أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل الخضري - مذابح المسلمين في بورما.. تاريخٌ وحيثيَّات















المزيد.....



مذابح المسلمين في بورما.. تاريخٌ وحيثيَّات


عقيل الخضري

الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 06:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ميانْمار أو بورما، دولة تقع في غرب شبه جزيرة الهند الصينية، كانت إحدى ولايات الهند البريطانية وانفصلت عام 1937، لميانْمار حدود مع الصين والهند وبنغلادش وتايلاند ولاوس، وتطل من الغرب على خليج البنغال..
موقع ميانمار الجغرافي، نوَّع التركيبة العرقية واللغوية لسكان الدولة، بعدد سكان يتجاوز خمسين مليون مواطن، يشكِّل البوذيون الأغلبية في البلاد، وأقليات* مسلمة ومسيحيّة وهندوسيّة ووثنيّة، و 135 مجموعة عرقية معترف بها رسميًا، تعيش حياة مهمَّشة.
في عام 1057, بدا سكان بورما باعتناق مذهب الثيرافادا البوذي عن طريق الرهبان القادمين من سريلانكا، وكتبت الصحف البورمية المقدَّسة استنادًا إلى صحف المون المقدَّسة المتوفّرة آنذاك.
في عهد الملك كيانزيتا "1084-1112"، وبازدهار الزراعة في ذلك الوقت، باشر الملوك ببناء العديد من المعابد والباغودات "المباني الدينيّة التي تمارس فيها طقوس الديانة البوذيّة “في أنحاء البلاد، والتي ما زال بعضها قائمًا إلى اليوم..

عاش المسلمون في ميانمار منذ القرن الحادي عشر الميلادي، وأول مسلم تم توثيقه في تاريخ بورما والمسجل في كتاب همنان يازوين "سجلات القصر الزجاجي" هو "بيات وي" وذلك في عهد الملك مون ملك ثاتون، حوالي عام 1050. كان لبيات وي شقيق يدعى "بيات تا"، أنجب ولدين يُعرفان باسم الأخوين شوي بين، وقد تم إعدامهما عندما كانا طفلين، بسبب عقيدتهما الإسلامية.
أوَّل بوادر اضطهاد المسلمين بدوافع دينيّة وقعت في عهد الملك باينتوانغ "1550-1589"، فقد حظر ممارسة الذبح الحلال للدجاج والمواشي بسبب التعصُّب الديني، وأجبر بعض الرعايا على الاستماع إلى الخطب والمواعظ البوذيَّة، ليجبرهم على تغيير دينهم بالقوَّة، كذلك منع المسلمين من الاحتفال بعيد الأضحى وذبح الأضاحي من الماشية.
مذبحة في أراكان..
حصلت مذبحة مُروّعة للمسلمين في أراكان لأسباب دينيّة وبدافع الجشع.. كان ميرزا شاه شجاع، الابن الثاني لإمبراطور المغول شاه جهان، الذي شيَّد ضريح تاج محل، قد خسر المعركة أمام أخيه محي الدين محمد، المعروف بأورنجزيب، فهرب مع عائلته وجنوده إلى أراكان "بورما" حيث سمح له ملكها آنَذاك ساندا توداما "1652-1687" بالإقامة فيها..
أبدى الملك ساندا توداما، رغبته بالزواج من ابنة شاه شجاع، ليس حبًا بها وإنما طمعًا في ثروة الأب الكبيرة من المجوهرات النادرة والذهب والفضة التي كانت معه، لم يماش شاه شجاع رغبة الملك ومانع ذلك، فشاط بالملك البوذي الغضب وبعملية غدر خسيسة، قتل شاه شجاع وأعدم أبناءه، وقطعت رؤوس الرجال المرافقين له.. اِنتحرت زوجة شاه شجاع "بياري بنو بيجوم" واثنتان من بناتها من هَول الفاجعة وهروبًا من الأسر والمذلّة، واقتيدت الابنة "أمينة بنو بيجوم" ذليلة إلى قصر ساندا توداما فتوفيت بعدها بأيام.. تزوّج أو اِغتصب الملك توداما ابنة شاه شجاع المتبقية "ماه خانوم"، وبعد أقل من عام، زجَّ الملك البوذي بماه خانوم وكل النساء اللاتي معها في السجن ليتركهن يموتن من الجوع.. وبهذا، استهدفت المذبحة جميع اللاجئين المسلمين من الهند إلى أراكان، واستولى الملك ساندا توداما على كلِّ ممتلكاتهم حتى الثياب.

في عهد الملك بوداوبايا "1782-1819" قبض على أربعة من أشهر أئمَّة ميانمار المسلمين وتم إعدامهم، بعد رفضهم أكل لحم الخنزير! ووفقا لأقوال مسلمي بورما، فقد مرَّت على البلاد سبعة أيام مظلمة بعد إعدام الأئمَّة، مما أجبر الملك على الاعتذار وأصدر مرسوما باعتبارهم أولياء صالحين!
