أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - الكبير الداديسي - في الأنموذج البيداغوجي لتدريس الأطفال في وضعية إعاقة إشكال الخطاب والتحديات















المزيد.....



في الأنموذج البيداغوجي لتدريس الأطفال في وضعية إعاقة إشكال الخطاب والتحديات


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 8309 - 2025 / 4 / 11 - 07:36
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


في الأنموذج البيداغوجي لتدريس الأطفال في وضعية إعاقة
إشكال الخطاب والتحديات
بقلم مصطفى بوعزوني مفتش تربوي بأسفي
توطئة لابد منها
تعج الأبحاث والاجتهادات والانتاجات التربوية بمفاهيم مستحدثة ومتطورة أصبحت تؤشر على تحول النظر الى المؤسسة التربوية المدرسة وقيمها والى وظيفتها وأبعادها السوسيوتربوية والحقوقية والإنسانية .فالتطورات والتجديدات في المحتوى والمضمون القيمي والحقوقي لوظيفة المدرسة وللممارسة التربوية أصبحت تؤسس لمقاربات ومنظور جديد للفعل التربوي ، منظور ومقاربات تنفتح على تصورات تربوية حديثة تشكل قطيعة مع المؤسسة التعليمية والتربوية بمنظورها التقليدي المنكفئ والمنغلق على توفير خدمة تربية وتعليم " الأطفال " الأسوياء إذ تشدد على ضرورة انفتاح المؤسسة التعليمية على جميع الفئات من الأطفال في سن التمدرس باعتباره هذه المؤسسة منطلق ورافعة التمكين الاجتماعي لكل أفراد المجتمع
ولقد صارت هذه المصطلحات والمفاهيم ، التي سيحاول الكتاب مقاربة بعضها ،على اختلاف التصورات بشأنها من قبيل القابلية للتعلم والتربية éducabilité ، التربية الدامجة inclusive l’education ،الدمج المدرسي inclusion scolaire المجتمع والمؤسسة الدامجة société et institution inclusive ، التمكين الاجتماعي والتربوي ، الأطفال في وضعية إعاقة enfants en situation d’handicap والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة enfants à besoins spécifiques ou particuliers ،صارت رائجة وحاضرة بقوة في الخطاب التربوي وفي السياسات التربوية الحديثة إن على المستوى الدولي أو الوطني
فعلى المستوى الدولي وعلى نطاق واسع ، ومنذ عقود حصل تطور في الأنموذج التربوي والبيداغوجي في إطارمحاولة استيعاب مختلف الأطفال اعتبارا لميزاتهم وخصوصياتهم انطلاقا من مبدأ أن التعلم والتربية صارا حقا لجميع الأطفال دون تمييز ويتعين على الحكومات العمل على ضمانه وتطويره.
فبدءا من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الانسان الى اتفاق سلامانكا انتهاء بوثيقة أهداف التنمية المستدامة 2015-2030 وبتقاريرالمنظمات المختصة نصت مختلف المواثيق والاتفاقيات الصادرة عن المنظمات الدولية على الحق الأساسي في التربية والتعليم الجيد والمنصف للجميع وهو ما أصبح غاية المدرسة الحديثة.
.ينطلق هذا الطموح الدولي في تعميم الحق في تربية وتعليم جيد من مبدأ انساني عام ذي خلفيات أخلاقية وفلسفية وحقوقية يتجلى في طموح إزاحة التمثلات السلبية التي تنتشرفي ثقافة بعض المجتمعات ومخيال شرائح كبيرة من أفرادها حول وضعية الإعاقة باعتبارها وصمة ومثبطا للتنمية بالإضافة إلى السعي نحو الانتقال من المساواة الى الانصاف والتمييز الإيجابي وبالأخص لفائدة الفئات الهشة من الأطفال ومن أبرز هذه الفئات فئة الأطفال في وضعية إعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة
و لقد أصبحت الاتجاهات المعاصرة في حقل التربية والتعليم تظهراهتمامًا متزايدًا بشروط تحقيق الدمج المدرسي لذوي الاحتياجات الخاصة مع أترابهم الأسوياء وفق مبدأ القابلية للتعلم مع مراعاة خصوصيات كل طفل النفسية والجسدية وغيرها من الملامح التي تشكل تفرده عن الاخرين في ظل مبدأي الإنصاف والتمييز الإيجابي
التربية الدامجة أو الشاملة مفهوم تراكمي و سيرورة تاريخية دينامية
لقد تطور النموذج المتبع في تربية تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة عبرعمليات بحث طويلة ونقاشات واجتهادات ظلت تؤطرمختلف السياسات والتدابيرالتي استهدفت الانتقال من سياسة الاستبعاد والفصل والاقصاء الى ابداع صيغ متخصصة للتعامل مع كل وضعية إعاقة الى الدمج في المدارس العادية الى تبني مقاربة التربية الدامجة
ففي العقد الأخير على الوجه الأخص تطورت بعض الأنظمة التربوية من الادماج المدرسي لذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال في وضعية إعاقة في النظام المدرسي العادي نحو إقرار مقاربة التربية الدامجة من خلال التأكيد على ضرورة العمل على دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومن هم في وضعية إعاقة في الفصول العادية مع أقرانهم الأسوياء بما يقتضي هذا الدمج من الحرص على بناء التعلمات وتطويرها وتقويمها بناء على مشاريع تنطلق من تقييم للخصائص النمائية والنفسية والاجتماعية واعتبارا للإمكانات والقدرات التي يتوفر عليها كل متعلم وكذا تكييف وملاءمة التعلمات والأنشطة حسب نوع كل إعاقة وحسب احتياجات كل طفل ضمن مشاريع تربوية دامجة
هذا وتتأسس التربية الدامجة على التفاعل المتدرج صعودا ونزولا بين المتعلم -ة- والمؤسسة التي تحتضنه. ففي قلب المؤسسة الدامجة يتحقق الانتقال من الطفل ككيان مستقل أو حالة فردية قائمة بذاتها، إلى اعتبار المدرسة ككيان وكمجتمع تربوي يحكمه تنظيم بيداغوجي وتشريعي، وتسيره ضوابط مهنية وعلائقية وهذه المؤسسة تشتغل في اطار الانفتاح على محيطها من خلال مشروع دامج يؤطر مشاريع تربوية أخرى تعمل من خلالها على خلق التمثل الإيجابي نحو وظيفة المدرسة في تحقيق الانصاف والاندماج المجتمعي ستتطور النظرة إلى الحق في التربية والتعليم في اطار مقاربة التربية الدامجة لتدفعنا الى القول بأن رهان المدرسة والمؤسسات التربوية تبني توجه تربوي وبيداغوجي يمتح مفاهيم وتقنيات التخطيط والتدبير ومقاربات الذكاءات والمهارات المتعددة والبيداغوجيا الفارقية لتوفير التعلم الجيد والمنصف لجميع الأطفال كيفما كانت اعاقاتهم بالشكل الذي يجعل من الفعل التعليمي التعلمي نشاطا عقلانيا وهادفا يتم التخطيط له وبناؤه وفق أهداف مضبوطة ومحددة وتدبيره وتقويم وضبط سيروراته بالنسبة لكل متعلم على حدة ووفق مقاربة تشاركية تدمج وتكثف جهود مختلف الفاعلين والمتدخلين في العملية التربوية انطلاقا من مشروع مؤسسي دامج .
