أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي محيي الدين - ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي















المزيد.....

ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 22:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صدر عن دار الجمل "كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس"، للشاعر والمفكر (معروف الرصافي) عام 2002، وقد قوبل الكتاب من القراء والباحثين بردود أفعال مختلفة، فقد أيده من وجد فيه ما يعبر عن رؤيته وفق منظومته الفكرية التي يؤمن بها، فيما أستقبله رجال الدين بما لم يستقبل به كتاب آخر وحملوه ما لم يحتمل وشنوا عليه حملة هوجاء مصحوبة بطائفة من الشتائم التي برعوا بها، وأصدروا الفتاوى التي تبيح نبش قبره وإحراق ما تبقى منه أن كانت له بقية .
فيما شكك آخرون بنسبة الكتاب إلى الرصافي لجهلهم بتاريخ الرجل، وعدم شيوع ذكر هذا الكتاب منسوب إليه أو معرفة تواجده إلا لقلة قليلة من المعنيين، فيما رأى البعض مستندا لوجود إحالات في متن الكتاب على مراجع حديثة طبعت بعد وفاة المؤلف أو الفترة المحددة لتأليف الكتاب ورأي هؤلاء مردود لأن مؤلفه أعتمد على نسخة قديمة من السيرة فيما أعتمد محققه على نسخ حديثة وهو أمر لا يضر بنسبة الكتاب لمؤلفه الرصافي.
فالرصافي وأن عرف شاعرا إلا أنه كان من الكتاب المترسلين ومؤلفاته المختلفة تنبئ عن شخصيته الأدبية التي لها أسلوبها وطريقتها في التأليف وإن ما طبع من مؤلفاته يظهر دون ريب موسوعيته والمامه بكثير من العلوم لعل الشعر من أيسرها، ومرثية الجواهري أصدق ما قيل في رثائه عندما قال:
لغزُ الحياة وحيرةُ الألباب أن يستحيل الفكرُ محضَ ترابِ
فقد وسمه بالفكر ولم يسمه بميسم الشعر ما يظهر أعجاب الجواهري الكبير بالرصافي مفكراً فوق أعجابه به شاعر، . أو قوله :
تمرّستَ " بالأولى " فكنتَ المغامرا وفكّرتَ " بالأخرى " فكنتَ المجاهرا
والأولى أراد بها الحياة الدنيا التي خاض الرصافي لهواتها وناله منها ما ناله جراء مواقفه المعروفة، فيما يصفه بالمجاهرة بفكره في نظره للحياة الأخرى، وفيه إشارة ضمنية لمواقفه الفكرية المخالفة لأفكار العصر فيما يتعلق بالأديان والنبوات، فقد عرف عنه الخروج على الثوابت التي تسالم عليها الناس وأصبحت لديهم من البديهيات التي لا تقبل النقض والتأويل.
والكتاب من الكتب التي تناولت حياة الرسول محمد (ص) وشخصيته، محاولاً تسليط الضوء على ملامح شخصيته العظيمة في مختلف جوانب حياته. يعرض الكتاب تحليلًا عميقًا لمواقف الرسول في تعامله مع الناس، سواء أكان ذلك في مجال الدعوة الإسلامية أو في تصرفاته اليومية، مما يعكس صورة كاملة عن شخصيته المتوازنة والشاملة.
ويبدأ الكتاب بمقدمة يبين فيها الرصافي أهمية دراسة حياة النبي محمد، وفهم شخصيته، ويؤكد أن الهدف من الكتاب هو تقديم النبي كمثال حي للإنسان الكامل الذي لا يمكن لأحد أن يضاهي صفاته أو يقترب منها.
