أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عقم الثورة في رواية -قصة مدينتين- شتارلز دكنز، ترجمة صوفي عبدالله














المزيد.....

عقم الثورة في رواية -قصة مدينتين- شتارلز دكنز، ترجمة صوفي عبدالله


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 23:26
المحور: الادب والفن
    


قبل الدخول إلى الرواية أنوه إلى جمالية لغة الترجمة، فقد استخدم المترجم لغة راقية، عالية تتماثل مع عصر (النبلاء) وذلك زمن الذي كتبت فيه الرواية، حيث كانت القراءة والكتابة مقتصرة على الخاصة من الناس، وهذه اللغة هي من سهل تناول أحداث الرواية الدامية.
أحينا نلجأ إلى ما قرأنه أيام الشباب، لعلنا نستعيد به شيئا من معنوياتنا التي أنهكها التخاذل الرسمي وحتى الشعبي، من هنا لا بأس من التوقف عند هذه الرواية التي تؤكد (عقم) الثورات، وأن ما تمارسه (الثورة) من بطش وقمع، لا يختلف عن النظام الذي ثارت عليه وانقلبت، كما تبين الرواية عقم العامة وعلى أنهم مجرد قطيع سياق كيفما يشاء المتكلم، فبعد اعتقال "دارني" وتقديمه للمحاكمة طالبوا بشنقه والتمثيل به، لكنهم بعد أن استمعوا إلى الدكتور "مانيت" ومداخلته جعلوا من "دارني" بطلا وطنيا فرنسيا، وأخذوا يهتفون له متخذيه نموذجا في محاربة النظام الملكي، وهذا الموقف نجد في مسرحية "يوليوس قيصر" لشكسبير، فبعد أن هتفت العامة لبروتوس انقلبت عليه وعلى زمرته بعد خاطبهم أنطونيوس، وما نجده اليوم في المنطقة العربي من مواقف متناقضة وبصورة سريعة لعامة الناس، نتأكد أن هناك من يجيد اللعب على الأمزجة، ويجعل الناس ينقلبون على المفاهيم التي يحملونها بمجرد سماعهم كلمة من هذا أو ذاك.
فرنسا قبل الثورة
تتحدث الرواية عن القمع أيام الملكة، وكيف كان النبلاء يعاملون العامة التي اعتبروها بلا حقوق ولا كرامة، فكانوا في نظر النبلاء، أقرب إلى البهائم منهم إلى البشر: "وكيف قضى قرابة عشرين عاما في زنزانة انفرادية بالباستيل من عير أن توجه إليه تهمة أو يقدم لمحاكمة عادلة" ص116، ولم يقتصر الأمر على السجن فحسب بل طال طريقة تعامل النبلاء العامة التي طالبوها بأكل العشب، كما اغتصبوا النساء اللواتي كن في نظرهم حق مشروع لشهواتهم: "لأن العادة الموروثة أن يعتدي النبلاء على الفلاحات عند زواجهن كلما شاءوا، فلا تنجوا منهن إلا القبيحات والمشوهات، فامر الشقيق الأصغر بربط زوج أختي طول الليل في العراء، وفي الصباح ربطوه في العربة مرة أخرى... ثم خرجت روحه هو على صدرها... وعلى الفور حملت أختي من فوق جثة زوجها إلى الشقيق الأصغر، فاغتصبها وهي لا تكف عن الصراخ والعويل" ص148، هذا الصورة تعد مشهد مجموعة مشاهد جعلت الثورة مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعب الفرنسي.
لكن الثورة كانت أكثر قمعا من النبلاء أنفسهم بعد انتصارها، وكأنها تؤكد معادلة: "لكل فعل ردة فعل مساوية له في القوة ومعاكس له في الاتجاه، من هنا وجدنا تصفية لعائلات النبلاء، بصرف النظر إن كانوا صغار أم كبار، نساء أم رجالا، فالثورة أصبح وسيلة انتقام أكثر منها ثورة على الظلم، لأنها مارست وفعلت ما ثارت عليه.
فرنسا بعد الثورة
وبعد الثورة كانت فرنسا تعاني من عين القمع والبطش والظلم الذي لحق بالآخرين، مما جعل الثورة أقرب إلى وسيلة انتقام منها إلى ثورة تغيير للنظام، نظام القمع والظلم: "فقد حوكم كثيرون، ولكن كثيرون أيضا لم يحاكموا ولقوا حتفهم بدون محاكمة" ص96، ولم يقتصر أمر القتل على المحكمة، أو من هم في المحكمة فحسب، بل طال أيضا كل من يتم القبض عليه: "أن هذه الجماعة من "الوطنيين" تشحذ هذه الأسلحة لتقوم بهجمات ليلية متتابعة على المقبوض عليهم ـ رهن المحاكمة ـ فيذبحونهم ذبحا، ويعودون يشحذون أسلحتهم الرهيبة كرة أخرى" ص104و105، وهذا ما يجعلها ثورة بائسة كحال النظام الذي ثارت عليه، ونتوقف هنا قليلا عند هذا الموقف، حيث أننا وجدناه في كل الدول العربية التي شهدت (الخراب العربي)، وما نراه اليوم في سورية يؤكد تكرارا للسيناريو الفرنسي أيام ثورتها واقتحامها للسجن الباستيل.