وفق هذا المنظور تصير المدرسة الدامجة فضاءا اجتماعيا ينفتح على كل الجهود في سعيها الى توفير الحق في التربية والتعلم لكل طفل والى تطوير الملكات والتعلمات وفق مسار تفريدي ومشروع شخصي يأخذ بعين الاعتبار احتياجات كل طفل وقدراته وخصائصه النمائية ودرجة اعاقته .كما يتعين على المؤسسة التربوية ان تكون حاضنة لرؤية تدبيرية قائمة على العمل وفق مشاريع خدمة لمصلحة المتعلم ، كل ذلك بناء على سياسة تربوية ومؤسساتية منضبطة لمعايير تشريعية وتنظيمية دقيقة



يتبع في الجزء الثاني
الجزء الثاني
المدرسة الدامجة نحو الانتقال إلى بارديغم بيداغوجي دامج
تماشيا مع هذا السياق الدولي الذي يشدد على ضرورة دمج جميع الأطفال في التربية المدرسية ويراهن على كسب رهان الانصاف والادماج في التنمية والارتقاء بالفرد وبالمجتمع سعى القائمون على السياسة التربوية الوطنية الى مسايرة التشريعات والاتفاقات الدولية والى تبني المقاربات البيداغوجية المتجددة في التدريس والى اتباع المناهج الحديثة في تدبير المؤسسات التربوية
ولقد دفع الحرص على استدماج القيم الحقوقية الكونية من قبيل الانصاف وتكافؤ الفرص في الاستفادة من خدمات المدرسة المغربية الى تبني مقاربة التربية الدامجة
فقد قامت وزارة التربية الوطنية باعتماد مخطط يسعى الى اعمال مبدأ الانصاف وعدم التمييز باعتبارهما حقوقا أقرتها المواثيق الدولية والدستور المغربي والتي أكدت عليها الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2015-2030
وظلت المدرسة المغربية تحاول السير على أثر هذه السيرورة التطورية وتوج الأمر بجعل التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة ضمن المشاريع الملتزم بها أمام ملك البلاد ثم ببلورة الإطار المرجعي لهندسة المناهج الدراسية لصالح الأطفال في وضع الإعاقة كما تم إطلاق برنامج التربية الدامجة لفائدة الأطفال المعاقين رسمياً من العام الدراسي 2019-2020 تحت شعار المدرسة المواطنة الدامجة.
وقد جاء إصدار القانون الاطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين وبعده القرار 47.19 بشأن التربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة ليقدما الاطار التشريعي والتنظيمي الضابط لنظام مدرسي دامج
كما تم إصدار سلسلة من الوثائق والمذكرات التنظيمية المعنية بتيسير إجراءات الدمج المدرسي للأطفال في وضعية إعاقة
وبمراجعة أولية لمجموع هذه الوثائق والدلائل المؤطرة للمنهاج الدراسي المغربي وللممارسة التربوية والتعليمية داخل المدرسة المغربية نجدها تثير مجموعة من الإشكالات التي تجعل نجاح المؤسسة التعليمية في تحقيق الدمج لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة رهينا بتوفر منظومة من الاشتراطات من قبيل
- ضمان الحق في التسجيل والاستفادة من خدمات المدرسة العمومية
- الحق في التوفر على ملف طبي يتيح معطيات وافية ودقيقة حول وضعية الإعاقة وتطورها
- وضعية – حقوق والتزامات المتدخلين والفاعلين في الدمج المدرسي وخاصة مرافقي الحياة المدرسية
- معايير ومؤشرات جودة البنية المدرسية المستقبلة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
- تكييف البرنامج التعليمي والتربوي لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة وفق مشاريع فردية وجماعية
- تكييف التقويمات والامتحانات الإشهادية لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة
- وكلها إشكالات حقوقية وإنسانية وتربوية وبيداغوجية جاءت النظم التشريعية والتنظيمية المغربية بطموح عال لملامستها وتأطيرها وتحديد سبل أجرأتها في إطار سياسة تربوية طويلة النفس ورؤية تدبيرية متقدمة للمؤسسة التعليمية تسعى إلى التقليص من حدة الهدر الاجتماعي والتربوي وبلوغ مؤشرات النجاح الملتزم بها على المستوى الدولي .
- سيكون إذن سؤالنا المركزي والأساسي ماهي المنطلقات النظرية والمفاهيمية والخلفيات الأساسية للتربية الدامجة ؟وكيف تم التحول والانتقال في ظل السياسة التربوية إلى تبني مقاربة التربية الدامجة ؟ وما هي محددات هذا التحول في الباراديغم التربوي ؟
أسس الانتقال الى باراديغم أنموذج التربية الدامجة
- أي نموذج تربوي وبيداغوجي يمكن من استيعاب جميع الأطفال دون تمييز في مؤسسة تعليمية وهل بالإمكان التحول من مفهوم التربية والتنشئة والتعليم التقليدي المتعارف عليه الذي ظلت ولازالت المدرسة تترجمه كوظيفة أساسية تقدم للأطفال القادرين على التعلم والاكتساب والمؤهلين للتغير والارتقاء وجدانيا وسلوكيا الى مؤسسة تعليمية حاضنة لجميع التلاميذ وخاصة من هم في وضعية إعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة
- ووفق أي اشتراطات وترتيبات سيمكن تأسيس هذا النموذج وتفعيله بالشكل الذي يتيح التمكين التربوي واندماج هذه الفئة في الحياة المدرسية كمنطلق للتمكين الاجتماعي
الأساس الحقوقي في التمكين الاجتماعي والتربوي
لقد أدى الالتفات إلي الأهمية البالغة لمفهوم رأس المال البشري ودوره في نهضة المجتمع وتقدمه إلي إعطاء ,الاولوية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة, و تأهيلهم وتعليمهم وإدماجهم في مجتمعهم كقوى منتجة وفاعلة.
ومن بين أهم تمظهرات الاعتراف المجتمعي بحقوق الاطفال في وضعية إعاقة هو ادماجهم في مسارتعليمي ملائم .وقد برزت قضية الدمج الاجتماعي و الأكاديمي كاستراتيجية تربوية بديلة أصبحت معظم بلدان العالم المتقدمة تأخذ بها , بأمل أن يؤدي تفهم أوضاعهم إلي قبولهم ومراعاة احتياجاتهم المتنوعة في المدارس والمجتمع عامة , بهدف التمكين الاجتماعي لهم
1- يمكن تعريف التمكين الإجتماعي الطريقة التي بواسطتها يتم مساعدة الأفراد والجماعات والمجتمعات أن تتحكَّم في ظروفها، وتستطيع إنجاز أهدافها، وهكذا تكون قادرة على العمل لمساعدة نفسها وغيرها على زيادة مستوى معيشتها، بالتركيز على نقاط القوة للسيطرة على الموارد بزيادة المشارَكة في الأعمال المجتمعية
2- على أنه محاولة تنمية قدرات و مهارات ذوي الإحتياجات الخاصة من خلال التدريبات و الأنشطة المختلفة بشكل يجعلهم قادرين على المساهمة في جميع المجالات كباقي أبناء المجتمع ،و هذا المفهوم يدعو إلى تغيير نظرة أبناء المجتمع إلى المعاقين ،و بدلاً من اقتصار دورهم على مجال معين أصبح من الممكن تأهيلهم ،و إعدادهم بشكل مميز ليشاركوا في مختلف المجالات .7
يركِّز على إعادة الترتيب أو التغيير الجذري للقيم والمعتقدات المرتبِطة بصنع القرار، ويتضمَّن إعطاء الأمل في إحداث تغييرات وتحوُّلات في مؤسسات المجتمع، تعزيز حرية الجماعات والكرامة والحُكم الذاتي، والتمكين الاجتماعي يزيد من الإحساس بالمسؤوليَّة الاجتماعية.
التمكين التعليمي: يركِّز على تنمية الموارد الإنسانية من خلال الفَهم الكامل للنَّسَق التعليمي، ويكون دور الخدمة الاجتماعية هو تنمية القدرة على المشاركة في صياغة وتنفيذ السياسة التعليميَّة على مستوى الماكرو، أما على مستوى المجتمع تعمل الخدمة الاجتماعية على مواجهة مشكلة التسرُّب من التعليم، محو الأمية، إعداد المشاريع التعليمية
مبدئيا عندما نتحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام , فإننا نتجه إلي التركيز على ربط هذا المفهوم بالاعاقة من منظور يركز الاهتمام على الفرد ذاته وما لديه من مميزات وقدرات خاصة, بدل تلك النظرة السلبية للإعاقة التي لطالما سادت علي أنها عاهة, مما ساهم في عزلتهم وتهميش دورهم وإلصاق المسميات السلبية بهم لأزمنة طويلة الى حدود القرن العشرين الذي شهد تطورا في مقاربة مفهوم الإعاقة .