المشاعر المعادية للهنود والمسلمين..
تفاقمت مشاعر الكراهية للهنود والمسلمين بعد الحرب العالمية الثانية أثناء حكم الإنجليز، ففي سنة 1921 كان في بورما نصف مليون مسلم، ونصف الهنود في البلاد كانوا مسلمين، بالرغم من الاختلاف بين مسلمي بورما وبين الهنود المسلمين، إلا أن البوذيين قد وضعوهم في خانة واحدة، وأضافوا إليهم هندوس الهند وأطلقوا عليهم جميعا لقب كالا، وهي كلمة مهينة تعني السود.
تعود جذور الكراهية للهنود والمسلمين في بورما إلى:
اِضطهاد مغول الهند المسلمين للبوذيين والهندوس أثناء حروب المغول وفتوحاتهم للمدن، حيث حولوا وبالقوّة العديد من البوذيين والهندوس إلى الإسلام.
أعمال شغب ضد المسلمين عام 1938
اندلعت في بورما سنة 1938 أعمال شغب معادية للمسلمين، حيث كانت بورما لا تزال تحت الحكم البريطاني.. وقد ألهبت وسائل الإعلام المحليَّة المشاعر الوطنية بالكراهية ضد المسلمين، فأعقب ذلك إطلاق الحكومة البريطانية كامل آلتها العسكرية لمواجهة أعمال الشغب بالقُوَّة، فماج البورميون في أنحاء البلد ضد الحكم البريطاني، فجميع القضايا السياسية والتحرُّكات والاجتماعات والتظاهرات وأعمال الشغب والتمرّد وحتى الثورات كانت تحت تأثير وإيحاء وتحريض وقيادة الصحف التي تسيطر عليها الأغلبية البوذية.
حملة بورما للبورميين فقط..
بدأت حملة بورما للبورميين فقط، بالانتشار، فنظَّمت الجماهير الهائجة مسيرة إلى بازارٍ للمسلمين، للضغط عليهم بهدف طردهم من البلاد، وقد فرّقت الشرطة الهندية تلك المظاهرة المنفلّتة فأصيب ثلاثة رهبان، مما حدا بالصحف البورمية أن استغلت صورا للشرطة الهندية تهاجم الرهبان البوذيين للتحريض على زيادة أعمال الشغب، فنهبت متاجر المسلمين ومنازلهم والمساجد، فدمّرت وأحرقت بالكامل، كما تعرّض المسلمون إلى اعتداءات ومذابح، وانتشر العنف في جميع أنحاء بورما، فتضَرَّر حوالي 113 مسجدًا.
لجنة تحقيق بريطانية
عين الحاكم البريطاني لجنة تحقيق في 22 أيلول 1938، فقرَّرت اللجنة أن السبب الحقيقي وراء ذلك الهياج هو تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بورما، فاستغلّت صحف بورمية غير مسئولة هذا التقرير لبث الكراهية ضد المسلمين..
أوصَت لجنة سايمون "جون سايمون 1873 -1954، سياسي بريطاني تولى مناصب سياسية عليا" التي أنشئت سنة 1927 للتحقّق من الآثار المترتّبة على تطبيق نظام الحكم الثنائي في الهند وبورما، بتعيين مقاعد خاصة لمسلمي بورما في المجلس التشريعي، وأوصت أيضا بتشديد ضمان حقوق المواطنة الكاملة لجميع الأقليات: الحق في حرية العبادة، والحق في إتباع الأعراف الخاصة، والحق في التملُّك، والحق في الحصول على حِصَّة من الإيرادات العامة للإنفاق على مؤسساتهم الخيرية والتعليم الخاص بهم. و أوصت كذلك بحكومة مستقلّة منفصلة عن الهند أو في حالة من السيادة الذاتيَّة، لكن الحكومة البريطانية رفضت قبول جميع هذه التوصيات باستثناء فصل الدولتين، وذلك في لجنة المائدة المستديرة حول الهند التي عقدت في لندن سنة 1930.
الاتحاد الشعب الحر لمناهضة الفاشية يطرد مؤتمر مسلمي بورما..
