اعتذار عمارة وعذر الأوقاف

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1802 - 2007 / 1 / 21 - 12:51
المحور: المجتمع المدني
    

حسناً فعلت وزارة الأوقاف بتجديد تأكيدها وحرصها على عدم المساس بمشاعر ومعتقدات الأشقاء الأقباط ورفضها بشكل قاطع اى إساءة بأية صورة من الصور للاخوة المسيحيين المصريين .
وحسناً ان وزارة الأوقاف لم تكتف بإصدار البيان الذى يشدد على هذه المعانى وانما شفعته بقرار عملى يقضى بسحب جميع نسخ الكتاب الذى صدر عن المجلس الاعلى للشئون الإسلامية، التابع للوزارة ، وتناول فتنة التكفير بين الشيعة والوهابية والصوفية للدكتور محمد عمارة عن مجمع البحوث الإسلامية ، من الأسواق، واعادته للمجلس من اجل إعدامه.
وهو الكتاب الذى تضمن اقوالاً تتيح إهدار دم المسيحيين، اعتذر عنها الدكتور عمارة ، وبررها بانها كلمات اقتطفها عن الامام ابو حامد الغزالى ، وليس من عندياته ، وانه لم يهتم بمراجعة محتواها ثقةً منه بالغزالى .
واعتذار الدكتور عمارة أمر طيب لانه بمثابة إقرار بالخطأ ، سواء الخطأ المهنى المتمثل فى النقل عن الآخرين دون تدقيق وتمحيص ، او الخطأ الفكرى المتمثل فى الترويج لهذه الأفكار التكفيرية البالية.. والتى تمثل تهديداً حقيقياً لمبدأ المواطنة، وتفتح أبواب جهنم لإشعال فتنة طائفية تحرق نيرانها الوطن كله بمسلميه وأقباطه.
والمأمول ان توفر هذه الاعتذارات ، سواء اعتذار الدكتور عمارة او اعتذار وزارة الأوقاف ، المناخ الملائم لاحتواء الأزمة.
لكن هذا الأمل مرهون بإجابات شافية عن أسئلة اخرى لا تجيب عنها هذه الاعتذارات.
أول هذه الأسئلة تتعلق بالمطبوعات الصادرة عن جهات رسمية ، مثل وزارة الأوقاف . اى إنها بهذه الصفة تعبر – بصورة مباشرة وغير مباشرة – عن رأى الحكومة .
هل تصدر هذه المطبوعات دون مراجعة؟!
فالمشكلة ليست فقط مع كاتب، مثل ا لدكتور عمارة فى حالتنا، وانما مع طابور طويل من " المسئولين" .
فمن الذى كلفه بتأليف الكتاب ؟
وعلى اى أساس؟
وما هو دور المجلس الاعلى للشئون الإسلامية الذى صدر الكتاب عنه؟
وهل ناقش الدكتور عمارة قبل التأليف؟
وهل راجع مسودة الكتاب بعد ان سلمه اليه المؤلف ؟!
وهل تمت محاسبة المسئولين فى المجلس الاعلى للشئون الإسلامية على هذه المصائب التى انطوى عليها الكتاب؟
ولماذا فقد جميع المسئولين الذين لهم علاقة مباشرة او غير مباشرة بهذا الموضوع الحد الادنى من اليقظة للامساك بهذا الخطأ الفادح وتلافيه قبل ان يتم طبع الكتاب او على الأقل قبل توزيعه؟
ولماذا كان بعض المثقفين الأقباط هم أول الذين اكتشفوا هذا الخطأ او بالأحرى الخطيئة؟!
أليس ذلك عيباً يدل على افتقار غالبية المثقفين المصريين المسلمين – وكاتب هذه السطور واحد منهم – لليقظة الكافية ، باعتبار ان واجبهم التصدى لمثل هذه السهام المسمومة التى تطعن وحدة الوطن والامة قبل أشقائهم المثقفين المصريين الأقباط؟!
انها سلسلة من السلبيات التى تتجاوز حدود اعتذار عمارة واعتذار وزارة الأوقاف، يجب ان نتأملها من أجل تلافى تكرار مثل هذه الخطيئة مستقبلاً .
وأخيراً يتبقى سؤال برئ: لماذا بعد هذا كله يصر مجلس الشئون الإسلامية على إعادة طبع كتاب الدكتور عمارة بعد حذف بعض العبارات؟
هل سنموت اذا لم يتم اعادة طبع هذا الكتاب الذى خلق تلك الأزمة؟!

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات