ميولهم السياسية بالتقرُّب منهم، ويطلبون منه صياغة المبادئ الدينية، وتقرير طرق العبادة وربط تفاصيل الحياة اليومية بالدين، بشكل يسيطرون به على عقول رعاياهم وقلوبهم وجيوبهم، وينسبون كل ذلك للنبي (الكريم) دون خجل أو وجل، وبذلك كان يتم التحالف بين رجال السياسة ورجال الدين، بما يضمن اشتراكهما في المنفعة، من خلال التسلط على العباد بإسم الدين. بدأ ذلك الفصل واضحا بين الدين والسياسة - وليس بين الدين والدولة - أثناء حكم الأمويين، فأصبح كل من السياسي والديني يتميز بمجال خاص به، وبدأت تتبلور في تلك المرحلة طبقة رجال السياسة والدولة، بصفتهم يختلفون في وظائفهم وتخصصاتهم عن طبقة رجال الدين من الفقهاء والمتكلمين. ولهذا السبب، وغيره، يرى الفقهاء بأن دولة الخلافة الأموية لم تتصف بمواصفات الخلافة، كما كانت عليها في زمن الخلفاء، فيسمونها بـ”المُلْك العضوض“. مع أنه كان تأسيسا للدولة بشكلها الطبيعي والحتمي. يشير وصف الفقهاء لها على هذا النحو إلى الإقرار غير المباشر بتمايز الدين عن الدولة، وإبراز العنصر السياسي المؤسِّس في تكوينه كصيرورة تاريخية مفروضة على المجتمعات المتأسلمة. إتَّبع العباسيون نفس المنوال، وزادوا عليه باستغلال الكتاب والفقهاء الفرس لفبركة سياسة دينية استبدادية ونبي لها بصفاته الإجرامية التي نعرفها.
أثناء الحكم الشيعي الفاطمي في شمال أفريقيا ومصر (909 - 1171م)، تحوَّل الدين تدريجيا إلى مؤسسات (بدأت بالأزهر)، لها رجالها وأجهزتها ومرجعياتها وتقاليدها، وتعاليمها ومناهجها الخاصة بها، ولها شعبيتها الجارفة، مما يضعها في كثير من الأوقات في تعارض مع الدولة وسياستها، ويحتم عليها الاصطدام بها، بحجة عدم التزامها بالنهج النبوي (الشريف) وخلفائه (الراشدين)، لذلك حرص الحكام دائما على احتواء تلك المؤسسات الدينية ووضعها تحت سيطرتهم، فإما أن تواليهم في تجارتها أو يمارسون العنف ضدها، خاصة وأن التجارة جزء هام لا يتجزأ من السياسة، كما أن نبيها (الكريم) كان تاجرا، قبل ادعائه النبوة ليصبح بعدها سياسيا مستبدا، وقاطع طريق ومجرما محترفًا، يفرض بضاعته الفاسدة والمفسدة بالسيف على رقاب العباد، من هنا جاء قرآنه يتحدث كثيرا عن التجارة التي تنجي المؤمنين به من عذاب أليم، وهي أن يؤمنوا بإلهه وبه ويجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، لكي يغفر لهم ذنوبهم ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن (سورة الصف 10 - 13). كذلك دخل إله المتأسلمين في صفقة تجارية، فاشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، إذ يقاتلون في سبيله فيُقْتَلون ويقتلون (التوبة 111)، ولم يقل كيف يقْتُلون وهم قد قُتِلوا!
ولأنه إله تُجَّار، يقول : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ (آل عمران 77)، أي الذين يستفيدون من الدين وعهده وأيمانهم به، مقابل ثمن قليل. وكأنه يفضل أن يطلبوا ثمنا كثيرا، وهم بالفعل يحصلون على ثمن كبير جدا من أرزاق الناس، لذلك نراهم جميعا يرفلون في حلل الثراء!
