أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الواسع محمد اليمين - سقوط الجمهورية الماكرونية وشيك !!!














المزيد.....

سقوط الجمهورية الماكرونية وشيك !!!


الواسع محمد اليمين

الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 07:34
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


فرنسا تحتضر: قراءة في أزمات الدولة الحديثة
إن عام 1958 كان بمثابة سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة، التي كانت عاجزة عن معالجة الأزمات الداخلية والخارجية، ولا سيما قضية الجزائر. لكن في الوقت ذاته، كان هذا التحول بمثابة ولادة الجمهورية الخامسة على يد الجنرال ديغول، الذي تمكن من استعادة الاستقرار السياسي في فرنسا عبر إقرار دستور جديد ومنح نفسه سلطات واسعة. وتعد هذه المرحلة نقطة فارقة في التاريخ الفرنسي، حيث شكلت بداية جديدة لنظام سياسي وحكومي قوي، لكنه كان أيضًا انعكاسًا لعمق الأزمة التي عانت منها الجمهورية في مواجهة ثوار الجزائر.فهل بعيد التاريخ نفسه وتسقط الجمهورية الماكرونية ؟
تشهد الجمهورية الفرنسية في السنوات الأخيرة سلسلة من التحوّلات العميقة التي دفعت عدداً من المفكرين والمراقبين إلى استخدام تعبير "فرنسا تحتضر" لوصف الحالة الراهنة. هذا التعبير، رغم طابعه الدرامي، يعكس تراكماً لأزمات متعددة الأبعاد—اقتصادية، اجتماعية، سياسية، وثقافية—تؤثر في البنية العميقة للدولة والمجتمع الفرنسيين.ومصطلح "فرنسا تحتضر"يشير إلى حالة شاملة من التراجع تطال الاقتصاد، المجتمع، السياسة، والثقافة. ولا يُفهم هذا التعبير على أنه توصيف انفعالي، بل هو مدخل لفهم تحوّل عميق يتطلّب تفكيكاً علمياً ورؤية تحليلية.

أولاً: الأزمة الاقتصادية ومحدودية النموذج الاجتماعي

رغم محاولات الدولة الفرنسية الحفاظ على دولة الرفاه عبر تقديم خدمات اجتماعية واسعة، فإن الاقتصاد يعاني من اختلالات هيكلية تتمثّل في ارتفاع معدلات البطالة (خاصة بين الشباب والعمالة غير الماهرة)، وتباطؤ النمو، وتراكم الدين العام، مما أدى إلى تراجع في مستوى الثقة بالاقتصاد الوطني.

يذهب توماس بيكيتي (Thomas Piketty) في كتابه "رأس المال في القرن الحادي والعشرين" إلى أن التفاوت الاقتصادي المتزايد في فرنسا يُهدد التماسك الاجتماعي ويعيد إنتاج الامتيازات الطبقية. كما أن السياسات التقشفية التي اتُّبعت منذ الأزمة المالية لسنة 2008 ساهمت في تقليص قدرة الدولة على معالجة الفوارق.

ثانياً: الهشاشة الاجتماعية وتحديات الهوية

تُعدّ الأزمة الاجتماعية من أكثر الأزمات تعقيداً، إذ تتقاطع فيها مشكلات التهميش، والعنصرية البنيوية، وفشل سياسات الإدماج. وقد باتت الضواحي الباريسية رمزاً لفشل الدولة في تحقيق الاندماج والتكافؤ بين المواطنين. تشير دراسات مثل تقرير Institut Montaigne (2016) إلى أن جزءاً كبيراً من شباب المهاجرين يشعرون بأنهم "غير فرنسيين بما فيه الكفاية" وفق المعايير المفروضة عليهم.

تُعزّز هذه الهوة الاجتماعية مشاعر الغضب والاغتراب، كما ظهر في حراك "السترات الصفراء"، الذي مثّل احتجاجاً صامتاً وطويلاً على ما يُ perceived على أنه "جمهورية النخب".

ثالثاً: أزمة التمثيل الديمقراطي وصعود الشعبوية

من بين أبرز المؤشرات على "احتضار" فرنسا السياسي، تراجع نسب المشاركة في الانتخابات، وتآكل الأحزاب التقليدية، وصعود تيارات يمينية متطرفة مثل حزب "التجمع الوطني" بقيادة مارين لوبان. هذا التحول يعكس أزمة ثقة شعبية عميقة في المؤسسات السياسية، وهي أزمة تتكرر في العديد من الديمقراطيات الغربية يمثّل الصعود المتسارع لليمين المتطرف في فرنسا أحد أبرز المؤشرات على الأزمة العميقة التي تمر بها الجمهورية. فقد استطاعت شخصيات مثل مارين لوبان، زعيمة حزب "التجمع الوطني" (Rassemblement National)، تحويل هذا التيار من قوة هامشية إلى فاعل مركزي في الساحة السياسية. في انتخابات 2022 الرئاسية، وصلت لوبان إلى الدور الثاني، وهو ما يعكس تحوّلاً في المزاج الشعبي الفرنسي، وكسراً لما كان يُعرف بـ"الجبهة الجمهورية" التي كانت تمنع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

تعكس هذه الظاهرة أزمة مضاعفة: من جهة، تراجع ثقة المواطن في النخب السياسية التقليدية، ومن جهة أخرى، تنامي الخطاب القومي، المعادي للهجرة، والذي يحمّل الأجانب، والمسلمين تحديداً، مسؤولية التراجع الاقتصادي والثقافي.

يلاحظ المفكر ميشيل فيزوليه (Michel Wieviorka) أن صعود اليمين المتطرف ليس فقط استجابة لأزمة اقتصادية، بل نتيجة مباشرة لفراغ قيمي أحدثه فشل الدولة في تمثيل تنوع المجتمع الفرنسي. وقد ترافق هذا الصعود مع خطاب يستعيد مفردات "الهوية الفرنسية"، و"التهديد الإسلامي"، و"الاستعادة الوطنية"، في تجاهل واضح لمبادئ الجمهورية الأساسية: الحرية، المساواة، والأخوة.

في هذا السياق، أصبحت شعارات مثل "فرنسا أولاً" أو "استعادة السيادة" أدوات فعالة في جذب فئات اجتماعية متضررة من العولمة والنيوليبرالية، ما يجعل من اليمين المتطرف قوة سياسية متجذرة في نسيج الأزمة وليس فقط نتيجة لها.

إن توسع اليمين المتطرف يُنذر بإعادة تشكيل الحياة السياسية الفرنسية حول انقسام جديد: بين نخبة ليبرالية معولمة، وطبقات شعبية تعاني من التهميش وتبحث عن بدائل سياسية، حتى لو كانت متطرفة.

يرى بيير روسانفالون (Pierre Rosanvallon) في كتابه "مجتمع غير مرئي" أن المؤسسات الفرنسية باتت عاجزة عن تمثيل تعددية الواقع الاجتماعي والثقافي في البلاد، وأن "الديمقراطية التمثيلية" لم تعد كافية دون أطر جديدة للمشاركة والمساءلة.

رابعاً: الثقافة، العلمانية، وصراع القيم

تعيش فرنسا اليوم حالة من التوتر حول مسألة الهوية والقيم الجمهورية، خاصة في ظل تنامي الخطاب حول "الانفصالية الإسلامية"، والهجرة، وتعليم القيم العلمانية. النقاش حول قانون الحجاب في المدارس وفرض "الحياد الديني" يُظهر عمق الانقسام في فهم العلمانية: هل هي أداة للحرية أم وسيلة للإقصاء؟

تشير الباحثة جون سكوت (Joan Wallach Scott) في كتابها The Politics of the Veil إلى أن النقاش الفرنسي حول الحجاب ليس نقاشاً دينياً بقدر ما هو صراع على الهيمنة الثقافية ومفهوم المواطنة.



#الواسع_محمد_اليمين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرنسا: سيدة العدل... بشرط أن تكون العدل فرنسياً!
- تكالب الدول على الجزائر في السياق المعاصر: الدوافع والتحديات
- الجزائر وتحدياتها في ظل التوترات الحاصلة مع دول الإتحاد (مال ...
- مالي تلعب بالنار!!
- صورة الحنين في الشعر العربي قصيدة -الباذلون نفوسهم- للأمير ع ...
- بنية ودلالة تشكيل المكان في رواية -أربعون عاما في انتظار إيز ...


المزيد.....




- لِمَ انتظر هذا الرجل سن التقاعد حتى يمارس شغفه بتحويل الخردة ...
- -إن مت أريد موتا صاخبا-.. مقتل المصورة الصحفية فاطمة حسونة ب ...
- نعيم قاسم: لن نسمح لأحد بنزع سلاح حزب الله وسنواجه من يسعى ل ...
- قصة عروس في غزة فقدت عريسها قبل الزفاف بيوم
- الصحافة في عصر التزييف العميق: رؤى وتحديات من منتدى الإعلام ...
- اليمن: غارات أميركية على صنعاء والحديدة والجوف تخلف أكثر من ...
- محاكمة -التآمر-..أحكام بالسجن بين 13 و66 عاماً على قادة المع ...
- -نوفوستي-: المحتالون الذين يهاجمون الروس عبر الهاتف يعملون ت ...
- رابطة صينية تتهم واشنطن بانتهاك قواعد التجارة الدولية بشكل ص ...
- أورتاغوس -تتثاءب- ردا على أمين عام حزب الله


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الواسع محمد اليمين - سقوط الجمهورية الماكرونية وشيك !!!