عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8307 - 2025 / 4 / 9 - 15:22
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الاختلاف من طبيعة الحياة والأشياء، لهذا نسب الى النبي محمد قوله (( إختلاف امتي رحمة )) . والعراقيون متنوعون عرقا وعقيدة وفكراً، وكانوا وسيظلون مختلفين. ولم تنجح خمسة وثلاثون عاماً من حكم حزب صدام حسين في قسرهم على ان يصبحوا قطيعا يتبع الراعي أينما أراد وإن إضطروا أحيانا الى التظاهر بذلك، تحت وطأة أساليب ذلك الحكم الهمجية الدموية.
ولأن العراقيين مختلفون، ربما حول كل شيء، فأنهم مختلفون حول تقييم الحرب الأمريكية التي أفضت الى إسقاط نظام صدام. ويتجدد هذا الإختلاف في مثل هذا اليوم من كل عام، وهو اليوم الذي هرب فيه صدام من بغداد، وأطيح بالتمثال الذي يمثله وجرى تحطيمه، وفرض المارينز الأمريكان سلطتهم على بغداد الشعراء والصور، على ذهب الزمان وضوعه العطر، ذلك الضوع الذي تلاشى بفعل أبخرة أسلحة صدام الكيمياوية، ومسالخ أقبية التعذيب والمقابر الجماعية التي أقامها لأهل بغداد والعراق، وكذلك بفعل اليورانيوم المنضب الذي غلفت فيه القذائف الأمريكية التي انهمرت على مدن العراق قبل الأحتلال وخلال معاركه.
في مثل هذا اليوم من كل عام يبتهج قسم من العراقيين، بما يعتبروه عيدا للتحرير أو الحرية، ويبتئس آخرون بما يروه أحتلالا، وبما أعقبه من انتهاكات بشعة للإنسان وحقوقه، كشف جانبا منها، ما حدث في زنازين سجن ابوغريب من جرائم تعرض لها عراقيون على يد المارينز وتحت أبصار جنرالاتهم.
العراقيون الذين يحتفلون بـ (( عيد )) التحرير والحرية يستنكرون رفض مواطنيهم الإعتراف ب (( جميل )) أمريكا التي (( حررتهم )) من عبودية صدام، ولا يتذكرون شناعات المارينز في أبو غريب وغيره من سجون الإحتلال، وحين يذكرون بها يكون الرد ان صدام قد أقترف ما يفوقها.
أما المبتئسون فيعتبرون المحتفلين خونة وعملاء للعدو الذي إحتل بلادهم، وهم بدورهم ينسون مسالخ صدام وخنقه لمواطنيه بالغازات الكيمياوية، وحروبه التي ثكلت البلاد ذات الضوع العطر، ودمرت مقومات الحياة فيها، وأدت الى تمكين العدو منها، وجعلته محررا في أعين البعض من بنيها.
وهنا يتحول الإختلاف بين الجانبين الذين لا يرى أيا منهما إلا ما يتوافق مع رؤيته، وربما مصلحته، يتحول الاختلاف من رحمة الى نقمة.
هل نأمل بيوم يتفهم فيه العراقيون بعضهم ويحولون إختلافهم الى رحمة؟
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