أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - زيارة ماكرون: أوربا ترد على ترامب في ملف فلسطين















المزيد.....

زيارة ماكرون: أوربا ترد على ترامب في ملف فلسطين


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 04:52
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


عاد دونالد ترامب فجأة لاستكمال أجندته التي تركها منذ عام 2020م مع انتهاء ولايته الأولى، ليُبْرِز أزمة المسألة الأوربية القديمة بشدة، وتَفَكك قدرتها على الحفاظ على تناقضاتها الداخلية، ووهم أنها الحضارة المطلقة والعظمي والنهائية للوجود البشري.
وحقيقة يتابع المرء كتابات العديد من "المتخصصين" في السياسات الدولية بالوطن العربي عموما وداخل مصر خصوصا، واستغراق بعضهم في التفاصيل الجزئية ومحاولة الاختباء خلف بعض التنظيرات الفرعية التي مررتها المراكز البحثية الغربية في فترة معينة، لكي يبرر بها البعض تصورات التبعية والهزيمة الحضارية في دول العالم الثالث.. لكن أكثر ما يلفت الانتباه هو تجرأ بعضهم على السيناريوهات المستقبلية دون دليل وبيقين شبه تام، وعدم اعتذاره –أو اعتزاله- حينما يخيب ظنه وتوقعه تماما.
بيت القصيد؛ وحين نعود لدونالد ترامب سنجد أنه قرر أن يقلب الطاولة فجاة على رؤوس الجميع، ساعيا لتهدئة الملف الأوكراني والتقارب مع روسيا، وذلك على حساب أوكرانيا (وطلبه المقابل منهم فيما عرف باتفاقية المعادن)، وعلى حساب أوربا التي لم يهتم دونالد ترامب بالحفاظ على ماء وجهها في مواجهة روسيا.. مما دفع فرنسا وألمانيا تحديدا لإجراءات عدة على المستوى العسكري قصير وطويل المدى.
وسعى ترامب للتصعيد في الملف الفلسطيني على حساب العرب، والملف التايواني على حساب الصين، فدفع بتعزيزات في بحر الصين الجنوبي وتفاهمات مع الفلبين أزعجت الصين، وقدم عدة صفقات وتعزيزات عسكرية إلى دولة الاحتلال حتى تتمكن من شن حملتها العسكرية المدمرة باتجاه غزة، وتخرق اتفاق وقف النار والانتقال لمرحلتيه الثانية والثالثة.
ولم يهدأ بال ترامب عند هذا الحد بل استعاد ذاكرة الحرب التجارية التي أشعلها مع الصين في ولايته الأولى، لكنه قرر هذه المرة أن تكون الحرب ضد الجميع الحلفاء قبل الخصوم والمنافسين، ضد أوربا والعرب والصين ولم يترك أحد تقريبا سوى ورسيا عدو الأمس التي يسعى لمهادنتها.
وكانت أوربا -من خلال فرنسا وألمانيا تحديدا- قد سعت لحفظ ماء الوجه من خلال عدة إجراءات، فرنسا بوصفها الدولة الأوربية النووية الوحيدة داخل الاتحاد الأوربي بعد أن دفع ترامب بريطانيا في ولايته الأولى للخروج من الاتحاد الأوربي فيما عرف بالبريكست، قد سعت –فرنسا- لعدة إجراءات لحفظ ماء وجه القارة العجوز عن طريق التلويح بالمظلة النووية وجعلها غطاء أوربيا أمميا ضد روسيا، وزادت ألمانيا من تصريحات عودتها إلى التسليح الكثيف وزيادة الإنفاق الدفاعي بطريقة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية...
لكن كل هذه الإجراءات كانت مجرد رد فعل لحفظ ماء الوجه في الملف الأوكراني، إنما الحرب التجارية الجديدة التي شنها ترامب كانت هي الشاهد الأخير في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، والتي جعلت أوربا تستيقظ فجأة وتبحث عن طرق جديدة لردع ترامب.