كما يركز الرصافي على الجانب الإنساني في شخصية الرسول، حيث يقدم النبي محمد(ص) كقدوة في الصبر والتواضع والحكمة. يشير إلى كيف أن الرسول استطاع أن يُحدث تغييرًا جذريًا في المجتمع العربي والعالمي رغم التحديات الكبيرة التي واجهها. يعرض أيضًا كيف كان صلى الله عليه وسلم شخصًا محبًا للعدالة والمساواة، وكيف كان يعامل الجميع باحترام دون تمييز بين غني وفقير.
ومن أهم الموضوعات التي يتناولها الرصافي في كتابه هو دور الرسول في نشر الإسلام، والتضحيات التي قدمها النبي في سبيل الدعوة، سواء من خلال محاربة الفتن أو تحمل الأذى من قريش. كما يشرح كيف تمكن النبي من بناء مجتمع متماسك قائم على العدالة والرحمة، على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهته.
ويشير الرصافي إلى العديد من جوانب حياة النبي الشخصية، مثل علاقته بأسرته وأصدقائه، وكيف كان صلى الله عليه وسلم يعامل الناس من مختلف الطبقات. يعرض الكتاب صورًا متعددة عن حسن الخلق والرحمة التي كان يتمتع بها الرسول، مثل مساعدته للفقراء، واهتمامه باليتامى والمساكين، وحفاظه على العهد والوفاء.
كما يتناول الرصافي جوانب من الحكمة السياسية التي كان يمتلكها الرسول، وكيفية إدارته للدولة الإسلامية، وكيف استطاع أن يجمع بين القبائل المختلفة في وحدة قائمة على الإيمان والمبادئ.
ويستخلص في النهاية على أنه المثال الذي يجب أن يُحتذى به في جميع جوانب الحياة، ويدعو المسلمين إلى دراسة شخصية النبي من أجل تطبيق مبادئه في حياتهم اليومية، بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
"ويكتسب الكتاب أهميته من الناحية الثقافية والدينية، فهو يعرض صورة متكاملة لشخصية النبي من مختلف جوانب حياته، ويعكس فهم الرصافي لحياة الرسول وأثرها الكبير في العالم الإسلامي والعالم بشكل عام، والكتاب يعد مرجعًا مهمًا في دراسة حياة النبي، ويعتبر من أبرز الأعمال التي تعكس جانبًا من فكر معروف الرصافي العميق والمستنير.
وكنت قد أطلعت سابقا على رسالة للقاص والأديب العراقي (ذو النون أيوب) كان قد أرسلها للدكتور عبد الرزاق محي الدين بعد قراءته لمخطوطة كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس المحفوظة صورته في خزانة خاصة في مكتبة المجمع العلمي العراقي ولم يطلع عليها إلا القلة من الباحثين أو المعنيين بالتراث، فهي من المخطوطات الممنوعة من التداول، وليس من المسموح الاطلاع عليها لما فيها من أفكار جريئة سبقت عصرها.
واليوم بعد قيامي بإعداد وتحقيق موسوعة الدكتور عبد الرزاق محي الدين، قرأت الرسالة مجددا وبإمعان بعد أن قرأت الكتاب فرأيت من الواجب نشرها لبيان وجهة نظر الأديب الراحل (ذو النون أيوب) بهذا الكتاب وهو رأي ينم عن معرفة واسعة ووجهة نظر في الكتاب ومؤلفة تبين ما عليه صاحبها من عمق الرؤية وبعد النظر في أمور مفصلية من تاريخنا البعيد.
الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس
سيدي الدكتور عبد الرزاق محي الدين، عميد المجمع العلمي العراقي المحترم
أحييكم وأشيد بسماحتكم، وسعة صدركم، وتواضعكم، إلى غير ذلك من صفات العالم، حين يبلغ درجة عالية في المعرفة، تريه نفسه صغيرا، ما يزال على عتبة اسرار الكون الإلهية، فيتمنى لو منح عمرا جديدا ليمد رجله خطوة وراء عتبة أسرار الكون الرهيبة.
كانت فرصة نادرة، تلك التي أتحتموها لي للاطلاع على مخطوطة الرصافي الشاعر، شبه المحرمة، محفوظة في حرز عناية أساتذة يحترمون العلم، ويقدرون المعرفة الانسانية حق قدرها.