الأستاذ معاذ محمد الحاج أحمد، فلسطيني، يعرِّف نفسه بأنه كاتب وباحث في التسويق السياسي(؟!)، يقحم نفسه أيضا في التسويق الديني، وينبري للدفاع عن التجارة بالدين لكونها تجارة مع الله، فيقول عنها إنها: « أضحت ميسماً وسبة بل وتهمة يلقي بها أصحاب البدع والمجون والسقوط في وجه أهل الحق والصلاح»، ويستطرد قائلا إن: « التجارة مع الله عقد ليس فيه غش ولا تزوير ولا نكوص! يشتري الله منك مالك ونفسك وأغلى ما تملك من متاع الدنيا وعرضها؛ فتقبل بنفس راضية، وتسلم أمرك لقدره ومشيئته فهو صاحب الحكم والأمر والسلطان …»
https://www.aljazeera.net/blogs/2018/10/15/نحن-تجار-الدين
كلام كهذا لا يقنع ولا يفرح بالطبع سوى السذج والمغيبين أو فاقدي العقل والوعي، فالواقع يدلنا على أن التجارة مع شخصية غيبية أو خرافية لا يمكن مجادلتها، أو التأكد من صلاحية بضاعتها بأي حال من الأحوال، فتكون كلها غش وخداع وقرصنة، فكيف يكون المتاجرين بها أهل الحق والصلاح، خاصة وأنها لم تعرف أي منها قط؟ وأن أساسها المتين هو الجهل والخوف والعجز، والمقصود من ورائها: أن نبي الأسلمة وجميع خلفائه وورثته من الحكام والمشايخ وكل المستفيدين من الاتجار بها، يغشون رعاياهم، دون أن يكون لأحد منهم الحق في اعتراضهم، لأنها تجارة مع الله!، الله الذي لم ينصر يوما مظلوماً ولا ساعد محتاجا ولا اطعم فقيرا او مسكينا ولا شفى مريضا، الله هذا عبارة عن صنم خرافي، يلجأ إليه الضعفاء والجهلة والعجزة لحاجتهم النفسية. الله هذا الذي يحتاج إلى قرض (حسن) من المؤمنين به، ليضاعفه لهم أَضْعَافًا كَثِيرَةً (البقرة 245)، تماما كما كانت تفعل شركات توظيف الأموال والبنوك المتأسلمة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، في مصر وفي غيرها من دول المنطقة الموبوءة بمرض الأسلمة!
لم تعد التجارة المربحة والمريحة جدا بالدين الإسلاموي، مقتصرة على الأفراد وحدهم، بل أصبحت تجارة مؤسساتية، تتولاها مؤسسات يتزايد عددها كل يوم، تحت سيطرة الحكام المستبدين، لتقف بجانبهم وتبرر تصرفاتهم، وفي المقابل يسمحون لها بالتصرف بحرية دون مراقبة أو محاسبة، بزعم أنها تتعامل مع الله مباشرة، وهي تراقب وتحاسب الناس بناء على أوامر إلهية مصطنعة، بينما الحكام الذين صنعوها، ويعرفون دورها السياسي، يحاولون الإفلات من غضبها عليهم، من خلال نفاقهم وريائهم لها، ولخداع رعاياهم المهوسين بالدين على حد سواء.
المعروف أن أي تاجر لا بد وأن يدافع عن بضاعته مهما كانت ضارة للناس، ويجمِّلها، ويبرز محاسنها الخادعة، ويخفي مساوئها الحقيقية التي قد تتسبب في خراب وشقاء وتعاسة البشر، فتاجر المخدرات لن يشرح أبدًا للناس ضرر بضاعته، حتى وإن أصروا على ذلك، وتجار الدين لا يختلفون في شيء عن جميع التجار. فرأيناهم عبر مختلف العصور يجعلون المعبد يمثل لهم دخلاً اقتصادياً فيصنعون له الأصنام، ورأينا القساوسة والرهبان المسيحيين في أوروبا في العصور المظلمة يبيعون صكوك الغفراء في الآخرة، وأراضي في الجنة لمن يرغب في شرائها، وتذكر كتب التراث الإسلاموي أن أهل مكة (القرشيين تحديدا) قبل التأسلم كانوا يصنعون الأصنام من التمر ويبيعونها للناس ليعبدوها، وعندما يجوعون يأكلونها، وكانوا يمنعون الحُجَّاج من الطواف بالكعبة بثيابهم التي جاؤوا بها من الخارج، بحجة أنها مدنية، فإما أن يشتري الحاج ثيابا من مكة أو يطوف عارياً!، بل أن فكرة الحج نفسها - في كافة الأديان - قائمة على التجارة، فأينما يحل الغرباء، تُقدَّم لهم المنافع التجارية كالمسكن والمطعم والملبس والملهى …، وقد أشار القرآن إلى ذلك حين أمر الله إبراهيم، بأن يؤذن فى الناس بالحج، يأتوه رجالا … ليشهدون منافع لهم، (الحج 27).