تأسَّس مؤتمر مسلمي بورما بنفس الوقت الذي تأسَّس فيه إتحاد الشعب الحر لمناهضة الفاشية “AFPFL” الذي أسَّسه جنرال أونغ سان" والد الزعيمة البورمية أونغ سان سو تشي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام والتي تولت عددا من الحقائب الوزارية قبل أن تشارك الجيش في الحكم عام 2016" ومعه يو رزاق أو عبد الرزاق "1898- 1947" قبل الحرب العالمية الثانية، وفي 25 كانون أول 1945 انتخب يو رزاق رئيسًا لحزب المؤتمر، فقرَّر الانضمام إلى حزب الاتحاد. انتخب يو رزاق رئيسًا لحزب الاِتحاد في منطقة ماندا لاي سنة 1946، ثم قبله الحاكم بعد ذلك عضوا في المجلس الدستوري، وكان ليو رزاق علاقات جيدة مع البوذيون وله اطلاع بلغة بالي "الكتب البوذية المقدَّسة كتبت بتلك اللغة الهندية القديمة"، فأصبح وزيرًا للتربية والتخطيط في حكومة الجنرال أونغ سان، ولكنّهما اغتيلا لاحقا، فقد كان مؤيدًا لسياسة الحزب الرئيسية وهي: ضد تقسيم الدولة بخطوط اجتماعية أو دينية، واعترض يو رزاق وقِلَّة من رفاقه مطالب البعض بضمانات دستورية محدّدة للأقليّة البورمية المسلمة، ومع ذلك فقد كان يو رزاق يمتلك شعبية عالية وزعيم بورمي مسلم مهم وبارز، ممّن نظموا بنجاح مقدرة المسلمين في بورما في الحصول على الاعتراف الرسمي بمساهمتهم في بداية النضال الوطني نحو اِستقلال بورما.
موقف يو رزاق من الوحدة البورمية أو الوطن "بورما" التي ضحى فيها بمصلحة وضمان حقوق الأقليّة المسلمة في بورما على المدى الطويل، قد أرضى بها زعماء بورما البوذيين في حزب الاتحاد، وأيضا أرضى الحكومة البريطانية، ونال بسبب ذلك عدة جوائز شخصية. وقد تبعه في ذلك كلا من يو راشد، ويو خين ماونغ لات على وجه الخصوص، حيث اِتَّبعا السياسة العامة بالتضحية بحقوق ومصالح المجتمع المسلم البورمي لأجل بلدهم وحزبهم.
طلب رئيس الوزراء البوذي يو نو" 1907- 1995" بعد بضعة أشهر فقط من اِستقلال بورما، من مؤتمر مسلمي بورما أن يستقيلوا من عضوية حزب الاتحاد، واستجابة لذلك قرّر الرئيس الجديد لحزب المؤتمر يو خين ماونغ لات، والذي كان سكرتيرا ليو رزاق قبل اِغتياله، وقف جميع الأنشطة الإسلامية الدينية في حزبه، وانضم إلى الاتحاد، فكوفئ بإعطائه وزارة العدل، ولكن لم يعد يمثِّل رغبات المجتمع البورمي المسلم، وقد طلب تحالف مسلمي بورما حديث التكوين، إدارة حكومية خاصة لشؤون المسلمين لتحديد مستقبلهم، كما هو الحال للأقليّات الأخرى الذين لديهم وزارات في يانغون وحكومات في مقاطعاتهم، فأخرج يو نو، مؤتمر مسلمي بورما من اِتحاد AFPFL في 30 أيلول 1956، وقد طلب المؤتمر قبلها أن يحلَّ نفسه سنة 1955.
بعد ذلك فرض يو نو" أوّل رئيس لوزراء بورما " مرسومًا باعتبار البوذيّة دين الدولة، متحديًا إرادة الأقليات العرقية والمنظمات الدينية المختلفة، بما في ذلك مسلمي بورما، فتعرّض يو نو الذي كرس نفسه للبوذيّة، لضغوط من التجار الهنود الأثرياء المؤثرين، بسبب أوامره بحظر ذبح الماشية، على الرغم من أنه سمح بالذبح فترة عيد الأضحى على أن يتطلّب ذلك تصريحا للمسلمين عند ذبحهم لأيّ ذبيحة بإشراف الشرطة، وأن يتبعوا الإجراءات الدقيقة بصرامة، ومع أن الجنرال ني وين قد ألغى النظام الأول وسمح لذبح الماشية للاستهلاك اليومي، إلا أن النظام الثاني من التقييد الصارم للتضحية لا يزال ساريا حتى الوقت الحاضر، وقد اعتقل مسئولي المساجد ممّن فشلوا بالتقيد بالعدد المسموح به في ذبح الماشية وعوقبوا.
اشتكى المسلمون أن حكومة يو نو جعلت أداء الحج أكثر صعوبة من الحجاج البوذيين الذين يذهبون إلى سري لانكا ونيبال.
بعد تولي بوذيين متطرفين الحكم في ميانمار عام 1956، تَعرَّض المسلمون الذين يشكلون 20% من سكان البلاد إلى حملات ظلم وتهميش متعمّد.
يرفض المتطرفون البوذيون "الأغلبية في ميانمار"، الاِعتراف بمسلمي أراكان، ويدعون إلى طردهم من البلاد.
وقد حرمت الأقلية المسلمة من الجِنسيّة، وملكية الأراضي والتصويت والسفر، و يعانون العبودية على يد الجيش.. ولا يملك سوى 40 ألف شخص جِنسيّة البلد، أما بقية مسلمي البلد فلا يملكون الجنسيّة. في عام 1982، قدمت الحكومة البورمية لوائح تحرم أي شخص غير قادر على إثبات أصله البورمي- الذي يعود تاريخه إلى ما قبل عام 1823 - من الحصول على الجنسيّة، وقد حرم هذا القانون العديد من المسلمين في ميانمار من حقوقهم، على الرغم من أنهم عاشوا في ميانمار لعدة أجيال.
صَنَّفت الأمم المتحدة مسلمي الروهينغا كـ "أكثر الأقليات اضطهادًا في العالم"، حيث يتعرّض أبناؤها للعنف والتمييز المُقنَّن، والتمييز الاقتصادي والاجتماعي.
يقول عضو المجلس الأعلى للجماعة الإسلامية في الهند، عبد الجبار صديقي، أن الأراكانيين "المسلمين" كانوا يعيشون على أرضهم قبل تأسيس دولة ميانمار بمئات السنين.
المسلمون تحت حكم ني وين
ازدادت أحوال المسلمين سوءا مع وصول الجنرال ني وين” 2002 1910 “ إلى السلطة سنة 1962 وسط موجة من النزعة القومية، فتعرضوا للتهميش والإقصاء وطردوا من الجيش، وصف البوذيون - وهم الأغلبية الدينية في بورما- المسلمون بأنهم "قاتلي البقر"، حيث هي ذبائحهم من الماشية في عيد الأضحى، واستخدموا ضدهم كلمة "كالا" وهي كلمة عنصرية مهينة تعني "الأسود"، و تواجه المجتمعات المسلمة المتدينّة، التي تعزل نفسها عن الأغلبية البوذية، صعوبات أكثر من تلك المندمجة أكثر على حساب قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين.
تأثر مسلمي بورما من تشدّد أقرانهم في البلدان الإسلامية الأخرى، فالعنف الذي يرتكبه الإسلاميون في اندونيسيا يلقي بظلاله في مجتمعات بورما، حيث استخدم ذريعة لارتكاب أعمال عنف ضد مسلمي بورما، كما أن تدمير حركة طالبان لتماثيل بوذا في باميان بأفغانستان، قد أوجد ذريعة أخرى لأعمال عنف ضدهم من الغوغاء البوذيون. وذكرت منظمة حقوق الإنسان أن التوتر بين الطائفتين البوذية والمسلمة في توانغو كان موجودا بأسابيع قبل أن يتَصاعَد ويندلع في منتصف أيار2001، وطالب الرهبان البوذيون بتدمير مسجد هانثا في توانغو “انتقاما” لتدمير تماثيل بوذا في باميان، فخرَّب الغوغاء الذين يقودهم الرهبان البوذيون مقرات المسلمين من شركات وممتلكات وقتلوا عشرات المسلمين، مما أدى إلى ردود انتقامية من المسلمين ضد البوذيين.
تدير حكومة ميانمار الديكتاتورية جهاز الأمن الداخلي المتغلغل، حيث يتسلّل ويراقب اجتماعات وأنشطة جميع المنظمات تقريبا، بما فيها المنظمات الدينية، فيقلص حرية المسلمين العقائدية، ويرصد ويمنع حرية تبادل الأفكار والآراء المرتبطة بأنشطة المسلمين الدينية، ويقوم باتهام المنظمات الإسلامية مثل اتحاد كل مسلمي بورما بالإرهاب!
يخشى على نطاق واسع أن اِضطهاد المسلمين في بورما قد يؤدي إلى إثارة التطرّف الإسلامي في البلاد، وقد انضم العديد من المسلمين إلى جماعات المقاومة المسلحة التي تقاتل من أجل المزيد من الحريات في بورما.
أعمال شغب ضد المسلمين في ماندا لاي..
في آذار 1997 اشتعل التوتر العنصري بين البوذيين والمسلمين في ماندا لاي، ثاني أكبر مدن بورما ، ثم بدأ الاعتداء على ممتلكات المسلمين خلال ترميم تمثال لبوذا.
وفي يوم 16 آذار 1997 حوالي الساعة 15:30 تجمَّع حشد من 1,000-1,500 من الرهبان البوذيين والغوغاء وهتفوا بشعارات مضادة للمسلمين، ثم استهدفوا في هجومٍ وحشي المساجد أولًا، تلاها ممتلكات المسلمين من منازل ومتاجر وعربات نقل في الأماكن القريبة من المساجد، وقد أفادت التقارير بأنهم سلبوا ونهبوا ودمروا الممتلكات، واعتدوا على جميع الأماكن الدينية وخربوها ودنسوا الكتب الدينية. المنطقة التي تعرضت للتخريب والدمار هي كاينغدان بماندا لاي، بدأت اضطرابات ماندا لاي بعد تداول إشاعة عن محاولة اغتصاب لفتاة بوذيّة قام بها مسلمون، فقتل ثلاثة أشخاص على الأقل واعتقل نحو 100 من الرهبان.
