محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 13:39
المحور:
القضية الفلسطينية
قالها صلاح خلف(أبو إياد)، ومضى شهيداً:
"من هو الحمار الذي يُسلّم قوته، ويذهب ليفاوض عدوه؟"
لم تكن كلمات غضبٍ عابر، بل صرخة وعيٍ وشرف، صرخة من يعرف أن الأرض لا تُعطى، وأن البنادق لا تُنسى، حتى لو طال ليل النكبة وتوالت الخيبات.
هذا الشعب الفلسطيني، المجبول من تراب المجازر، لا يزال واقفاً، لا يزال يتنفس من رئة الحجر، ويقاتل من قلب الحصار.
شعبٌ جائع، لكنه لا يركع.
محاصر، لكنه لا يساوم.
يعيش في الخيام، وتحت الركام، لكنه لا يتنازل عن قوته، ولا عن كرامته.
أطفالُنا يولدون على صوت الغارات، ويكبرون وهم يدفنون إخوتهم.
نساءُنا يُربّين الشهداء لا الأبناء.
وشيوخُنا، الذين فقدوا كل شيء، لا يزالون يرفعون أصابعهم في وجه الاحتلال، يقولون: لن ننسى، ولن نسامح.
وغزة، يا الله، غزة...
غزة التي لم تترك للغة مفرداتٍ كافية لتصف جراحها،
غزة التي تحوّلت إلى مقبرة مفتوحة، وكتاب من نار، وأسطورة من لحم ودم.
لم يبقَ فيها شيء لم يُقصَف، ولم يُحرَق، ولم يُدفَن حياً، لكنها رغم كل شيء، ما زالت ترفع رأسها، ما زالت تصرخ في وجه العالم الأعمى:
"لن أُسلّم قوتي، ولن أقبل بالذل، وإن متُّ واقفاً."
أليس في غزة الآن من يزرع الزعتر بين الأنقاض؟
من يُرضع طفله تحت جناح طائرة؟
من يحتضن جثة أخيه، ويقول: "الموت لنا عادة... لكن الهزيمة لا!"؟
غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة، بل روح مقاومة خالدة،
مدرسةٌ من نارٍ، لا تُخرِجُ إِلَّا الأُسُودَ.
ما أكثر الذين طلبوا منا أن نُسقط قوتنا، أن نُصافح اليد الملطّخة بدمنا، أن نكون حميراً في حظيرة التطبيع، لكن هذا الشعب، بوعيه العميق، يعرف جيداً أن لا مفاوضات تحت القصف، ولا سلام في ظل الاحتلال، ولا حرية في غياب القوة.
شعبنا الفلسطيني، كما قال صلاح خلف، أسدٌ... والأسد لا يقوده حمار.
ولذلك، لا نخون، لا نبيع، لا نستسلم.
نبكي، نعم، فالدم كثير، والخسارات موجعة، لكننا لا ننكسر.
في كل شهيد يولد ألف مقاوم، وفي كل أنقاض بيت تُزرع بذرة انتقام لا تموت.
نم قرير العين يا أبا إياد،
فشعبك لا يزال يرفض أن يكون عبداً... أو حماراً.
شعبك لا يزال واقفاً... بصبر الجبال، وبشجاعة من لا يهاب النهاية.
[محمود كلَّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنينِ السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماءِ والهُويَّةِ الفلسطينيَّةِ. يرى في الكلمةِ امتداداً للصَّوتِ الحُرِّ، وفي المقالِ ساحةً من ساحاتِ النِّضالِ.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