إن ضمان تعليم التلاميذ ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة في النظام المدرسي العادي والمنصف وفي بيئة امنة توفر الولوجيات المادية والبيداغوجية التي تتطلبها وضعية هذا الطفل بعد أن ظل المطلب المرغوب الذي ينادي به أولياء الأمور و الهيئات الحقوقية ، صار مبدأ معظم أنظمة التعليم الحديثة ، وهومبدأ تم إدراجه والتشديد عليه في الاتجاه نحو سيرورة التربية الدامجة
مبادئ العدالة والإنصاف والتمييز الإيجابي
بالنظر الى المرتكزات الأخلاقية والفلسفية يعتبر تمتيع الأطفال بحقهم في التمدرس ضمن فضاءات عادية أمرا أخلاقيا ينم عن احترام قيم إنسانية نبيلة، ومنها تقدير الناس وتثمين إمكانياتهم كيفما كانت قيمة تلك الإمكانيات. وتجد التربية الدامجة أيضا مرتكزاتها في مبدأ الإنصاف والعدالة
اسهمت الحركات الإنسانية والمنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني في الدفع إلى تبني مقاربات جديدة في مجال الحق في التعلم وفق مبادئ العدالة الاجتماعية، ونبذ الإقصاء، واحترام الاختلاف، وتعزيز مفهوم المواطنة والعيش المشترك. وتستمد التربية الدامجة تصوراتها من هذه المبادى التي توجد في صلب المواثيق والاتفاقيات الدولية.
مبدأ المدرسة للجميع: وهو مبدأ يركز على حق كل طفل في أن يجد له موقعا داخل المدرسة، كيفما كانت هويته الثقافية أو الاجتماعية أو الصحية. إذ على المدرسة أن تتسع لكل هذه التنوع والتعدد، وأن تنآى بنفسها عن الرفض والإقصاء.
مبدأ الحق في جودة التعلم: إن التربية الدامجة لا تراهن على حق التعلم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم الأطفال في وضعية إعاقة فقط، بل كذلك الحق في جودة التعلم، مما يستلزم الاجتهاد من أجل ألا يكون تسجيل هؤلاء الأطفال شكليا، بل من أجل الحصول على تعليم يضمن وصولهم إلى أقصى ما يملكونه من إمكانيات، وفي ظروف تضمن كرامتهم.
يحيل هذا المرتكز على حاجة اجتماعية أساسية للارتقاء هي الحاجة إلى التناغم والتوازن والأمن.وتسهم التربية الدامجة في ذلك التناغم من خلال حرصها على تنشئة كل الأطفال، على قبول الاختلاف، وأهمية التعاون والعيش المشترك من خلال العلاقات التي ينسجونها داخل المدرسة وفصولها الدراسية، وكذا التفاعل الإيجابي الذي يدبره المدرس(ة) وهو ييسر المشاريع البيداغوجية للمتعلمين.
إن تواجد الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في فصول عادية هو تربية على المواطنة وعلى العيش في المجتمع مع أشخاص مختلفين لكن لهم الحقوق نفسها ويهيئهم لمرحلة الرشد، وأكثر قابلية للاندماج وتحمل المسؤولية
أما على المستوى الاقتصادي، فقد أوضحت دارسات أن التربية الدامجة أقل كلفة من الناحية المادية، حيث إن تعليم جميع الأطفال في أقسام عادية يفيد في تفادي كلفة إحداث أقسام ومدارس ومراكز مختلفة.
- الانموذج التربوي والبيداغوجي للتربية الدامجة و تقدير الفروق والتفاوتات الفردية
حري بنا في موضوعنا هذا أن نقترح تعريفا للتفاوتات والفروق الفردية بين المتعلمين يكون متسقًا مع مبادئ التربية والتعليم الدامج. ففي دراسته التحليلية, اعتبر برودوم Prud homme ،التفاوتات بين المتعلمين"تعبيرًا عن الخصائص المرتبطة بالمتعلم التي تحيل إلى التجارب التي عاشها بالفعل والتي رفع تحدياتها من خلال المواقف الجديدة المقترحة عليه في الفصل الدراسي " ولعل الخبرات والتجارب المتراكمة تمنح الطفل مخزونا وقيمة مضافة وميزة عن أقرانه وتؤهله لابداع الحلول لمواجهة المشكلات والصعوبات
هذا التنوع في الفروق الفردية، غير جامد بطبيعة الحال، يتم التعبير عنه من خلال الأذواق و الحاجات و الصعوبات و الاهتمامات و الاستعدادات و الاختيارات و طرق اللقيام بالمهام المتعلقة بالأهداف المرجوة.
لذلك وجب الاعتراف بهذا التنوع في اطار مشروع للنجاح والعدالة الاجتماعية والإنصاف, بغاية تحقيق الارتقاء الفردي والجماعي في السياق المدرسي.
ويقترح الباحث منظوراللاعتراف الايجابي بالتفاوتات والفروق من خلال الموقف الأخلاقي والموقف
الابستمولوجي الذي يشير الى مفهوم التعلم والموقف الأيديولوجي الذي يؤطره مفهومنا للمجتمع.
المواقف الثلاث للاعتراف باللاتجانس وتمظهراته في إطار التربية الدامجة -الباحث-
أولا الموقف الأخلاقي للاعتراف بالتفاوتات بين المتعلمين: هذا الموقف الأخلاقي يتحدد في أن يعترف الفاعل التربوي دون قيد أو شرط بإمكانات كل المتعلمين, وفي قابليتهم للتعلم وبالتفاوتات بينهم .هذه التفاوتات ترتبط بما يعيشه المتعلم ويفهمه أثناء المواقف الذي يجد نفسه فيها ، وكذلك بالتجارب التي عاشها داخل أو خارج المدرسة أو بخصوصياته (التصرف العاطفي، والتصرف المعرفي وأساليب التعلم ، والقدرات الفكرية الذكاءات المتعددة ، والتعلم المكتسب ، ووجود إعاقات جسدية أو حسية أو عصبية ، وما إلى ذلك).
ويتطلب الاعتراف بهذه الاختلافات اسهام كل الفاعلين في تخفيض درجة إحساس المتعلم ذي الاحتياجات الخاصة باختلافه عن أقرانه. بهذا المعنى، يبدو من الضروري أن ندرك أن جميع المتعلمين يحملون المعنى (حول العالم الخارجي وحول الذات و الموضوع ,لذا ففي العلاقة التربوية تتحدد المسؤولية المهنية للفاعل التربوي في السعي لفهم هذا المعنى .
ثانيا الموقف الابستمولوجي للتفاوتات بين المتعلمين: في السياق البيداغوجي يرتبط هذا الموقف بالاتجاه السوسيوبنائي الذي يسلط الضوء على الدور الحاسم للتفاعلات الاجتماعية والثقافية، في فهم خصائص أو تفضيلات المتعلم. وقد يعتبر تنويع الوضعيات والمواقف التعليمية اهم عوامل بروز التفاوتات بين المتعلمين التي تستوجب إبرازها واستثمارها.وسيعود المقال لاحقا للاتجاه السوسيوبنائي
ثالثا الموقف الاديولوجي: إن ظاهرة التنوع، باعتبارها جزء من مشروع تعليمي للنجاح والعدالة الاجتماعية والإنصاف ، تدعو إلى ثقافة التبادل والاعتماد البيني وبهذا المعنى فقط ، سنضمن إثراء أفكار وموارد وبدائل المتعلم بغرض تحقيق الاهداف المعينة .
الجزء الثالث
- في تجديد الباراديغم التربوي والبيداغوجي نحو التربية الدامجة أو البيداغوجيا الكونية الشاملة
سارت البيداغوجيا الحديثة نحو نقض الأسس والمرتكزات التقليدية لفعل التربية بحسبانه فعل الراشد على الطفل يستهدف التنشئة الاجتماعية ونقل القيم وشحن ذهن الطفل بالمعارف الواجب استعمالها في المجتمع للبرهنة على الصلاح والقدرة على التوافق مع المجتمع الى تشكل انموذج تربوي حديث يرى في الفعل التربوي والبيداغوجي احترام رغبات الطفل وحريته. انه ليس مجالا للقولبة و التطبيع بل أنه مجال للتفتح والاكتشاف. فمع التطورالذي شهدته العلوم الإنسانية و سلسلة النجاحات التي حققتها خصوصا في مجال علم النفس والتقدم في اكتشاف الإنسان و معرفته، خصوصا مع المدرسة السلوكية ثم البنائية والتحليل النفسي…الخ ستظهر مقاربات بيداغوجية جديدة ستشتغل وفق براديغم جديد راهن على تنمية المهارات لديه وتوظيف تعثراته و”أخطائه ” في أفق بناء معارف ثابتة لديه في مواجهة ونقد للبيداغوجيا التقليدية باعتبارها بيداغوجية كانت تركز بالدرجة الأولى على الإلقاء والشحن والتمييز بين الأطفال على أساس الإمكانات والقدرات الذهنية والعقلية
غير ان الامر لم يقف عند هذا الحد بل فرض انفتاح المؤسسة التربوية على الأطفال حاملي الإعاقة تبني تقنيات بيداغوجية متجددة تتيح دمج هؤلاء في الوسط المدرسي وقد اهتدى الكثير من الباحثين الى وضع ما سموه البيداغوجيا الكونية للتعلم PUA
البيداغوجيا الكونية للتعلم مفهوم في قلب التخطيط للتربية الدامجة
يندرج هذا التصور في اطار القطيعة مع المدرسة التقليدية باعلاء شأن الاختلافات الفردية وإعطاء الأهمية للتدبير الفروق الفردية وتعدد الحاجيات التربوية
الانموذج البيداغوجي الكوني الشامل هو تخطيط وهندسة بيداغوجية تدعم الفعل التربوي للاطار التربوي المدرس إزاء تنوع واختلاف الأطفال الذي يميز التربية الدامجة ويحيل هذا الانموذج الى خلق بيئات سهلة الولوج و تستجيب لحاجيات الجميع في المحصلة
مجموعة من المبادئ المرتبطة بتطور المنهاج الدراسي وهندسته التي تحفزامكانيات متساوية للتعلم لجميع المتعلمين انها تضع الغايات والاهداف وطرائق العمل والتقويم والعتاد التعليمي لفائدة جميع التلاميذ سنرى ان مبدا المساواة يستلزم مزاوجته بمبدا توفير التعليم فهذه البيداغوجيا ليست طريقة او صفة وحيدة تطبق على الجميع بل هي مقاربة مرنة يتم تعديلها وتكييفها حسب حاجيات الافراد العادل والمنصف تهدف هذه البيداغوجيا نقل مبادئ الولوجية الى سياق التعليم وتراهن على التخطيط المحكم بناء على الاستباق والتشخيص الدقيق للحاجيات التي يمكن ان تطفو في سياق الفعل التربوي داخل القسم العادي
باعتبارها انموذجا تربويا حديثا ومجددا تتاسس هذه البيداغوجيا على بناء نظري من المفاهيم والمبادئ التي تشكل اطارا مرجعيا للفعل التربوي من اجل استعمال التكنولوجيا بهدف الرفع من إمكانيات التعلم لدى كل طفل تعالج هذه البيداغوجيا نوعين من التحديات يواجههما المدرس اليوم يقدربان اكبرالتحديات المرتبطة بتدبير الفروق والتنوع في القسم هو الحفاظ على المتطلبات Rose et Meyer (2002) المرتفعة لجميع التلاميذ بهدف تشجيع تطور الجميع كل حسب قدراته
ويرتبط هذا الانموذج التربوي والبيداغوجي من حيث المفاهيم المؤطرة للممارسة ومن حيث نمط الاشتغال واهداف الممارسة التربوية بمجموعة من النظريات التربوية والبيداغوجية والمبادئ والاسس الإنسانية


-الانموذج السوسيوبنائي للتعلم
إن اعتماد التربية الدامجة على السوسيوبنائية، ينطلق من أن بناء التعلمات يحدث نتيجة التفاعلات والصراعات، مما يسمح للاختلاف بأن يشكل أداة ناجعة لتعلم أفضل. وتلعب بيداغوجيا الوساطة في هذا المسعى دورا أساسيا .
فالنجاح في التعلم غير مرتبط بالفرد، بقدر ما يرتبط بنوعية وطبيعة الوساطة التربوية. إذ ليس هناك شخص عاجز عن التعلم، بل هناك وساطة عاجزة عن القدرة على إيجاد التقنيات والطريقة الملائمة التي تسمح بنقل المتعلم(ة) من منطقة التعلمات التي يمتلكها (Vigotsky)، إلى منطقة التعلمات المجاورة للنمو التتي تكون فيها التحديات المقترحة على المتعلم كبيرة بشكل يسمح بالتطور والنمو بكل ثقة والنجاح في التعلم كما يقول فيكوتسكي إلى منطقة مكتسبة، نحو منطقة ثالثة تكون مجاورة للثانية، وهكذا دواليك.
مبدأ المراهنة على الوساطة الاجتماعية: وهو مبدأ يعتبر أن جودة الوساطة التربوية والاجتماعية هي الكفيلة بتطوير التعلم والشخصية؛ وتبقى الحلقة الأساس في نجاح الدمج؛ سواء في بعدها البيداغوجي (المدرسون والمربون) أم في بعدها الاجتماعي (الأسر، زملاء القسم فالوساطة كفيلة بالانتقال بالصراعات السوسيومعرفية الى جعلها دافعا وفرصة ثمينة لتحفيزالتعلم .
مبدأ تكييف التعليم لا تكييف المتعلم – التفريد -: وهو مبدأ يركز على أن يجد الطفل ذاته في المدرسة من خلال مشروعه البيداغوجي الشخصي، الذي يسمح له بالتطور وفق وتيرته الخاصة في الفهم والتعلم والإنجاز.
يقول Vienneaudفيينو ان الدمج المدرسي يهدف بالأساس الى تدبير الاختلافات المتنوعة التي تلاحظ في صفوف التلاميذ والتلميذات إيقاع التعلم نوع الذكاء أسلوب التعلم شدد على ضرورة تفريد سيرورة التعليم التعلم لفائدة كل التلاميذ
ان الدمج يتأسس على فكرة ان كل متعلم كائن متفرد وان تتم هيكلة وبنينة المدارس وسيرورات التعليم والتعلم بشكل يتلقى فيه كل متعلم تربية تلائم خصائصه الشخصية واحتياجاته الخاصة وبالتالي فقد صار حقا أساسيا وليس امتيازا
الباحثتان ديون وروسو Dionne et Rousseau تقيمان بهذا تمييزا بين المفهوم السياسي والجذري للدمج المدرسي والمفهوم البيداغوجي الذي يتمحور اكثر على المسلكيات البيداغوجية التي يتطلبها الدمج المدرسي
وقد حدد اينسكو واخرون Ainscow&AL العناصر المكونة لهذا النموذج البيداغوجي. فالدمج المدرسي ليس فقط الاهتمام بالتلاميذ الذين يستفيدون من منهاج مكيف اومن مساعدة إضافية او من طريقة او أسلوب عمل مختلف وملائم لكن الامر يتعلق بسيرورة تحاول ضمنها المدرسة لتستجيب لحاجيات الجميع مع التركيز على الممارسات الفعالة وهما يضيفان بان المدرسة الدامجة يمكن ان تكون في بعض الحالات مدرسة متخصصة عندما يتعلق الامر بتمدرس طفل اعتبرسلفا غير قابل للتدريس نظرا لعمق اعاقته او قصوره
كما أنه اذا هدف الدمج هوالاستجابة للحاجيات التربوية لكل التلاميذ داخل الأقسام العادية فهذا لا يعني بالضرورة ان كل التلاميذ يجب ان يكونوا طيلة الوقت في الأقسام العادية بل تظل التوجهات نحو إيجاد اليات ومعدات متخصصة في كثير من الأحيان ممكنة
الجزء الرابع التجربة المغربية في تمدرس ذوي الاحتياجات الخاصة قراءة في المسار التشريعي والتنظيمي
يمكن القول بأن السياسة التربوية وضمنها التشريعات المدرسية في مجال تعليم وتربية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الاعاقات تتسم بالحداثة،وظلت لمدة طويلة تتسم بالظرفية دون القدرة على تنزيل رؤية واضحة ومخطط عمل ديناميكي واجرائي غير أنها أحرزت تقدما مهما على المستوى المعياري، وذلك بداية من التنصيص الدستوري على ضرورة تمتع هذه الفئات بحقوقها كاملة على أساس الإنصاف والحماية،وكذا بفضل المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وإصدار العديد من النصوص التشريعية والتنظيمية. وكل هذا التطور أضحى يشكل البناء المرجعي الحقوقي والتنظيمي للممارسة التربوية في مجال التربية الدامجة
حقوق الأطفال ذوي الاحتياجات من خلال مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية الخاصة
ظل الدستور المغربي يؤكد التزام الدولة المغربية على ضمان وحماية حقوق جميع المواطنين في إطار المساواة امام القانون الان ان الإقرار الدستوري بضرورة الانصاف والتمييز الإيجابي إزاء الفئات الهشة وضمنها ذوو الاحتياجات الخاصة شكلت منعطفا حديثا في المضمون الحقوقي للدستوروالتشريعات والسياسات العمومية
أولا دستور يوليوز 2011
حظيت مسألة الإعاقة باهتمام خاص داخل دستور المملكة لسنة 2011، وذلك من خلال التنصيص على منع التمييز على أساس الإعاقة، ودسترة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأشخاص في وضعية إعاقة. فتصدير الدستور الجديد يؤكد على التزام المملكة بحظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي.
كما ينص الفصل31 على حق جميع الأشخاص في الحصول على الرعاية والتنشئة الاجتماعية وعلى تعليم عصري ميسر وذي جودة وينص الفصل 34 على أن تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص و الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة
ثانيا الاتفاقيات والبرامج الدولية والاممية
وعبر المغرب عن انخراطه في المنظومة الدولية لحقوق الانسان والأطفال وخاصة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، فقد سارع الى التوقيع على العديد من الاتفاقيات الدولية الرامية إلى ضمان حقوق هذه الفئات وخاصة الحق في التربية والتعليم ومنها اتفاقية حقوق الشخص الأشخاص في وضعية إعاقة وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بها بتاريخ 14 أبريل.2009
تبنى المغرب في اطار اتفاقية حقوق الطفل حق فئات ذوي الاحتياجات الخاصة في ارعاية الاحتماعية والتربية والتعليم وخاصة في المادة 17 الخاصة بالتعليم والمادة 23 الخاصة بالرعاية والتأهيل للاندماج الاجتماعي
و تبنى المغرب مختلف المبادى التي أقرتها خطط واستراتيجيات التنمية التي تضعها الهيئات الأممية ومن أهمها خطة أهداف التنمية المستدامة 2015 -2030 وخاصة الهدف الرابع ضمان التعليم الجيد المنصف والدامج للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.
الاطار التنظيمي للتجربة المغربية في الدمج المدرسي لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات
مرحلة مقاربة التربية المتخصصة :
في ظل هذه المرحلة راكم التشريع المغربي نصوصا تشريعية و تنظيمية عامة متواترة تتعلق برعاية الأشخاص ذوي الاعاقات .غير أن تكريس المقاربة المتخصصة ظل السمة الغالبة .ويمكن اعتبار القانون 7.92 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين الاطار العام لمأسسة حقوق الأشخاص المعاقين وقد صدر بتطبيقه مرسوم بتاريخ 19 دجنبر 1997
مرحلة الإدماج المدرسي القائم على المقاربة المتعددة التخصصات :
لقد جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين في الدعامة 14 ليجعل من بين أهداف المنظومة التربية تحسين الظروف المادية والاجتماعية للمتعلمين و العناية بالأشخاص ذوي الحاجيات الخاصة إذ نجد في البند 142
تعمل سلطات التربية والتكوين على رعاية حق الأشخاص المعاقين أو الذين يواحهون صعوبات جسمية أو نفسية أو معرفية خاصة في التمتع بالدعم لتخطيها .كما تعمل على تجهيز المؤسسات بممرات و مرافق ملائمة ووضع برامج مكيفة و تزويدها بأطر خاصة لتيسير اندماج الأشخاص المعنيين في الحياة الدراسية و بعد ذلك في الحياة العملية...
وتوالت منذ ذلك الحين النصوص التنظيمية في هذا الشأن ومن أهمها :
المذكرة الوزارية 008 بتاريخ 7 أبريل 2000 جاءت في سياق تبني الميثاق الوطني للتربية والتكوين
المذكرة الوزارية 89 بتاريخ 19 غشت 2005 حول إجراءات الدخول المدرسي 2005/2006 ونصتا على
-تمتيع فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالأسبقية في إطار مقاربة التمييز الايجابي ، وذلك بفتح المزيد من الأقسام المدمجة انطلاقا من الحاجات المعبر عنها، ووفق المواصفات التقنية المتعارف عليها دوليا ( حوالي 10 أطفال في كل قسم مدمج )، مع توفير الظروف البيداغوجية و التجهيزات اللازمة لها بتنسيق مع شركاء الوزارة و اعتماد تنظيم تربوي للإدماج المدرسي لهذه الفئة من الأطفال...
وقد خص البرنامج الاستعجالي 2009-2012 المشروع E1 P7 لتعزيز الادماج المدرسي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وقد كان يتغيا احداث حوالي 800 قسما مدمجا لهؤلاء وتهييء الأقسام العادية لتيسير ولوجهم بالإضافة الى تطوير عدة تكوين المدرسين. وفي اطاره تم اصدار المذكرة الوزارية 143 بتاريخ 13 أكتوبر 2009 حول تمدرس الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والتي نصت على
• اتخاذ كافة الاجراءات والترتيبات اللازمة لتسهيل عملية تسجيل المتعلمات و المتعلمين في وضعية إعاقة؛
• تهيء و تجهيز فضاءات ملائمة للأقسام المدمجة الخاصة بهذه الفئة من المتعلمين و المتعلمات
• توفير الأطر التربوية المؤهلة؛
• الاسترشاد بخبرات الفريق التربوي متعدد الاختصاصات من أجل ملاءمة الزمن المدرسي و البرامج وأدوات التقويم سواء عن طريق تكييف الامتحانات و ملائمتها أو اعتماد المشاريع التربوية الفردية؛
• ضمان استفادة المتعلمات و المتعلمين من تأطير اساتذة مختصين؛
• الحرص على ان تحتل الأقسام المدمجة مكانة محورية في كافة مشاريع المؤسسة؛
• تنمية ودعم الشراكات مع جمعيات المجتمع المدني العاملة في المجال.
المذكرة الوزارية 3/2274 بتاريخ 30 أبريل 2013 نصت على تكييف المراقبة المستمرة و الامتحانات المحلية و الإشهادية لفائدة التلاميذ في وضعية إعاقة أو الذين يعانون من اضطرابات التعلم وإرساء تدابير جديدة لنظام التقويم والامتحانات بمنظومة التربية والتكوين على قاعدة الإنصاف، ودعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة ، ومراعاة قدراتهم الخاصة ،
المذكرة الوزارية 14.039 بتاريخ 03 أبريل 2014
تنص على العمل على تكييف شروط المراقبة المستمرة والامتحانات المحلية و الإشهادية لفائدة التلاميذ في وضعية إعاقة وكذا معايير تصحيح الإنجازات ،وتنويع أشكال صيغ التقديم المادي للمراقبة المستمرة لتناسب طبيعة كل إعاقة خلال جميع المراحل الدراسية : الابتدائي ، الثانوي الاعدادي ، الثانوي التأهيلي، عمومي وخصوصي
مرحلة مقاربة التربية الدامجة لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة
سيرا على خطى التوجهات الدولية الحديثة وعلى الخطب الملكية الرامية الى إقرار حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والفئات الهشة دشنت الحكومة المغربية سنة 2015 سياسة عمومية مندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة 2016-2026. ففي يوليوز2017 اعتمدت الحكومة مخطط عمل وطني لتنزيل السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة 2017-2021.
ومن حيث دعم تمدرس الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 وضعت في اعتبارها مسألة تمتع هذه الفئة بحقها في التربية والتعليم إسوة بباقي شرائح المجتمع
وتنص الرؤية الاستراتيجية على :
• إرساء مقاربة بيداغوجية فعالة و ناجعة لتدبير سيرورات التعلم و الاكتساب المتلائمة مع حاجيات الأطفال في وضعية إعاقة؛
• تقديم عرض تربوي دامج يساعد على تحقيق تربية دامجة تأخذ بعين الاعتبار حاجيات كل الأطفال و تلبي انتظاراتهم، و تواكب ارتقاءهم المدرسي من لحظة ولوج التعليم الإجباري حتى الوصول إلى أعلى المستويات الأكاديمية والمهنية.
