أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الشهبي أحمد - المغرب يقود طريق السلام في الصحراء: رؤية تنموية تكشف زيف شعارات الجزائر والبوليساريو














المزيد.....

المغرب يقود طريق السلام في الصحراء: رؤية تنموية تكشف زيف شعارات الجزائر والبوليساريو


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 12:19
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في قلب المتاهة الإقليمية التي تُعرف بملف الصحراء، تتكشف يومًا بعد يوم تعقيدات سياسية وإنسانية تُلقي بظلالها على استقرار المنطقة برمتها. هذا النزاع، الذي يمتد جذوره إلى عقود مضت، ليس مجرد صراع على الأرض، بل هو اختبار للإرادات السياسية، وميدان لتصادم الرؤى بين من يسعى إلى بناء جسور الحل، ومن يجد في استمرار الأزمة فرصة لتعزيز أجنداته الخاصة. إنه ملف يتجاوز حدود الجغرافيا ليصبح رمزًا للتوتر بين منطق الدولة الحديثة وإرث الحرب الباردة، بين التنمية والجمود، وبين صوت الإنسان العالق في مخيمات الانتظار وصخب الشعارات التي تُدار باسمه.
المغرب، منذ أن طرح مبادرة الحكم الذاتي في العام 2007، وضع نفسه في موقع الطرف الذي يمتلك رؤية واضحة للخروج من هذا المأزق. هذه المبادرة، التي لم تكن مجرد ورقة سياسية عابرة، بل مشروعًا مدروسًا يحترم سيادة الدولة ويفتح آفاقًا للتفاوض، حظيت بتأييد متزايد من قوى دولية فاعلة، من الولايات المتحدة إلى فرنسا، وصولاً إلى دول الخليج وعدد من الدول الإفريقية. ما يميز هذا الطرح هو مرونته الواقعية: فهو لا يفرض شروطًا تعجيزية، بل يقترح إطارًا يتيح لساكنة الصحراء إدارة شؤونها الداخلية بحرية وكرامة، مع الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. لكن، ورغم هذا الوضوح، يبدو أن الطريق نحو الحل يصطدم دائمًا بحواجز العرقلة التي يتقن البعض نصبها.
في الطرف المقابل، تستمر الجزائر، بمساندة جبهة البوليساريو، في تبني خطاب يستعيد أصداء حقبة مضت، حيث كانت الإيديولوجيات الجامدة تُشكل عدسات الرؤية السياسية. هذا الخطاب، الذي يُصر على إعادة إنتاج سرديات الحرب الباردة، لا يكتفي بالتشبث بمواقف فقدت بريقها دوليًا، بل يذهب أبعد من ذلك ليستثمر في تجميد الوضع الإنساني في مخيمات تندوف. هناك، حيث العزلة هي القانون، والحرمان هو الواقع اليومي، يعيش الصحراويون في ظل نظام لا يوفر لهم إلا الحد الأدنى من الحياة، محرومين من أبسط مقومات الكرامة. الأخطر من ذلك هو تحويل هؤلاء اللاجئين إلى أدوات رمزية في لعبة سياسية، حيث يُسلب صوتهم ويُحتجز أملهم في أفق مسدود. الطفل الذي يولد في خيمة، والشاب الذي لا يعرف من العالم سوى الرمل والانتظار، هما الضحايا الحقيقيون لهذا الجمود، لكنهما، للأسف، الأقل حضورًا في المعادلة.
ما يزيد من تعقيد المشهد هو أن هذا الاستثمار في الأزمة ليس مجرد خطأ استراتيجي، بل هو خيار مدروس يخدم حسابات جيوسياسية أوسع. الجزائر، التي تُقدم نفسها كمدافعة عن مبدأ تقرير المصير، تجد في هذا الملف أداة لتصفية حساباتها مع المغرب، ومحاولة لتشتيت انتباه الرأي العام الداخلي عن تحدياتها الاقتصادية والسياسية. لكن هذا النهج، الذي قد يحقق مكاسب تكتيكية قصيرة المدى، يُكلف المنطقة كلها ثمنًا باهظًا: عدم الاستقرار، انعدام الثقة، واستمرار نزيف الإنسانية في تندوف. في المقابل، يواصل المغرب نهجه الذي يجمع بين الواقعية السياسية والطموح التنموي، حيث تُترجم المبادرات الدبلوماسية إلى مشاريع ملموسة في الأقاليم الجنوبية. من البنية التحتية إلى التعليم والصحة، يعمل المغرب على بناء نموذج تنموي يُثبت أن السيادة ليست مجرد شعار، بل مسؤولية تُقاس بمدى قدرتها على تحسين حياة الناس.
التحولات الدولية الأخيرة، التي شهدت اعترافات متتالية بمغربية الصحراء، لم تأت من فراغ. إنها نتيجة تراكم دبلوماسي صبور، وثقة متزايدة في جدية الطرح المغربي. دول مثل الولايات المتحدة، التي أعلنت دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي في 2020، وفرنسا التي أبدت تأييدها بشكل متزايد، تدرك أن استقرار شمال إفريقيا يمر عبر حلول عملية، وليس عبر شعارات جوفاء. هذه التحولات تُبرز أيضًا عزلة الخطاب الجزائري-البوليساريو، الذي يعتمد على استعراضات إعلامية وبلاغات تحمل طابع الحنين إلى زمن لم يعد له وجود. لكن، ورغم هذا التقدم، يبقى السؤال الأخلاقي قائمًا: إلى متى يمكن أن تستمر هذه المسرحية السياسية على حساب الإنسان؟
في كل جلسة مفاوضات تُؤجل، وكل حوار يُعطل، يدفع الإنسان البسيط الثمن. ذلك الأب الذي يحلم بعودة آمنة إلى أرضه، تلك الأم التي تنتظر فرصة لتعليم أبنائها، وذلك الشاب الذي يتوق إلى حياة تتجاوز حدود الخيمة. هؤلاء هم الذين يستحقون أن تُعاد صياغة هذا الملف من أجلهم، ليس كساحة للصراع الإقليمي، بل كورش سلام يُعيد لهم كرامتهم ويمنحهم صوتًا. المغرب، بمبادرته، قدم مفتاحًا لهذا الحل، لكنه مفتاح يحتاج إلى إرادة جماعية لفتح الباب. في المقابل، يبدو الطرف الآخر مكتفيًا بالتلويح بالسلاسل، وكأن الصراخ وحده قادر على تغيير حقائق التاريخ أو إعادة رسم الجغرافيا.
آن الأوان للخروج من متاهة الشعارات، ولتتوقف لعبة الابتزاز باسم "القضية". المغرب اختار أن يحمل مشروعًا تنمويًا وسياسيًا يضع الإنسان في صلب اهتماماته. أما المنطقة، فتنتظر من الجميع أن يتحلوا بالشجاعة لينضموا إلى هذا المسار، أو على الأقل، أن يتوقفوا عن عرقلته. ففي نهاية المطاف، التاريخ لا يكتب بالصراخ، بل بالأفعال التي تُغير حياة الناس.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاتم من ورق وقفطان للذِّكرى… العُرس تأجيلٌ جماعي
- المجتمع الذي يربّي بسكين
- أرض النخبة وقوة القاع: رحلة في تفاوتات المغرب الاجتماعية
- صرخة أرفود: دم الأستاذة على جبين الدولة
- الأسرة التي أصبحت الآلة لتفريخ المجرمين بتفوّق
- الطماطم تحكم… والمواطن ينتخب الصبر
- الكرة في ملعبهم… ونحن في قاعة الانتظار
- الإيمان تحت رحمة الجغرافيا
- كاتب رأي... لا صحافي ولا هم يحزنون
- أعيدوها إلى السجن... حمايةً لما تبقّى من ملامح العدالة
- تازة... حين تتحول الصحافة إلى ميكروفون بلا شهادة
- جيل التسعينات: من الحلم إلى الاختناق؟
- المعلم ... من مربٍ إلى هدف
- الجزائر بين وهم الماضي وواقع المغرب المتقدم: الحقيقة التي لا ...
- طفولة المغرب بين مؤثرات الإعلام وتآكل القيم
- المغاربة… يكذبون الكذبة على الفايسبوك ويؤمنون بها
- الطاكسيات في المغرب: تقدر توصل وتقدر ما توصلش
- المغربي: بطل الأساطير في مسرح الحياة اليومية.
- صوتٌ يصدحُ من بين القيود: رؤيةٌ نقديةٌ ل-تحرير المرأة- مع قا ...
- شوبنهاور والعيد: سعي بلا نهاية نحو السعادة الزائفة


المزيد.....




- ترجف من الإرهاق.. إنقاذ معقد لمتسلقة علقت أكثر من ساعة في -م ...
- تمنّى -لو اختفى-.. مخرج -Home Alone 2- يعلق مجددًا على ظهور ...
- جوزاف عون يتحدث عن مساعي نزع سلاح حزب الله: نأمل أن يتم هذا ...
- ثنائي راست وتحدي الكلاسيكيات العربية بإيقاعات الكترونية
- -من الخطأ الاعتقاد أن أكبر مشكلة مع إيران هي الأسلحة النووية ...
- عراقجي: زيارتي إلى روسيا هي لتسليم رسالة مكتوبة من خامنئي إ ...
- تصاعد أعمدة الدخان فوق مدينة سومي الأوكرانية بعد غارات بمسير ...
- المرسومً الذي يثير القلق!
- دورتموند يتطلع لتكرار أدائه القوي أمام برشلونة في البوندسليغ ...
- عاصفة رملية تخلف خسائر زراعية فادحة في خنشلة الجزائرية (فيدي ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الشهبي أحمد - المغرب يقود طريق السلام في الصحراء: رؤية تنموية تكشف زيف شعارات الجزائر والبوليساريو