***
لم يحدث في تاريخ المنطقة الموبوءة بالأسلمة أن ازدهرت وانتشرت فيها ظاهرة تجارة الدين مثلما هي اليوم، خاصة مع تدفق البترودولارات على الدول الصحراوية الفقيرة والمتخلفة، وانتشار البث التليفزيوني عبر الأقمار الاصطناعية والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل النشر والإعلان، فأصبح هناك قنوات خاصة بهذه الظاهرة، تقتحم على الناس بيوتهم وتدلف إلى غرف نومهم سواء أرادوا أو لم يريدوا. مؤسسات تجارية حديثة تملكها دول النفط الأسود بهدف الإمعان في زيادة تجهيل وتدمير الدول المتأسلمة الأخرى، وخاصة مصر. مما فتح المجال واسعا أمام تجار الدين، فزاد عدد المحترفين والهواة منهم، بل أصبح كل متأسلم تاجرًا بشكل ما، يقحم الدين في كل تعاملاته اليومية بلا سبب، وينضم طواعية للقطيع لممارسة فاعليات عبثية لا طائل من ورائها، وأحداث لا تقدّم ولا تؤخّر، تجمّعات بدون هدف؛ سعادة مزيفة وادعاءات كاذبة، وإستهلاك للذاكرة والوقت والقدرة الذاتية لديه، دون نتيجة يمكن التعرُّف عليها. ولكن الحكام والسلاطين ورجال الدين المحترفين والهواة يحققون من ورائها الكثير من المصالح السياسية والأطماع السلطوية والثروات الطائلة.
يقول الدكتور طارق حجي على صفحته في الإنترنت: « … فى يوم قريب سيعرف المصريون أن ما يعتقدون بسذاجة أنها كانت موجة تدين أو عودة للدين منذ 1970 والتى كانت لها إنعكاسات كبيرة على المصريين وثقافتهم وعقليتهم لم تكن إلا مشروعاً سياسياً أمريكياً سعودياً ركب موجته رئيس مصر وقتها أنور السادات. وسيعلمون أن الحجاب والنقاب واللحية والجلباب والشماغ وخاتم الزواج الأبيض (للرجال) وغيرها من المظاهر لم تكن إلا أسماء علامات تجارية Brand Names لمشروع سعْوَدَة وأخونة وسلفنة مصر، والذى هو بمثابة إعطاء مصر حقنة تضمن تخلفها وتبعيتها للسعودية للابد. وهناك تقديرات أثق فيها أن السعودية أنفقت على هذا المشروع (فى مصر فقط) أكثر من مائة مليار دولار. ورغم أن نهر المال السعودي الذى كان يمول هذا المشروع الآثم سيتوقف قريباً، إلا أن علاج مصر من علل هذا المشروع لن يكون أمراً سهلاً. ولست متأكداً من وجود الطاقم القيادي التنفيذي الكبير القادر على علاج المجتمع المصري من هذا الداء الذى بدأ يتغلغل فى ثنايا كيان مصر منذ 40 عام، بمباركة الثالوث : أمريكا وأمير المؤمنين الملك فيصل والرئيس المؤمن أنور السادات».
هكذا ابتليت البلدان المتأسلمة وفي مقدمتها مصر بحكام شيمتهم الجهل والخوف والعجز وقصر النظر، فيصنعون - أو يسمحون بصناعة - العديد من المؤسسات والمنظمات والجماعات الدينية بكافة أشكالها وتعريفاتها ونهجها، ثم يحاولون السيطرة عليها، وغالبا ما يفلت الأمر من بين أيديهم، وتتوحش بعضها، وتصبح السيطرة عليها أمرا شديد الصعوبة، كما حدث مع القاعدة والدواعش وبوكوحرام … إلخ، وقد يتمتع البعض الآخر (كمؤسسة الأزهر وجماعة الإخوان المتأسلمين والسلفيين في مصر) بنفوذ سريع وشأن كبير في المجتمع. وكلما زادت شعبيتها ورأسمالها المجتمعي زادت قدرتها على منافحة السلطة الحاكمة، ومقايضة صمتها عما يدور في عالم السياسة من انحطاط وفساد، مقابل حريتها في تناول القضايا الشخصية والاجتماعية والسيطرة العاطفية على عقول وجيوب المواطنين. وتجد نفسها في موقف يفرض عليها أن تجتهد باستمرار لتنقيح مظهرها الأخلاقي المزيَّف، ولتدرأ عن نفسها شُبهة التخلف والانحطاط، ومناهضة النظام السياسي وأجندته الفاسدة، بدلاً من أن تكون صوتا للإيمان والتقوى.