كنت أتصور أن هذا الكتاب في حجم رسائل التعليقات، وإذا به مجلدات أربع، مصورة لنسخة منقولة بخط المرحوم كامل الجادرجي، وما كدت أستقر في أول صحائف الكتاب، حتى أدركت بأني أسامر أغرب كتاب وأندره، كتب في اللغة العربية، حول لغز النبوة الاسلامية المقدس، وأدركت على الفور السبب في صيانته، وعدم بذله للقراءة مطبوعا طباعة متقنة في آلاف النسخ المتداولة، ذلك أن الكتاب جذاب جدا، مقنع جدا، جريء جدا، يحوي من المعلومات ما يدل على طول باع الكاتب في علوم القرآن والحديث والسير وتاريخ الفترة النبوية، مع جرأة رهيبة في تفنيد الخرافات، وما هو غير معقول في تواريخ السير، بل أن الجرأة لتناول الوحي والقرآن وحتى النبوة والمعجزات، وإذا به يقول أن الرسول ما كان أميا، ويستدل على ذلك بانه قد قرأ وكتب مرارا عند تحرير عهوده ومراسلاته، مما أثبته السير، وعللته من قدرة الله على رسوله، ويفسر كلمة "أمي" تفسيرا لغويا قد تكونون أنتم أدرى به مني، فيقول أن العرب سموا أميين، إذ لم يكن لديهم كتاب منزل مثل اليهود والنصارى، ولا يعقل أن يكون اليهود كلهم كتابا قراءا، ولا النصارى، كما لا يعقل أن يكون العرب جميعا يجهلونها، وفيهم قس بن ساعدة وأمية بن أبي الصلت وأصحاب المعلقات وغيرهم، هذه واحدة من مئات ما فند، ثم يعود فيتناول ميلاد الرسول ونشأته، وما دار حول ذلك، مما لا يقبله عقل أنسان القرن العشرين، المعلل المحلل، ويستند على التناقض في كتب السير لتفنيد كل ذلك، داعما آرائه بمنطق قوي لا يمكن أن يرد.
ومحمد في نظره، إنسان حساس حسا مفرطا، ذكي ذكاءا عجيبا، مفكر عميق التفكير، قد سمت نفسه بالفطرة فوق الأغراض الدنيوية، بحيث رأى ما يعاني قومه من متناقضات حياتهم الاجتماعية، فحلم بتغيير تلك الحياة، وكان إلى جانب ذلك حاد الأعصاب حدة قد تجعله يصاب بنوبات عصبية، ويرى من الرؤى ما لا يراه العادي من الناس، فهو صادق فيما أعتقد إنه الوحي، قد انزله الله عليه، وما ذلك إلا حصيلة ما ذكرنا من صفات، ولكن السير تروي أنه كان متنبأ بأشياء لا يستطيع أن يتنبأ بها غيره، فعلل بأنها نتيجة حدة ذكائه، ومنطقه السليم. وإن الدعوة الاسلامية دعوة لا معجزات فيها، مخططة منسقة، بقدرة شخصية مسيطرة، قاست كثيرا، ولكنها كانت واضحة الهدف، مؤمنة بالنتيجة، إلى حد رؤيتها رأي العين، أو التأكيد عليها بالكلام،
إن الرسول (عليه السلام) كانت لديه آراء عالية في طبائع البشر، وما يخيفهم، وما يرغبهم، نتيجة إطلاع واسع بالقراءة والسماع والتأويل، فشد اتباعه إليه شدا، وجعلهم يقتحمون الأهوال ورائه، وأنت حين تستمع إلى سرد المؤلف وحججه ببيانه وبلاغته، تقف حائرا إزاء الرسول في نظرك عظمة أم كل، أما الجهلاء – وليس من الضروري أن يكونوا أميين- فيحكمون بزندقة الرصافي وكفره، بل ربما بوجوب حرقه ونثر رماده، لو أسعف عقل العصر. أما العقلاء الذين ضعف إيمانهم بالإسلام نتيجة تحكم المنطق العلمي المعاصر، فتراهم يعودون إلى الإيمان بهذا الدين المجيد من جديد.
