أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ادم عربي - ترمب يُقوض سيطرة الدولار!















المزيد.....

ترمب يُقوض سيطرة الدولار!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 21:35
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وجدت معظم دول العالم نفسها قادرة على شراء احتياجاتها الأساسية من الولايات المتحدة، التي كانت في ذلك الوقت ملتزمة بتحويل الدولار الورقي إلى ذهب عند الطلب. وكان بإمكان أي دولة تستلم الدولارات أن تستبدلها بالذهب من الخزينة الأمريكية.

لكن مع تراجع الحصة الأمريكية من الصادرات الصناعية عالمياً، وإعلان واشنطن وقف قابلية تحويل الدولار إلى ذهب، تضاءلت الحاجة إلى العملة الأمريكية في التجارة الدولية وكاحتياطي نقدي. وهنا لجأت القوة العظمى إلى حيلة ذكية تتمثل في ربط النفط بالدولار، فالنفط سلعة إستراتيجية لا غنى عنها لأي دولة.

في عام 1973، كانت السعودية أكبر مصدر للنفط عالمياً، فتوصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة يقضي بتسعير النفط بالدولار فقط. وهكذا، أصبح شراء النفط يتطلب امتلاك الدولار، مما أعاد له قيمته كعملة عالمية. وكانت هذه الصفقة مفيدة للولايات المتحدة، التي كانت تستورد النفط بينما تطبع العملة الخضراء دون قيود.

وبهذا، ولد نظام "البترودولار"، ليحل الذهب الأسود محل الذهب الأصفر كضامن لقيمة الدولار. ودخلت السعودية التاريخ كمنقذ للعملة الأمريكية من الانهيار. وبحلول عام 1975، وافقت جميع دول "أوبك" على تسعير نفطها بالدولار حصرياً، وكأن وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر أراد أن يوجه رسالة للعالم مفادها: "لا حياة بدون نفط، ولا نفط بدون دولار".
رغم بقاء الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة، إلا أن اقتصادها يعاني من إشكاليات عميقة وعند تحليل الاقتصاد الأمريكي نرصد ما يلي :
1- تراجع الهيمنة الصناعية
انخفضت حصتها من الإنتاج العالمي من 75% عام 1945 إلى 50% في الستينيات، ثم إلى 25% عام 2020، ومع ذلك بقي الدولار العملة المسيطرة.
2- الاستهلاك المفرط والمديونية
يتزايد الميل نحو الاستهلاك الشخصي مع تراجع الادخار والاستثمار، مما يزيد الاعتماد على الديون.

3- انفصال النقد عن الإنتاج الحقيقي:
يقدر الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 100 تريليون دولار، بينما تبلغ قيمة الأموال المتداولة في الأسواق المالية 900 تريليون، أي أن القيمة النقدية تفوق الإنتاج المادي بتسعة أضعاف!

4- الإنفاق العسكري المتصاعد
تجاوز الإنفاق الدفاعي الأمريكي 800 مليار دولار سنوياً رغم انتهاء الحرب الباردة.

5- تراجع جاذبية الاستثمار
تهرب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية بسبب انخفاض العوائد.

6- تفاوت الثروة والدخل
يمتلك 10% من الأمريكيين ثروة أكبر من 80% من السكان.
تضاعف الفجوة بين رواتب كبار المديرين والعمال من 40:1 في الثمانينيات إلى 4000:1 اليوم.

7- العجوزات المزمنة
تعاني الولايات المتحدة من عجز في الميزان التجاري، وميزان المدفوعات، والموازنة الفيدرالية.

8- اقتصاد غير منتج
تُستثمر معظم الأموال في القطاع المالي والخدمات بدلاً من الصناعة والزراعة.

10- مفارقات القوة الاقتصادية
رغم أنها الأغنى عالمياً، إلا أنها الأكثر مديونية.
تستهلك 40% من الطاقة العالمية و50% من السلع المنتجة عالمياً، بينما يشكل سكانها 5% فقط من البشرية!

11- تحديات المستقبل
يتوقع أن يصل الدين الحكومي إلى 36 تريليون دولار بحلول 2026.
يتطلب سد العجوزات معدل نمو سنوي 10% لمدة 75 عاماً، وهو مستحيل نظراً لأن النمو لم يتجاوز 4% حتى في فترات الازدهار.

رغم كل هذه التناقضات، تبقى الولايات المتحدة مسيطرة على أكثر من 40% من التجارة العالمية، وتمتلك أكبر احتياطي ذهب، وتنتج ربع الناتج العالمي. لكن استهلاكها المفرط واعتمادها على الطباعة غير المحدودة للدولار يجعلها عرضة لأزمة قد تجر العالم كله إلى الهاوية. فكما أنقذ البترودولار الدولار من الانهيار في السبعينيات، فإن انهيار الثقة بهذا النظام قد يكون بداية النهاية للهيمنة الأمريكية .