هنا استعاد "الديك الفرنسي" ذاكرته القديمة في عالم ما قبل الحرب العالمية الثانية، تحديدا في المرحلة الاستعمارية حينما كانت فرنسا امبراطورية تتنافس مع بريطانيا على الهيمنة على العالم... قرر ماكرون أن يقفز إلى ساحة السياسة الدولية ليردع دونالد ترامب في أقرب الملفات إلى نفسه وذاكرته الدينية العنصرية، وهو ملف فلسطين.
لم تعد هناك أوراق في يد اوربا لتردع بها ترامب في مشروعه الجديد لاستعادة الهيمنة عبر "الصدام" (ولنتذكر هنا نظريات الصدام الحضاري عند الثلاثة برنارد لويس وهينتنجتون وفوكوياما).. سوى الخروج مجددا إلى ما وراء البحار، والضغط على ترامب في ملفه المفضل ومشروعه المسمى "صفقة القرن" و"الاتفاقيات الإبراهيمية" في نسخته الخشنة الجديدة التي تجرى حاليا.
قرر ماكرون أن يبادر ترامب في عقر ملفه الأقرب إلى نفسه في فلسطين، واختار أن تكون مصر هي موضع النزال بينه وبين ترامب، فجاء في زيارة مطولة تمتد إلى ثلاثة أيام، تتواكب تقريبا مع ذهاب نتانياهو إلى أمريكا، ويتخلل الزيارة قمة ثلاثية بين قادة فرنسا ومصر والأردن (خرجت ببيان مشترك على النقيض تماما من مخططات ترامب)، وشملت الزيارة تصريحات عن تعاون عسكري واقتصادي وسياسي وشراكة استراتيجية مع مصر، قرر "الديك الفرنسي" تذكير ترامب بأن فرنسا هي امبراطورية قديمة قبل أن تخرج أمريكا للوجود.
وتناول ماكرون الوضع في فلسطين وغزة والتهدئة وأدان الحملة العسكرية "الإسرائيلية"، ويتأهب لزيارة حدودية في اليوم الثالث لزيارته يوم الثلاثاء 8 أبريل 2025م، رفع ماكرون السقف لأقصاه في مواجهة ترامب، وفي أقرب الملفات التي يمارس فيها شعوره بالوهم الامبراطوري والمسألة الأوربية القديمة، ليضطر ترامب للاتصال به وبالرئيس المصري والملك الأردني محاولا تهدئة "الديك الفرنسي" وغضبته...
مربط الفرس هنا أن النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية أصبح يتفكك على مستوى حلفاء الأمس أنفسهم، وليس في مواجهة الخصوم فقط... والدرس الممكن الاعتبار منه في عجالة أن الذات العربية والمدرسة المصرية في السياسات الخارجية متأخرة على مستوى النظرية السياسية والسردية الجيوثقافية بعشرات السنين، تتحرك وفق تكتيكات للعمل من خلال التناقضات والظروف المتاحة، لكن دون سردية جيوثقافية فاعلة تستبق التغيرات السريعة.
وعلى المستوى القريب؛ هل يمكن الوثوق في ماكرون أو في ترامب أو في غيرهما، في حقيقة الأمر تحتاج مصر إلى نظرية سياسية جديدة على مستوى السياسات الخارجية، ولا يمكن لها ان تعمل من خلال العمل التكتيكي أو استدعاء بعض الآليات من العهد الناصري، ولا يمكن لها أن تكون رد فعل للتقلبات الدولية وتوزناتها، إنما تحتاج مصر لإعادة قراءة معطياتها الجيوثقافية وترتيب أوراقها من جديد.
هل هناك خطوة أخرى يمكن أن تحدث فجاة في رقعة السياسات الدولية الجديدة؟ نعم هناك ورقة أخرى قد يحتفظ بها "الديك الفرنسي" في مواجهة ترامب، وهذه الورقة لو طرحها ماكرون سوف تكون بمثابة زلزال لنظرية دونالد ترامب السياسية برمتها، وهي ورقة الصين...