ولأول مرة في حياتي، أجد صورة فكرية واضحة حية للرسول، حلت محل صورة مشوشة ضبابية، هي مزيج من الخرافة والتاريخ، بعد ان قرأت كيف عالجها الرصافي ببلاغته وبيانه، معالجة مفكر يدرس حياة إنسان غير عادي.
لقد وصف كل ما أحاط به، ورواه رواية حية، عاداته الشخصية، مأكله وشربه، ملبسه ومسكنه، ما ملك وحازته يمينه، ثروته من حيوان وسلاح ولباس، زوجاته العديدات، وما أستثنى نفسه به من قاعدة عدم تعدد الزوجات بعد الشروط التي تنفي مطابقة العدل بين زوجتين فكيف بأربع، أظهر المؤلف النبي شبقا كثير الجماع، يكاد يرضي أكثر من واحدة، بل جميع زوجاته، وما ملكت يمينه، صفة أثبت العلم الحديث التصاقها بالأذكياء العصابيين، إذ من الغريب أن ألنهج العصبي يشحن القوى الجنسية، فمن أين للرصافي هذا الاطلاع الواسع في علوم التشريح، وعلم النفس، بل وبمعلومات متعددة في حقل دراسة تركيب الإنسان.
وما كان الرصافي كثير الكفر في معالجته هذه فقد كان الرسول ينكر كل صفة استثنائية فيه، غير أنه انسان يوحى إليه.
وبعد كل ذلك قد يتساءل القارئ لهذا الكتاب، هل الرصافي ملحد؟ وإليك الجواب: الناس في ايمانهم قسمان، قسم يؤمن بالمقدسات وبالله وبالدين إيمانا ساذجا، فتراه يتصور الله تصوره لإنسان عظيم القدرة، مضخم الصفات والطبائع، فهو يحب ويكره، ويغضب وينتقم، ويعذب ويهدد، ويتوعد ويكافئ، بل ويرتشي ويقبل التملق، إلى غير ذلك من الصفات البشرية، وقسم قد وصل به الامعان في التفكير، ولا يستوجب ذلك وصول منتهى العلم، إلى أنه وعالمه الذي يعيش فيه، الأرض والشمس، وبقية المنظومة الشمسية ذرة صغيرة جدا في رمال محيط، فيقفون مشدوهين مرتعبين، إذ قد أدركوا بأنهم مهما بلغوا من مراتب العلم والادراك، لا يستطيعون أن يحلوا لغز الكون، والقوة الرهيبة التي تنظمه وتسيره، وأنهم لا يتجاوزون ذلك قدر نملة تريد أن تحل لغز النظرية النسبية "أينشتاين" ، وفهمها حق الفهم.
وقد علموا – ولعل علمهم هذا لمحة من نور الحقيقة الإلهية الساطع - إن الانسان يتكون من ملايين الخلايا المتشابهة تكوينيا، المختلفة اختصاصا، وإن الخليقة متكونة من مركبات ترجع إلى عناصر مكونة من ذرات، وهذه الذرات تتكون من نواة وشحنات كهربائية، سموها نيو زون وبروتون... ألخ، وإنها تتبع نظاما من تركيبها وحركتها الذاتية، يشبه تركيب المنظومة الشمسية، وما يدور حول الشمس الأم من كواكب سيارة، وتذكروا القول المأثور:
وتحسب أنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر
فقالوا: نحن وكل الكون، من جامد وحي، جزء لا يتجزأ من القدرة العلية، وأنهم خاضعون خضوعا تاما لنواميس أزلية لا يمكن تعليلها بالعقل الذي يتباهى به الانسان، هذا العقل المتطور المتقدم، الذي قد يصل إلى درجة من الرقي، ترجعه إلى مرتبة القوة الإلهية، فتتجلى له بعض الأسرار الرهيبة، هذا هو اعتقاد أفذاذ العلماء، اعتقاد صوفي متقدم، لا يختلف عن صوفية مفكري الاسلام، أصحاب نظرية وحدة الوجود، الذين جرأ بعضهم أن يقول "أنا الله" ولعلنا نستطيع أن نفهم ما كان يقصد بقوله الآن.
