أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رقية الخاقاني - بين التوجيه والمراقبة.. كيف تقود الأم العراقية بناتها نحو الوعي؟














المزيد.....

بين التوجيه والمراقبة.. كيف تقود الأم العراقية بناتها نحو الوعي؟


رقية الخاقاني
صحفية وكاتبه وناشطة في حقوق المرأة

(Ruqaya Alkhaqani)


الحوار المتمدن-العدد: 8311 - 2025 / 4 / 13 - 15:10
المحور: الصحافة والاعلام
    


في أحد أحياء النجف القديمة، حيث تتشابك الأزقة الضيقة مع أصوات الباعة المتجولين، كانت (أم علي) تجلس مع ابنتها (زهراء) في زاوية من غرفتهم الصغيرة، تمسك بيدها كتابًا وتهمس لها بكلمات تملأها حكمة وحنوًا. لم تكن مجرد أم عادية، بل كانت حارسة لابنتها، تراقب خطواتها وتوجهها بخبرة سنوات من الحياة.
لم تكن (أم علي) تعتمد على الأوامر الجافة في توعية ابنتها، بل كانت تعلمها من خلال أفعالها. حين كانت ترفض النميمة، كانت تقول لزهراء : (أبنتي، لسانكِ كنزكِ، فاحفظيه من الكلام الفارغ.) وحين كانت تساعد جارتهم العجوز، كانت تشرح لابنتها أن (المرأة القوية هي التي تمد يد العون دون انتظار مقابل.)
ذات يوم، سمعت زهراء بعض زميلاتها في المدرسة يتحدثن عن عادات لم تعتاد عليها، فعادت إلى بيتها حائرة. بدل أن توبخها أمها أو تمنعها من الخروج، جلست معها وسألتها: (ما الذي يقلقكِ يا زهراء ؟) فتحت الفتاة قلبها، وبدأت الأم تحكي لها عن تجارب نساء عراقيات كنّ يواجهن تحديات مشابهة، وكيف أن الوعي والثقة بالنفس هما ما أنقذهن من الضياع.
لم تكن (أم علي) تفرض رقابة صارمة على ابنتها كالسجانة، بل كانت تراقبها من بعيد، كالطائر الذي يحوم حول فراخه ليحميها دون أن يشعرها بالخوف. حين لاحظت أن زهراء بدأت تقضي وقتًا طويلًا على الهاتف، لم تصادر الجهاز، بل دخلت معها في حوار: (أبنتي، هذه التقنية سلاح ذو حدين، فأحسني استخدامه). وعلمتها كيف تفرق بين الصالح والطالح في عالم الإنترنت.
وفي مرة أخرى، عندما طلبت زهرة الذهاب إلى حفل زفاف إحدى قريباتها، وافق والدها بشرط أن ترافقها أمها. هناك، لاحظت (أم علي) نظرات بعض الشباب إلى الفتيات، فلم تمنع ابنتها من البقاء، بل همست في أذنها: (احفظي جمالكِ لنفسكِ، ولا تجعليه سلعة للناظرين.) كانت كلماتها كالسور الذي يحمي زهراء دون أن يشعرها بأنها سجينة.
كبرت زهراء، وأصبحت شابة واعية، تعرف كيف تحمي نفسها دون أن تفقد ثقتها بالعالم من حولها. لم تكن أمها قد ملأت رأسها بالممنوعات، بل تهديها كيف تفكر وتختار. في يوم من الأيام، سألتها إحدى الصديقات: (كيف تكونين بهذه الثقة ولا تخافين من الخطأ؟ ) فأجابت زهراء: (لأن أمي علمتني أن الخوف ليس الحل، بل الوعي هو الذي يصنع الفرق ).
اليوم، (أم علي) ليست مجرد قصة عابرة، بل نموذج للأم العراقية التي تجمع بين الحكمة والحنان في تربية بناتها. فهي لا تكتفي بمراقبتهن، بل تزرع فيهن الوعي الذي يجعل المراقبة الذاتية أقوى من أي رقابة خارجية.
وختامًا، ليست التربية مجرد توجيهات وأوامر، بل هي بناء جسر من الثقة بين الأم وابنتها. والأم العراقية، بكل ما تحمله من تراث وتحديات، تظل حارسة لقيم لا تندثر، تربي بناتها على أن يكنَّ أقوياء، واعيات، وقادرات على مواجهة العالم بثبات.



#رقية_الخاقاني (هاشتاغ)       Ruqaya_Alkhaqani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العراقية.. حصن المجتمع ضد التطرف وجسر التعايش السلمي
- بين التنوير والتطرف.. دور الشباب في صناعة السلم المجتمعي
- الأزياء والمهن التقليدية.. إرث عراقي في مواجهة الحداثة
- فرحة العيد في عيون الأطفال
- التعليم الأكاديمي وسوق العمل .. فجوة تحتاج إلى جسر تدريبي.
- تأثير الموبايل وتطبيقاته على الأطفال وعزوفهم عن الدراسة
- احتفاء بالتراث وتجديد للأمل .. عيد نوروز في العراق
- الذكاء الصناعي ودوره في تعزيز التعليم والتدريب للنساء في الم ...
- الأم العراقية صبر يُجاهد المحن وصمود يصنع الأمل
- المرأة النجفية بين التراث والحداثة
- دور المرأة القيادي في المجتمعات المعاصرة
- تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على تربية الأبناء
- العنف الأسري ضد الأطفال: جريمة صامتة تهدد مستقبل المجتمع
- حواء العراق في عيدها السنوي
- كوبرا المخدرات .. تزحف رويدا- والعوائل تدق ناقوس الخطر
- التربية الإعلامية ضرورة ملحة لتقويم الطالب العراقي
- هل يرى العراقيين النور في نهاية النفق ..؟؟


المزيد.....




- الإمارات تعلن استئناف الرحلات الجوية مع سوريا
- “حماس” تصدر بيانا بشأن المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار
- مصدر إسرائيلي: فجوات كبيرة مع حماس الغذاء والوقود سينفدان قر ...
- لافروف: ترامب يتبع المنطق السليم في السياسة الخارجية
- لافروف: المخططات الأوروبية للسلام تهدف إلى الحفاظ على نظام ز ...
- لافروف: ظهر أخيرا أشخاص عقلاء في الإدارة الأمريكية ولا نسعى ...
- لماذا يستخدم نظام كييف المدنيين دروعا؟
- إسرائيل تسلم مصر مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار في غزة
- وزير الداخلية الفرنسي: ليس لدي أي هوس بالسلطات الجزائرية ولا ...
- الجزائر.. ضبط 66 كيلوغراما من -الكوكايين- قرب الحدود المغربي ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - رقية الخاقاني - بين التوجيه والمراقبة.. كيف تقود الأم العراقية بناتها نحو الوعي؟