ياسر حسن حسين
الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 08:53
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
المنهج الاقتصادي في الدستور العراقي لعام 2005 يعكس التوجهات الاقتصادية والاجتماعية التي يعتزم العراق اتباعها بعد سقوط النظام السابق. يركز الدستور على مبادئ أساسية تعكس رؤية الدولة لدور الحكومة والقطاع الخاص في الاقتصاد.
من أبرز النقاط التي يعالجها الدستور العراقي لعام 2005 فيما يتعلق بالمنهج الاقتصادي:
الملكية العامة للموارد الطبيعية: تنص المادة 111 من الدستور على أن "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات." هذا يؤكد أن الموارد الطبيعية، خاصة النفط والغاز، هي ملكية عامة وتخضع لإدارة الدولة بما يخدم مصالح الشعب العراقي بأكمله.
النظام الاقتصادي الحر: يعترف الدستور بمبدأ الاقتصاد الحر والسوق المفتوحة. المادة 112 تشير إلى أن الدولة تسعى إلى تطوير القطاع الخاص وتشجيعه، بما يعزز من دوره في الاقتصاد الوطني.
دور الدولة في تنظيم الاقتصاد: بالرغم من الاعتراف بالسوق الحر، يحتفظ الدستور بدور تنظيمي قوي للدولة. المادة 110 تمنح الحكومة الاتحادية الصلاحيات الحصرية فيما يتعلق بوضع السياسة الاقتصادية والتجارية والتسعير، والسيطرة على السياسة النقدية والمصرفية.
التنمية المتوازنة: يشير الدستور إلى ضرورة تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة في جميع مناطق العراق. المادة 110 تركز على توزيع العائدات النفطية بشكل عادل بين الأقاليم والمحافظات لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
الضمان الاجتماعي والعدالة الاجتماعية: ينص الدستور على أهمية توفير الضمان الاجتماعي والعدالة الاجتماعية لكافة المواطنين. المادة 30 تتحدث عن التزام الدولة بتوفير الحياة الكريمة ووسائل العيش الكريم للمواطنين.
هذه النقاط تعكس النهج الاقتصادي الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين الاقتصاد الحر والتدخل الحكومي لضمان إدارة الموارد الطبيعية بشكل يخدم جميع المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
ماذا يمكن ان نسمي هذا النهج
النهج الاقتصادي الموصوف في الدستور العراقي لعام 2005 يمكن أن يسمى "النهج الاقتصادي المختلط" أو "اقتصاد السوق الاجتماعي ". هذا الوصف يشير إلى الجمع بين عناصر الاقتصاد الحر والسوق المفتوحة مع تدخل الدولة القوي في تنظيم الاقتصاد وإدارة الموارد الطبيعية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة.
يتضمن هذا النهج:
اقتصاد السوق: حيث يتم الاعتراف بدور القطاع الخاص وأهمية السوق الحرة.
الاقتصاد الاجتماعي: حيث يتم التأكيد على دور الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بشكل عادل.
هذا التوازن بين الحرية الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية يمكن وصفه بأنه اقتصاد مختلط يجمع بين المبادئ الرأسمالية والاشتراكية.
ماهي اهم القوانين التي تحكم هذا النوع من النهج الاقتصادي بالشكل الأمثل
لتحقيق النجاح في تطبيق النهج الاقتصادي المختلط الذي يجمع بين اقتصاد السوق والتدخل الحكومي لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، يجب أن تكون هناك مجموعة من القوانين التي تنظم هذا النوع من الاقتصاد بشكل فعال. من بين أهم القوانين التي تحكم هذا النهج:
قوانين حماية المنافسة ومنع الاحتكار: تهدف هذه القوانين إلى ضمان وجود بيئة تنافسية عادلة في السوق، ومنع الشركات من السيطرة على الأسواق بشكل يؤدي إلى احتكارها أو استغلال المستهلكين. قانون منع الاحتكار ضروري لمنع تركيز القوة الاقتصادية في يد عدد قليل من الشركات.
قوانين الاستثمار: تضمن هذه القوانين توفير بيئة مشجعة للاستثمار المحلي والأجنبي من خلال تقديم حوافز وضمانات قانونية، مثل قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006. يجب أن تتضمن هذه القوانين الحماية الكافية للمستثمرين وتسهيل الإجراءات البيروقراطية.
قوانين حماية المستهلك: هذه القوانين تهدف إلى حماية حقوق المستهلكين وضمان أن السلع والخدمات المقدمة لهم آمنة وذات جودة عالية. قوانين حماية المستهلك تضمن الشفافية في المعاملات التجارية وتوفر آليات لمعالجة شكاوى المستهلكين.
قوانين الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP): هذه القوانين تسهل التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية. يمكن أن يشمل ذلك قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي يحدد الأطر القانونية لهذه الشراكات ويضمن توزيع المنافع بشكل عادل.
قوانين الضرائب والجمارك: القوانين الضريبية التي تحافظ على التوازن بين تحقيق الإيرادات الحكومية وتشجيع الاستثمار. قوانين الجمارك يجب أن تدعم التجارة الخارجية مع حماية الصناعات المحلية من المنافسة غير العادلة.
قوانين العمل والتوظيف: هذه القوانين تضمن حقوق العمال وتوفر شروط عمل لائقة، مما يساهم في استقرار القوى العاملة وزيادة الإنتاجية. قوانين العمل يجب أن تدعم أيضًا المرونة في التوظيف لتلبية احتياجات السوق.
قوانين التنمية الإقليمية: تهدف هذه القوانين إلى تعزيز التنمية المتوازنة بين مختلف الأقاليم والمحافظات في العراق، مما يساهم في تقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق المختلفة.
قوانين إدارة الموارد الطبيعية: تضمن هذه القوانين إدارة فعالة وعادلة للموارد الطبيعية، خاصة النفط والغاز، وضمان أن عائدات هذه الموارد تسهم في التنمية المستدامة وتوزع بشكل عادل بين جميع مناطق العراق.
قوانين مكافحة الفساد: قوانين صارمة لمكافحة الفساد تضمن الشفافية والمساءلة في كافة الأنشطة الاقتصادية، سواء في القطاع العام أو الخاص. هذه القوانين ضرورية لضمان أن العوائد الاقتصادية تذهب لصالح المجتمع ككل.
بتطبيق هذه القوانين بشكل متكامل، يمكن تحقيق التوازن المثالي بين النمو الاقتصادي الحر والتدخل الحكومي لضمان تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
#ياسر_حسن_حسين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