تلك المؤسسات وعلى رأسها الأزهر، لا تتاجر بالدين فحسب، بل أصبحت أيضا رائدة في تفريخ تجار الدين المجرمين والقتلة والدجالين، وتغذية السوق بأعداد غفيرة منهم كل عام، (رغم أن شيخ مشايخ التجار الأزهريين الكذاب والمنافق والمدلس يضطر دائما لإنكار هذه الحقيقة الدامغة، إنظر المقال السابق بعنوان: الأزهر في مصر بؤرة للتخلف والانحطاط)،
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=864394
وينضم باستمرار إلى الخريجين الأزهريين المحترفين أعداد أخرى من الهواة العاطلين عن العمل والمرتزقة وأدعياء العلم والمعرفة الدينية، لذلك تقف تلك المؤسسات الدينية عاجزة عن تكفيرهم أو التصدي لهم!. عندما يمارسون أسوأ تجارة بالمطلق بإضفاء القداسة على القتل والاغتصاب تحت مسمى الجهاد المقدس، بحجة أنهم متأسلمون وأن مقاصد هذا الجهاد هي الدفاع عن النفس والعرض ورد العدوان ورفع الظلم عن المظلومين والدفاع عن الحريات والحقوق الإنسانية، ليجعلوا من هذا الكذب أداة لتبرير العدوان على الآخرين وقتلهم ونهب أموالهم وممتلكاتهم وإستعمار بلدانهم ومصادرة حقوقهم وحرياتهم، وإزالة هويتهم الوطنية، وفرض معتقداتهم المذهبية والطائفية عليهم. إنهم يعملون كسماسرة بين الله وعباده، فهم المتحدثون الوحيدون باسمه والوكلاء عنه على الأرض، وأوصياؤه الوحيدين على عباده، بل لقد وصل الأمر بالبعض منهم إلى القول بأن طاعتهم والامتثال لأوامرهم ونواهيهم وتقديسهم وتعظيمهم وتقديم الولاء لهم، ما هو إلّا طاعة لله ولرسوله.
لقد تمكن تجار الدين في مصر وفي غيرها من الدول الفقيرة والمتخلفة من استغلال التطورات العلمية والتكنولوجية الغربية في تجهيل الشعوب واستغفالها وتضليلها وتزييف وعيها، بدلاً من استغلالها لتوعيتها وتنويرها ورفع مستواها الثقافي والعلمي والمعرفي. إنهم بكل صراحة يتميزون بدهاء كبير، إذ استطاعوا استغفال العديد من المجتمعات البشرية رغم التطورات العلمية والتقنية، التي تتناقض مع دعواتهم وتكشف مدى انحراف وفساد أفكارهم ومخالفتها للعلم والعقل والمنطق والتكنولوجيا والابتكارات العلمية والتقنية الحديثة..!!
يزعمون أننا بديننا أعظم الأمم جمعاء، وأن الاستعمار الغربي وموجات الحداثة هما السبب في تخلفنا وانحطاطنا! وليس بسبب جمودنا وتغييب عقولنا ونشر الخرافات والأساطير بيننا، ورفض الإبداع والعداء للعلم، إنهم يدافعون عن واقع أليم صنعوه بأنفسهم المريضة وأوهامهم المنفلتة، فمزقوا المجتمعات، وجعلوها فى ذيل العالم وخارج الحضارة، يوهمون القطيع بالباطل، ويسوِّقون له الوهم ويرجعون النتائج لغير أسبابها!