أعمال شغب ضد المسلمين في توانغو 2001
في سنة 2001 وزع الرهبان في جميع أنحاء البلاد كتيب "الخوف من ضياع العرق"، وغيرها من المنشورات المناهضة للإسلام، فكان سبب تفاقم تلك المشاعر العدائية والتي أحس بها المسلمون، هو الاستفزاز بعد تدمير تماثيل بوذا في أفغانستان، وقد أفادت تقارير منظمة حقوق الإنسان، أن التوتر بين الطائفتين البوذية والمسلمة في توانغو كان موجودا بأسابيع قبل أن يتصاعَد ويندلع في منتصف أيار 2001، وطالب الرهبان البوذيين بتدمير مسجد هانثا في توانغو مرّة أخرى، " كرد انتقامي" لتدمير تماثيل بوذا في باميان، وفي يوم 15أيار 2001 اندلعت أعمال شغب ضد المسلمين في توانغوا، فخرَّب الغوغاء الذين يقودهم الرهبان البوذيين، مقرات المسلمين من شركات وممتلكات وقتلوا مسلمين.. فكانت الحصيلة مقتل أكثر من 200 مسلم وتدمير 11 مسجدًا وإحراق أكثر من 400 منزل، وفي نفس اليوم تعرّض عشرون مسلمًا كانوا يُصلّون في مسجد هان ثا لإطلاق النار من القوات الموالية للمجلس العسكري، فقتل بعضهم ومن نجا من رصاص القوات تعرَّض للضرب حتى الموت.. وفي يوم 17 أيار 2001 وصل الفريق ون ميينت السكرتير الثالث للمجلس العسكري ووزير الشؤون الدينيّة، ففرض حظر التجول في توانغو، فتم قطع جميع خطوط الاتصالات ، وهدمت جرافات المجلس العسكري مسجدي هانثا ومسجد سكة قطار توانغو، بعد مطالبات الرهبان البوذيون بهدمه، أما باقي مساجد توانغو فقد ظلت مغلقة حتى أيار 2002، واجبر المسلمون على الصلاة في مساكنهم، واشتكى القادة المسلمون المحليون من أنهم لا يزالون يتعرّضون للمضايقة. انتقل كثير من المسلمين المحليين بعيدًا عن توانغو، إلى المدن القريبة أو حتى البعيدة مثل يانغون، وبعد أعمال العنف بيومين تدخَّل الجيش فتوَقَّف العنف مباشرة..
عنف 2012
تعرّض أكثر من2000 شخص للتشرَّد في حزيران 2012 بسبب العنف الطائفي في الدولة، ومعظم الضحايا من المسلمين، وقد وعدت الحكومة بإجراء تحقيق شامل، وأدان ممثلون من مختلف الأديان والأقليات الفظائع التي يتعرّض لها المسلمون في جمهورية اِتحاد ميانمار، حيث قالوا إن الأقليات في جميع أنحاء العالم تتمتّع بحقوق متساوية مع الأغلبية التي تعيش معهم، من حيث طريقة حياتهم وفقا لمعتقداتهم وتقاليدهم وثقافتهم، وعلى الغالبية أن لا تنتهك حقوقهم أو تضيّق عليهم الطريق في حرية الحركة، وأضافوا إن الإبادة الجماعية للمسلمين في ميانمار تشكِّل تهديدًا خطيرًا للسلام العالمي وانتهاكا لحقوق الإنسان، والتي يجب أن توقفها الأمم المتحدة مباشرة.
اشتعلت نار الطائفية مرّة أخرى في 3 حزيران 2012 ،عندما قتل الجيش البورمي والغوغاء البورميون 11 مسلمًا بدون سبب، بعدما أنزلوهم من الحافلات، فقامت احتجاجات عنيفة في إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة، فوقع المتظاهرين ضحية استبداد الجيش والغوغاء، حيث ذكرت أنباء بمقتل أكثر من 50 شخصًا وإحراق آلاف المنازل، بعدما اشتبكت عرقيتي الروهينغا المسلمة مع البوذيون الراخين غربي بورما.
انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الروهينغا..
حسب منظمة العفو الدولية فقد استمرت معاناة مسلمي الروهينغا من انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة 1978، وفرَّ العديد منهم إلى بنغلاديش المجاورة.
بدأت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تقديم المساعدات لإعادة توطين الروهينغا في بنغلاديش من سنة 2005، ولكن ظهور مزاعم لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين في بنغلادش هدَّدت تلك الجهود.
ومع الجهود السابقة للأمم المتحدة، إلا أن الغالبية العظمى من اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش ظلوا غير قادرين على العودة بسبب النظام الحاكم في ميانمار، كما أنهم يواجهون مشاكل في بنغلاديش لأنهم لا يتلقون أي دعم من حكومة االبنغال.. وقد ساعد البحارة الإندونيسيون في شباط 2009 العديد من لاجئي الروهينغا في مضيق ملقا بعد أن ظلوا 21 يوما في عرض البحر!
