أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد السكاكي - المغرب: مهزلة التضامن مع الشعب الفلسطيني.















المزيد.....


المغرب: مهزلة التضامن مع الشعب الفلسطيني.


محمد السكاكي

الحوار المتمدن-العدد: 8311 - 2025 / 4 / 13 - 04:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


المغرب: مهزلة التضامن مع الشعب الفلسطيني
مقدمات أولية:
● إن فعل التضامن مع الشعب الفلسطيني، هو فعل نضالي متعدد الأبعاد والجبهات.
● إن استعمال دماء ودموع الشعب الفلسطيني، في ترميم المصداقية التي انكسرت على صخرة حقيقة الموقف من الكيان الصهيوني(¹) أو استثمارها لمعالجة الأعطاب السياسية، او فك الاختناق بحثا عن موقع داخل الساحة السياسية، أو غيرها من أشكال الاستثمار والاستعراض الضيقة...الخ، لن تتجاوز تكامل في الأدوار بين ذابخ وسالخ.
● إن التدافع والتسابق نحو الواجهة، والاهتمام المرضي المبالغ فيه للصور والفيديوهات، تكشف عن نوعية التضامن، التي لا تتجاوز الرغبة في إخفاء بشاعة اوجه وتلميع صورها، بعد أن شحبت بطول الصمت وكثرة التواطؤات، وتسجيل أهداف كبيرة بكلفة قليلة.
● إن تأسيس إطارات تتضمن كلمة "فلسطين" أو "دعم فلسطين"...الخ، لن ترقى إلى مستوى الفعل التضامني، ما لم تتجاوز الأساليب الحلقية الضيقة، مهما كان عدد مسيراتها ومهما كانت اعداد المواطنين التي تستجيب تلقائيا.
● إن القضية الفلسطينية، أكبر من أن تكون موضوعا للمزايدات والتراشق والتنافس بحثا حصة أو نصيب في "سوق الاستثمار".
● إن فعل التضامن مع الشعب الفلسطيني، يجب ان يفتح واجهة للصراع مع النظام الرجعي، بالضغط عليه، لوقف جميع العلاقات مع إسرائيل، وتوقيف جميع أنشطتها الاقتصادية، العسكرية والثقافية...المدخل الوحيد للضغط والتأثير.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
إن التضامن مع الشعب الفلسطيني ليس مناسبة للبكاء على الضحايا، ولا للعن الكيان الصهيوني والدعاء عليه بالجحيم...الخ. إنه فعل نضالي ملموس يستمد قيمته من الأثر الذي يمكن أن يحدثه، لوقف عملية الإبادة الجماعية، وبوسائل الضغط اللازمة.
بالنظر لما يزيد على سنة ونصف السنة من المسيرات المتكررة، والتي اصبحت تقليدا شبه أسبوعي، لم يحدث أي اثر لصالح الشعب الفلسطيني، بل ما بات يتأكد باستمرار، هو تصاعد حدة الهمجية الصهيونية ومجازرها، حتى استغنت عن كل الأقنعة او المبررات التي طالما تقنعت بها للتضليل والتبرير.
