منذر علي
الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 10:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في هذه اللحظة القاتمة من تاريخ الإنسانية، حيث تصرخ الأرض من قسوة ما يثقلها، وحيث السماء تجهل معنى الصفاء تحت دُخَان الصواريخ وأصوات القذائف، تمارس دولة إسرائيل عنجهيتها المتوحشة، وتغرس خناجرها المسمومة في قلب الشعب الفلسطيني، مرتكبةً أعظم الجرائم ضد الإنسانية، جريمة الإبادة الجماعية.
لو أن سكان الأرض جميعهم اجتمعوا في محفِل الحقيقة، حيث لا سلطان إلا للعدالة، وحيث لا صوت يعلو فوق صوت الضمير الإنساني، وصوّتوا بما تمليه عليهم فطرتهم النقية، لكانت البشرية جمعاء شاهدةً على عار إسرائيل، ولكانت كلمتها واحدة، واضحة، لا لبس فيها: إدانة لدولة عنصرية فاشية لا تعرف للرحمة طريقًا. ولكن، آه من تلك الكلمة التي تظل أسيرة الأفواه، لا تجد سبيلها إلى الفعل!
فإدانة ثمانية مليارات إنسان، مهما علت، لن توقف نزف دماء الأبرياء، ما دامت الإمبريالية الأمريكية تمسك بزمام القوة، تمد يدها لإسرائيل، تحميها، تبرر جرائمها، وتغلفها بأكاذيب الحرية والديمقراطية. هي الإمبريالية ذاتها التي ألِفَت أن تجعل من الظلم قانونًا، ومن البطش سياسة، ومن الصمت الدُّوَليّ شريكًا في كل مأساة.
ومع ذلك، أيها الإنسان الحائر، لا تدع اليأس يتسلل إلى روحك، ولا تترك الظلام يطفئ شعلة الأمل في قلبك. قد يكون الضمير الإنساني اليوم في حالة ارتكاس، وقد تكون صرخات المظلوم تختنق تحت وطأة المصالح والحسابات السياسية، ولكن الحق لا يموت. فالحق، كالشمس، قد يحجبه الغمام، لكنه يظل هناك، ينتظر لحظة سطوعه.
فلنكن صوتًا لهذا الحق. لنكن صرخةً في وجه الظلم، ونورًا في عَتَمَة القهر. لن نرضى بالاستكانة، ولن نقبل أن نصبح شهودًا صامتين على مأساة شعب تُنتهك آدميته كل يوم. فلنتضامن مع الشعب الفلسطيني، لا فقط انتصارًا لقضيته العادلة، بل دفاعًا عن ضمائرنا التي تأبى أن تخون إنسانيتها.
إنها معركة ليست فقط من أجل أرض تُغتصب أو وطن يُنهب، لكنها معركة من أجل الروح الإنسانية ذاتها، من أجل أن تبقى الكرامة حيّة، والعدالة ممكنة، والحب هو اللغة الوحيدة التي يفهمها الكون.
فلنتذكر أن الظلم زائل، مهما طال، وأن دموع الأمهات وآهات الأطفال ستصبح يومًا ما لعناتٍ تلاحق الظالمين. وأن ما نفعله اليوم، مهما بدا صغيرًا، هو لبنة في بناء غدٍ جديد، حيث لا يُقتل طفل في حضن أمه، ولا يُهدم بيت على رؤوس ساكنيه، وحيث يصبح الحق سيدًا، والإنسانية ملكةً على عرش هذا العالم.
#منذر_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