الرصافي صوفي من المؤمنين بوحدة الوجود، وهو يعتقد أن الرسول (عليه السلام)، قد اندمج ادماجا كليا في القوة المهيمنة، بحيث تجاوب معها، وعمل بنظامها الازلي، نظام التطور والتكامل، فهو انسان شاذ في خلقه وخلقه، عن بقية الناس، والطبيعة -كما ثبت علميا- تغذي بعض الأحيان في عالم الوجود، بنماذج غريبة من الشواذ، بعضها متقدم، وبعضها متأخر، فالرسول إنسان، كما قال هو نفسه، يوحى إليه، قد ساهم في تقدم الانسان، مطبقا بالسليقة نظام القدرة الكبرى، التي لا تبلغها افكار الناس لتطوير الحياة وتقدمها، أما معجزته الكبرى، فهي إنه قد نشر دينا متقدما، حضاريا بمدة 23 سنة، في عالم همجي متأخر جدا، فوحد القبائل توحيدا ينافي طبيعة التنافر التي فطرت عليها، فكانت – بعد أن آمنت بهذا الدين- قوة هائلة اجتاحت كل العالم المتحضر المعروف يومذاك، وتبنت مفاهيم ومبادئ إنسانية ما زالت مصدر الاعجاب، في أهدافها الانسانية العالمية، وكان كل ذلك بنصف قرن تقريبا، فأي معجزة أعظم من هذه المعجزة.
إنني بعد قراءتي لهذه المخطوطة، المحجوبة لخطورتها، قراءة سريعة، كنت أستغني اثنائها عن قراءة ما أعرف من التاريخ، اقتصادا بالزمن، بحيث استطعت أن أكملها بمدة (20) ساعة تقريبا، وهي حرية أن تقرأ قراءة متمعن مفكر.
أقول : خرجت برأي عن الرصافي، يخالف رأيي فيه سابقا تمام المخالفة، الرصافي ليس شاعر، بل هو مفكر فيلسوف عميق التفكير، ولعله سمي شاعرا لنظمه آراءه العميقة، وفلسفته في الحياة، وإنسانيته ووطنيته، بكلام منظوم يسميه الناس شعرا، ولو صح ذلك لكان أبن مالك بألفيته من أشعر الشعراء.
لقد سما معروف الرصافي، في قيمته عندي شخصيا، ولو لم تتح لي الفرصة، بفضل المجمع للاطلاع على كتابه غير المنشور، لقلت عنه أنه لا يستحق حتما أن ينصب له تمثالا، وأنا أشعر الان، أن التمثال أقل من قدره بكثير.
الشعر من الشعور، كما تقول اللغة، وغرضه صوغ مشاعر الانسان العاطفية، من حب وكرة، وغضب وثورة ..ألخ، ويكون راقيا بقدر شموله الانساني، كل ذلك بكلام جميل منظوم، يعلق بالذهن لحسنه وجودة نظمه، وجرسه وعذوبته، ولعل هذا ما دعا بعض أهل البلاغة والبيان لاستعارة النظم لغاية عرض أراءهم وعلومهم، وربما كان ذلك هو السبب في افتتاح العرب كل قصيدة بالغزل، إذا لم يكن القصد من القصيدة الغزل، ولعلهم يريدون لذلك أن يبرره نظم ما بقي من القصيدة، من غير الغزل – الذي هو شعور جميل- من قبيل اطلاق الكل على الجزء.
