|
هل يريدون انهاء العراق بنهاية الطاغية ؟!
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 1801 - 2007 / 1 / 20 - 12:17
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تسود اوساط واسعة من الرأي العام الدولي والأقليمي والوطني مخاوف وافكار تفيد باننا نعيش في ظروف حرب عالمية ثالثة باساليب مدمّرة من نوع جديد واشمل . . بعد ان استغربت اوساط وصعقت اخرى بالتغييرات العالمية الصاعقة التي حدثت وادّت الى انهيار احد القطبين الأعظمين بعد ان بقيت عواملها المنظورة وغير المنظورة تتراكم طيلة عقدين من السنين سبقتها. وفوجئت اخرى بنتائج تلك التغييرات، التي ادّت وتؤدي الى تغيّر العالم وموازناته وخطاباته وآلياته ورسائله في ظرف العشرين سنة الماضية، على محاور كثيرة التنوع تلتقي وتصطدم وتتفاعل حول . . الطاقة والنفط، العلوم والتكنولوجيا، الأنسان، العولمة ومفاهيم سقوط الحدود، الفوضى السائدة في العالم التي يدفع لها قسم على اساس (الفوضى البنّاءة)، ويواجهها آخر ويتأقلم فيها قسم ثالث . في وقت لاتزال لم تحسم فيه بعد ماهية شكل ومحتوى القطبية الدولية الجديدة ، ويتطوّر فيه الدور الأقليمي في قضية ملئ الفراغات السياسية والأقتصادية . . حيث ان اوساطاً أقليمية متنوعة ترى فيها فرص العمر لها ـ كما استغلتها وتستغلها غيرها ـ لتلعب ادواراً جديدة اقوى ولتكون لها حصصاً اكبر، على غرار ما جرى في تقسيم العالم في حقبات ماضية، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً . وفيما يؤكد فريق على ان كل تلك التغييرات لم تبدأ بالأنسان من الصفر، بل بكونها درجة اعلى على طريق الأنسنة والتمدن والسلم . . يرى فريق آخر وخاصة الأقطاب الصناعية العسكرية النفطية انها حالة حرب عالمية الجديدة يتصاعد فيها منطق القوة والعنف العسكري المتنوع، النظامي وغير النظامي ومهما كانت الرايات، سياسية ام قومية وتأريخية، او دينية وطائفية . . مادامت تسير نحو تحقيق اهدافها هي، بعيداً عن مصائر الشعوب وخاصة فئاتها الفقيرة والكادحة. وتؤكّد تلك الأقطاب بل وتشجّع على تصعيد العنف والدمار لتبشّر بمختلف الطرق والأساليب، بقرب ظهور مخلّص منتظر، سواء كان مسيحاً جديداً او (اماماً) . . باللعب على كلّ اطراف العنف وبالدوس على قوى الفكر والتعقّل والسلم. خالقة بذلك توهانات شعبية واوهاماً وخيالاً واحلاماً اكثر وحشية وتدميراً، ليكون الحسم لقوى العنف الداخلية التي تستطيع السيطرة على الساحة ـ وتمسكها مهما كانت طريقتها!! ـ ، لتكون سيدة الحواسم التي تستطيع الأقطاب التعامل معها. . على منطق حرب الأفيون (1) قبل قرنين من الزمان . وضمن ذلك الأطار وانطلاقاً من ان القوى الأكثر تدميراً في ساحة الحرب، هي التي تتحمل الأساليب المتبعة في الحرب وتتحمّل مسؤولية حالة النزيف الهائل الذي لاينقطع في البلاد، يرى اغلب المراقبون والمعنيون ان الأدارة الأميركية الحالية، القاعدة الأرهابية، والأوساط الأكثر تطرفاً في جمهورية ايران الأسلامية، هم المسؤولون الأساسيون عن الواقع العراقي المدمّر، وعن محاولات تغييب القرار العراقي بكل الوسائل والسبل، وسواء كان ذلك في التوقيتات او بانواع الحيل و(الأخطاء). حيث تُطرح مشاريع وتُتخذ اجراءات مصيرية وكأنما لايوجد هناك كيان عراقي سواء كان كيان دولة او شعباً و قوى سياسية، اومكونات شكّلت وتشكّل معاً الطيف العراقي المتفاعل الذي تناغم معاً منذ عصور ما قبل الميلاد مرورا بكل التغييرات والنكبات والأنتصارات والعزّ والجروح والظلم ومقاوماته والثورة . . الكيان الذي بعد ان ساد وطغى وتراجع، قُطّع واعيد بنائه وصار دولة العراق بالتزامن مع تحديد دول المنطقة العربية وغير العربية بعد ان قُسّمت تركة الرجل المريض، بتحديدات بحبر ازرق واحمر واخضر وبخليط (2) يصلح لتسكين المنطقة واثارتها او اثارة اجزاء منها عند الطلب او عند العصيانات والأنفجارات الشعبية، لتملقها او لمواجهتها . ان حركة الأستقطابات والدفع بتصعيدها بالمواجهات المتواصلة في بلادنا، ادّت وتؤديّ الى تزايد استقطابات المنطقة والى اصطفافها على اسس طائفية سنية شيعية لطمس حقائق طموحات وحلول ازمات الأقطاب الصناعية العسكرية الدولية والأقليمية . . باثارة واستحضار نعرات تاريخية كانت نائمة او في طي النسيان، بعد ان صار لاحاجة لها ولا فائدة منها، في زمان تطمح فيه شعوب المنطقة كغيرها من شعوب الدنيا الى العيش بسلام وامان وبالحد القانوني والمقر والمعمول به من حقوق البشر ... وفيما يعلّق العراقيون باطيافهم الآمال على الأتجاهات المعتدلة لدى فرقاء الصراعات الداخلية، للتوصل الى تنازلات متقابلة من اجل التوافق والسير معاً، يرى القسم الأكبر من المتخصصين والمراقبين الدوليين، ان العراق لن ينتهي ككيان موحد، بل سيثبت ويبقى على اساس كل الأسس التاريخية والجغرافية والأثنية والدينية والطوائفية والمنطقية، وعلى اسس مصالح القوى العظمى الطويلة الأمد، والمصالح الأقليمية ومصالح دول المنطقة ودرجات توازنها، واثبته واقع اربع سنوات دموية وحشية عسكرية حتى الأسنان ومن مختلف الجنسيات على ارضية عقود طويلة مظلمة لطاغية دموي . وان الصراع العنيف الجاري ورغم كل الشعارات والمزايدات التي تتبرقع بها قوى العنف، ورغم درجات من صراحة علنية واخرى هامسة . . كونه يدور على مصالح القوى العظمى والأقليمية وقضية من يقود وكيف وبأية آلية وشطر من تتحقق الأرباح . . المتداخلة والمتشابكة على قضية ترتيب البيت العراقي وقواه. ترتيب البيت الذي لايمكن ان يكون بعد نهاية الطاغية، الاّ بانهاء النزيف والدمار الذي لانهاية لتنوعه، على اساس انهاء الميليشيات، المصالحة الوطنية وتقديم المجرمين للعدالة، انهاء حالة الأحتلال المركّب والتلويح به سواء كان اميركياً او ايرانياً، تركياً او غيره. وعلى اساس احترام السيادة الوطنية ودعم كيان الدولة العراقية وقواها المسلحة، وسد الطريق على المحاولات المحمومة لجعلها ساحة لصراع الآخرين او موقعاً لمهاجمة الآخرين، وبتوافق المكونات العراقية على تعديلات دستورية تتفق مع تطلعاتها وحقوقها للمرحلة التاريخية القائمة، بعد اربع سنوات دموية وحشية اثبتت استحالة تحكّم مكوّن عراقي واحد ببقية المكونات، وطرحت التسامح طريقاً اوحداً لعراق برلماني دستوري موحد، يستطيع مواجهة التحديات في ظروف منطقة وعالم متلاطم.
19 / 1 / 2007 ، مهند البراك ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1. حرب الأفيون التي شنتها الجيوش الأمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر، على امبراطور الصين للسيطرة ولأحتكار تجارة المخدرات . . والتي يعتبرها المؤرخون بداية حقبة الرأسمالية الأمبريالية . 2. راجع ارشيف خرائط مكتبة المتحف البريطاني .
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يعني اعدام الطاغية صدام ؟
-
المشروع السياسي الوطني كبديل للطائفية والمحاصصة !
-
ثقافة الحوار والأختلاف و - الحوار المتمدن - !
-
المأساة العراقية تدعو الى ضرورة النظام المدني العلماني !
-
اي تعديل وزاري ننتظر ؟ ! *
-
من اجل نهاية للعبة (فارس الأمة) المأساوية !
-
الأحتكارات وحياد العراق في الصراع الأيراني الأميركي !
-
العراق بين الفدرالية، النظام الشمولي والتقسيم ! 2 من 2
-
عراقنا بين : الفدرالية، النظام الشمولي والتقسيم ! 1 من 2
-
عراقنا و- المفاهيم الجديدة للنصر !
-
القائد الأنسان . . توما توماس * 3 من 3
-
القائد الأنسان . . توما توماس * 2 من 3
-
القائد الأنسان . . توما توماس * 1 من 3
-
هل المراد، تحطيم البرلمان بالبرلمان كما حُطّمت دولة القانو
...
-
حول افكار (عراق مقسم مستقر افضل من عراق موحد مشتعل !!) 2 من
...
-
حول افكار (عراق مقسم مستقر افضل من عراق موحد مشتعل !!)(*) 1
...
-
محاكمة صدام . . هل سيؤهَّل للحكم مجدداً ؟ - 2 من 2
-
محاكمة صدام . . هل سيؤهل للحكم مجدداً ؟ 1 من 2
-
عراقنا الى اين ؟
-
مسائل في -التفكير- و-التفكير الجديد-
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|