أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - غازي الصوراني - وجهة نظر حول استمرار انسداد الوحدة القومية في الوطن العربي















المزيد.....

وجهة نظر حول استمرار انسداد الوحدة القومية في الوطن العربي


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 00:52
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


الأمم هي تطور تاريخي للجماعات القومية ، وتتحدد ملامح كل أمة من خلال التطور الرأسمالي وما يحمله معه من اقتصاد وسياسة وفكر، ولأن التطور الرأسمالي قد تأخر في المجتمعات العربية فقد تخلف تكوين الأمة العربية.
وإذا كانت العملية القومية أي عملية تشكيل الأمة العربية، فقدت بوصلتها بعد ان تراجعت او إنهارت معظم الحركات التقدمية القومية الديمقراطية ، إلى جانب تراجع مفاهيم القومية والتوحيد القومي والتقدم النهضوي الوطني والقومي بفعل تغلغل القوى اليمينية الرجعية في معظم بلداننا، ما يعني انسداد أبواب التقدم والنهوض القومي لحساب مزيد من انتاج وتجديد التخلف ، ولم تتمكن بلداننا من تحقيق الحد الأدنى من التوحيد القومي . في هذا السياق أشير إلى أن الاتجاه لتكوين الدولة القومية قد بدأ في أوربا مثلاً في القرن السادس عشر، ثم سادت الظاهرة القومية فيها ابتداء من القرن التاسع عشر.
وفي العالم كله كان انتصار الرأسمالية الحاسم على الإقطاع مقترنا بانتصار الحركات القومية أيضاً. وأساس هذه الحركات موجود من الناحية الاقتصادية في الإنتاج لا في التبادل.
فعندما يتفوق الإنتاج السلعي، أي الإنتاج من أجل السوق، على غيره من أشكال الإنتاج، وعندما تصبح له الغلبة عليها، فإنه يتطلب قيام الطبقة أو الفئات الرأسمالية الصاعدة بالاستيلاء أو بالسيطرة على السوق الداخلية التي تتداول السلع المنتجة، كما يتطلب في الوقت نفسه توحيد الأراضي التي يتكلم سكانها لغة واحدة في دولة واحدة وإزالة كل حاجز من شأنه أن يحد من تطور تلك اللغة ورسوخها في الأدب والثقافة كما جرى في فرنسا ثم المانيا في عهد بسمارك وإيطاليا في عهد غاريبالدي وماتزيني.
فلماذا إذن لم تتطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العربية في القرون القليلة الماضية إلى نظام رأسمالي على الرغم مما عرفته تلك الأوضاع من تبادل سلعي عريق في التاريخ؟
إن السبب الواضح لنا هو عدم تفوق الإنتاج السلعي وعدم سيادته حيث كان هناك اقتصاد سلعي وبعض المنتجات السلعية، وتجارة داخلية وخارجية واسعة النطاق. لكن الإنتاج السلعي أوالإنتاج من أجل السوق لم يتفوق على غيره من أشكال الإنتاج الطبيعي، أي الإنتاج من أجل الاستهلاك. كما أن ذلك الإنتاج لم يستطع أن يقوم بتصفية الأسواق المفتتة الضيقة لحساب سوق داخلية موحدة تكون هي بدورها أساسا لتطوير أكبر لعملية الإنتاج وتنظيماته.
ومن المعروف أن تكوين السوق الداخلية الموحدة الواسعة تؤدي إلى تهيئة الظروف لقيام السوق القومية، فالسوق هي المدرسة الأولى التي تتعلم فيها الرأسمالية الناشئة دروس الوطنية والقومية.
والسؤال الثاني : لماذا لم يتفوق الإنتاج السلعي حتى الآن في العالم العربي؟ الواقع أن الوطن العربي قد سقط في غيبوبة حضارية اكتملت في عصر المماليك (منذ القرن الثالث عشر الميلادي وبالتحديد من 1250 إلى 1517.) ثم تواصلت في مرحلة الحكم العثماني ( 1517- 1918 )ثم الاستعمار وصولا الى الامبريالية الامريكية حيث تم إحكام القبضة الاستعمارية والامبريالية وسيطرتهم على مجتمعاتنا العربية بصور مباشرة غير مسبوقة من التبعية منذ رحيل القائد الخالد جمال عبد الناصر سبتمبر 1970 حتى اللحظة الراهنة.
فعلى الرغم من استقلال معظم الدول العربية – عدا فلسطين – الا أن هذه الدول سرعان ما غرق معظمها في أوضاع التبعية والتخلف من جديد خاصة بعد بداية عصر الانفتاح ومن ثم بداية الهبوط العربي مجددا الى جانب إعادة انتاج وتجديد التخلف وتفاقم التبعية للتحالف الامبريالي الصهيوني بدرجات متفاوتة لدى دول المشرق والمغرب ، وبدرجات قوية من السيطرةالامبريالية في بلدان النفط الغارقة كليا في التبعية والمحكومة من خلال انتشار القواعدالعسكرية فيها.
حول تخـلف التطـور الرأسمالي العربي:
يتهكم الكتاب الغربيون على العرب بأنهم قبائل تحت أعلام وطنية، يقولون إن المنطق كان يقضي بأن يكون العرب في حقبة النفط أقوى مما كانوا قبلها، لكن الواقع يؤكد أنهم أصبحوا في غاية الضعف، فبقايا القبائل لم يصبحوا بعد أمة واحدة، فقد تزايدت درجات التخلف وتفاقمت التبعية والخضوع للنظام الراسمالي الامبريالي العالمي، وأعيد انتاج التخلف من جديد حيث بات النفط واصحابه من مشايخ الخليج والسعودية لعنة على شعوبنا ومجتمعاتنا ، وهي لعنة عززت التخلف واعاقة تطور مجتمعاتنا العربية وذلك بتحالفها المشين مع الصهاينة والامريكان.
على أي حال ، في هذا الجانب يقول المفكر الراحل د.فؤاد مرسي : صحيح أن العرب لم يشكلوا بعد أمة واحدة لكن إرادة التوحيد القومي والنزعة القومية عند الشعوب المقهورة ظاهرة إيجابية وتقدمية، إذ تنطوي على عنصر النضال ضد الإمبريالية من أجل التحرر الوطني. هذا النضال الذي يوقظ الوعي القومي لدى الشعوب ويساعد على قيام الأمم الحرة. ومعنى ذلك أن النزعة القومية العربية صارت تعني عملية توحيد الأمة العربية من خلال الصراع ضد الإمبريالية والتبعية الخارجية، لكن عملية الصراع من أجل التطور والنهوض التقدمي الديمقراطي في بلادنا، وتفعيل النضال ضد الامبريالية مازال بعيد المنال بسبب تراجع وعجز قوى التحرر الوطني العربية من ناحية وتزايد مظاهر التبعية والتخلف والخضوع والاستبداد خاصة في بلدان النفط ، الأمر الذي أعاق عملية استيقاظ الحركات القومية في بلادنا، أعني انطلاق الحركات القومية ذات الطبيعة الرأسمالية والاتجاه لإنشاء دول مستقلة من الناحية القومية ، فإذا كانت الظاهرة القومية هي ظاهرة حديثة ، وهي حديثة تماماً في العالم العربي ، إلا أن بدايات التحول الرأسمالي ما زالت غير قابلة للتحقق نظرا لتفاقم وتغلغل التبعية وتجدد التخلف بحيث تم نفي اية إمكانية لنمو الرأسمالية مقابل تكريس وتطور نوع من العلاقات الرأسمالية الرثة والطفيلية السائدة في بلادنا راهنا ، وبالتالي عدم تبلور ونهوص الأمة ، فالأمة مقولة تاريخية تنتمي إلى عصر محدد هو عصر الرأسمالية الصاعدة ، كما أن عملية اقتلاع الإقطاع ونمو الرأسمالية هي في الوقت نفسه عملية تشكيل الجماعات القومية في صورة أمم ، الامر الذي لم يتحقق في بلادنا حتى الآن. .
لقد كان الوطن العربي حتى سنوات قليلة "مجتمعاً قبلياً أو شبه قبلي، لم تتحول قبائله بعد إلى شعوب تنتمي إلى أوطان قطرية أي لم تنجح بعد في الارتفاع إلى مستوى التوحيد القطري ، كما هو حال دويلات الخليج والسعودية واليمن وليبيا وموريتانيا حتى الآن.
كذلك فإن معظم الدول العربية_ حتى اللحظة الراهنة ونحن في عام 2025_ لم تتخلص من مرجعياتها الطائفية والمذهبية والتراثية الرجعية والخرافية؛ وما زالت تعيش حالة غير مسبوقة من التبعية والخضوع للامبريالية إلى جانب اعترافها بدولة العدو الإسرائيلي مما أدى إلى تكريس حالة شديدة الخطورة من تعميق ما أسميه التخلف الحداثي يسبب عجزها عن تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمواطنة ؛وعجزها في المعرفة العلمية ؛وعجزها في التقدم الصناعي وعجزها عن تحرير المرأة وتمكينها.
وإذا كانت الأقطار العربية الآن قد طورت اقتصادها على أسس رأسمالية إلاّ أنها ما زالت محكومة لعلاقات رأسمالية تابعة ومختلطة مع بقايا الإقطاع والقبائل والعشائر والطوائف، وبالتالي فإنها مازالت مجتمعات رأسمالية مشوهة ، ما يعني أن تطورها الرأسمالي لم يصب في مجرى تطوير أسواقها الداخلية المفتتة بقدر ما ربطها أكثر من ذي قبل بالسوق الرأسمالية العالمية عمومآ والنظام الامبريالي الأمريكي خصوصا.
لذلك ستظل عملية تكوين السوق القومية العربية محكومة لمقتضيات التخلف والتبعية الآن وفي المستقبل المنظور طالما استمر عجز وضعف قوى التحرر والنهوض الوطني والقومي التقدمية الماركسية تحديدا ، وسيستمر تخلف القضية القومية العربية بأسرها ، وتصبح قضية الهوية العربية النهضوية الديمقراطية مغيبه مطروحة فقط من منطلق حركات الإسلام السياسي التي تكرس التخلف ولا تتناقض ابدا مع النظام الامبريالي.
أخيراً لا بد من التأكيد بوضوح شديد: إذا كانت المرحلة الرأسمالية قد فشلت في قيام الأمة العربية الواحدة ؛ فإن هذا الهدف التاريخي لن يتحقق إلا في ظل الإشتراكية.وإن جدلية التطور _بتعبير د. فؤاد مرسي _ سوف تلقي على عاتق الإشتراكية مهمة استكمال بناء الأمة العربية، فهذه المهمة مثلها مثل بقية مهام الثورة الوطنية الديمقراطية العربية قد عجزت الرأسمالية عن إنجازها.



