أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أوزجان يشار - فن الإدارة الصعبة: حين يصبح الإبداع سيفًا، والكرامة المهنية درعًا














المزيد.....

فن الإدارة الصعبة: حين يصبح الإبداع سيفًا، والكرامة المهنية درعًا


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 09:24
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


حين لا تُملك ما يكفي… ويُطلب منك أن تصنع المعجزة.

في حياة كل مدير لحظة فارقة، لا يُطلب منه تنفيذ خطة تشغيلية مثالية، بل اختراع الحلّ من العدم. يتُسلَّم إدارةً تعاني من قلة الكوادر، ضعف الرواتب، تدهور المعنويات، ثم يُطلب منك أن “تحقق الأرقام” و“تُرضي العملاء” و”تسعد المساهمين”، بل وتُبدع دون مقابل. وإن أخفقت؟ فأنت المشكلة!

في تلك اللحظة، لا يكفي أن تكون مديراً عادياً. بل يجب أن تكون فناناً… عازفاً على أوتار الإرادة، والحدس، والبصيرة. يجب أن تتعامل مع الواقع لا كحائط مسدود، بل كورقة بيضاء تنتظر من يرسم عليها ما يشبه المعجزة.



قصص من ميادين الشجاعة الإدارية

في أماكن متفرقة من العالم، ومع اختلاف الظروف والثقافات، ظهر قادة حقيقيون فهموا أن الإدارة لا تعني فقط الأوامر والنتائج، بل القدرة على تحويل العجز إلى فرصة.

في بيتسبورغ – أمريكا، كان مدير أحد المطاعم يعاني من ديكور متهالك وميزانية لا تكفي لتغيير قائمة الطعام. فأدار وجهه نحو حديقة المطعم الخلفية المهملة، واقترح على البلدية إقامة مهرجان الزهور فيها. خلال أسبوعين، امتلأ المكان بالزائرين، وتحوّل المطعم إلى نقطة جذب موسمية. لكنه لم يتوقف هناك. بل دعا باعة الأغراض اليدوية لإقامة أكشاك دائمة كل عطلة، فصار المطعم مركزًا مجتمعيًا حيًا. لم يصرف دولارًا واحدًا على التسويق، لكنه صنع عالَمًا ربحيا من لا شيء.

وفي أوساكا – اليابان، بعد جائحة كورونا، جلس مدير فندق صغير يراقب الغرف الخاوية. بدلاً من تسريح الموظفين، حوّل بعض الغرف إلى مساحات عمل هادئة (Zen Pods) لليابانيين الباحثين عن التركيز. وخصص الطابق الأرضي لورش فنية للأطفال. الفندق لم ينجُ فقط… بل أصبح رمزًا محليًا للتعافي.

وفي ريف بيهار – الهند، مديرة مدرسة بلا طابعات ولا كراسي، نقلت الدروس تحت الأشجار، وطلبت من الأهالي التبرع بأبواب ونوافذ قديمة. خلال ستة أشهر، بُني جناحٌ خشبي متواضع أعاد أكثر من 120 طالبة إلى التعليم. لقد أدارت فقرها كما يدير الشاعر قلمه: لا يملك الذهب… لكنه يصنع أثرًا يبقى.

وفي كيب تاون – جنوب أفريقيا، قادت امرأة مطبخًا صغيرًا بلا تمويل، لكنها فتحت الباب لكل من لا يستطيع الدفع: “اطبخ معنا، وشارك وجبتك”. خلال أشهر، أصبح المطبخ مساحة تضامن مجتمعي، نال تغطية إعلامية وتمويلاً أهلياً، وضمن استدامته بلا ديون ولا استجداء.

وفي ولاية جورجيا – أمريكا، رفضت الإدارة المركزية طلبات ترقية موظفي أحد الفروع البنكية. فابتكر مدير الفرع نظامًا داخليًا اسمه “سُلّم المهارة”: كل من يتعلّم مهارة جديدة يحصد نقاطًا تُترجم إلى إجازات وفرص تدريب. ارتفع الأداء، وكرّمته الإدارة ذاتها التي كانت ترفضه.

وفي المكسيك، مدير مكتبة عامة حُرم من ميزانية الفعاليات، فبدأ بتنظيم “ليالي القراءة بالشموع” في الساحة الخارجية. ثم أطلق “مسرح الظلال” للأطفال. لم يكن يملك مالًا… بل خيالًا، وصار للمكتبة جمهور جديد.



الفرق ليس في الموارد والميزانيات… بل في النظرة الثاقبة للفرص المتاحة.

“النجاح لا يأتي من الوفرة، بل من القدرة على الرؤية في العتمة.”
— بيتر دراكر، رائد علم الإدارة الحديث

ما جمع هؤلاء القادة لم يكن التمويل، بل الخيال. لم يكن الدعم، بل الشغف. لم يكن الحظ، بل إيمان داخلي بأن الإدارة ليست مكانًا يُشغل… بل موقفًا يُعاش.



بين الشرق والغرب… بين الفرد والجماعة

في كتابه الثري جغرافية الفكر، يكشف ريتشارد نيسبت أن الثقافة الغربية تميل إلى التحليل الفردي والتفكير الخطي، بينما تميل الثقافات الشرقية إلى الانسجام الجماعي والتفكير السياقي. وهذه النظرة تتسرب إلى أساليب الإدارة.

