أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - الطعن بالاحكام مابين النقد والتجريح















المزيد.....

الطعن بالاحكام مابين النقد والتجريح


احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)


الحوار المتمدن-العدد: 8307 - 2025 / 4 / 9 - 04:51
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


اصدرت محكمة التمييز الاتحادية الموقرة قرارها بالعدد (128/ هيئة شؤون المحامين /2025) في 26/3/2025 يتضمن اعادة اضبارة الشكوى الى مجلس نقابة المحامين لاحالة المشكو منها / المحامية الطاعنه الى مجلس التأديب استناداً لما ورد في لائحتها التمييزية المؤرخة 12/5/2024 والتي قدمتها الى الهيئة التمييزية في رئاسة محكمة استئناف/ الرصافة والتي تضمنت عبارات مسيئة للمحكمة ، حيث جاء في حيثيات القرار المذكور مانصه ( ...وعند عطف النظر على القرار المطعون فيه تبين بانه مخالف للاصول واحكام القانون ذلك ان اللائحة التمييزية المؤرخة في 12/5/2024 التي قدمتها المحامية المشكو منها الى الهيئة التمييزية في رئاسة محكمة استئناف الرصافة تضمن عبارة ( ان المحكمة وقعت في تناقض واضح وعدم الدقه في تسبيب الحكم) وتجد هذه الهيئة ان استخدام مثل هذه الالفاظ في اللوائح المقدمة الى المحاكم يشير الى مسلك غير محترم اتجاه القضاءولايتفق مع كرامته في حين يتعين على المحامي والذي يفترض فيه ان يكون خبيرا في القانون واللغه العربية بحكم دراسته وتخصصه وعمله ان يختار الفاظ اكثر لياقة وتأدباً عند مخاطبته للمحكمة مما يجعل المشكو منها اذا استخدمت الالفاظ المشار اليها في لائحتها التمييزية المقدمة الى الهيئة التمييزية في محكمة استئناف بغداد الرصافة مخالفة للواجب المفروض عليها بالمادة (50) من قانون المحاماة رقم (173) لسنة 1968 ويقتضي محاكمتها تاديبياً على وفق المواد 108 وما بعدها من القانون المذكور ....الخ ) ، ولنا على القرار المذكور التعليق الاتي :
1. في البداية لابد من القول ان المحاماة مهنة نبيلة لانها تضطلع بالدفاع عن المظلومين ، والمحاماة ليست مجرد مهنة وانما فن ، اذ تتطلب مهارة فنية بالقول والتصرف والكتابة والتعبير باللغة والمصطلحات القانونية السليمة ، وان فن المحامي يكمن في كيفية ايصال وجهة نظره القانونية الى المحكمة ومحاولة توليد القناعة لديها للاخذ براية القانوني او للعدول عن قناعاتها اتجاه موضوع معين محل نظر من قبل المحكمة ، وقد عبر الرسول الكريم على القدرة البيانية وشببها بمفعول السحر على المتلقي ، حيث جاء في سنن ابي داود / ص5007 ان الرسول (ص) قال في وصف احد الخطب ( .... )إنَّ مِنَ البَيانِ لَسِحرًا(، والمرادُ بالبيانِ: اجتِماعُ الفَصَاحةِ والبَلَاغةِ وذكاءُ القَلبِ مع اللِّسانِ، والمعنى: إنَّ مِنهُ لَنَوعًا يُشبِهُ السِّحرَ مِن حيثُ جَلْبُ القلوبِ والغَلَبةُ على النفوسِ والتأثيرُ فيها، فيَحُلُّ مِنَ العُقولِ والقُلوبِ في التَّمويهِ مَحَلَّ السِّحرِ؛ وذلك لحدَّةِ عمَلِه في سامِعِه، وسُرعةِ قَبولِ القلْبِ له، فيُقرِّبُ البَعيدَ، ويُبعِدُ القَريبَ، ويُزَيِّنُ القَبيحَ، ويُعَظِّمُ الحَقيرَ، فَكأنَّهُ سِحْرٌ...) ، وبالتالي فان وسيلة المدافع قدرته على التعبير، وفصاحة العبارات ، وذكاء استخدام العبارات التي تنفذ لوجدان القاضي وتؤثر في مجريات الدعوى ولاسيما اذا كانت تستند لادلة ووقائع مادية او قانونية .
2. ان مهمة المدافع (المحامي) اقناع القاضي الذي يحتكم اليه بحجته ، وليس اثارة حفيظته التي قد تنعكس سلباً على قناعات المحكمة ، وهنا يكون المدافع في مأزق حرج حتى وان كان الحق مع موكله ، فالخلل ليس في الحق وانما طريقه المطالبة بالحق ، وفي ذلك يقول الرسول الاعظم والقاضي الاول (إنَّكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضَكم أن يكون أَلْحَنَ بحُجَّته من بعضٍ؛ فأقضي له على نحوٍ مما أسمع، فمَن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئًا فإنما أقطع له قطعةً من النار، فليأخذها أو يذرها ) ، فالرسول والقاضي بشر، لا يعلم الغيب، وإنما يحكم بما شرعه الله من البينة والشهود ، وبالتالي فأن انتقاء العبارات وانتخاب الادلة هي التي تجعل حجة المحامي مؤثرة في مسار الدعوى او الطعن القضائي .