إذن ما الذي جعل الكيان الصهيوني يصعد من حملة الابادة الجماعية والتطهير العرقي؟ ولماذا لم تؤثر عليه أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني هذه، وتجبره على وقف مجازره؟ هل يعود الأمر إلى قوى خارقة يمتلكها هذا الكيان، تجعله يتحدى كل أشكال الضغط والتأثير، أم لكون أشكال التضامن هذه، غير فعالة وغير مؤثرة؟
إن القضية الفلسطينية، كانت حاضرة في المغرب في قلب جميع الحركات الاحتجاجية الشعبية، والنضالات الشبيبية باستمرار، فقد جعلت منها النقابة الطلابية (الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) في مؤتمرها الثالث عشر، غشت 1969 قضية وطنية، في موجة سياسية وايديولوجية تعكس امتداد الوعي القومي الذي أطر الصراع مع الكيان الصهيوني في هذه المرحلة. إذ كانت الحركات الشبيبية باستمرار بمثابة قناة تعبر من خلالها أصداء الثورة الفلسطينية، إلى الاوساط الشعبية بالمغرب. فكما كانت الثورة الفلسطينية عاملا أساسيا في رفع مستوى الاطلاع على الصراع العربي الصهيوني، كانت كذلك عاملا أساسيا في رفع مستوى الوعي السياسي في الأوساط الشعبية، واستيعات التشابكات المصلحية، بين الأنظمة الرجعية وبين الكيان الصهيوني، المدعوم من طرف الرأسمال الإمبريالي. إنها بذلك استطاعت ان تتجاوز الفهم السطحي الذي يختزل القضية الفلسطينية في بعدها الديني، والذي يؤدي بها -من حيث لا يدري- إلى السقوط في قلب الايديولوجيا الصهيونية، والسقوط كذلك في نظرة ضيقة، كانت أساس كل الانتكاسات. تجاوزت ذلك إلى نظرة شمولية، حيث استطاعت الفرز بين التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي، وقوى التحرر العربية، وتأكدت لديها هذه الحقيقة من خلال التشابكات المصلحية التي يكشف عنها تبادل الخدمات بين نظام الحكم في المغرب وإسرائيل، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
فمن حجم القمع الذي تتعرض له أشكال التضامن الشعبية المستقلة مع الثورة الفلسطينية، حيث مقتل كل من محمد كرينة، عادل الأجراوي وزبيدة خليفة(²) الذي يطبع رد فعل نظام الحكم في المغرب تجاه الجماهير الشعبية أثناء التعبير عن وقوفها إلى جانب الثورة الفلسطينية، يقابله دعم اختراق الكيان الصهيوني على مختلف المستويات، فمن عمليات تهجير المغاربة اليهود بالآلاف لتعزيز الجانب الديموغرافي لصالح إسرائيل إلى نشاط أجهزة الاستخبارات الاسرائيلة (الموساد) في المغرب، التي بلغت حد السماح لها بالتجسس على لقاء القمة العربية الثالثة، بتاريخ 12 شتنبر 1965، المنعقدة بالدار البيضاء، واحتضان اللقاءات بين مسؤولين صهاينة ومصريين، مباشرة بعد ما عرف بحرب أكتوبر 1973، التي ستتوج باتفاقات "كمب ديفد" بين مصر وإسرائيل، حيث كسبت إسرائيل معركة أخرى، بإخراجها لأكبر قوة عسكرية واقتصادية، من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي لتضيفها إلى صف حلفائها، وفتح مصر امام كل أشكال الاختراق الصهيوني، مقابل الاعتراف بالكيان الصهيوني، والكف عن معاداته او المواجهة معه، وحماية حدوده من تسلل فرق المقاومة الفلسطينية...الخ، باختصار إنه انتصار صهيوني على إحدى أكبر جبهات صراعه، ليفترغ للجبهات الأخرى.
إذا كان هذا الانجاز الصهيوني (كمب ديفد) ليس نتاجا لكفاءات او قدرات صهيونية خالصة، قدر ما هو نتاج تظافر جهود رجعية عربية صهيونية امبريالية، فإن غيرها من المخططات الصهيونية كذلك، هي نتاج لهذا التحالف الثلاثي.
فإذا عدنا لواقع الابادة الجماعية والتطهير العرقي والتجويع والتهجير القسري، كسمة أساسية للحياة اليومية لجزء من الشعب الفلسطيني (غزة) وكجزء من التمارين العسكرية الصهيونية اليومية، لإخلاء المنطقة كلها لإعادة بناءها وفقا لتصور استثماري استعماري أمريكو صهيوني رجعي عربي، من الناحية الديموغرافية، الاقتصادية والعسكرية.