لو لم يرتدع دونالد ترامب ويتراجع عن أوهامه السياسية ومشروع الصدام الحضاري باتجاه الحلفاء في اوربا، فقد لا يكون أمام الديك الفرنسي ممثل القارة العجوز سوى ورقة شديدة القوة، وهي أن يزور الصين أو ان يعقد معها اتفاقية تجارية كبرى..
لتبقى الفترة المقبلة تحمل للعالم الكثير من المتغيرات والتقلبات، وتحمل للعرب درسا أليما مفاده أن الانسداد السياسي الذي نشأ بعد مرحلة الثورات العربية، وتسببت فيه سرديات السلطة والمعارضة على السواء، وعجزهما عن تقديم سردية جديدة للشعوب العربية، هذا الانسداد أصبح لابد من تجاوزه وظهور سردية جديدة، وأن تمترس كل فصيل سياسي سلطة أو معارضة حول سرديته، سيؤدي إلى التفكك التام إن عاجلا أو آجلا... لكن يبقى الأمل دوما في "كتلة جامعة" تشق التناقضات وتؤكد على المشتركات الحاضرة في "مستودع الهوية" العربي، تواجه التحديات الدولية ومتغيراتها، وتعرف جيدا كيف ترصف الطريق للمستقبل.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر وجدل الاستراتيجية والمعرفة: الدروس الجيوثقافية لمآلات حر ...
- الحداثة الأبدية قراءة نقدية مقارنة للمشروع الغربي
- مصر والاستراتيجية زيرو: تدافع الموانع والممكنات
- هل خسرت المقاومة أم تخاذلت الحاضنة العربية الإسلامية!
- السودان ومصر: إلى أين، سيصل كل منا على حده!
- النمط العسكري للاحتلال: التصعيد ثم التوزان واحتمال اشتعال ال ...
- حروب اليوم وعالم الغد: بين الجيوحضاري والجيوسياسي والجيوثقاف ...
- دور الإسناد الجيوثقافي في الحضور المصري بالصومال
- استراتيجية الأمل: أي تجديد من أجل التجديد الثقافي العربي!
- الوعي الجيوثقافي و دور الدبلوماسية الثقافية في رفد الدبلوماس ...
- الثقافة بوصفها مشتركا مجتمعيا عند التحولات التاريخية
- فوق صفيح ساخن: بيانان ثلاثيان ومذبحة ورد منتظر
- استجابات استراتيجية نتانياهو البديلة: مصر وتركيا وإيران
- استرتيجية للنأي عن الاستقطاب.. أم ديبلوماسية جيوثقافية مصرية ...
- سيكولوجية الإنكار: معركة رفح العسكرية ونهاية مرحلة كامب دافي ...
- مصر والمستقبل: بين الوظيفية الإقليمية والقطبية الجيوثقافية
- مصر ما بعد معركة رفح: فيلادلفيا وعنتيبي والصومال والدولتين و ...
- التراشق بين مصر وإسرائيل: دروس المآلات والممكنات
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ...
- المقاربة الجيوحضارية للعالم: مصر والعراق والذات الحضارية الم ...


المزيد.....




- سوريا.. نفل سفيري دمشق في السعودية وروسيا إلى -الإدارة المرك ...
- طبيبة: أمعاء الإنسان تمتص الحديد من المصادر الحيوانية بسهولة ...
- دراسة أمريكية: السمنة ترتبط بـ16 مرضا مزمنا
- إسرائيل تبرر قتل 15 مسعفا في رفح بـ-الشعور بالتهديد-
- -تايمز أوف إسرائيل-: نتنياهو يغادر واشنطن بخيبة أمل
- ترامب لأردوغان: لقد فعلت ما عجز عنه الآخرون على مدى ألفي عام ...
- العلماء الروس يعتزمون إنشاء نموذج رقمي يحاكي -معبد المرجان- ...
- طريقة بسيطة للسفر عبر الزمن!
- العلماء يؤكدون إمكانية تصنيع ألواح شمسية من الغبار القمري
- أطعمة على العشاء تسرّع خسارة الوزن وحرق الدهون


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - زيارة ماكرون: أوربا ترد على ترامب في ملف فلسطين