أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حمدي سيد محمد محمود - عصر الخوازميات الناطقة: الثقافة الرقمية وتحولات الإعلام














المزيد.....

عصر الخوازميات الناطقة: الثقافة الرقمية وتحولات الإعلام


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8311 - 2025 / 4 / 13 - 20:51
المحور: الصحافة والاعلام
    


د.حمدي سيد محمد محمود

تمثل الثقافة الرقمية التي نشأت عن تطورات الذكاء الاصطناعي نقطة تحول مفصلية في مسار علوم الإعلام والاتصال، حيث أصبح الحقل الإعلامي يعيش تحوّلات بنيوية لم تشهدها الأجيال السابقة، سواء على مستوى إنتاج المحتوى، أو توزيعه، أو تلقيه، أو حتى تحليله وفهمه. في هذا السياق، تتبلور آفاق مستقبلية جديدة تعيد تشكيل هوية الإعلامي، وتعيد تعريف وظيفة الاتصال، وتدفع باتجاه نظريات جديدة لفهم الديناميات الاتصالية داخل المجتمع الرقمي.

أولاً، تشهد علوم الإعلام تحوّلاً في الوظائف التقليدية للمؤسسات الإعلامية. ففي ظل أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على توليد الأخبار، تحريرها، وتصنيفها وفقاً لسلوك المستخدم واهتماماته، لم تعد الصحافة الورقية أو حتى الرقمية التقليدية قادرة على مجاراة السرعة والكفاءة التي تقدمها خوارزميات التعلم الآلي. وهذا يستدعي ضرورة إعادة النظر في الأطر المعرفية والنظرية التي تحكم ممارسة العمل الإعلامي، وتطوير منظومات تعليمية جديدة تدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مناهج الإعلام.

ثانيًا، يشهد علم الاتصال نقلة نوعية نحو ما يمكن تسميته بـ**"الاتصال المؤتمت والذكي"**، حيث أصبحت عمليات التواصل لا تُبنى فقط على أساس البث البشري المباشر، بل باتت تعتمد بشكل متزايد على الروبوتات التفاعلية، والمساعدات الذكية، وتقنيات التحليل العاطفي والسلوكي، مما يفتح المجال أمام دراسات جديدة حول الذكاء العاطفي الاصطناعي وتأثيره على التفاعل الاجتماعي، وإعادة تعريف مفاهيم مثل الجمهور، الرسالة، والتأثير.

ثالثًا، يفرض الذكاء الاصطناعي على ثقافة الإعلام والاتصال تحديًا أخلاقيًا ومعرفيًا يتمثل في ضرورة وضع أطر معيارية جديدة للتعامل مع إنتاج المعلومات، خصوصاً في ظل ظاهرة "التزييف العميق" Deepfake، وخوارزميات التضليل، ونماذج اللغة القادرة على إنتاج محتوى غير قابل للتمييز عن النصوص البشرية. هذه الظواهر تفرض ضرورة بلورة مواثيق إعلامية حديثة تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الذكاء الاصطناعي وتحدياته القيمية.

رابعًا، تتجه علوم الإعلام والاتصال إلى تشبيك معرفي متعدد التخصصات، حيث لم تعد دراسة الإعلام ممكنة دون استيعاب أدوات التحليل البياناتي، والتفكير الخوارزمي، وفهم تصميم الأنظمة الذكية. إن هذا التداخل المعرفي يفتح أمام الباحثين آفاقًا رحبة للتفاعل مع علوم الحاسوب، وعلم النفس المعرفي، وعلم الاجتماع الرقمي، مما يعيد صياغة التخصصات الأكاديمية في الجامعات ويطرح الحاجة إلى أقسام جديدة في كليات الإعلام تحت مسميات مثل "إعلام البيانات" أو "اتصال الذكاء الاصطناعي".

خامسًا، يرتبط مستقبل الإعلام والاتصال أيضًا بإعادة تشكيل السلطة الإعلامية نفسها، فمع صعود المنصات الرقمية العملاقة (مثل ميتا، غوغل، تينسنت، علي بابا...) وتحوّلها إلى جهات تتحكم بخوارزميات الوصول إلى الجمهور، لم تعد الدولة ولا المؤسسات الإعلامية التقليدية تملك مفاتيح التحكم بالمجال الاتصالي، وهو ما يدعو إلى بناء نظريات جديدة في السيادة الرقمية، والتحكم المعلوماتي، والاستقلالية الاتصالية، ضمن بنية دولية تتسم بعدم التماثل واللاتوازن.

سادسًا، تبرز إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحليل المحتوى الإعلامي، والتنبؤ باتجاهات الرأي العام، وفهم أنماط السلوك الاتصالي على منصات التواصل الاجتماعي، مما يمكّن من تطوير أدوات جديدة لقياس التأثير الإعلامي، وصياغة رسائل أكثر دقة وتأثيرًا، وهو ما يعيد الاعتبار إلى نماذج الاتصال الموجه والمُشخصن، القائم على البيانات الضخمة ومعالجة اللغة الطبيعية.

وفي الختام، فإن الآفاق المستقبلية لعلوم الإعلام والاتصال في ظل الثقافة الرقمية لعصر الذكاء الاصطناعي ليست فقط واعدة، بل تتطلب تجديدًا جذريًا في الفكر والممارسة والمناهج، والانخراط في جدل فلسفي وأخلاقي عميق حول معنى الاتصال في عصر ما بعد الإنسان. إنها دعوة لإعادة صياغة الحقول المعرفية، وبناء جيل جديد من الإعلاميين والعلماء القادرين على فهم الذكاء الاصطناعي لا كمجرد أداة، بل كفاعل جديد في المنظومة الاتصالية العالمية.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل القواعد العسكرية الأجنبية في الوطن العربي في ظل التحو ...
- الحرية بين العقل والإيمان: قراءة مقارنة في الفلسفة الإسلامية ...
- المقاومة التنظيمية وإعادة تشكيل الثقافة المؤسسية: تحديات وسب ...
- على حافة العدم: النقد الفلسفي للإلحاد الوجودي ومعضلة المعنى
- الأمن الأوروبي في مفترق طرق: تحديات التحول الاستراتيجي في ظل ...
- الأمن المائي في العالم العربي: بين التحديات الجيوسياسية والف ...
- الوعي تحت المقص: مقارنة نقدية لتحولات الإعلام والدراما المصر ...
- نظرية الحق بين الفلسفة والقانون: نحو أفق رقمي جديد لحقوق الإ ...
- مشروع محمد عابد الجابري: قراءة نقدية في تفكيك التراث وبناء ا ...
- حروب بلا رصاص: الإعلام في زمن الخوارزميات والواقع المزيف
- تفكيك المقدس: العقل الفلسفي في مواجهة الإيمان المسيحي في الف ...
- ما بعد الهيمنة : قراءة في خرائط النظام العالمي الجديد
- صراع العمالقة : الولايات المتحدة والصين ... إعادة رسم خرائط ...
- نظرية المعرفة عند ابن رشد: العقل، التجربة، والتأويل الفلسفي
- من الحق الإلهي إلى العقد الاجتماعي: التحولات الفلسفية للسلطة
- الوعي المقيد والوعي الحر: قراءة في أنماط التصديق الدوغمائي و ...
- فاطمة الفهرية: سيدة العلم التي شيدت أول جامعة في التاريخ
- جدلية السلطة والفكر: قراءة موسوعية في تطور الأفكار السياسية ...
- المنطق الرياضي: حجر الأساس للعقلانية والاستدلال في عصر الذكا ...
- مارتن لوثر وثورة الفكر: التداعيات الفلسفية للإصلاح الديني عل ...


المزيد.....




- المغرب.. نشطاء يحتجون على رسو سفينة متجهة لإسرائيل (فيديو)
- التقارب بين سوريا ودول الخليج: انتعاش مؤقت أم تحوّل محسوب؟
- أستراليا تخشى أن تحصل روسيا على قاعدة جوية في إندونيسيا
- -إطلاق يد روسيا-: ثلاثة سيناريوهات لمواجهة تعنّت زيلينسكي
- الخارجية الأمريكية تدعو الأطراف لضبط النفس وتجنب التصعيد في ...
- متحدثة أمريكية: لتفهم أوروبا أننا لن نشارك سنوات في اجتماعات ...
- الاحتلال يقتحم قرى في بيت لحم والخليل ويعتقل العشرات
- مغاربة يحتجون بميناء الدار البيضاء على رسو سفينة متجهة لإسرا ...
- -القرم مقابل وقف الحرب-.. مصدر يكشف لـCNN مقترح قدمته أمريكا ...
- -أهلا بكم في بيت العبيد-.. تسلا تتوصل لتسوية مع موظفة سوداء ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حمدي سيد محمد محمود - عصر الخوازميات الناطقة: الثقافة الرقمية وتحولات الإعلام