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الهوية القومية العربية وفق المضمون الحداثي كشرط لتفاعل ال ...
- غزة لم تعد قادرة على صراخ الاستغاثة امام القصف والتجويع ومحا ...
- في الذكرى التاسعة والاربعين ليوم الأرض
- من وحي العدوان الهمجي على قطاع غزة ... رؤية استراتيجية حاملة ...
- باختصار، عن العلاقة بين التخلف المعرفي والتخلف الاجتماعي.
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
- نحو تشكيل حكومة توافق وطني أو حكومة وحدة وطنية
- ما هي المعرفة ، وما هو دور الممارسة في عملية المعرفة وأساسها ...
- وجهة نظر وموقف حامل لدعوة عاجلة لعقد مؤتمر وطني
- اليهود ليسوا شعبا وليسوا أمة
- عام 2024 كان عاما حاملا لكل أشكال القتل والارهاب والموت ودمو ...
- اسباب عجز الفكر العربي المعاصر عن التطور الفلسفي وسبل النهوض ...
- خاطرة عن أحزاب وفصائل اليسار في بلداننا
- الفلسفة الأوروبية في العصور الوسطى، وحديث عن الفيلسوف الإيطا ...
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ...
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ...
- أزمة أحزاب وفصائل اليسار الماركسي العربي وتعددها وسبل الخروج ...
- عن أهمية الوعي العميق بالنظرية وبكل جوانب الواقع المعاش كشرط ...
- حديث صريح عن البورجوازية الرثة في مجتمعات الوطن العربي
- أحمد بهاء الدين شعبان :هكذا تحدّث الرفيق -غازي الصوراني-تشري ...


المزيد.....




- شاهد ما حدث عندما تم اختراق إشارات مرور في شوارع واشنطن
- طالب لـCNN عن منفذ إطلاق النار بجامعة فلوريدا: طُلب منه مغاد ...
- السعودية: فيديو القبض على 4 يمنيين في مكة والأمن العام يكشف ...
- ماذا يعني منح جائزة DW لحرية الرأي والتعبير لأرملة نافلني؟
- دراسة: الأطعمة فائقة المعالجة تترك بصمتها في دماغك!
- روسيا تسجن صحفيين سابقين في DW بسبب المعارض الراحل نافالني ...
- تهديدات ترامب ورسائل إيران المتضاربة تربك جولة المباحثات الث ...
- المكسيك تسجل أول إصابة بشرية بـ-داء الدودة الحلزونية-
- تونس.. أحكام بالسجن تصل إلى 66 عاما في -قضية التآمر على أمن ...
- شبه جزيرة القرم تحتفل اليوم بانضمامها إلى روسيا


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - غازي الصوراني - وجهة نظر حول استمرار انسداد الوحدة القومية في الوطن العربي