وإذا كانت هذه الإبادة استندت في البداية على ذريعة، محاربة المقاومة الفلسطينية المسلحة، واستعادة الرهائن، الذين احتجزتهم حركة المقاومة الفلسطينية في إحدى عملياتها العسكرية يوم 7 أكتوبر 2023، فإنها صعدت من همجيتها أكثر بعد استسلام المقاومة الفلسطينية، بمقتضى اتفاق 15 يناير 2025، كما تخلت حتى عن عدد كبير من رهائنها الذين طالما بررت من خلالهم مجازرها اليومية. ونفس الشيء يتأكد على الساحة اللبنانية بتجدد الحرب الصهيونية رغم استسلام المقاومة المسلحة، بمقتضى اتفاق 27 نونبر 2024، دون أن نغفل مدى الدمار الذي خلفته في سوريا، لانشغال الحركات الإرهابية هناك، باقتسام الغنيمة المحصلة جراء استيلاءها على السلطة (غايتها الوحيدة) بعد الإطاحة بنظام حكم حزب البعث، بقيادة بشار الأسد، بتاريخ 8 دجنبر 2024.
إن الكيان الصهيوني ضاعف من حرب إبادة منكوبي جرائمه، العُزَّل في فلسطين، ومنعهم من إمدادات الماء والطعام والأدوية والكهرباء، بعد أن سوَّت كل المباني بكل انواعها مع الأرض (مساكن، مستشفيات، مصالح مدنية أخرى...) وصعَّد من إرهابه للمواطنين الفلسطينيبن في الضفة الغربية بالتواطؤ مع موظفي إدارة الاحتلال (أو ما يعرف بالسلطة الفلسطينية) دون أي رد فعل حتى من الأطراف التي احتضنت اتفاق الاستسلام (مصر وقطر).
بما يؤكد أن أهداف الهمجية الصهيونية، تتجاوز وقف إطلاق النار، أو استسلام المقاومة، إلى مخطط صهيوني توسعي، أتيحت له انسب الشروط، ليعرف طريقه إلى التحقق، مستفيدا من الخدمات التي تقدمها له الانظمة الرجعية، بصمتها تجاه مايجري، ومستفيدا كذلك من إسهامها في التخفيف من حدة الركود الذي أصاب اقتصاده جراء هذه الحرب كذلك، حيث توقفت العديد من الأنشطة الاقتصادية، لتتسابق الانظمة العرببة الرجعية إلى فك الحصار ومضاعفة إمداداتها للسوق الصهيونية من جميع احياجاتها، وفتح أراضيها وموانئها أمام الاستعمال الصهيوني، مقابل منع واعتراض أي استهداف له.
إن الدعم العربي الرجعي لكيان الاحتلال هو ما يشجعه على مواصلة حرب الإبادة، لأن الحرب ليست عمليات عسكرية معزولة، إنها تُحدِث اختلالات اقتصادية عند إسرائيل يجب تعميقها، وليس مساعدتها على تجاوزها، حيث تقدم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات المعروفة اختصارا ب (.B.D.S) إحدى صيغ المقاومة إضافة إلى أشكال المقاومة الأخرى، حيث شكلت المقاومة المسلحة اليمنية أحد النماذج التي أحدثت أزمة اقتصادية كبيرة لدى الكيان الصهيوني، عبر منع الملاحة على سفنه في البحر الأحمر، وشل ميناء إيلات الصهيوني، والاختلالات التي يعرفها مطار بن غوريون.
إذا كانت الحرب تحتاج لجبهات متعددة، فإن دعم الثورة الفلسطينية يقتضي ايضا تعدد الجبهات وتنوع أشكال الدعم والتضامن.
