أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي سالم عزيز - الجرائم المبنية على الشكوى: بين حماية الحقوق الشخصية وتحقيق العدالة الجنائية














المزيد.....

الجرائم المبنية على الشكوى: بين حماية الحقوق الشخصية وتحقيق العدالة الجنائية


علي سالم عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 20:43
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


الجرائم التي لا تعد جرائم إلا بالشكوى: هي أحد المفاهيم القانونية المهمة التي توازن بين حماية الحقوق الشخصية وتحقيق العدالة الجنائية، وهي الجرائم التي تتوقف ملاحقتها على إرادة المجني عليه، حيث لا تباشر الجهات المختصة إجراءاتها إلا بعد تقديم الشكوى، ويهدف هذا النظام إلى مراعاة خصوصية بعض الأفعال التي تمس المصالح الشخصية للأفراد، مع الحفاظ على حق اللجوء إلى القضاء عند الضرورة.
يرتبط هذا النوع من الجرائم عادة بالانتهاكات ذات الطابع الشخصي التي لا تشكل تهديداً خطيراً للمجتمع ككل، بقدر ما تؤثر بشكل مباشر على حقوق الأفراد، ومن الأمثلة الشائعة على هذه الجرائم "التشهير وخيانة الأمانة والزنا وبعض أشكال السرقة البسيطة بين الأقارب"، وفي هذه الحالات يعطي القانون المجني عليه الحق في تقرير ما إذا كان سيرفع دعوى قضائية أم لا، نظراً لحساسية العلاقة بين الطرفين وأهمية إعطاء فرصة للمصالحة.
ويشمل التشهير أي اعتداء لفظي على شرف الشخص أو مكانته الاجتماعية؛ من خلال اتهامات كاذبة، في العديد من الأنظمة القانونية، يعتبر التشهير جريمة لا يمكن ملاحقتها إلا إذا تقدم الضحية بشكوى، ويعطي هذا النظام الضحية الفرصة لحل النزاع بشكل خاص، خاصة عندما تكون التهم مبنية على سوء تفاهم أو علاقة شخصية متوترة.
خيانة الأمانة هي جريمة ترتكب عندما يسيء شخص ما استخدام الأموال أو الممتلكات، التي تم تكليفه بها، وغالباً ما ينطوي هذا النوع من الجرائم على علاقات شخصية أو تجارية، ويمنح القانون الضحية خيار تقديم شكوى أو عدم تقديمها، مع مراعاة خصوصية هذه المعاملات.
الزنا جريمة تعتبر في بعض البلدان جريمة لا يمكن ملاحقة المتهم بها؛ إلا إذا تقدم الزوج أو الزوجة بشكوى ضد الطرف الآخر، وتؤثر هذه الجريمة بشكل عميق على الحياة الزوجية، لذلك يختار بعض الضحايا عدم الذهاب إلى المحكمة لتجنب إحراج أو تدمير العلاقة الزوجية.
أما بالنسبة لبعض أشكال السرقة البسيطة بين الأقارب، مثل سرقة الممتلكات الشخصية بين أفراد الأسرة أو الأصدقاء، فقد يتم حل النزاع ودياً دون الحاجة إلى ملاحقة قانونية، وفي هذه الحالات قد يفضل الضحية حل الأمر خارج الإطار القضائي حفاظاً على العلاقات الأسرية أو الشخصية.
إن هذه الجرائم تحقق توازناً دقيقاً بين مصالح الفرد ومصالح المجتمع؛ فمن ناحية تمنع الدولة التدخل في الأمور التي قد يفضل الأطراف حلها ودياً دون اللجوء إلى القضاء؛ ومن ناحية أخرى تضمن وجود إطار قانوني يمكن اللجوء إليه في حال فشل محاولات التسوية، وهذا التوازن يخفف العبء على النظام القضائي، حيث يقلل من عدد القضايا المعلقة أمام المحاكم، مع الحفاظ على إمكانية الحصول على العدالة للطرف المتضرر عند الضرورة.
ورغم الفوائد التي يقدمها هذا النظام، فإنه يثير بعض التحديات القانونية والعملية، ومن أبرز هذه التحديات إمكانية استغلال بعض الجناة لشرط الشكوى للإفلات من العقاب، وخاصة في الحالات التي يتم فيها ممارسة الضغوط أو التهديد على الضحية؛ لثنيه عن تقديم الشكوى، كما قد يساهم هذا النظام في تأخير العدالة، حيث قد يتردد الضحية في اتخاذ القرار المناسب، مما يضعف الأدلة بمرور الوقت.
ويحدد القانون عادة مهلة زمنية لتقديم الشكوى، تعرف بالتقادم، وتختلف هذه المهلة بحسب طبيعة الجريمة، وهذا التقادم ضروري لضمان استقرار الأوضاع القانونية ومنع استغلال الشكوى بعد فترات طويلة لأغراض شخصية، وفي الوقت نفسه، تمنح السلطات القضائية الحق في إغلاق القضية إذا قرر الضحية إسقاط شكواه، وهو ما يعزز مبدأ الرضا الشخصي في هذه الجرائم.
ولتعزيز فعالية هذا النظام، يجب أن يكون مصحوباً بإجراءات تضمن حماية الضحية من أي ضغوط تؤثر على قراره، كما يتطلب توعية الأفراد بحقوقهم القانونية وأهمية اللجوء إلى القضاء عندما يتعرضون لاعتداء يؤثر على مصالحهم الشخصية،
وبعد كل ما تقدم، تجسد الجرائم المبنية على الشكاوى مبدأ التوازن بين حماية الحقوق الشخصية وتحقيق العدالة، حيث تمنح الأفراد حرية تقرير مدى الحاجة إلى بدء الإجراءات الجنائية، ورغم التحديات التي يثيرها هذا النظام، إلا أنه أداة قانونية مهمة تساهم في الحفاظ على خصوصية العلاقات الشخصية مع توفير الضمانات القانونية للمتضررين.



#علي_سالم_عزيز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثير الإعلام على المحاكمة العادلة: بين الحق في حرية التعبير ...
- تأثير التحول الرقمي على الجريمة المنظمة: التحديات القانونية ...
- التدخل الجنائي في المجال الطبي: حدود المسؤولية الجنائية للأط ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء التصعيد بين إيران والولايات ...
- شرطة لندن تستلم شكوى ضد 10 بريطانيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب ...
- إعلام عبري: مصر تقدم مقترحا جديدا لتبادل الأسرى ووقف إطلاق ا ...
- الأمم المتحدة تدعو لاستئناف وقف إطلاق النار في غزة
- نتنياهو يلتقي ويتكوف لبحث صفقة الأسرى قبل اجتماعه مع ترامب
- السوداني: العراق بات قريبا من إغلاق مخيمات اللاجئين
- مفوض الأونروا: الإمدادات الطبية والأساسية في قطاع غزة تنفد
- محامون يقدمون شكوى ضد 10 عسكريين بريطانيين بتهمة ارتكاب جرائ ...
- داخلية السعودية تعلن إعدام أردني -تعزيرًا- وتكشف تهمته
- حماس ترد على تصريحات واشنطن حول جريمة -إعدام المسعفين- برفح ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي سالم عزيز - الجرائم المبنية على الشكوى: بين حماية الحقوق الشخصية وتحقيق العدالة الجنائية