أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - كرم الدين حسين - الساحل الإفريقي.. المسرح الحقيقي لصراع النفوذ بين المغرب والجزائر














المزيد.....

الساحل الإفريقي.. المسرح الحقيقي لصراع النفوذ بين المغرب والجزائر


كرم الدين حسين
صحفي باحث وكاتب

(Karameddine Hcine)


الحوار المتمدن-العدد: 8318 - 2025 / 4 / 20 - 04:49
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


رغم ما يتردد كثيراً على أن ملفي الصحراء الغربية والشرقية هما أساس التوتر المزمن بين المغرب والجزائر، وان إحدى هاتين المنطقتين سوف تكون ساحة صراع المحتمل بين البلدين الجارين، إلا أن تأمل الدقيق في المعطيات الإقليمية، والتحولات في ميزان القوى داخل القارة الإفريقية، يشير إلى أن أي صدام محتمل بين الجارتين لن ينفجر مباشرة على الحدود أو بسبب هذين الملفين، بل سيكون على الأرجح في عمق القارة، في منطقة الساحل الإفريقي تحديداً، التي تحولت إلى ساحة تنافس استراتيجي بين الرباط والجزائر، كما كانت اليمن في الستينات ساحة لصراع نفوذ مصري-سعودي.

أولاً: الصحراء الغربية والشرقية.. ملفان للتوظيف السياسي أكثر من كونهما دوافع حرب

ملف الصحراء الشرقية، الذي يعاد طرحه من حين لآخر داخل بعض الأوساط السياسية المغربية، لا يمثل في حقيقته تهديداً مباشراً للجزائر، بل هو ملف محسوم تاريخياً بموجب معاهدة مغنية سنة 1972، الموقعة بين البلدين، رغم أن المغرب لم يصادق عليها إلا في التسعينات. أما الصحراء الغربية، التي تشكل موطن الخلاف العلني، فهي ورقة معقدة دبلوماسياً، لكن الجزائر لا يمكن أن تدخل في حرب مفتوحة بسببها، لأنها ليست مهددة بسيادتها المباشرة، وأي تدخل عسكري مباشر من الجزائر لصالح البوليساريو سيضعها في موقع المعتدي، مما يفقدها المبرر القانوني والأخلاقي أمام المجتمع الدولي.
وتعد حادثة مقتل ثلاثة مواطنين جزائريين سنة 2021 في قصف نُسب إلى مسيّرة مغربية قرب الجدار الأمني في الصحراء، ابرز دليل على ان الجزائر لن تدخل في حرب بسبب الصحراء الغربية، حيث ورغم توعد الجزائر بالرد، لم يتطور الأمر إلى مواجهة عسكرية، بل بقي في إطار التصعيد الإعلامي والدبلوماسي.
كما أن منذ استئناف جبهة البوليساريو لما تطلق عليه الكفاح المسلح لم تقدم لها الجزائر اي دعم عسكري او لوجستية ملموس كمسيرات الحربية على سبيل المثال ، هذا دليل إضافي على أن ملف الصحراء، رغم حساسيته، لن يكون شرارة حرب مباشرة بين الجارين.

ثانياً: الساحل الإفريقي.. فراغ ما بعد فرنسا والصراع على النفوذ

التحولات المتسارعة في منطقة الساحل بعد الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وانسحاب فرنسا التدريجي من المنطقة، فتحت الباب أمام قوى إقليمية للتقدم وملء الفراغ الأمني والسياسي. وهنا برز المغرب والجزائر كلاعبين أساسيين، لكن باستراتيجيتين مختلفتين تماماً:

المغرب تبنّى استراتيجية دعم الأنظمة القائمة حتى في ظل الانقلابات، كما في النيجر ومالي، وعمل على تعزيز علاقاته الأمنية والاقتصادية معها من خلال الاتفاقيات الثنائية والاستثمارات، معتمداً على قوة دبلوماسيته الناعمة والشراكات الاستراتيجية.

الجزائر، في المقابل، اختارت التموقع كراعية للحركات الانفصالية أو المعارضة المسلحة، خاصة الطوارق في شمال مالي، الذين ترى فيهم الجزائر ورقة ضغط إقليمية، بل جزءاً من امتدادها الإثني والثقافي في عمق الساحل.


هذا التناقض في الرؤية جعل من الساحل ساحة توتر غير معلن بين البلدين، حيث يدعم كل طرف طرفاً محلياً يعاكس مصالح الطرف الآخر.

ثالثاً: اليمن الستينات.. النموذج التاريخي الذي يعيد نفسه

الصراع المغربي الجزائري في الساحل يُعيد إلى الأذهان الصراع السعودي المصري في اليمن خلال ستينات القرن الماضي، حين تحولت اليمن إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين السعودية المحافظة الداعمة للملكية، ومصر الناصرية الداعمة للثورة. ذات الديناميكية تظهر اليوم في الساحل: المغرب يقف مع السلطات القائمة، ويبحث عن استقرار يخدم مصالحه، بينما تدعم الجزائر ما تعتبره "قوى تحررية"، ما يعكس تقاطعاً في الرؤية الإيديولوجية والجيواستراتيجية.