• تهييئ الطفل للاندماج و النجاح مع تكييف الأنشطة المبرمجة وطرائق الاشتغال المعتمدة لتلائم الحاجات التربويةوالنفسية الخاصة بالأطفال في وضعية إعاقة.
كما صادق البرلمان سنة 2016 على القانون الإطار 97.13 والذي استوحى تعريفه للإعاقة من اتفاقية حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ويشكل هذا النص التشريعي المدخل الأساس لعملية ملاءمة التشريع الوطني مع المعايير الدولية والالتزامات الأممية
إلا أن القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين 51.17 يشكل اللحظة التشريعية الفارقة في مسارالاعتراف بحق ذوي الاحتياجات الخاصة في التربية والتكوين. فهذا القانون ينص في ديباجته على تأمين الحق في الولوج الى التربية والتعليم والتكوين للأطفال في وضعية إعاقة أوفي وضعيات خاصة. وفي مادته 13 على ضرورة التزام مؤسسات التعليم الخصوصي بالمساهمة في تعليم الأطفال في وضعية إعاقة وفي وضعية خاصة.
ونجد في المادة 25 منه تعمل الدولة على تعبئة جميع الوسائل المتاحة واتخاذ التدابير اللازمة لتيسير اندماج الأطفال في وضعية إعاقة وفي وضعية خاصة في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وتمكينهم من الحق في التعلم واكتسابهم الكفايات والمهارات الملائمة لوضعيتهم .
كما صدرت مقررات وزارية في ماي 2017 تقضي بتكييف الامتحانات الإشهادية بالنسبة للتلاميذ المترشحين ذوي الإعاقة في السلكين الابتدائي والثانوي) المقررات 9.17 للثانوي التأهيلي وللإعدادي 10.17و11.17 للابتدائي (
المذكرة الوزارية 079/18 بتاريخ 29 مارس 2018 حول تشجيع تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي
القرار 47.19 الصادربتاريخ 24 يونيو 2019 المتعلق بتفعيل التربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة
قراءة في القرار الوزاري رقم 47.19 بشأن التربية الدامجة للتلميذات والتلاميذ في وضعية إعاقة
صدر بتاريخ 24 يونيو 2019 القرار المتعلق بالتربية الدامجة لفائدة للتلميذات والتلاميذ في وضعية إعاقة استكمالا للإجراءات والتدابير التي اتخذتها الوزارة والمتعلقة بالتربية الدامجة
هكذا تم ترسيم وإقرار مقاربة التربية الدامجة لانهاء تجربة الإدماج المدرسي مع تثمينها وتطويرها مسايرة للتجارب الدولية الأخذة بالدمج التربوي لذوي الاعاقات في المدارس العادية رفقة أقرانهم "الأسوياء" في هذا المقال المتواضع سأحاول اثارة بعض الملاحظات البسيطة في الشكل وفي الجوهرحول القرار وبعض بنوده .
بداية الملاحظ أن القرار يحيل الى تراتبية من النصوص القانونية المرتبطة بمؤسسات التعليم العمومي والخصوص والاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في احترام لمبدأ تراتبية القوانين وضرورة احترام القرار للقانون الأسمى درجة القوانين التنظيمية فالقوانين العادية فالمراسيم ثم القرارات والملاحظ أيضا ان التسلسل والترتيب جاء بالمنطق و المعيار التاريخي بدءا من القانون المحدث والمنظم للاكاديميات الجهوية والتي ستتولى اختصاص الاشراف على مشاريع المؤسسات التعليمية الدامجة
والملاحظ أن القرار صدر في خضم النقاش حول القانون الاطار لمنظومة التربية والتكوين 51.17
ومن حيث المضمون يبدو أن القرار يتماشى مع الرافعة الرابعة للرؤية الاستراتيجة التي تنص على تأمين الحق في ولوج التربية والتكوين للاشخاص في وضعية اعاقة أو في وضعية خاصة وهو في ذلك يأخذ بالتعريف الوضعياتي لمفهوم الاعاقة الذي جاء به الإطار المرجعي للهندسة المنهاجية لفائدة هذه الشريحة من الأطفال وهذا وارد في المادة الأولى منه والتي وضعت للقرار هدفا رئيسا وهو تحديد الإطار التنظيمي والبيداغوجي للتربية الدامجة ويتوافق أيضا منطقيا وبالتبعية مع القانون الاطار للتربية والتكوين 51.17
ومن حيث الجوهر والمضمون يقدم القرار تعريفا إجرائيا للتربية الدامجة في مادته الثانية انطلاقا من تحديد هدفين رئيسيين :
التعلم ضمن نفس البيئة التي يتعلم فيها الأسوياء والتي توفر لهم شروط النجاح
اعتبار خصوصية هذه الفئة بإقرار الاستفادة من تكييف التعلمات وطرائق وتقنيات العمل بما يناسب كل صنف من أصناف الاعاقة بالإضافة إلى خدمة التأهيل والمواكبة في فضاءات متخصصة يرتادها المتعلم حسب برمجة زمنية وفق مشروعه البيداغوجي الفردي
هذا بالإضافة إلى الاستفادة من خدمات الدعم بشتى أنواعه والوساطة المدرسية المادة الرابعة
ويلاحظ مما ورد في المادة الثالثة أن القرار حدد وسمى 6 اعاقات وترك النص مفتوحا على إعاقات وحالات أخرى في حين أنه لم يقدم تعريفا للإعاقة أو لوضعية الاعاقة في حين أن الاطار المرجعي للهندسة المنهاجية حدد الاعاقات المستهدفة بالدمج المدرسي وهي الاعاقات الخفيفة والمتوسطة والتي يقدم الاطار لائحة حصرية لها
وبرأيي يبدو أن المادة الخامسة والسادسة قد تنفتح على تأويل اذا اعتبرت الخدمات المشار إليها تكرارا أو تفسيرا لما تم التنصيص عليه في المادتين السابقتين اللهم اذا تم اعتبار الخدمات الواردة فيهما حصرا على ذوي الاعاقات
لقد أسندت بموجب المادة السابعة سلطة الإشراف على تدبير تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة لمدير الأكاديمية الجهوية الذي يوليها للجنة جهوية وتم حصر دور الأكاديميات في توفير الوسائل والمعينات الديداكتيكية والسيكوبيداغوجية والمعلوماتية التي من شأنها أن تخدم إمكانية التعلم والاكتساب لكل تلميذ حسب طبيعة كل إعاقة واذا كان القرار لم يبين اختصاصات اللجنة الجهوية فإنه بالمقابل قدم لائحة حصرية للعمليات التي يتعين على المديريات الاقليمية القيام بها تحت إشراف الأكاديميات الجهوية وبالتالي قد يبقى المجال مواربا ومفتوحا للاجتهاد والتأويل المفضي إلى التنازع والتداخل في المهام بين اللجنة الجهوية واللجنة الاقليمية إلا اذا تم اعتبار إشراف اللجنة الجهوية يشمل اختصاصات ومهام اللجنة الاقليمية .
وينتظر وفق ما جاء في القرار تحيين دفاتر التحملات الخاصة باحداث وتدبير مؤسسات التعليم الخصوصي المدرسي بغية تشجيع تحولها إلى مؤسسات تعليمية خصوصية دامجة وتضمين دفاتر التحملات تلك تدابير ميسرة ومحفزة تشجع المؤسسات التعليمية الخاصة الى تقديم خدمات الدمج للأطفال في وضعية
ومما نلاحظ هنا هو أن القرار لا زال يتبنى مقاربة التحفيز والإرادية والطواعية ازاء المؤسسات الخصوصية مقابل إلزام المؤسسات العمومية باستقبال المتمدرسين من ذوي الاعاقات
وفي هذا الصدد فالأكاديميات تلزم نفسها بتقديم خدمات التكوين الأساسي والمستمر الأطر هذه المؤسسات الخاصة بالإضافة إلى التعبير عن استعدادها لتقديم تجهيزات لهذه المؤسسات من أجل التحول إلى مؤسسات دامجة
والواضح هو ان القرار الوزاري الذي يعد تفعيلا للفصل 25 من القانون الإطار ونصوص وفصول اخرى ظل يحتاج الى التفسيرات التي يقدمها الاطار المرجعي للهندسة المنهاجية كما يحتاج الى نصوص تنظيمية اضافية لتفسير وتدقيق اجراءات التسجيل والدمج واجراءات تيسير الاكتسابات وتكييف التقويمات وقد تم دلك مؤخرا
وفي الأخير نوجه ملاحظة بضرورة تنقيح الاستمارتين نموذج 1 و2 المرفقتين بالقرار صياغة وتدقيقها على الأقل حتى تكون في مستوى الشبكات المتضمنة في الإطار المرجعي وفي مستوى الاستمارات وطرائق تشخيص الاعاقات التي يشتغل بها الأطباء وتكون في مستوى الشبكات التشخيص والقياس المعمول بها في منظومات تربوية أخرى .