وعن الإعدامات التي تصدرها المحاكم وطبيعة (القضاة) الذين يصدرونها تحدثنا الرواية بقولها: "في يوم محاكمته قرابة عشرين متهما فرغت المحكمة من النظر في أمرهم في أقل من ساعتين، وقضت عليهم واحدا واحدا بالإعدام... صار الآثمون هم الذين يحاكمون الشرفاء، وحثالة القوم هم الذين يتحكمون في مصائر الصفوة وأهل الكياس والثقافة والتهذيب" ص126، اللافت في هذا المقطع أننا وجدناه في سورية بعد مجزرة الساحل السوري، فبعد أن تم إعدام أكثر من أربعين ألف مواطن، خرجت لنا اللجنة المكلفة بمتابعة التحقيق في المجزرة بتقرير تتهم فيه (فلول النظام السابق) وأن (الحكومة السورية الجديدة) تقوم بحماية كل المواطنين السوريين، ولكن، إذا ما توقفنا عند أعضاء اللجنة ومن شكلها وطبيعتها سنجدهم مجموعة من القتلة الإرهابيين الذين اعتادوا على القتل دون حسيب أو رقيب، وهذا ما يجعل رواية "قصة مدينتين" تتكرر في زماننا هذا وفي بلدنا سورية، بحيث نجد الحثالة والمجرمين هم من يتحكمون في البلاد وفي رقاب العباد.
الرواية من منشورات روايات الهلال، جمهورية مصر العربية، العدد 187، يوليو 1964.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدبية في غار الإخلاص محمد علي ضناوي
- الإقطاع في رواية -ميميد الناحل- ياشار كمال، ترجمة إحسان سركي ...
- الجديد في كتاب -مذكرات الأرقش- ميخائيل نعيمة
- المكان والإنسان في رواية -عين التينة- صافي صافي
- المنطقة العربية في كتاب -الوحدة العربية هل لها من سبيل- منيف ...
- جمالية الشكل والمضمون في كتاب -من حديث أبي الندى- إبراهيم ال ...
- سورية الجديدة (5) وما أرسلناك إلا قاتلا للسوريين
- نقد الذات في رواية شامة سوداء أسفل العنق
- الماضي في رواية جبل التاج لمصطفى القرنة: قراءة نقدية
- التحدي في -كفاح كفاح- كفاح الخطاب
- ية والواقع في رواية -العاشق الذي ابتلعته الرواية- أسيد الحوت ...
- الإنجليز وعملائهم في مذكرات صلاح الدين الصباغ
- المبدئي والمرتد في مسرحية الدكتاتور جول رومان، ترجمة عبد الم ...
- فلسفة الكرة وجمال الأدب: قراءة في عالم «الطريق إلى المرمى»
- بين فلسفة الكرة وجمال الأدب: قراءة في عالم «الطريق إلى المرم ...
- الشاعر في قصيدة -حملت حروفي- أحمد الخطيب
- سلاسة التقديم في بكائيات غزة ميسون حنا
- العالم في قصيدة -نصفان: مأمون حسن
- صلاح أبو لاوي في صباح الحرية
- الصراع في ومضة -الولد الجني- المتوكل طه


المزيد.....




- متحف -غريفان- بباريس.. 250 تمثالا شمعيا لإضاءة صفحات التاريخ ...
- الممثل الأمريكي ديك فان دايك يكمل عامه الـ100 ويأمل في حياة ...
- 2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام
- -سيتضح كل شيء في الوقت المناسب-.. هل تيموثي شالاميه هو مغني ...
- أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
- الأفلام الفائزة بجوائز الدورة الـ5 من مهرجان -البحر الأحمر ا ...
- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم أنتوني هوبكنز وإدريس إل ...
- الفيلم الكوري -مجنونة جدا-.. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق ا ...
- صورة لغوريلا مرحة تفوز بمسابقة التصوير الكوميدي للحياة البري ...
- حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي.. حضور عالمي وتصاميم ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عقم الثورة في رواية -قصة مدينتين- شتارلز دكنز، ترجمة صوفي عبدالله