من سمة التجار أنهم يحمون ويجاملون بعضهم البعض، نقرأ خبر يقول إن فضيلة الشيخ محمد ابو بكر الذي أفتى بوجود صحابة لنبي الأسلمة من الجن اللصوص، يسرقون المال والذهب والطعام من البيوت، قد تمت ترقيته بقرار من وزير الاوقاف ليكون خطيبا وإماما لمسجد الفتح بميدان رمسيس في القاهرة، مبررا ذلك بأنه في اطار خطة الوزارة لدعم المساجد الكبري بكفاءات دعوية متميزة، هكذا دون خجل!. هذه الكفاءات الدعوية المتميزة تعمل ليلا ونهارا على تدمير المجتمع. ومن الأمثلة البسيطة لقلب الحقائق ونشر ثقافة التحرش والاغتصاب قولهم إن البنت الغير محجبة تعطي رخصة للأخرين كي يعاكسونها ويتحرشون بها، أو يغتصبونها في كثير من الحالات، بل ووصل الأمر بهم إلى القول بأن اللحمة المكشوفة تغري القطط بالانقضاض عليها. كما نراهم يروجون لشرب بول البعير الذي يشفي من جميع الأمراض بناء على حديث (شريف) لنبي الأسلمة (الكريم). والأسوأ من كل ذلك أن يزعم أحد وعاظ السلاطين، الشيخ خالد الجندي، قائلا إن: « غلاء الأسعار أو انخفاضها بيد الله وليس بيد الحكومة أو القادة وهو أبتلاء يؤجر عليه مَن صَبر!». ولأن المصريين شعب جاهل ومتدين ظاهريا بطبعه، فإن الكثيرين منهم يصدقون هذا الهراء ويسقطون ضحايا تحت براثن هذه التجارة القذرة. وطالما وجد الأزهر بين ظهرانيهم، لا تتوفر لديهم أدني فرصة في القضاء على هذه التجارة التي دمرت حياتهم وصنعت العداوة والبغضاء فيما بينهم وبين الآخرين. وماذا يمكن أن نوصف الكثير ممن يمتلكون درجات علمية وأكاديمية كبيرة وخبرات تكنولوجية متطورة، وهم يمجدون ويُنَظِّرون ويروجون لهذه التجارة، ويجلسون كالبلهاء أمام جاهل يدعي العلم والمعرفة، ليقول لهم كيف يجامعون زوجاتهم وكيف يدخلون الحمام وكيف يتبولون …إلخ!، ورغم مستواهم العلمي والمعرفي، يبلعون تلك السذاجة البدائية بسهولة، ويقبلون كل ألوان المنطق الأعوج. لذلك وحده تستمر هذه العقيدة الحمقاء مسيطرة على عقول الناس، ويستمر استغلالهم من قِبَل النخب السياسية والثقافية والإعلامية وأصحاب الثروة والنفوذ.



#ياسين_المصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد: شخصية نبوية مفبركة! (2-2)
- الأزهر في مصر بؤرة للتخلف والانحطاط!
- محمد: شخصية نبوية مفبركة! (1-2)
- معضلة المواطن المستقر في بلادنا!
- لماذا يكره الفرس العربان؟ (2/2)
- لماذا يكره الفرس العربان؟ (1/2)
- جنون العظمة من البكباشي إلى المشير
- فتاوي ”البلاوي“ والهوس الجنسي
- ابن سلمان وصدمة التغيير
- العلمانية والضلال الإسلاموي المبين
- أصل الاستبداد الإسلاموي
- الغرب و شيزوفرينيا العربان
- الصنم الذي يتحكَّم حيا وميِّتا!
- من أين يبدأ تنوير المتأسلمين؟
- ثقافة ”البهللة والسبهللة“ الدينية!
- التفضيل بالنفاق في مصر! (2/2)
- التفضيل بالنفاق في مصر! (1/2)
- أنا لسْتُ مُدينًا بشيء لوطن مسلوب الإرادة!
- أين حدود الصبر؟!
- يا شعب مصر (العظيم)!


المزيد.....




- مسيحيو غزة يؤدون الصلوات لراحة نفس البابا فرنسيس في الكنيسة ...
- جماعات -الهيكل- تطالب بن غفير بفتح المسجد الأقصى بشكل كامل أ ...
- البابا فرانسيس أصر على زيارة العراق رغم تحذيرات أمنية لمنعه ...
- العالم ينعي البابا فرنسيس والفاتيكان يعلن أن الوفاة بسبب -جل ...
- السلطات الأردنية تعتقل القيادي بجماعة الإخوان عارف حمدان
- الفاتيكان: وفاة البابا فرانسيس
- مسيحيو غزة يودعون البابا فرنسيس مثمنين وقوفه الدائم إلى جانب ...
- الفاتيكان: البابا فرنسيس توفي إثر سكتة دماغية وفشل القلب
- خطيب الأقصى عن دعوات تفجير المسجد: لن نمكنهم وسنقف لهم بالمر ...
- المغرب يواجه لغزا مرعبا.. اكتشاف بقايا بشرية بالمسجد لأعظم ف ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين المصري - الاتجار بالدين الإسلاموي!