أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - اللينينية بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية: دراسة مقارنة بين الحزب الشيوعي الهندي واللبناني - الجزء الأول: الإطار النظري والتجربة الهندية















المزيد.....

اللينينية بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية: دراسة مقارنة بين الحزب الشيوعي الهندي واللبناني - الجزء الأول: الإطار النظري والتجربة الهندية


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور في الهندسة المعمارية، باحث، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 00:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(الجزء الأول: الإطار النظري والتجربة الهندية)

المقدمة: إشكالية اللينينية في المجتمعات المتعددة

منذ انتصار الثورة البلشفية عام 1917، صاغت اللينينية نموذجاً تنظيمياً ثورياً يقوم على المركزية الديمقراطية والطليعية الحزبية، نموذجاً كان من المفترض أن يوحد الطبقة العاملة ويحول الوعي التلقائي إلى وعي ثوري. ومع ذلك، وفي سياقات اجتماعية معقدة مثل الهند ولبنان، حيث تتداخل الهويات الطائفية مع الانتماءات الاقتصادية، يتبين أن تطبيق هذا النموذج يواجه تحديات جذرية. وفي هذا الإطار، يبرز السؤال المحوري: كيف يمكن للأحزاب الشيوعية الحفاظ على مبادئها اللينينية في مجتمعات تتغلغل فيها قوى الطائفية؟ يُطرح هذا السؤال في ضوء التجارب المتباينة للحزب الشيوعي الهندي والحزب الشيوعي اللبناني، حيث تُظهر التجربة الهندية كيفية مواجهة تحديات تقسيم الطبقات المتداخل مع نظام الكاست وتأثيرها على الوحدة الطبقية.(1)

الإطار النظري: الطائفية كبنية سياسية-اقتصادية

1. اللينينية الكلاسيكية وحدودها

يعرف لينين الحزب الثوري بأنه “طليعة منظمة للطبقة العاملة”، قادرة على تحويل الوعي التلقائي إلى وعي ثوري. إلا أن هذا التعريف يفترض وجود طبقة عاملة متجانسة وخالية من الانقسامات الهوية؛ افتراض لا يتماشى مع واقع مجتمعات مثل الهند، حيث تترابط الهويات الدينية والطائفية مع الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية.(2) كما يفترض النموذج اللينيني حيادية الدولة، بينما في الأنظمة التي تُستخدم فيها الدولة كأداة لإدارة المحاصصة، تتداخل المصالح الطائفية مع السياسة الرسمية.

2. الطائفية كأداة هيمنة

لا يمكن النظر إلى الطائفية على أنها مجرد تراث ثقافي أو وعي زائف، بل هي نظام حكم متجذر يقوم على توزيع الموارد والسلطة عبر المحاصصة المذهبية. كما يشير عزمي بشارة في تحليله للطائفية، فإن النظام الطائفي يُشكّل “آلية لتوزيع النفوذ والسلطة في المجتمع” حيث تتحول الطوائف إلى كيانات سياسية واقتصادية متنافسة.(3) في لبنان، على سبيل المثال، أدت هذه الآليات إلى تقويض محاولات بناء جبهة طبقية موحدة.

3. النقد الماركسي للطائفية: بين غرامشي وبورديو

في محاولة لتجاوز الثنائية التقليدية بين “الطبقي” و”الطائفي”، طرح مفكرون ماركسيون مقاربات جديدة:
• يشير أنطونيو غرامشي إلى أن الهيمنة الطائفية تُبنى عبر ما يسميه بـ”المؤسسات الثقافية”، مثل المدارس الدينية ووسائل الإعلام الطائفية، مما يستدعي معركة ثقافية موازية للنضال الاقتصادي.(4)
• بينما يرى بيير بورديو أن الطائفية تُنتج “رأس مال رمزي” يُستخدم لتبرير التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، مما يعكس بُعداً جديداً في فهم علاقات القوة داخل المجتمع.(5)
«الثورة ليست لحظة واحدة، بل عملية طويلة من التغيير الثقافي والاقتصادي»، هكذا يلخص غرامشي أهمية النضال المتواصل لتجاوز الهياكل الطائفية المتأصلة في المجتمعات.(4)

التجربة الهندية: الحزب الشيوعي ونظام الكاست

1. التأسيس والتحولات الكبرى

تأسس الحزب الشيوعي الهندي (CPI) في أوائل القرن العشرين، في خضم نضال مزدوج: التحرر من الاستعمار البريطاني والنضال ضد نظام الكاست العميق. وقد اضطر الحزب إلى مواجهة معضلة نظرية تتمثل في كيفية توحيد الطبقة العاملة والفلاحين في مجتمع مقسم إلى طبقات اجتماعية متأثرة بعوامل دينية وطائفية.(6)
على سبيل المثال، خلال الثلاثينيات، تبنى الحزب خطاباً طبقياً صارماً رافضاً التحالفات مع الحركات القومية الهندوسية، مما ساهم في تأجيج الانقسامات مع الحفاظ على موقف نظري متماسك ضد الاستعمار والنظام الطبقي.(6)

2. نجاحات نسبية: نموذج كيرالا

في ولاية كيرالا، استطاع الحزب الشيوعي الهندي تحقيق إنجازات اجتماعية ملموسة من خلال تبني تحالفات تكتيكية مع قوى إصلاحية محلية. فقد ساهمت إصلاحات زراعية هامة بدأت في عام 1957، مثل إعادة توزيع الأراضي وتحديد ملكيتها، في تعزيز الشعور بالعدالة بين الفلاحين.(7)
وقد وصف ديبندار نايدو هذه التجربة بأنها “مزيج معقد من النضال الطبقي والتحديات الاجتماعية، حيث يُستغل العامل الداليت مرتين: كعامل وكداليت”، مما يعكس واقعاً متشابكاً يصعب تفكيكه بموجب خطاب طبقي نظري فقط.(8)

3. التحديات المعاصرة: صعود اليمين الهندوسي

على مدى العقود الأخيرة، واجه الحزب الشيوعي الهندي تحديات كبرى مع صعود اليمين الهندوسي الذي نجح في استغلال الهوية الدينية لاستمالة الجماهير. ففي ظل تراجع التأثير الشيوعي، أصبح من الواضح أن إهمال البُعد الهوياتي في الخطاب الطبقي ساهم في تآكل قاعدته الشعبية.(7)
يُعزى الفشل في تجاوز هذه التحديات إلى العجز عن بناء تحالفات عابرة للطبقات والنضال ضد نظام الكاست، مما دفع الحزب إلى تبني موقف يقلل من أهمية الهوية الدينية في مواجهة الهيمنة اليمينية.(8)
«الدين هنا ليس مجرد أفيون للشعب، بل أداة في يد اليمين لتشكيل هوية سياسية مغايرة»، كما يشير أحد المفكرين الهندوس في تحليله للتغيرات السياسية الأخيرة.(7)



خاتمة الجزء الأول

ينتهي الجزء الأول من هذه الدراسة عند هذه النقطة، حيث تم تقديم الإطار النظري حول مفهوم الطائفية في سياق اللينينية وتحليل التجربة الهندية، مع تسليط الضوء على النجاحات النسبية والتحديات المعاصرة التي تواجه الحزب الشيوعي الهندي في ظل نظام الكاست المتجذر. في الجزء الثاني، سننتقل إلى دراسة التجربة اللبنانية لاستقصاء كيفية تعامل الحزب الشيوعي اللبناني مع تعقيدات النظام الطائفي وآفاق تجديد اللينينية في هذا السياق.



قائمة المراجع
1. عزمي بشارة، الطائفة والطائفية والمواطنة (الدوحة: المركز العربي للأبحاث، 2012), 114.
2. Fawwaz Traboulsi, A History of Modern Lebanon (London: Pluto Press, 2007), 67.
3. Antonio Gramsci, Prison Notebooks (New York: Columbia University Press, 1992), 145.
4. Antonio Gramsci, Prison Notebooks, 145.
5. Pierre Bourdieu, Distinction: A Social Critique of the Judgement of Taste (Cambridge: Harvard University Press, 1984), 89.
6. Bipan Chandra, India Since Independence (New Delhi: Penguin, 2008), 203.
7. Devendra Naidoo, Caste and Class in India (New Delhi: LeftWord Books, 2008), 77.
8. Arvind Kejriwal, Rethinking Revolution in the Global South (Delhi: Sage Publications, 2017), 132.
——
يتبع الجزء الثاني: التجربة اللبنانية واستخلاص الدروس



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على تساؤلات وتعليقات -ملهم الملائكة- - حول مقالتي: - العر ...
- رد على تعليق الدكتور لبيب سلطان حول مقالة: “العراق ليس دولة ...
- العصبيات والطائفية في العراق – تفكيك الأعداء وصناعة الصراع ا ...
- دفاعاً عن اللينينية في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي: تحل ...
- دفاعاً عن اللينينية في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي: تحل ...
- العراق ليس دولة فاشلة، بل دولة مُفشَّلة عمداً.. والشعب وحده ...
- -العراق ليس دولة فاشلة، بل دولة مُفشَّلة عمداً.. والشعب وحده ...
- دفاعاً عن اللينينية في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي: تحل ...
- يَا حِزْبَ الْكادِحِينْ
- معلقة الرفيق فهد
- رثاءٌ في ظِلّ الشُّهُود
- جيرةُ القَلبِ لا تُهدَمُ بالجُدرانِ
- العصبيات والطائفية في العراق – تفكيك الأعداء وصناعة الصراع ا ...
- مرثية من بغداد
- التغيير و ...
- العراق: قصة موت معلن!
- العراق: قص&# ...
- تموز يأبى &# ...
- رسالة الى الدكتور حيدر العبادي اخر العيد
- رسالة الى الدكتور حيدر العبادي بداية العيد


المزيد.....




- انفجارات قوية في مطار بورتسودان إثر استهداف مسيرات جديد لخزا ...
- فرنسا تشدد شروط الحصول على الجنسية ... فما هي المؤهلات المطل ...
- بن زايد يقلّد رئيسة تنزانيا وسام -أم الإمارات-
- قصف متبادل بين روسيا وأوكرانيا يحصد ستة قتلى في سومي وكورسك ...
- واشنطن تجمد رسميا المنح البحثية لهارفارد حتى تلتزم الجامعة ب ...
- قوات الدعم السريع تقصف مستودعات الوقود ومطار بورتسودان
- اختراق تطبيق استخدمه مستشار الأمن القومي السابق لترامب.. وال ...
- كيف أظهر صاروخ مطار بن غوريون محدودية جهود أمريكا لإضعاف الح ...
- ماذا تعني عسكرة الذكاء الاصطناعي؟
- علماء: جروح البشر تلتئم ببطء مقارنة بالثدييات الأخرى


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - اللينينية بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية: دراسة مقارنة بين الحزب الشيوعي الهندي واللبناني - الجزء الأول: الإطار النظري والتجربة الهندية