فرّ الآلاف من الروهينغا على مدى السنوات الماضية إلى تايلاند، وهناك ما يقرب من 111,000 لاجئ يقيمون في تسع مخيمات على طول الحدود التايلاندية الميانمارية، وثمة اتهامات بأنهم أرسلوا مجموعة من اللاجئين في سفن لطردهم من تايلاند إلى المجهول، وتركوا في عرض البحر! وظهرت أدلة في شباط 2009 على تعرَّض الجيش التايلاندي لسفينة تحمل 190 من لاجئي الروهينغا، حيث روت المجموعة التي أنقذتها السلطات الاندونيسية في 2009، قصصًا مروّعة من إلقاء الجيش التايلاندي القبض عليهم وضربهم ثم دفعهم إلى عرض البحر.
ثم ظهرت التقارير أنه قبل نهاية شهر شباط كانت هناك مجموعة من 5 زوارق دفعت إلى عرض البحر، غرق منها أربعة بمن فيها من اللاجئين من النساء والأطفال جراء عاصفة، أما القارب الناجي فقد جرفته الأمواج إلى الساحل.
وفي يوم 12 شباط 2009 قال رئيس وزراء تايلاند ابهيسيت فيجاجيفا : هناك «بعض الحالات» قد أرجعت الروهينغيين إلى البحر.
وقال رئيس وزراء تايلاند انه يأسف لحدوث «أي خسائر» وسيعمل على تصحيح تلك المشكلة.
تراجع أعداد المسلمين
أصدرت الحكومة البورمية سنة 2016 بيانات التعداد السكاني الخاصة بالدين والعرق لعام 2014، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 33 عامًا، بعد عامين من التأخر، لتظهر تلك البيانات تراجعاً في نسبة مسلمي البلاد، من 3.9% من إجمالي تعداد السكان لعام 1983، إلى 2.3%، في حين لم يشمل التعداد حوالي 1.2 مليون نسمة من مسلمي الروهينغا، وأشارت نتائج التعداد إلى أن المسلمين المسجلين، يقدرون بمليون و147 ألف و495 نسمة، من تعداد سكان البلاد البالغ 51.500 مليون نسمة.
وقد هرب مئات الآلاف من المسلمين إلى تايلاند وبنغلاديش التي يرتبطون بها عرقيا، ولكنهم يجبرون عادة على العودة من قبل سلطات البلدين. تعاطفت شرطة الحدود في بنغلاديش مع اللاجئين من بورما، فتجاهلت أوامر الحكومة بمنع تدفق مسلمي الروهينغا عبر الحدود! وساعدتهم على العبور لبنغلاديش.
منذ بداية الأزمة في ميانمار وارتكاب المجازر ضد مسلمي البلاد، لقي أكثر من مائة ألف شخص مصرعهم حتى الآن، حسب ما تم الإعلان عنه. ومن مجموع العدد الكلي للضحايا، فقد كان 88 ألف شخص من هؤلاء الضحايا هم من الغارقين في نهر ناف " الحدود بين ميانمار وبنغلادش" ووفقا لتقرير آذار 2018 الصادر عن برلماني رابطة أمم جنوب شرق آسيا لحقوق الإنسان، فقد تم الإبلاغ عن فقدان 43000 من الوالدين الروهينغا " قتلوا أو ماتوا " منذ بداية الحملة العسكرية التي قام بها الجيش البورمي بالاشتراك مع جماعات بوذية متشددة، وفي نفس الوقت قتل 24000 شخص من الروهينغا، وتم اغتصاب 18000 من نساء وفتيات الروهينجا، وتعرَّض 116000 من الروهينجا للضرب، و 36000 من الروهينجا كانوا ضحايا للحرق العمد، ووفقا لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية، فقد هدّمت الحكومة قرى روهينغا المسلمة بأكملها في ميانمار، وحولتها إلى ثكنات للشرطة ومباني حكومية.
وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من القتل الوحشي لمسلمي الروهينغا في ميانمار، رفضت اونج سان سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام والمدافعة عن حقوق الإنسان، إدانة هذه المذابح. وقد أثار سكوتها وصمتها العجيب عن إدانة هذه المجازر، ردود أفعال غاضبة من قبل قادة وزعماء العالم، فضلا عن الفائزين السابقين بجائزة نوبل للسلام ومنهم الناشطة الباكستانية "ملالا يوسفزاي" الذين طلبوا من أون سان سو تشي، مستشار الدولة في ميانمار، منع قتل المسلمين في بلادها.
وبالاستناد إلى عشرات الشهادات التي أدلى بها ناجون، أوضحت المنظّمة غير الحكومية كيف حاصرت قوات الأمن المسلمين على ضفاف أحد الأنهار، ثم اغتصبت النساء والأطفال، وقتلتهم مع الرجال، وأحرقت قرية تولا تولي الصغيرة.
وقال براد آدامز، مدير «هيومن رايتس ووتش» في آسيا، إن " فظائع جيش ميانمار في تولا تولي لم تكن وحشية فقط، لكنها كانت منهجية أيضًا"، وأضاف إن " الجنود قتلوا واغتصبوا مئات الروهينغا بوحشية غير مسبوقة، لا يمكن إلا التخطيط لها مسبقًا". وأعلن عدد كبير من القرويين للمنظمة إن رئيس المنطقة، وهو من أثنية الراخين البوذية، طلب منهم أن يتجمعوا على الشاطئ، مدّعيًا أنّهم سيكونون في أمان. ثم حاصرت قوات الأمن المنطقة، وأطلقت النار على الجموع المحتشدة والذين حاولوا الفرار، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
قالت شفيقة "20 عاماً"، التي قتل زوجها: "كانوا يمسكون الرجال، ويرغمونهم على الركوع، ثم يعمدون إلى قتلهم، وبعد ذلك يكدسون جثثهم.. في البداية، كانوا يذبحونهم، وإذا ظلّوا على قيد الحياة، كانوا ينهون حياتهم بالسواطير".
وحاولت " حسينة 20 عاما " أن تخبئ ابنتها البالغة من العمر عامًا واحدًا تحت غطاء، لكن أحد الجنود لمحها، وأضافت: أخذ طفلتي ورماها حية في النار!

اعتبرت منظّمة أطباء بلا حدود، إن 6700 من الروهينغا قتلوا بين أواخر آب وأواخر أيلول.
ودفعت أعمال العنف التي ترقى إلى حملة تطهير عرقي مخطط له، وفق تقرير للأمم المتحدة، نحو 655 ألفًا من أبناء هذه الأقليّة للفرار إلى بنغلاديش المجاورة..
وأثارت أنباء تحكي عن حرق الأطفال المسلمين في ميانمار صدى واسع وكبير، وشهادات مروّعة من ناجين من المذابح والحرق.. وأكدت تقارير صحفية: إن بعض المجازر التي وقعت في قرى للروهينغا خطّط لها جيش ميانمار بعناية، بمساعدة سُكّان من البوذيين.
ويفصِّل تقرير المنظمة الحقوقية كيف هاجم أفراد الجماعة في السادس والعشرين من آب إحدى القرى الهندوسية، حيث احتجزوا نساء ورجالا وأطفالا وروعوهم قبل أن يقدموا على قتلهم.
وقال ناجون إنهم شاهدوا أقاربهم يقتلون أو سمعوا أصوات صراخهم.
وقالت امرأة من القرية " ذبحوا الرجال، أمرونا بأن لا ننظر إليهم، كان بحوزتهم سكاكين، وكان معهم أيضا فؤوس وقضبان حديدية، اختبأنا خلف الأشجار وكان بإمكاننا أن نرى، لقد ذبحوا عمي وأخي وأبي".
ويتَّهم مسلحو جيش الإنقاذ بقتل 20 رجلًا وعشر نساء و23 طفلًا و 14 طفلًا دون سن الثامنة.
وقالت المنظمة إن جثث 45 شخصا دفنت في 4 قبور جماعية.
و يفيد التحقيق بأن مجزرة أخرى قد ارتكبت في قرية أخرى ضد مدنيين هندوس، بحيث قد يصل إجمالي عدد الضحايا إلى 99 شخصا.
وانتقدت المنظمة أيضا "الاستخدام المفرط للعنف" من قبل قوات الأمن في ميانمار.
وقالت إن "مذبحتي جيش الإنقاذ أعقبتهما حملة تطهير عرقي في أوساط سكان الروهينغا بشكل عام" قامت بها قوات الأمن.
وتقول المنظمة الحقوقية إن ما توصلت إليه مبني على عشرات المقابلات التي أجراها أعضاؤها في إقليم راخين وعلى امتداد الحدود مع بنغلاديش، وكذلك على تحقيق جنائي لأدلة مصوّرة خلال عرض تقرير خاص بوضع حقوق الإنسان لمسلمي أراكان، أمام الجلسة الـ44 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، قالت ميشيل باشيليت "مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان" :أن "النزاعات مستمرة في أراكان وتؤثر سلبا على المجتمعات في المنطقة، ولا تزال قُرى مسلمي الروهينغا تُحرق".
وتابعت: لا وجود هناك لظروف عودة آمنة ومستدامة للروهينغا الذين لجأوا إلى بنغلاديش.
واستطردت: لا تحسّن يُذكر في وضع حقوق الإنسان، مكتبي يواصل توثيق جرائم يتعرّض لها مسلمو الروهينغا وانتهاك القانون الإنساني الدولي، مثل الضربات الجوية، وقصف المناطق المدنية، وتدمير وحرق القرى.
ودعت باشليت جيش ميانمار إلى وقف فوري لإطلاق النار، والتوَقّف عن عملية "التطهير العرقي" وإنهاء الاشتباكات العنيفة.
مأساة المهاجرين..
يغادر مسلمو أراكان، الذين يعتبرون "عديمي الجنسية" في ميانمار، البلاد هربا من المجازر والقيود والتمييز بحقهم، وخلال بحثهم عن عمل في دول المنطقة، يقعون فريسة بأيدي مهربي البشر.