“في الغرب، ينجو المدير المبدع حتى لو وحده. أما في الشرق، فلا معنى للنجاح إن لم ينجُ الفريق.”
— ريتشارد نيسبت، جغرافية الفكر

لذا، فإن الإدارة الذكية تتطلب توازنًا بين:
• الإبداع الفردي الذي يتحدى السائد،
• والولاء الجماعي الذي يخلق الانتماء.

هذا التوازن هو ما يفرّق بين “مدير ناجح” و“قائد حقيقي”.



حين تُصبح الاستقالة بطولة لا هروبًا

في بعض الحالات، تتحول الإدارة إلى مقاومة مستمرة: تُمنع من الاستثمار في الفريق والمكان، وتُحمّل النتائج دون صلاحيات، ويُكافأ الصمت، ويُحاصر الأمل. هنا، لا تعود الاستقالة ضعفًا… بل وفاءً للقيم المهنية والانسانية.

“عندما لا تستطيع حماية من معك… فلا تخذلهم بالصمت. قف، وانسحب بكرامة.”

الكرامة المهنية ليست مزاجًا شخصيًا. بل درع ضروري في وجه الاحتراق. لأن المدير المحروق لا يُلهم… بل يُحبط.



الختام: فن الإدارة الصعبة… لا مكان فيه للعاديين

في النهاية، لا تُقاس عظمة المدير بعدد التقارير والاجتماعات، بل بعدد الأرواح التي أنقذها من اليأس. من يصرخ “أعطوني ميزانية” لن يُذكر. أما من يهمس “لديّ فكرة” في أحلك اللحظات… فسيقود، ويُقتدى به.

الإدارة الصعبة ليست حكمًا بالسجن. بل امتحان للنضج، للشجاعة، للكرامة.

“القائد ليس من ينجو أولاً… بل من لا يغادر السفينة قبل أن يُنقذ الآخرين.”
— جون كوتر، خبير التغيير الإداري

أن تكون مديرًا في زمن الشحّ… هو أن تزرع حديقة في أرضٍ بور. أن تُبدع رغم القيود. أن تُلهِم فريقك… لا أن تُنهِكه بالإحباط والخذلان.



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنين يمد جناحيه: حين تتجاوز الصين ميزان القوى
- ترامب والكوكلس كلان الجديد: بين فاشية القرن الحادي والعشرين ...
- من هو المسيح الدجال؟ تأملات في زمن الذكاء المصطنع والضمير ال ...
- البروباغاندا: تغييب الوعي وصناعة مجتمعات القطيع
- الصليب في البيت الأبيض: حين تتسلّل الأيديولوجيا الدينية إلى ...
- العقل قبل الجينات
- دونالد ترامب وظلّ القناع الأبيض: هل يقود أمريكا إلى لحظة غور ...
- احتلال فرنسا للجزائر: الأسباب، التوابع، والرفض المستمر للاعت ...
- مهرجان من أمنيات مؤجلة
- العائلات الثرية وفرضية “المليار الذهبي”: رؤية تحليلية شاملة
- تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي
- سلوك العمل الجماعي: بين الإبداع والاندفاع
- “برامج رامز: عبثية المحتوى وهدر المال.. متى ينتهي هذا الإسفا ...
- جماعة “الجمجمة والعظام” والرقم 322: سر النخبة الخفية
- رؤية السعودية الخضراء: خارطة طريق لتشجير المملكة ومستقبل بيئ ...
- قراءة في كتاب “عقل القائد: كيف تقود نفسك وموظفيك ومؤسستك لتح ...
- إشكالية تكيف المثقف العربي بين الاستقطاب السياسي والفكري ودو ...
- البحرين: رحلة عبر الزمن بين القلاع والأسواق والمعابد والأساط ...
- بيئة العمل المسمومة: كيف تؤثر على نجاح الشركات؟
- البلد: روح مدينة جدة القديمة


المزيد.....




- البيطار: فلسطين تحتضر اقتصادياً وتواجه حرباً مالية منظمة وقو ...
- عوائد السندات.. القلق الاقتصادي الذي أربك حسابات ترامب
- سعر الذهب اللحظي اليوم في مصر بعد أخر ارتفاع مفاجئ بتاريخ 13 ...
- أعلى من البنوك ب2 جنية .. أعلى سعر للدولار اليوم في السوق ال ...
- ميرتس يدعو إلى عقد اتفاقية حول التجارية الحرة بين الاتحاد ال ...
- مصر.. ما مصير سعر رغيف الخبز بعد زيادة أسعار المحروقات؟
- الكرملين ينتقد سحب دعوة مصور صحفي لحضور منافسة دولية
- وزير الصناعة: منافسة المنتج المحلي للبضائع المستوردة صعبة
- رسوم ترامب الجمركية.. خبير ألماني يحذر من شبح أزمة اقتصادية ...
- الجزائر تستعيد الصدارة في قائمة أكبر مصدري الغاز إلى إسبانيا ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أوزجان يشار - فن الإدارة الصعبة: حين يصبح الإبداع سيفًا، والكرامة المهنية درعًا