وملخص القول وتبعا للمعايير التقنية المعترف بها في مختلف المواثيق الدولية المرجعية،وكذا في العديد من النصوص المغربية فالنظام التربوي الدامج بالمغرب في أفق ترسيم الدمج المدرسي يتكون عموما من ثلاث صيغ متكاملة
1. المدارس العادية وهي الفاعل الأساسي للتربية الدامجة حيث يتعين عليها استقبال الأطفال ذوي الإعاقات وإجراء التعديلات المعقولة وإجراءات المصاحبة والدعم التفريدي والمتمحور على المتعلم من أجل تسهيل النمو المدرسي والإدماج. ومن أجل تسهيل التمدرس في المدارس العادية يستوجب توفير اطر الدعم واطر المساعدة في الحياة المدرسية وتكييف التنظيم التربوي والاختبارات.
2. الأقسام المدمَجة وكان الأمر يتعلق بالأقسام والفصول الدراسية التي تجمع أطفالا من ذوي الاعاقات الخفيفة والمتوسطة يتم تعلمهم من طرف مدرسين في انتظاردمجهم في الأقسام العادية. وقد تحولت إلى ماسمي بقاعات الموارد للتأهيل والدعم في المدارس
3. مؤسسات التربية المتخصصة وتهتم باستقبال وتمدرس أنواع من الاعاقات والقصورات ويتم تسييرها عادة من طرف جمعيات ويتعين أن تمكن هذه المراكز انتقال الأطفال ذوي الاعاقات الى التعليم العادي حالما يكون ذلك ممكنا وفي بعض الحالات يمكن ان تلعب دور مراكز مورد بوضع خبراتها وجزء من خبرة مهنييها لمصاحبة المدارس في استقبال هذه الفئة من الأطفال

خلاصات
- ان التفكير في أنموذج تربوي بيداغوجي يرجى الاسترشاد به وتطبيقه في استراتيجية الدمج المدرسي للأطفال في وضعية اعاقة ، يتجاوز العلاقة الثلاثية مؤسسة تعليمية ، معارف ومهارات مراد تعلمها ومتعلم ، وتمليه طبيعة هذه العلاقة التربوية التي تتمطط وتتوسع لتشمل برامترات ومحددات كثيرة وأولها
- المحيط المدرسي الذي يتعين أن يتوفر على مقومات الجودة لتيسير الدمج في الحياة المدرسية لفائدة الأطفال في وضعية اعاقة (كي نحافظ على المفهوم المعتمد في الوثائق الرسمية)
- -المنهاج التربوي وما يفرض فيه من انفتاح وتكييف ليأخذ بعين الاعتبار خصوصيات وحاجيات الفئة المطلوب استفادة من الدمج المدرسي على قاعدة وأساس الانصاف .
- وحسب تقديري ورأيي ،فالمنهاج الدراسي الحالي باعتباره مجرد خطة أوخارطة طريق أو دليل استعمال لتنفيذ وأجرأة السياسة التربوية، بهندسته الحالية القائمة على منطق الكفايات على اختلاف أصنافها ، كمدخل بيداغوجي أساسي لم يعد كافيا لاستيعاب الحاجيات المتجددة لمجتمع يروم تحقيق الدمج والتمكين التربوي لجميع الأطفال في سن التمدرس. كما ان البرامج الدراسية الحالية وطرق الاشتغال واليات التدبير والتقويم تثبت عبر الممارسة اليومية والملاحظات الصفية قصورها عن تيسير تعلم وتربية هذه الفئة. وبالتالي صار مطلب اعادة النظر في الهندسة المنهاجية والبيداغوجية وتوفير بدائل عملية وتطبيقية جديدة وملائمة تحاول مسايرة متغيرات السياسة التربوية في أبعادها الحقوقية والانسانية أكثر راهنية والحاحا .
- من الناحية البيداغوجية والتربوية ، نثير أسئلة جوهرية لطالما تمت اثارتها في اطار الحديث عن المنهاج التربوي
- اذا كان المنهاج التربوي الحالي يتأسس ويقوم على منطق الكفايات كمدخل بيداغوجي مسنودا بمدخلي القيم والتربية على الاختيار، فهل صياغة الكفايات بشكلها الحالي صالحة لان تكون النتاج والسمة والملمح الأساس المفروض تحقيقه لدى جميع المتمدرسين ?
- وأي ملامح ومقومات يفترض أن يتوفر عليها المنهاج التربوي والأنموذج البيداغوجي الملائم للدمج المدرسي ?
- فيما يخص السؤال الأول رب مجيب سيصدر عن بداهة بالنفي اجل ان منطق الكفايات السنوية التي تشكل ملمح التخرج لدى المتعلم يتوجه بداهة للأطفال الاسوياء، ولا يمكن بأي حال من الاحوال وهذا بديهي ومنطقي ، جعلها معيارا للحكم على نجاح التعلمات وانتقال متعلم من ذوي الاعاقات الى مستوى أعلى. وفي ظل الباراديغم البيداغوجي والتربوي الجديد تعين ان تكتسي الكفاية بعدا أكثر تكيفا واختزالا . وفي هذا السياق كذلك فإعادة هندسة المنهاج التربوي أصبح ضرورة اصلاحية لازمة لتيسير الدمج والتمكين التربوي .وقد أحسنت مديرية المناهج ومعها مجموعة من الخبراء المختصين في مبادرتها لاخراج هندسات منهاجية فرعية خاصة بكل نوع من الاعاقات عملت ضمنها على تكييف الكفايات من حيث الترتيب في الأهمية والتدرج ومن حيث المنطوق والمكونات (راجع الاطار المرجعي للتربية الدامجة الصادر عن مديرية المناهج )
- في ما يخص مقاربة السؤال الثاني يمكن القول مبدئيا، إن الهندسات المنهاجية الفرعية المرتبطة بانواع الاعاقات يمكن ان تعتبر صورة اولية عما يمكن ان يشكل أهم ملامح ومواصفات المنهاج التربوي الخاص بالتربية الدامجة والذي عبره يتحدد أيضا جزء كبير من ملامح ومقومات الانموذج التربوي والبيداغوجي المراد اتباعه لتيسير الدمج المدرسي لفائدة الأطفال في وضعية اعاقة
- وانطلاقا منه يتم التمييز بين الهندسة البيداغوجية للتعلمات وهي اصطلاح سيكوبيداغوجي انطلق كما رأينا مع الاسس النظرية للأنموذج البيداغوجي من النظرية السوسيونائية وتيارات علم النفس المعرفي التي ترى بأنه كل سيرورة تعليمية يتحتم أن تبنى وفق هندسة محددة تنطلق من تحديد للحاجيات والخصوصيات الاطفال المتعلمين وفروقهم وتفاوتاتهم السيكومعرفية والنمائية والأهداف التعلمية الخاصة بكل متعلم ، كمدخلات لهذه السيرورة وبرمجة وتدبير المدى الزمني الملائم لتحصيل هذه التعلمات انتهاءا بافتراض وتوقع النتائج المرجوة عبر المسار التعلمي.ان هندسة التعلمات عبر سيرورة منتظمة ومتدرجة وفق تخطيط وبرمجة محددة هادفة ومحكمة يلزم أن تنطلق من مبادئ أساسية سنعرض لها الى جانب التدرج وهي التكييف والملاءمة والتنويع .
