أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلمان النقاش - قراءة في المعلن وأخرى للظل عشية الانتخابات















المزيد.....

قراءة في المعلن وأخرى للظل عشية الانتخابات


سلمان النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 10:14
المحور: المجتمع المدني
    


في الدول التي تتآكل فيها المؤسسات تحت وطأة النفوذ غير الرسمي، لا تكون المعضلة في غياب القوانين، بل في تغييب جوهرها الاجتماعي، تُدار الدولة من وراء ستارٍ سميكٍ من المصالح المتقاطعة، حيث لا يعلن عن السلطة، لكن صورتها تبدو في صور الممارسة، فتارة تكون القرارات رهينة توازنات غير معلنة، وتارة أخرى، يُختزل النظام القانوني برضا من هم في مقدمة القوى الفاعلة.
التقارير الدولية تؤكد ذلك دون أن تُشير إليه صراحة، فتقرير البنك الدولي لعام 2023 عن "فعالية الحكومة" منح العراق تقييما قدره – 1.34 على مقياس يتراوح من -2.5 إلى +2.5، وهو مؤشر لا يقيس فقط الأداء التنفيذي، بل يقيس عمق الدولة الظليلة، تلك التي تُحرك خيوط الحكم من خارج أطره، وحين يتحدث مشروع العدالة العالمية (WJP) عن ضعف فرض القانون وتسييس القضاء في العراق، فهو يرسم ملامح منظومة أصبحت السلطة فيها أقرب إلى صفقة مما هي إلى عقد اجتماعي.
حين يصبح من المألوف أن تتوقف الإجراءات القضائية عند مستويات معينة، لا لأن القانون عاجز، بل لأنه ممنوع من العبور آلاف من مذكرات الاستقدام والقبض، لكن لم يُلاحَظ أي تحرك فعلي تجاه ملفات حساسة تتعلق ملفات العقود النفطية الوسيطة، أو قضايا فساد في مؤسسات خدمية كبرى، في المقابل، نرى ملاحقة موظفين ميدانيين، تتعلق ملفاتهم غالبا بإجراءات إدارية أو مخالفات بلدية، والقانون هنا يتحرك وفق نظام تصفية حسابات ناعمة.
غياب المنهج المدني الحقيقي يفسح المجال لبروز قوى غير مرئية تتحكم بالمسارات من وراء المؤسسات، تُهندس ما يُقال وما يُنسى، وتُعيد ترتيب الوقائع على مقاس المصالح لا المبادئ، لا أحد يُمسك بها، لكنها تُمسك بالجميع، هذه القوى لا تتحدث في الإعلام، لكنها من تُحدد سقف الخطاب.
إن أكبر عدو للمدنية ليس الانفلات، بل التنظيم الموازي الذي يُدير الدولة من خلف الستار، ويُعيد تعريف "السيادة" خارج أروقة القانون، هذا ما يجعل القانون يبدو حاضرا في النصوص، لكنه غائب في الواقع، وما يجعل الدولة قائمة في الشكل، لكنها مفرغة من محتواها.
القانون، حين يُكتب، يبدو كأنه نزيه بطبعه، لكنه في التطبيق، يكشف عن طبيعته الحقيقية، لا بوصفه نصا، بل كأداة تُدار داخل بنية القوة.
في العراق، لا تغيب القوانين عن المؤسسات، لكنها كثيرا ما تغيب عن اللحظات التي تتطلب مساواة حقيقية.

خلال عام 2023، أصدرت هيئة النزاهة أكثر من عشرين ألف أمر استقدام واعتقال، تنوعت التهم فيها بين الإهمال الإداري، والتجاوز الوظيفي، والتلاعب في الإجراءات، الأرقام كبيرة، لكنها لا تقول كل شيء، إذ تُظهر مخرجات هذه المذكرات أن معظمها طالت موظفين في الدوائر الخدمية، وأقسام البلدية، والمكاتب الإدارية الوسطى، في المقابل، بقيت الملفات التي تمس مراكز القرار العليا معلّقة، أو خرجت من المشهد بهدوء، من دون توضيحات رسمية تُرضي الرأي العام.
الواقع لا يُقاس فقط بعدد القضايا المفتوحة، بل بمن تشملهم هذه القضايا ومن لا تشملهم، وهنا تظهر الفجوة.
تقرير مشروع العدالة العالمية لعام 2023 وضع العراق في المرتبة 154 من أصل 142 دولة ضمن مؤشر "سيادة القانون"، وهو ترتيب يُظهر هشاشة واضحة في قدرة الدولة على تطبيق قوانينها بعدالة، التقرير يشير إلى مشكلات كبيرة في "قيود السلطة الحكومية"، و"العدالة الجنائية"، و"العدالة المدنية"، وهي مؤشرات تؤكد وجود مساحات قانونية رمادية، تختلف فيها الاستجابة حسب هوية المتهم وموقعه من منظومة النفوذ.
وبينما يعيش العراق هذه الفجوة المتنامية، تبرز نماذج مضادة مثل إستونيا، التي احتلت المرتبة التاسعة عالميا في نفس المؤشر، هناك، لا تُذكر القوانين كجزء من الأدبيات الرسمية فقط، بل تُفعّل أمام الجميع، الفاعل القوي لا يُعفى، والمواطن البسيط لا يُستفرد به،
السلطة القضائية في إستونيا مستقلة بفعالية، لا بشكل، تطبيق القانون لا يتأثر بالاصطفافات، ولا يخضع لاعتبارات التوازنات الخفية.
المقارنة هنا لا تهدف إلى التبجيل، بل إلى الإشارة لهوة حقيقية، هوة يشعر بها المواطن في العراق حين يرى القانون يتحرك بسرعة أمام الخطأ الصغير، ويتباطأ أو يتوقف حين يصطدم باسمٍ كبير.
في دولة مثل إستونيا، يُنظر إلى القانون كضمان للانتماء، في العراق، صار كثير من الناس ينظرون إليه كمؤشر على موقعهم من الخارطة الخفية للنفوذ.
وعندما يفقد القانون حياده، تفقد المواطنة معناها بالتدريج، وحين يصير النص مجرد وسيلة، لا مبدأ، تتحول العدالة إلى فعل انتقائي، لا شعور مشترك.
العدالة والمواطنة
العدالة، حين تتأخر، لا تعود عدالة، إنها تتحول تدريجيا إلى شعور بالخذلان، يتسلل إلى وعي الناس، ويستقر هناك، ليصبح جزءا من يومهم العادي،في العراق، لم تعد المعضلة في معرفة ما إذا كان القانون موجودا، بل في يقين الناس بأنه قد لا يأتي حين يُطلب، أو يأتي متأخرا، بعد أن تتغير الوقائع، أو تُغلق الأبواب التي فتحتها الشكوى، في المحاكم، تتراكم القضايا، وفي الشوارع، تتراكم الحكايات، يروي الناس تجاربهم مع العدالة كما يروون الطقس: بحذر، وبنبرة لا تخلو من الإحباط، يُقال إن قضية فساد كبرى أُحيلت إلى التحقيق، لكن ما من أحد يعرف إلى أين وصلت، يُشاع عن اختلاسات، أو إساءات استخدام للسلطة، لكن المتورطين ما زالوا على رأس مناصبهم، يباشرون أعمالهم، يُحيّون في المؤتمرات، ويُصفق لهم.
في تقرير البنك الدولي لعام 2023 عن الحوكمة، صُنّف العراق ضمن الدول ذات الأداء المنخفض في "جودة المؤسسات" و"المساءلة العامة"، وهي مؤشرات تعكس ليس فقط قصورا إداريا، بل أزمة ثقة بين المواطن والدولة، العدالة لا تتحقق فقط بالنصوص، بل بثقة الناس بأن هذه النصوص ستُنَفّذ متى احتاجوها، وبأنهم لن يُنظر إليهم من خلال خلفياتهم أو مواقعهم، بل من خلال القضية نفسها.
هذه الثقة المتآكلة في العدالة تنعكس مباشرة على المواطنة، فحين يشعر المواطن أن القانون لا يحميه، أو لا يُنصفه، فإنه لا يعود يرى في الدولة مرجعية، يتحول الانتماء من علاقة قانونية متبادلة، إلى علاقة شكلية، يحكمها الإحباط أكثر مما يحكمها الدستور.
مؤشر الثقة بالمؤسسات الحكومية، كما ورد في تقارير الشفافية الدولية، يُظهر تراجعا مستمرا في العراق خلال السنوات الأخيرة، المواطن يثق بعشيرته أكثر من ثقته بالقضاء، وبالمعرفة الشخصية أكثر من ثقته بالإجراء الرسمي، وكل ذلك يُعيد تشكيل صورة الدولة بوصفها جهة بعيدة، لا تنظر إليه إلا حين يكون مطلوبا منها، لا حين يكون بحاجة إليها.
المواطنة، في جوهرها، ليست أوراقا رسمية أو بطاقات هوية، إنها شعور داخلي بأن للمرء مكانا متساويا أمام الدولة، دون زيادة أو نقصان، وحين تكون العدالة مؤجلة، تُؤجل معها هذه المواطنة، يصبح الانتماء مؤقتا، والثقة هشّة، واليقين بالقانون مُحاطا بالأسئلة.
المدنية طريق مختنق
في الأدبيات السياسية، تُوصف الدولة المدنية بأنها تلك التي يُبنى فيها العقد الاجتماعي على أساس المواطنة المتساوية، لا الامتيازات، حيث تسود القوانين لا الولاءات، وتُفصل السلطات لا تتداخل، لكن في واقع كثير من الدول التي تعاني من هشاشة البنية القانونية، يظل هذا المفهوم أقرب إلى خريطة مؤجلة، أو طريق لم تُعبد له البدايات بعد.
في العراق، كثيرا ما يُستخدم مصطلح "المدنية" في الخطاب السياسي والإعلامي، لكنه نادرا ما يُترجم إلى بنى عملية، فالمؤسسات ما تزال تعمل ضمن إيقاع تفرضه العلاقات الشخصية والانتماءات، لا يُقاس النفوذ بكفاءة الإدارة، بل بمقدار الحماية التي يتمتع بها الفرد من خارج النظام القانوني.
وحين يغيب المنهج المدني، لا تتوقف الدولة، لكنها تمضي بطريقة تفتقر إلى التوازن، ويتحول القانون فيها إلى نص يتكيّف مع خارطة النفوذ لا مع مبدأ الإنصاف.
تشير تقارير البنك الدولي إلى أن العراق يعاني من ضعف في مؤشرات فعالية الحكومة وجودة التشريعات والشفافية، وكلها مؤشرات لا تُظهر خللا تقنيا فحسب، بل تعكس غيابا لمبدأ الحوكمة المدنية الذي يُفترض أن يُشكّل العمود الفقري لأي نظام حديث، في تقرير الحوكمة لعام 2023، تراجع العراق إلى مستويات تقارب -1.7 في المؤشرات الخاصة بالشفافية والمساءلة، وهي أرقام تتجاوز معناها الإحصائي، لتصف واقعا إداريا يعجز عن تنظيم نفسه خارج منطق الترضيات والمحاصصة.