رابعاً: استدعاء الجزائر لسفيريها في مالي والنيجر.. مؤشر لتصعيد متدرج

في 6 أبريل 2025، أعلنت الجزائر استدعاء سفيريها في مالي والنيجر، وأرجأت إرسال سفيرها إلى بوركينا فاسو، وذلك على خلفية توترات دبلوماسية حادة واتهامات متبادلة والتي أدت بالدول الافريقية الثلاث استدعاء سفراءها في الجزائر لتشاور.
و جاء ذلك بعد اتهام مالي للجزائر بإسقاط طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي في منطقة شمالية قرب حدود الجزائر، وسبق أن احتجت مالي رسمياً على لقاءات جمعت الجزائر مع زعماء من الطوارق دون علم الحكومة المركزية.
هذا التدهور في العلاقات يكشف أن الجزائر بدأت تواجه ضغوطاً متصاعدة في المنطقة التي كانت تعتبرها عمقها الاستراتيجي، خاصة بعد تقارب حكومات الساحل مع المغرب، الذي بات يُنظر إليه كشريك أكثر واقعية ومرونة.

في ظل هذه المعطيات، لا يبدو أن المواجهة المغربية الجزائرية ستأخذ شكل الحرب التقليدية، بل مرجّح أن تستمر على شكل صراع نفوذ متعدد الأوجه في منطقة الساحل. وكلما اتسعت مساحة الفراغ الجيوسياسي الذي خلّفته فرنسا، ازدادت فرص الاحتكاك غير المباشر بين الجانبين. والنتيجة ستكون مزيداً من زعزعة الاستقرار في منطقة تعاني أصلاً من هشاشة أمنية وتنموية.

إن فهم هذا الصراع بمنظور جغرافي موسع وليس عبر زاوية الصحراء فقط، هو مفتاح لتحليل السياسات القادمة في شمال وغرب إفريقيا. كما أن تجنّب الانزلاق نحو صراع مفتوح يقتضي إعادة صياغة العلاقات المغاربية برؤية واقعية تحفظ الأمن الجماعي، بدلاً من سباق محموم على النفوذ.



#كرم_الدين_حسين (هاشتاغ)       Karameddine_Hcine#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروح و جراح
- منتصف الاشياء
- تحولات الفكر والمسار-- مقارنة بين أحمد الشرع (الجولاني) وسيد ...
- في حضن الشوق
- هل تحررت سوريا بعد سقوط النظام البعثي؟
- صراع الآراء في المغرب: الإسلاميون والعلمانيون على وقع عدوان ...
- زيارة ماكرون للمغرب: مكاسب دبلوماسية بمواجهة مأزق تصريحات ال ...
- سكوت الأمم المتحدة عن قصف إسرائيل لمراكز الأونروا في لبنان: ...
- حرية التعبير في الدفاع عن القضايا العادلة: بين قضية الصحراء ...
- تدبير الأزمات السياسية في العالم العربي: الأزمة الحالية في ف ...
- اغتيال البطل، ولادة الأسطورة
- المغرب اليوم: الوطن الذي يبكي شبابه
- عبادة عشق
- هل حان وقت وفاة الأمم المتحدة؟
- وعد اللقاء
- لوحة المطر
- نداء العروبة
- أغاني الروح المحرمة
- فلسطين نحن
- مطر بلا لقاء


المزيد.....




- بعد تقرير CNN.. أمريكا تؤكد تخفيض عدد قواتها في سوريا بأكثر ...
- سفير الصين بواشنطن يتوعد الدول الأخرى برد حاسم على الحروب ال ...
- علماء يزعمون اكتشاف -لون جديد- لم يره أحد من قبل
- تحقيق لرويترز يكشف تفاصيل عملية تهريب ثروة الأسد على متن طائ ...
- لندن: تظاهرة حاشدة دفاعا عن حقوق المتحولين جنسيا بعد حكم قضا ...
- القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية: لن نرد على الرسوم الجمركي ...
- كوريا الشمالية تحذر من عواقب وخيمة لتخفيف ترامب قواعد تصدير ...
- الجيش السوداني: مقتل 7 مدنيين بقصف للدعم السريع في الفاشر
- أطعمة ضرورية لخفض الكوليسترول والحفاظ على صحة القلب
- طبيب يوضح خطر مشروبات الطاقة على الصحة


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - كرم الدين حسين - الساحل الإفريقي.. المسرح الحقيقي لصراع النفوذ بين المغرب والجزائر