- وبالتوافق مع هذا المفهوم يمكن اعتبار الهندسة البيداغوجية للتعلمات جزء من هندسة منهاجية كتصور وتخطيط شمولي لمسار الدمج المدرسي للطفل في وضعية اعاقة .والهندسة المنهاجية العامة هي بمثابة رؤية شمولية تترجم المنطق المؤسساتي الرسمي والتوافقات المجتمعية ومنطق اشتغال كل الشركاء من أجل تأطير وتوجيه السيرورات التعليمية التعلمية المقترحة على الطفل في وضعية اعاقة .وتتضمن هذه الرؤية الشمولية وفق مقاربة المنهاج الدراسي كنسق متكامل من المكونات البنيوية المتضامة
- تشخيص ملامح ومواصفات الولوج الى السلك التعليمي و تحديد جانبيات وخصائص وحاجيات المتعلم في سن التمدرس
- ضبط واعداد مرجعيات الكفايات والاهداف التعليمية
- ضبطوواعداد المضامين والبرامج الدراسية والمجالات التعليمية
- ضبط النماذج والمقاربات البيداغوجية لتدبير التعلمات
- ضبط اليات وادوات التقويم في جميع مراحل السيرورة التعلمية وبمختلف أوجهه.
- .ان الانتقال الى انموذج التربية الدامجة سيفرض اعادة بناء الهندسة المنهاجية العامة ، وارساء الهندسات المنهاجية الفرعية الخاصة بكل وضعية اعاقة
- ويعتبر القسم الدامج في اطار هذا الانموذج الفضاء التربوي الأمثل لتنزيل مبادئ التربية الدامجة ،كما يعتبر بنية تربوية وسيطية تجتمع فيها كل المجهودات المبذولة والمجندة من طرف مختلف الفاعلين والمتدخلين في سيرورة الدمج المدرسي للطفل في وضعية اعاقة .فعلى مستوى القسم الدامج يتم تنزيل وتصريف مبادئ الهندسة المنهاجية العامة والهندسات الفرعية الخاصة بكل اعاقة وفق نموذجين من المشاريع مشروع القسم الدامج الذي هو في المحصلة تجميع لمجموع المشاريع البيداغوجية الفردية التي يتم اعدادها وبناؤها بالنظر الى خصوصيات وحاجيات كل حالة اعاقة.
- وفي هذا الاطار فالمدرسون الدامجون على المستوى الميكروتربوي ،في اطار تنزيل الانموذج التربوي البيداغوجي للتربية الدامجة ، مدعوون الى بناء المشاريع البيداغوجية الفردية التي تشتمل على انماط التعلمات الداعمة والانشطة التعليمية والاكتسابية وفق حاجة وخصوصية كل طفل وسيرورته النمائية والتعلمية وايقاعه في الاكتساب والتعلم ، وتجميع تلك المشاريع في مشروع للقسم الدامج الذي يتولون الاشراف عليه وذلك بالتوافق مع مقتضيات الهندسة المنهاجية
- وباعتماد مقاربة نسقية صاعدة نازلة تعتمد بيداغوجيا المشروع ، يتم تنزيل مقتضيات الهندسة المنهاجية وكذا مبادئ وأسس الانموذج التربوي والبيداغوجي الدامج تنطلق من مشروع المؤسسة الدامج الذي يعد حجر الزاوية لتفعيل مخطط التربية الدامجة على مستوى المؤسسة التربوية المحتضنة للأطفال في وضعية اعاقة كمتمدرسين لهم كامل الاحقية في التعلم اسوة بزملائهم الأسوياء.
- واذن فالهندسة المنهاجية في اطار أنموذج التربية الدامجة يتم تقعيدها وأجرأتها على ثلاث مستويات وعبر ثلاث اليات تنظيمية وتربوية وبيداغوجية
- فعلى المستوى التنظيمي الاداري الماكروتربوي الذي يتصل بالمؤسسة التعلمية في تفاعلاتها بالمحيط المدرسي يؤمل أن يتم بناء واعداد واجرأة مشروع المؤسسة الدامج بتوافق مع مخطط التربية الدامجة الذي تجتمع فيه شتى الارادات والفعاليات المتدخلة
- وعلى المستوى التربوي للفصل والقسم الدراسي الذي سيحتضن الأطفال في وضعية اعاقة الى جانب زملائهم الأسوياء ، ينتظر أن يتم تنزيل مبادئ الانموذج التربوي الدامج في شكل مشروع للقسم الدامج تتجمع في صلبه مجموعة المشاريع البيداغوجية الفردية للأطفال في وضعية اعاقة من شأنه أن يوفر لكل طفل على حدة نوعين متكاملين من مسارات التعلم : التعلمات الأساس والتعلمات الداعمة ،وفق هندسة وبرمجة سيكوبيداغوجية دقيقة تأخذ بعين الاعتبار حاجيات وخصوصيات كل حالة وايقاعها في التعلم يتم الاشتغال عليها من طرف المدرس الدامج باتجاه تأهيل الطفل الى الدمج في الأقسام العادية
- ومنه ،ومن البديهي القول على أن الانموذج البيداغوجي والتربوي لا يتوقف عند حد تكييف الكفايات السنوية والاهداف العامة واختزالها واعادة ترتيب مكوناتها واصنافها حسب نوع الاعاقة ودرجتها واعادة ترتيب الهندسة البيداغوجية للتعلمات الملائمة لكل وضعية اعاقة وأجرأتها وفق مشاريع تربوية وبيداغوجية مترابطة ومتكاملة ، بل يتطلب من كافة الفاعلين عملا مضنيا ينطلق بالاساس من
- تحويل المحيط المدرسي والحياة المدرسية الى فضاء قادر على استيعاب كل الاطفال المتمدرسين
- توفير وسائل العمل، والميسرات البيداغوجية المساعدة على تنزيل الهندسات البيداغوجية الخاصة بكل اعاقة
- الحرص على جودة وملاءمة التكوينات الاساس والمستمرة للفاعلين في ملف الدمج المدرسي حسب ما تقتضيه أهداف تنزيل المنهاج التربوي الجديد .

المفتش التربوي مصطفى بوعزوني اسفي مارس 2025



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية قهو بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط بين الكتابة السينم ...
- أول احتفال رسمي راس السنة الأمازيغية بالمغرب منذ 2957
- دورات تكوينية في السينما
- دكتوراه حول الخطاب الديني مرجعيات التلقي وآفاق التأويل
- مؤسسة القلم للفكر والثقافة والفن تفتتح موسهما الثقافي بلقاء ...
- زمزية القطط في رواية (قطط اسطنبول ( بين أنسنة القطط إلى قطقط ...
- احتفاء برواية رقصة الفلامنكو للروائي الكبير الداديسي
- انتصار القيم في رواية قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط
- تحليل نص شعري لقيس بن الملوح
- تكريم الأديبين الكبير الداديسي وصالح لبريني
- جماليات القبح في الرواية بأسفي. ج9 رواية -ما تبقى من ذاكرة ر ...
- سلسلة الرواية بأسفي الحلقة 1
- حفل توقيع رواية ما تبقى في ذاكرة الرماد
- جماليات القبح في الرواية / ج 8: أسفي في رواية -بهيجة وأخواته ...
- رقصة الفلامنكو رواية جديدة للكاتب الكبير الداديسي
- المعرض الجهوي للكتاب مراكش
- مهرجان سينما المدارس بأسفي
- تكريم حالم لشاعر
- أما زال العالم في حاجة للشعر والشعراء؟
- غرناطة والرمان من رواية (رقصة الفلامنكو) رواية قادمة


المزيد.....




- الآلاف يتظاهرون في عدد من الدول تنديدا بجرائم إسرائيل في غزة ...
- الجزائر تحتج على اعتقال موظف قنصلي بفرنسا وتطالب بالإفراج ال ...
- -واشنطن بوست- تكشف خطط ترامب لترحيل المهاجرين
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تدعو للتظاهر ضد حكومة نتنياهو
- الأونروا: جميع الإمدادات الأساسية تنفد في غزة
- -الأونروا-: جميع الإمدادات الأساسية تنفد في غزة
- مصر والأمم المتحدة تنسقان لمواجهة الأزمة الإنسانية في غزة
- دعوى قضائية في فرنسا ضد الجولاني و وزراء له بتهمة التطهير ال ...
- آخر مستجدات محادثات القاهرة حول الهدنة وتبادل الأسرى في غزة ...
- كارولينا الجنوبية: تنفيذ ثاني عملية إعدام رميا بالرصاص في 5 ...


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - الكبير الداديسي - في الأنموذج البيداغوجي لتدريس الأطفال في وضعية إعاقة إشكال الخطاب والتحديات