إذا كانت الجبهتين العسكرية والاقتصادية، يبدو أثرهما المباشر في الضغط على كيان الاحتلال، فإن الجبهة الإعلامية لا تقل عنهما أهمية، إن الإعلام (خاصة) في زمن الحرب، ليس منبرا لنقل الوقائع والحقائق بشكل محايد، لنقل الحدث من المجهول إلى المعلوم، أو لإطلاع المتلقي على حقيقة ما يقع، إنه ساحة حرب أخرى، يواصل فيها كل طرف حربه، لإنجاز ما تعذر أو استحال انجازه على الجبهتين السابقتين. بهذا فإن إعلام الأطراف المتحاربة، يكون جزءا من معاركها وحربها، ومنها يستمد مشروعيته وكل مبرراته.
إذا كانت الجبهة الإعلامية واجهة أخرى لمنازلة الكيان الصهيوني، فيلزم لذلك خطاب إعلامي واضح، يسهم في رسم الصورة الحقيقية لما يجري في الميدان، والكشف عن حقيقة تصاعد الهمجية الصهيونية، في سياقها الشامل، سياق تمدد الرأسمال الإمبريالي، الذي دخل منعطفا يهدد العالم كله. إنها مرحلة، تستند فيها العلاقات الدولية على علاقات القوة العسكرية وحدها، بحيث يتم رسم معالم تضاريس خريطة جديدة للعالم بناء على تسويات بين القوى الاقتصادية والعسكرية الكبرى، بتقسيم العالم من جديد إلى مقاطعات تابعة، دون ان يعني التقسيم تسوية طوعية او سلمية، وهنا تكمن إمكانية الزج بالعالم كله في محرقة نتيجة حرب بين أقطاب الرأسمال الإمبريالي.
إن المعركة الإعلامية تقتضي الكشف عن الانحياز الإعلامي الواضح للمنابر الرجعية، التي تقدم الوقائع في صورة تضليلية، تخدم الكيان الصهيوني وحده، واعتماد خطاب إعلامي يكشف الحقيقة، ويكشف الأبعاد والخلفيات التاريخية للاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، والتصدي لترويج الخطابات التي تضع الطرفين في نفس الكفة، حيث تتحدث عن "أعمال العنف بين "الاسرائيليين" والفلسطينين"، في حين أن الأمر يتعلق بحرب صهيونية استعمارية، ومقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال دفاعا عن أرضه المحتلة، كما يتم الترويج لبعض الأطروحات المغرضة، حين يتحدث عن مواجهة إسرائيل لمقاومة جهة فلسطينية محددة، في حين يتعلق الأمر بإبادة جماعية، خصوصا بعد استسلام المقاومة المسلحة، ودون ان يقدم أي مبرر للقتل والاعتقال اليومي في الضفة الغربية، التابعة لإدارة الاحتلال...الخ.
ومقابل هذه الابادة الجماعية، خرجت شعوب العالم كلها، للتظاهر والتنديد، وإعلان دعم الشعب الفلسطيني، في حركات تضامنية كبيرة، لتخف حدتها بعد ذلك، حيث فقدت مشاهد المجازر ومظاهر الدمار اليومية قوة تأثيرها لتتحول إلى مجرد شريط من الاحداث شبيهة بالأحداث السينمائية، بفعل طريقة الأداء الإعلامي، والخلفيات التي توجهه. إن الخطاب الإعلامي المواكب لتصاعد همجية الاحتلال، يجب أن يرقى إلى مستوى كشف الحقيقة والوضع الذي يزداد تفاقما، وليس الإسهام في التطبيع مع الإبادة.