وماذا عن الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب؟ هل هي حماية أم انهيار؟
يمكن رصد العواقب المحتملة عبر النقاط التالية:

إجراءات ترامب هي هجوم على النظام التجاري العالمي،ففرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 100% على بعض الواردات، وهدد دولاً تتخلى عن الدولار في تجارتها، مما أثار مخاوف من تقويض الثقة بالدولار كعملة تبادل عالمية.
هذه الخطوات تعكس محاولة يائسة لحماية الاقتصاد الأمريكي عبر العزلة التجارية، لكنها قد تُعجل بتحول الدول نحو عملات بديلة (مثل اليورو أو اليوان) في المدفوعات النفطية .
وفقا لتحليلات اقتصادية، فإن الرسوم الجمركية زادت من العجز التجاري الأمريكي بدلا من تقليله، مما ضاعف الضغوط على الدولار.

كما أنَّ تآكل ثقة الحلفاء وتأثيرها على البترودولار ونرصد ذلك في تصريحات السعودية حول بيع النفط بعملات غير الدولار (مثل اليورو أو الريال السعودي) تعكس تراجع الثقة في التحالف الأمريكي السعودي التاريخي الذي دعم البترودولار منذ 1973 .
كما أنَّ إجراءات ترامب الجمركية ضد حلفاء مثل الاتحاد الأوروبي وكندا دفعتها لفرض رسوم مضادة، مما عزز اتجاهها لتقليل الاعتماد على الدولار في تجارتها .
الصين وروسيا تستغلان هذا الانقسام لتعزيز "البترويوان" وتجارة النفط بعملات محلية، مما يقوض هيمنة الدولار .
إنَّ إجراءات ترامب تفاقم "معضلة تريفين" (التناقض بين الحاجة لطباعة الدولار لدعم التجارة العالمية وخطر تقويض قيمته). العجز التجاري والميزانيات الفيدرالية المتضخمة تهدد بانهيار ثقة المستثمرين .

كما أنَّ ارتفاع تكاليف الواردات بسبب الرسوم الجمركية زاد التضخم محليا، بينما تراجع الطلب على السندات الأمريكية كملاذ آمن، مما يضعف أدوات دعم الدولار .

مع تراجع حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية (من 71% إلى 60% خلال 20 عاما) ، وتصاعد التحركات الدولية لاستبداله، قد تكون إجراءات ترامب القشة الأخيرة في تفكيك النظام القائم.

الخبراء يرون أن انهيار البترودولار لن يكون فوريا، لكنه سيُضعف تدريجيا قدرة الولايات المتحدة على "تصدير التضخم" وتمويل عجزها عبر طباعة العملة .
إنَّ إجراءات ترامب الجمركية ليست دفاعا عن الدولار، بل تعكس انهيارا في استراتيجية الهيمنة التقليدية. بفرضه سياسات حمائية، أسرع ترامب في
دفع الحلفاء للبحث عن بدائل للدولار.وكشف ضعف الاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على طباعة العملة دون إنتاج حقيقي، وإعطاء الأعذار للقوى الصاعدة (مثل الصين) لتسريع تحرير النظام المالي من الهيمنة الأمريكية.
لذلك نقول ،كما أنقذ البترودولار الدولار في السبعينيات، قد تكون سياسات ترامب الجمركية الضربة القاضية التي تُنهي عصر هيمنته إلى الأبد.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسخ مفهوم الأكثرية!
- أربعة أعداء للديمقراطية!
- الاعتذار!
- في التربية!
- وحدة الفلسفة والعلم أمر ممكن!
- إمبريالية على الطريقة الأفلاطونية!
- نساء ٣
- الفلسفة والعلم والحقيقة -جدلياَ-!
- متى نتعلَّم صناعة الأسئلة؟!
- ثدي الموت!
- الرأسمالية الأوروبية سلاحها العنصرية!
- حكايتي معك!
- تناقضات في قوة الاقتصاد الأمريكي!
- ما زالت المرأة العربية عبدة للعبيد !
- الحتمية ماركسياً ودينياً!
- متى تأخذ الطبقة العاملة مصيرها بيدها؟!
- تطوير الآلة وتأثيرها على المجتمعات!
- عبث الظلال!
- الترامبية وهم عابر أم إستراتيجية دائمة؟
- ماركس يتحدى نقاده في الاقتصاد!


المزيد.....




- تبون: هناك من ينتقدنا ..لكن لا يملك أرقامنا الاقتصادية المحق ...
- واشنطن تحث بغداد على ضرورة استئناف صادرات نفط الإقليم
- وزير التجارة الأمريكي يكشف عن اتصالات بين واشنطن وبكين بشأن ...
- الملف الفلسطيني والتعاون الاقتصادي يتصدران زيارة رئيس إندوني ...
- محافظ سلطة النقد يلتقي وفداً من ملتقى رجال أعمال نابلس
- وفد اقتصادي سعودي كبير يزور القاهرة لبحث فرص الاستثمار
- الصين: قرار ترامب استثناء الأجهزة الإلكترونية من الرسوم -خطو ...
- هل بدأ المستهلك الأميركي ينهار؟
- مباحثات بين مصر وباكستان لتعزيز التبادل التجاري
- أزمة خبز مرتقبة في ليبيا بعد قفزة قياسية في أسعار الدقيق


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ادم عربي - ترمب يُقوض سيطرة الدولار!