في غياب هذا المنهج، تولد أنظمة بديلة لضبط العلاقات داخل الدولة، العشيرة تحلّ محل القانون، والقوة تحلّ محل النص، والتوازنات تحلّ محل المؤسسات.
وتصبح كل محاولة للعدالة محفوفة بالتفاوض، لا محمية بالقانون.
حتى في الإصلاحات، حين تُطرح، تغيب عنها الروح المدنية، تُبنى من فوق، دون إشراك حقيقي للمجتمع، فتبدو كأنها رسائل تهدئة لا مشروعات تحوّل، وفي هذه الحالة، لا يُكتب للمدنية أن تبدأ، بل تُستهلك كخطاب، وتُمنع من أن تكون ممارسة.
الدولة المدنية ليست شعارا يُرفع، بل بنية تُبنى، وما لم يُؤسس النظام الإداري والقانوني على هذا المنهج، ستظل المواطنة مرتبطة بموقع الفرد من خارطة العلاقات، لا من صفة كونه مواطنا، وسيظل القانون يحكم أحيانا، ويتردد أحيانا أخرى، إلى أن تُعاد صياغة الدولة من الداخل، لا من الواجهة.
اختناقات في الطرق وبلا مخارج
في الدولة التي تُدار خارج إيقاع المنهج المدني، لا تُبنى الأزمات، بل تتراكم، كل قطاع يُنتج اختناقه الخاص، ثم ينعكس على القطاعات الأخرى، حتى تتشكل شبكة من التعطّل لا يُعرف فيها أين تبدأ المشكلة، وأين تنتهي.
الاختناقات في العراق ليست وليدة لحظة، بل هي نتيجة طويلة الأمد لتغوّل القوى غير الخاضعة للمساءلة على القرار الإداري والقانوني، في قطاع القضاء، يُلاحظ البطء، لا في الإجراءات فقط، بل في الإرادة، تُفتح الملفات، وتُعلن التحقيقات، لكن دون أن تصل إلى نهايات واضحة، أو تُحدث أثرا على مستوى البنية المؤسسية، أما في قطاع الإدارة، فيكفي النظر إلى آليات التوظيف والعقود لمعرفة كيف تُدار الدولة بمنطق الولاء قبل الكفاءة، والترضية قبل التنظيم.
الاقتصاد أيضا ليس بمنأى عن هذا التكلس، تقرير البنك الدولي لعام 2023 أشار إلى أن العراق لا يزال يفتقر إلى بيئة استثمارية مستقرة وشفافة، وأن سيادة القانون في البيئة الاقتصادية تُعد من بين الأضعف في المنطقة، ويكفي النظر إلى تضخم الاقتصاد غير الرسمي، وارتفاع معدلات تهريب العملة، ومظاهر غسيل الأموال، لفهم كيف تتحول البيئة الاقتصادية إلى مساحة خارجة عن المنظومة القانونية.
الاختناق لا يكون فقط في الأداء، بل في الخيارات، حين يغيب المنهج المدني، تتآكل البدائل، يصبح الإصلاح مشروعا مكلفا سياسيا، والمحافظة على الوضع القائم أسهل، حتى وإن كان مأزوما، وتدريجيا، تتحول الدولة إلى جهاز إداري كبير، يتعامل مع الأزمات باعتبارها روتينا، لا طارئا.
القطاع الأمني أيضا، الذي يُفترض أن يكون أكثر وضوحا في الارتباط بسيادة القانون، يعاني من اختلال بنيوي في المرجعية، لا تعود السلطة واضحة، ولا التسلسل محكم، وتتعدد مراكز القرار في ملفات حساسة، مما يخلق ما يُشبه “الازدحام السلطوي”، حيث يكثر المتحدثون باسم القانون، دون أن يُعرف من يملكه فعليا.
ومع غياب آليات الرقابة الفعّالة، وافتقاد مؤسسات الدولة لمرجعيات ثابتة تحتكم إلى نص القانون لا إلى موازين القوة، تُصبح الدولة شبكة من المفاصل المتداخلة، كل منها يعاني من انسداد مزمن، لا علاج له إلا بإعادة الاعتبار لفكرة واحدة: أن لا أحد فوق القانون، ولا مؤسسة تُستثنى من المساءلة، ولا قطاع يُدار بمنطق الاستثناء.
وحين تختنق الدولة من الداخل، لا تُعالج مشكلتها بالإدارة، بل بالرؤية، والرؤية، حين تكون مدنية، تصنع حلولا لا تنتظر الضوء الأخضر من خارج النصوص.
الفساد ترتيبا مؤقتا
لا تبدو الدولة في العراق وكأنها على وشك الانهيار، رغم هشاشة القانون، وتآكل الثقة بالمؤسسات، وتضخم الفساد، المشهد سطحيا يوحي بقدر من الاستقرار: الرواتب تُصرف، الخدمات – وإن كانت محدودة – ما تزال قائمة، والآلة البيروقراطية تواصل الدوران، لكن خلف هذه الصورة، يكمن سؤال جوهري: ما الذي يُبقي هذه الدولة قائمة، رغم كل عوامل الضعف؟
يبدو أن الفساد، ، يلعب دورا في إبقاء التوازنات الهشة، لا باعتباره فعلا فرديا، بل بوصفه نظاما موازٍ يُوزع المنافع ويمنع التصادم المباشر بين مراكز النفوذ، هذا النوع من "الاستقرار المُدار"، لا يستند إلى القانون، بل إلى تفاهم غير مكتوب بين الجهات المتنفذة، تُترك بموجبه المساحات موزعة بطريقة تُبقي الجميع في حالة ترقّب دائم، لكنها لا تسمح بانفجار فوري.
تقرير الشفافية الدولية أشار إلى العراق كواحد من البلدان التي تشهد أعلى مستويات الفساد المنظم، لا الفساد العشوائي، وهذا الفساد، حين يُصبح جزءا من بنية اتخاذ القرار، يُنتج نوعا خاصا من الاستقرار المؤقت: لا يتحرك شيء بوضوح، ولا يسقط شيء تماما، بل تبقى الأمور معلقة بين الصمت والاحتمال.
الاستقرار المبني على الفساد لا يصنع دولة، بل شبكة من المصالح. يتم تسكين الأزمة بدل حلها، ويتم تزيين الجمود باعتباره صمودا، لكن هذه المعادلة غير مستدامة، فكل توزيع فاسد للموارد، وكل إضعاف لسلطة القانون، هو في حقيقته دينٌ مؤجل على المستقبل.
ما يُبقي هذه الشبكة من العلاقات قائمة ليس القانون، بل الريع، عائدات النفط التي تشكل أكثر من 90٪ من موازنة الدولة هي الأوكسجين الذي يُمد هذا الاستقرار الاصطناعي بالحياة، لكن ماذا يحدث لو انخفضت الأسعار؟ أو تغيرت المعادلات الإقليمية؟ أو تصاعدت الصراعات الداخلية؟ في لحظة واحدة، قد يتحول التوازن الساكن إلى فوضى مكشوفة.
وهنا، يصبح السؤال عن "البديل" ضرورة، هل يمكن الانتقال من إدارة التوازنات إلى إدارة الدولة؟ من ترتيب الفساد إلى تفكيكه؟ من تأجيل العدالة إلى تفعيلها؟
لا إجابة دون مشروع مدني حقيقي، يُخرج النظام من منطقة التفاهمات غير المعلنة إلى منطقة العقد الواضح بين المواطن والدولة.
الفساد لا يمكن أن يكون أساسا لأي استقرار، هو في أفضل حالاته: تأجيل للأزمة، وفي أسوأ حالاته: إعادة إنتاجها على نحو أكثر حدة.

من السطح الى الجذر
في ظاهر المشهد، تبدو الدولة قائمة، والقانون حاضر، والمؤسسات تؤدي أدوارها اليومية، لكن حين يُدقق النظر، يتكشف واقع أكثر تعقيدا: نظام قانوني لا يُطبّق على الجميع، وعدالة تتأخر في الوصول، ومواطنة تُختبر يوميا بميزان الولاء لا النص.
ما ناقشناه لا يهدف إلى تسجيل مرافعة ضد الدولة، ولا إلى إطلاق الأحكام على النوايا، بل هو محاولة لفهم لماذا تختنق الدولة رغم كثرة القوانين، ولماذا يُدار الواقع من خارج النصوص، ولماذا يغيب المنهج المدني رغم الحاجة الملحّة إليه.
المدنية ليست ترفا فكريا، ولا خيارا مؤجلا، إنها الطريق الوحيد نحو إعادة توزيع الثقة، وإعادة بناء العقد الاجتماعي، وبدونها، ستبقى الدولة تُدار من خلف الستار، والقانون لا يرى الجميع، والعدالة مؤجلة، والمواطنة مترددة، والاختناقات دائمة، والاستقرار مجرد ترتيب مؤقت.
ربما لم يحن وقت الإجابات الحاسمة، لكن طرح الأسئلة الواضحة هو بداية الطريق، وما لم نبدأ من الجذر، سنبقى ندور في دوائر مغلقة، تُعيد إنتاج الأزمة تحت عناوين مختلفة.



#سلمان_النقاش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاعدة والاستثناء في مكافحة الفساد
- النزاهة والفساد في عصر الذكاء
- الأعتذار فعل نضالي
- الديمقراطية .. الحكومة .. الفساد
- الطائفية الوجه السياسي للدين
- ديمقراطية ..ام مجتمع مدني
- الواقعية الديمقراطية
- صباح النزاهة
- الماكنة الديمقراطية
- ازمة حكم لا ازمة حكومة
- عقدة الاشتباك السياسي الحتمية
- المحاولة الاخيرة
- البحث عن ثورة
- حتمية البناء الديمقراطي
- احمد عبد الحسين
- الكفاءة ...الضرورة والادعاء
- الواقعية السياسية
- وطنية الصائح المفرطة
- الربع المعطل
- شعار الجنس


المزيد.....




- الآلاف يتظاهرون في عدد من الدول تنديدا بجرائم إسرائيل في غزة ...
- الجزائر تحتج على اعتقال موظف قنصلي بفرنسا وتطالب بالإفراج ال ...
- -واشنطن بوست- تكشف خطط ترامب لترحيل المهاجرين
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تدعو للتظاهر ضد حكومة نتنياهو
- الأونروا: جميع الإمدادات الأساسية تنفد في غزة
- -الأونروا-: جميع الإمدادات الأساسية تنفد في غزة
- مصر والأمم المتحدة تنسقان لمواجهة الأزمة الإنسانية في غزة
- دعوى قضائية في فرنسا ضد الجولاني و وزراء له بتهمة التطهير ال ...
- آخر مستجدات محادثات القاهرة حول الهدنة وتبادل الأسرى في غزة ...
- كارولينا الجنوبية: تنفيذ ثاني عملية إعدام رميا بالرصاص في 5 ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سلمان النقاش - قراءة في المعلن وأخرى للظل عشية الانتخابات