هذا من جهة الأداء الإعلامي، أما على مستوى التعاطف والتضامن الشعبي، فرغم تراجع مساحة الحركات الاحتجاجية المتضامنة في العالم، فإن حركة التضامن، في المغرب لا تزال تحتفظ بنفس الوتيرة سواء من حيث عدد المسيرات والوقفات الاحتجاجية أو الأعداد التي تستجيب لفعل التضامن، فلا يكاد يمر أسبوع دون ان نسجل انخراط فئات واسعة من الشعب في هذا الفعل التضامني، انطلاقا من حس إنساني مناهض للظلم وحلم بالعدل والعدالة، لكن دون ان تحدث أثرا في الضغط على الكيان الصهيوني، ويعود ذلك إلى عوامل متعددة نقتصر على الإشارة إلى أهمها:
● العامل الأول: إن حركة التضامن، لن ترقى بعد، إلى مستوى استيعاب القضية الفلسطينية في مختلف أبعادها، كنتاج لتصاعد همجية الرأسمال الإمبريالي الصهيوني الرجعي، وانتهاك سيادة البلدان، وتدمير قدراتها العسكرية والاقتصادية، واستباحة ثرواتها، وعسكرة الممرات الدولية، ودفع العالم نحو حرب كونية شاملة. إذن فكل شكل من أشكال التضامن يجب ان يستحضر هذه الشروط، كما ينبغي أن يستحضر التشابك المصلحي، الثلاثي الإمبريالي الصهيوني الرجعي. كما ينبغي أن يستحضر أن مواجهة إسرائيل بالشعارات والمسيرات وحدها غير كافية، مما يفرض التفكير والبحث في أشكال أخرى أكثر تأثيرا، لأن إسرائيل قوة عسكرية، اقتصادية، إعلامية وديبلوماسية...الخ، ولهذا يجب تحديد الجبهات التي يجب ويمكن مواجهة إسرائيل عليها.
بالعودة إلى الرصيد التاريخي لحركات التحرر الوطني العالمية وما راكمته من تجارب متنوعة في المقاومة، وما راكمه الشعب الفلسطيني من أشكال متجددة ومؤثرة، يمكن ان نستلهم، دروس حركة "المقاطعة وسحب الرساميل والعقاب" (.B.D.S) لمواجهة الكيان الصهيوني، من خلال المقاطعة الاقتصادية للبضائع الاسرائيلية، ووقف تموين الأسواق الإسرائيلية، سواء عبر منع التصدير المباشر، أو البضائع المغربية التي تتوجه إلى السوق الإسرائيلية عبر مختلف المحطات التسويقية الوسيطة عبر العالم، ومقاطعة العلامات التجارية الداعمة لإسرائيل، والمطالبة بإغلاق البعثة الديبلوماسية الإسرائيلية، ومنع دخول الوفود والشخصيات الصهيونية إلى الأراضي المغربية، سواء في إطار السياحة أو مختلف أنواع الأنشطة، وقطع جميع العلاقات التي عرفت منعطفا خطيرا بحيث بدأت تظهر أشكال من العلاقات في إطار بعثات او فرق علمية مشتركة...الخ، بل وصلت حد تشكيل ما يعرف بوفد الصداقة المشتركة بين البرلمانين المغربي والصهيوني. إضافة إلى ذلك يجب الضغط لوقف العلاقات العسكرية، والمطالبة بوقف اسيتراد وتصنيع الأجهزة العسكرية الصهيونية، والانسحاب من المناورات العسكرية إلى جانب إسرائيل...الخ ومنع استعمال الأراضي والموانئ المغربية لفائدة إسرائيل سواء على المستوى العسكري او المدني.
● العامل الثاني:
انطلقت -كما جرت العادة دائما- حركات احتجاجية، بشكل تلقائي استنكارا لمجازر الاحتلال، وكما كانت دائما التجمعات الكبرى فضاءات للحماس والاندفاع، كانت التجمعات والحشود التي ترتاد المساجد، أيام الجمعة نقطة للانطلاق، لتكون فرصة لمختلف الحركات الأصولية لاستغلالها للاستقطاب والاستعراض، او للتغطية على أوضاعها الخاصة. وأغرقت الحركة في دائرة شعارات جوفاء، لتزجية الوقت وتسجيل أهداف بأسهل الطرق، لأنها لا تستطيع أن تثير مطالب قد تزج بها في مواجهة مع نظام المخزن، بحكم تأثيرها المباشر على كيان الاحتلال، إنها لا يمكن ان لا تستطيع ولا ترغب في رفع سقف المواجهة مع المخزن، لأن ليس ذلك ما يهمها، بل كل ما يهمها استعراض حشود من الناس -استجابت تلقائيا لحسها إنساني- بحثا عن التمدد التنظيمي، و"الحصة المناسبة" في بورصة الاستثمار في القضية.
هذا في ما يخص جماعة العدل والإحسان الإسلامية، أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي ترأس الحكومة المغربية خلال ولايتين متتاليتين (2011/2021) فقد قدم أكبر الخدمات للكيان الصهيوني، ونذكر على سبيل المثال فقط: ◇ تبادل البعثات العلمية، ◇ زيادة حجم المبادلات التجارية، ◇ تكثيف الانشطة الصهيونية التي تستغل الطوائف اليهودية بالمغرب، ◇ زيارة شمعون بيريز الثانية 2015، ◇ تصويت المغرب لصالح رئاسة إسرائيل للجنة القانونية السادسة للأمم المتحدة يوم 13 يونيو 2016، ◇ استعراض الوفد الصهيوني بالأعلام اثناء أكبر تظاهرة دولية عرفها المغرب، أمام العالم في مراكش نونبر 2016 (كوب 22) احتفالا بالذكرى 69 لإنشاء الكيان الصهيوني واغتصاب فلسطين. ◇ تتويج هذه الاختراقات وغيرها كثير...الخ باتفاقات التطبيع الشامل يوم 10 دجنبر 2020، وما يكتسيه هذا اليوم من دلالة رمزية (اليوم العالمي لحقوق الإنسان).
ان استمرار حزب العدالة والتنمية وكل إطاراته الموازية ( حركة الإصلاح والتوحيد، الاتحاد الوطني للشغل...) على نفس النهج، ودون جرأة أو قدرة على تقديم نقد ذاتي، فإن كل خطوة من خطواته لا تعدو كونها محاولة لإخفاء أثر الجريمة، التي لا تقل جرما عن ماسبقها. إن دماء غزة ودموعها ليست لتنظيف الجرائم السياسية، او لصاقا لترميم المصداقية، التي انكسرت على صخرة حقيقة الموقف من الكيان الصهيوني.
أما بالنسبة لباقي المكونات اليسارية، فإن فعلها التضامني لا يعدو مستوى الشعار وتسجيل الأهداف بأسهل الطرق، فيعمد إلى تجميع كمي في مسيرات ينتهي اثرها بمجرد ان تنفض الجموع. إنه لا يتجاوز حدود استعراض بسيط لا يخلف أثرا ولا يسهم في عمل تراكمي، إن تأثيره لا يتجاوز حدود خلق ارتياح نفسي لدى المتظاهرين، بصبِّ غصبهم في الشعارات ضد الكيان الصهيوني.
● العامل الثالث: تشكل الواجهة والصور التي يتم التقاطها ل"أوجه" محددة ومألوفة، القاسم المشترك، بين المكونات التي تدعي التضامن مع الشعب الفلسطيني. فبمجرد الانتهاء من مسيرة او وقفة تضامنية، حتى يبدأ في التدفق سيل من الصور والفيديوهات، تغطي على الحدث (التضامن) وتلقي به إلى الخلف، كما لوكان مجرد محطة للعبور نحو الهدف الأساسي، وهو التقاط صور في مناسبة تضيف "حسنات" إلى السجل النضالي (ألبوم صور المناسبات!) إن حركة التضامن هذه، بدل استثمار اشعاعها في التعبئة ومراكمة أشكال الدعم والتضامن والضغط على الكيان الصهيوني، يتم تبديدها في أشكال من التواصل المبتذل في مواقع التواصل الاليكتروني في "استعراض للعضلات النضالية"، دون حياء او خجل، ودون استحضار ان الأمر يتعلق بمجاري من الدماء والدموع يُسيلها الكيان الصهيوني، دون توقف.
●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●●
هوامش:
(1) إن حزب العدالة والتنمية الإسلامي، تولى رئاسة الحكومة في المغرب لولايتين متتاليتين، مدة عشر سنوات، من 2011 إلى غاية 2021، حيث الاختراق والتمدد الصهيوني بلغ أوجه، ونيله لدعم من المغرب حتى في المحافل الدولية (تصويت المغرب لصالح رئاسة إسرائيل للجنة القانونية السادسة 13 يونيو 2016)...الخ. إنه باختصار ينطبق عليه المثال العربي "يقتل القتيل ويمشي في جنازته". يوفر كل اشكال الدعم الملموسة، للكيان الصهيوني، من موقع مسؤوليته الحكومية، ويدير وجهه لفلسطين للبكاء، والدعاء على إسرائيل بالجحيم!
(2) استشهد محمد كرينة - تلميذ في سن العشرين من عمره- يوم 24 أبريل 1979، من شدة التعذيب الذي تعرض له، بعد اعتقاله في ارتباط بإحدى أنشطته التضامنية مع الشعب الفلسطيني، بمناسبة يوم الأرض، ورفض إحالته على المستشفى من طرف المحكمة ومن طرف إدارة السجن إلا بعد فوات الأوان. كما لاقت خليفة زبيدة (طالبة) المصير نفسه، يوم 20 يناير 1988، بطلق ناري في رأسها خلال تظاهرة طلابية في جامعة فاس، تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية، وما تتعرض لها من مجازر يومية على يد الجيش الصهيوني. حيث التحق بها عادل الأجراوي (طالب) الذي جراء ما تعرض له من اعتداء همجي على ايدي قوات القمع في نفس المناسبة، وفي نفس اليوم.



#محمد_السكاكي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم الأرض 30 مارس: تاريخ المقاومة والمجازر الصهيونية المتواص ...
- مدخل آخر لمواجهة قانون الإضراب بالمغرب
- التعليم بالمغرب بين -الحق- و-الصدقة-
- اليوم العالمي للنساء ومسيرة العودة إلى الوراء
- الإضراب العام بالمغرب¹: مصداقية القرار وحدود تأثيره.
- الإضراب العام بالمغرب¹: مصداقية القرار وحدود تأثيره
- سوريا: حلم الثورة ودولة الإرهاب
- الحركة الانتقالية في قطاع التعليم بالمغرب
- الحركة الاحتجاجية للمعلمين بالمغرب: -تمخض الجبل فولد فأرا-
- تنسيقيات التعليم: إطارات للنضال،أم إسهام في تصفية تقاليد الن ...
- الحركة النقابية بالمغرب و-نضال التنسيقيات-: مسار التراجع وال ...
- الحركة النقابية بالمغرب: واقع الإخفاق،أسبابه،نتائجه ومقترحات ...
- الجبهة الشعبية والنضال تحت راية الطبقة العاملة


المزيد.....




- إطلاق سراح خاطئ لمدان محكوم عليه بالسجن مدى الحياة بعد أشهر ...
- الإمارات والسعودية تدينان هجمات الفاشر بالسودان: انتهاك للقا ...
- دراسة: 3 ملايين حالة وفاة بين الأطفال مرتبطة بمقاومة المضادا ...
- تضامن لبناني مع أهالي الدونباس
- الجيش الإسرائيلي: هاجمنا مستشفى المعمداني
- الضفة.. أساليب الحماية من المستوطنين
- عمان.. أسبوع ثقافي دعما لقضية فلسطين
- موسكو.. الصحة في منطقة أوراسيا الكبرى
- أبو عبيدة: لا زال إخوان الصدق في اليمن يصرون على شل قلب إسرا ...
- لندن.. قانون لحماية صناعة الحديد والصلب


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد السكاكي - المغرب: مهزلة التضامن مع الشعب الفلسطيني.