وأرجو من أعضاء المجمع العلمي أن يغفروا لأخيهم الصغير، أن يخوض في أمر قد يكون متطاولا فيه، وأنا ممن ينطبق عليهم القول" وشبهوا إن لم تكونوا مثلهم".
وختاما أتساءل : أمن المصلحة حقا حجب هذا الكتاب عن القراء؟ قراءة الناس جميعا، لا فئة خاصة؟ وأنا من المؤمنين بديمقراطية المعرفة، والمساواة بالفرص للقراءة والتفكير، سيحدث نشره ضررا دون شك، ولكن ضرره أقل بكثير من نفعه، ولعله يفيد من يريد أن يجد فلسفة تسند التقدم، والتطور في المفاهيم الاجتماعية، بحيث لا تتعارض مع الدين، أي دين، والدين الاسلامي بصورة خاصة، أية معارضة في فلسفة تستند على القلم والتاريخ والواقع، لا زيف فيها ولا تكلف.
وختاما أكرر شكري لسيدي الدكتور عبد الرزاق محي الدين، وأنا لا أدري كيف هداه الله إلى أن يذكر الكتاب أمامي، بحيث دفعني الفضول- وهو من صفاتي- إلى أن أقضي (20) ساعة في حرم المجمع من أمتع ساعات حياتي الفكرية، وأتمنى للمجمع وأعضائه أن يقدم من الخدمات الفكرية لعراقنا الذي يقف على عتبة حضارة جديدة، ما يجعل هذا القطر العربي يستعيد مكانته التاريخية في حضارة الاسان.
ذو النون أيوب



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة الشرق الأوسط
- الناقد باقر جاسم محمد وآراؤه النقدية
- العتابا والأبوذية الجذور والفروق وأسبقية الظهور
- الشاعرة وداد الواسطي اصالة في الشعر وفرادة في التعبير
- الشاعر العراقي جبار الكواز شاعر متجدد
- الشاعر سعد الشلاه شاعرية متأخرة لم تأخذ طريقها للبروز
- الشاعر حميد يحيى السراب: مسيرة إبداعية ناضجة
- الشاعرة حسينة بنيان.. تنوع في الاداء والأسلوب
- محطات من مسيرة الفقيد سامي عبد الرزاق (ابو عادل)
- انطلوجيا القصة البابلية
- الدارمي والصراع الطبقي
- ذكريات عن قادة الحزب الخالدين
- ناهض الخياط تجربة شعرية متألقة
- زهير ناهي رحلة طويلة في طريق النضال
- فلاح الرهيمي مناضل من طراز خاص
- كفاح الظاهر
- عبد الرزاق كميل شاعــــرا ومنـــاضـــــلا
- وقفية مملكة أودة
- مطالعة لمرويات ذياب آل غلام
- نظرات في مذكرات الدكتور مكرم الطالباني الحياة لا تجري دوماً ...


المزيد.....




- رغم وجوده في فترة نقاهة.. البابا فرانسيس يقوم بزيارة مفاجئة ...
- إصابتان وتضرر عدة مركبات في هجوم للمستعمرين غرب سلفيت
- أسعدي طفلك..تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر ...
- مفتي القاعدة السابق يروي سبب انتقال بن لادن من أفغانستان إلى ...
- لماذا تدعم الطرق الصوفية المصرية الدولة وتحتمي بها؟
- إعادة انتخاب نوري المالكي أمينا عاما لحزب الدعوة الإسلامية ا ...
- إعادة انتخاب نوري المالكي أمينا عاما لحزب الدعوة الإسلامية ا ...
- إيهود باراك يحذر من انهيار وشيك لإسرائيل بسبب نتنياهو
- منظمات متطرفة عبرية تدعو لذبح قربان الفصح داخل المسجد الأقصى ...
- اللجنة العربية الإسلامية تطالب بتوحيد غزة والضفة تحت حكم الس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد علي محيي الدين - ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي