عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 09:07
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
النظرة التاريخية إلى مفهوم التوازن الداخلي (الاستتباب)
يمكن تتبع مفهوم التوازن الداخلي إلى النظريات البيولوجية القديمة. فقد اقترح أبقراط في عام 460 قبل الميلاد نظرية الأخلاط الأربعة، مشيرًا إلى أن التوازن في جسم الإنسان يُحافَظ عليه من خلال أربعة أخلاط: الصفراء السوداء، والصفراء الصفراء، والبلغم، والدم. وقد أثّرت هذه النظرية تأثيرًا كبيرًا على كل من الطب الغربي والشرقي (1).
ومن منظور النموذج البيولوجي-النفسي-الاجتماعي لهذه النظرية، فقد اعتُبر أن الجسم يسعى إلى الحفاظ على توازنه بالتناغم مع الحكمة الداخلية (29). وهناك من يقترح أن الأداء النفسي-الفيزيولوجي المتوازن للأخلاط الأربعة يرتبط بالنمو الصحي للجسم (30). وقد أُعيد تفسير هذه النظرية دينيًا، ما يفسر ربما سبب استمرار ممارسة الفَصْد (سحب الدم) لأكثر من ألفي عام؛ إذ ربما كان يُعتقد أن الفصد يُسهِم في تركيز المواد الإلهية داخل الجسم (2).
وفي الصين القديمة حوالي عام 2000 قبل الميلاد، بدأ كتاب "الكتاب الداخلي للإمبراطور الأصفر" بوصف آليات التنظيم الاستتبابي (31). وقد قدم هذا النص مفهومي الين واليانغ ونظرية الأعضاء الباطنية، واللذان يُشكلان الأساس النظري للمعالجة بالأدوية في الطب الصيني التقليدي.
ولكن، بعد سلسلة طويلة من الحروب في أوروبا، أصبح التوجه السائد في الطب قائمًا على معالجة الجسم بناءً على المعتقدات الدينية (32). ولم يبدأ النقاش الجدي حول مفهوم التنظيم الاستتبابي في العلوم الطبية إلا في القرن التاسع عشر (33).
وعلى مدار القرن الماضي، بدأ البحث في التوازن الداخلي بالتوسع بمعدل متسارع، وبدأ يظهر في مجموعة واسعة من مجالات البحث العلمي، ليُناقش لاحقًا على مستوى متعدد التخصصات.
وفي عام 1931، صاغ عالم الفسيولوجيا الأمريكي المصطلح الحديث "Homeostasis"، ونشر كتابه الشهير "حكمة الجسد" (34، 35). وقد وصف هذا الكتاب بشكل منهجي كيف أن الكائنات الحية، على الرغم من التغيرات المستمرة في بيئاتها، تمتلك القدرة على التعويض للحفاظ على حالة داخلية مستقرة، وهو ما يُعرف بالتوازن الداخلي (36، 37).
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