3. الطعن القضائي هي وسيلة لحماية الحق اتاحها قانون المرافعات المدنية لكل خصم تضرر من الاحكام القضائية او اعتقد انه قد تضرر منها وفق الاليات التي نص عليها القانون ، وبالرجوع للطعن الاسئنافي موضوع القرار نجد ان المادة (188) من قانون المرافعات المدنية النافذ نصت على تقديم الاستئناف بعريضه تحريرية الى محكمة الاستئناف وان تتضمن البيانات الجوهرية للدعوى المنصوص عليها في المادة (46) من قانون المرافعات واسباب الاسئناف (المادة 189) مرافعات ، وطلبات المستأنف ، والاسئناف كأحد درجات التقاضي تكون محكمة الاسئناف مؤلفة من هيئة قضاة وليس قاض واحد والهدف من ذلك ضمان رقابة ومراجعة لاحكام محاكم الدرجة الاولى والتي تكون مؤلفة من قاض منفرد ، فالاحكام الصادرة من ثلاث قضاة ذوي خبرة اكثر جودة من الاحكام الصادرة من القاضي المنفرد ، وبالتالي فان محكمة الاسئناف هي ملاذ الطاعن المتضرر ، ولذلك قيل ( لايضار الطاعن بطعنه ) اي لايجب ان ان يترتب على الطعن وضع الطاعن في مركز قانوني اسوء من المركز الذي وضعه الحكم فيه قبل الطعن .
4. هنالك فرق شاسع بين نقد الاحكام من خلال تحليل فقراتها الحكمية وصولاً الى اي مخالفة موضوعية او اجرائية تمكن الطاعن من نقض الحكم والحصول فرصه جديدة للمراجعة القضائية ، وبين تجريح المحكمة او القضاة والتي تعني توجيه الاساءة او الاهانة او السب او القذف ، والتجريح لغة هي الاساءة وقيل تجريح الشاهد يعني الطعن او اسقاط شهادته ، وجرح العمل كشف مساؤه وعيوبه .
5. ان الطعن القضائي يوجه الى القرار المطعون فيه وليس الى المحكمة التي اصدرته ، لان الهدف من الطعن تفكيك الفقرات الحكمية وصولاً لاي مخالفة للقانون او الاجراءات او التناقض في الاحكام ، ومما تجدر الاشارة اليه ان المادة (232) من قانون اصول المحاكمات الحقوقية الملغي قد حدد اسباب الطعن بالتمييز باربعه اسباب هي : صدور الحكم خلافا لقوعد الاختصاص ، مخالفة القانون ، مخالفة اصول المحاكمة ، التناقض بالاحكام ، وكذلك نصت المادة (203) من قانون المرافعات النافذ على اسباب الطعن بالتمييز وحددتها بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه او تاويله او صدور الحكم خلافاً لقواعد الاختصاص او الخطأ الجوهري بالاجراءات الاصولية او بالحكم او بسبب تناقض الاحكام ، وهنا يمكن نشير الى الخلل في الطعن الذي اعتبرته محكمة التمييز الاتحاديه اساءة واهانه للهيئة القضائية عندما نسب الطاعن في لائحته التناقض وعدم دقه التسبيب الى المحكمة وليس الى الحكم .
6. نصت المادة (50) من قانون المحاماة رقم (173) لسنة 1965 على ان ( على المحامي ان يسلك تجاه القضاء مسلكاً محترماً ان يتجنب كل ما يؤخر حسم الدعوى وان يتحاشى كل ما يخل بسير العدالة ) وهذا النص يتعلق بالزام المحامي بمبدأ حسن النية بالتقاضي كوكيل عن احد الخصوم وان لايلجأ الى طرق غير مشروعة لاطالة امد النزاع ويمس بسير العدالة من شأنها ان تقلل من احترامه امام القضاء ، وتخل بمبدأ احترام سوح القضاء الذي يوجب على الخصوم ووكلائهم الالتزام بمبدأ حسن النية في مباشرة الاجراءات القضائية والاعد متعسفا في استعمال حق التقاضي المكفول بموجب الدستور والقانون، وما يترتب على هذا التعسف من اثار في بعض القوانين كالقانون الفرنسي الذي يحمل الخصم الذي يخفق في اثبات دعواه المسؤولية في حال ثبوت سوء نيته او غشه بقصد الاضرار بالخصم الاخر.
7. ان معيار الاساءة الى المحكمة بما تضمنه الطعن من عبارات يعتمد على قصد الطاعن وسوء نيته والتي يمكن استجلائها من سياق الطعن والعبارات الاخرى الوارده فيه وهذا ما لم يتسنى لنا الاطلاع عليه ، وحيث ان استجلاء القصد يتعلق بالنية وهو امر نفسي مالم يقترن بشواهد ماديه فأن اعتبارها خطأ او عيب يوجب المسؤولية التاديبية هو عيب احتياطي ، لذا فأن مجلس التاديب المختص لن يلجأ لعيب احتياطي لاثبات المسؤولية الا اذا فقدت الاسباب الاخرى ، ويمكن ايضاً استجلاءالقصد من التفسير اللغوي للعبارات من خبير لغوي مختص ، واخيرا نؤكد على ضرورة احترام القضاء واختيار العبارات والمصطلحات القانونية والقضائية اللائقه عند مخاطبة القضاء ، ونلتمس من محكمة التمييز الاتحادية الموقرة سعه صدرها لان المحاكم العليا هي الملاذ الاخير والقلعة الحصينة لاحقاق الحق كما عهدناها كمؤسسة قضائية عريقة ... والله الموفق .
د.احمد طلال عبد الحميد البدري
بغداد 30/3/2025



#احمد_طلال_عبد_الحميد (هاشتاغ)       Ahmed_Talal_Albadri#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحكمة الاتحادية العليا ... وشرط المصلحة
- قوانين السلة الواحدة... وتعطيل الدستور
- تعليق على الامر الولائي الخاص بوقف قوانين السلة الواحدة
- وقف تنفيذ القوانين امام القضاء الدستوري العراقي
- الوقف المؤقت للقوانين امام القضاء الدستوري
- الادارية العليا ...وحجية الاحكام الباته
- الابعاد الدستورية للتعداد السكاني
- فكرة الاعتبار الشخصي في العقود الادارية الثقافية
- اعادة هندرة الهيئات المستقلة في العراق
- المخالفات الجلية في تعديل قانون الاحوال الشخصية
- موقف المحكمة الاتحادية العليا من الاغفال التشريعي تعليق على ...
- التمييز الاتحادية ... وانعدام العمل القضائي
- المحاكم العليا... والقرار المعدوم
- الاغفال التشريعي في الدفع الفرعي بعدم الدستورية
- الادارية العليا وتوحيد المبادىء القانونية
- الحنث باليمين الدستورية من قبل رئيس واعضاء السلطة التشريعية ...
- الشفافية في الدعوى الانضباطية
- الاغفال التشريعي يخرق ضمانات الموظف العام
- الاتحادية العليا... في مواجهة الدوغمائية السياسية
- الاتحادية العليا ...والحصانه البرلمانية


المزيد.....




- 1600 جندي إسرائيلي سابق يطالبون بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى
- حماس تعلن عن شروطها لإطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين
- حصيلة صادمة.. ووتش تدعو أوروبا إلى إنقاذ المهاجرين بتفعيل ال ...
- قيادي في المقاومة يكشف تفاصيل مقترح الاحتلال لوقف العدوان وت ...
- -القوى- تؤكد ضرورة إنجاح فعاليات إسناد الأسرى المقررة لمناسب ...
- اعتقال صحفيين في إثيوبيا بتهم الإرهاب على خلفية تقرير مثير ل ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب بإعادتهم دفعة واحدة وغليان ...
- -هيومن رايتس ووتش-: حقوق الفلسطينيين أساسية في الحوار الأورو ...
- رايتس ووتش تناشد مؤتمرا دوليا بلندن إنقاذ مدنيي السودان وإدخ ...
- حماس: هذه شروطنا لإطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - احمد طلال عبد الحميد - الطعن بالاحكام مابين النقد والتجريح