فقد أنقذ خفر السواحل البنغالي في تشرين الثاني الماضي، 119 مهاجرا غير نظامي من مسلمي أراكان، منهم 58 امرأة و14 طفلا، بينما كانوا على متن قارب خشبي أوشك على الغرق، وهم يحاولون العبور إلى ماليزيا من خلال الحدود الجنوبية للبلاد.

ووفقا للأمم المتحدة، فقد بلغ عدد من فروا إلى بنغلاديش من القمع والاضطهاد في أراكان بميانمار، منذ ذلك التاريخ، 900 ألف شخص.
وأعلنت المنظمة الدولية في 12 أيار الماضي، أنها مددت، حتى حزيران 2021، مذكرة التفاهم مع ميانمار، الخاصة بعودة اللاجئين الروهنغيا إلى ديارهم في أراكان.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، ستيفان دوجاريك، إن "المذكرة تهدف إلى السماح بالعودة الطوعية والآمنة والكريمة والمستدامة للاجئي الروهينغيا من بنغلاديش".
وأضاف أن "المذكرة تدعم التنمية التي تفيد جميع المجتمعات التي تعيش في البلدات الشمالية في أركان"
ووقعت كل من حكومة ميانمار والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في 6 حزيران 2018، مذكرة تفاهم بشأن دعم الأمم المتحدة لتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين الروهينغيا طوعا وبشكل آمن من بنغلاديش وإعادة دمجهم في أراكان.
ورغم توقيع المذكرة، إلا أن أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو وغوتيريش، وكبار مساعديه أعلنوا في أكثر من مناسبة أن ميانمار لم تحقق بعد الشروط المطلوبة لعودة طوعية وآمنة وكريمة للاجئي الروهنغيا.
23/8/2024
أعلنت الأمم المتحدة -اليوم الجمعة- أنها تخشى أن تتكرر الفظائع التي ارتكبت ضد أقلية الروهينغا المسلمة المضطهدة في ميانمار عام 2017.
وأعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك - في بيان- عن قلقه البالغ إزاء التدهور الحاد للوضع في ميانمار، لا سيما في ولاية راخين حيث "يعتقد أن مئات المدنيين قتلوا أثناء محاولتهم الفرار من القتال".
وأكدت المفوضية العليا للأمم المتحدة أنه على مدى الأشهر الأربعة الماضية، فرّ عشرات آلاف الأشخاص، بينهم عدد كبير من الروهينغا، من هجوم كبير شنه جيش أراكان بهدف السيطرة على بلدتي بوثيدونغ ومونغداو في الولاية.
وتشهد ولاية راخين اشتباكات منذ أن هاجم جيش أراكان، وهو جماعة متمردة مسلحة، قوات المجلس العسكري الحاكم في تشرين الثاني، وأطاح بوقفٍ لإطلاق النار ظل صامدا إلى حد ما
وذكرت المفوضية أنه في 5 /آب، قُتل العشرات على طول ضفاف نهر ناف على الحدود مع بنغلاديش، بقصف شنته طائرات مُسيرة، وأوضحت أنها لا تعرف الجهة المسؤولة عن القصف.
وقال تورك "أُجبر آلاف من الروهينغا على الفرار سيرا على الأقدام، إذ قام جيش أراكان بحشدهم مرارا في أماكن لا تتوفر فيها سوى إمكانات قليلة لإيجاد ملاذ آمن".
وأشار إلى أنه "مع استمرار إغلاق نقاط العبور إلى بنغلاديش، يجد أفراد مجتمع الروهينغا أنفسهم محاصرين بين الجيش وحلفائه من جهة وجيش أراكان، من دون أي سبيل لإيجاد مكان آمن" يذهبون إليه.
وأعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان عن أسفه للهجمات التي تشن على المدنيين الفارين من ولاية راخين، وقال إنه "يخشى تكرار الفظائع التي ارتكبت في عام 2017 ضد الروهينغا".
وقال تورك "يصادف هذا الشهر الذكرى السنوية السابعة للعمليات العسكرية التي دفعت 700 ألف شخص إلى عبور الحدود للبحث عن ملجأ في بنغلاديش. وعلى الرغم من أن العالم أجمع قال إن ذلك لن يحدث مرّة أخرى، فإننا نشهد مرّة أخرى أعمال قتل ودمار وتشريد" في ولاية راخين.
وكان مئات الآلاف من الروهينغا قد فروا من ولاية راخين في عام 2017 خلال حملة للجيش استدعت من الأمم المتحدة فتح تحقيق في ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الأقلية المسلمة.
جنود من ميانمار يعترفون بمذابح جماعية ضد مسلمي الروهينغا..
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية شهادة جنديين من ميانمار أدليا بها عبر الفيديو اعترفا فيها بالمجازر، التي ارتكبها جيش ميانمار، بحق أقلية الروهينغا المسلمة، ومحاولته إبادتها تماما.
وأوردت الصحيفة في تقرير نشرته، اعترافات الجنديين بضلوعهما في حملة إعدامات لأفراد من الروهينغا ودفنهم في قبور جماعية، ومحو قرى كاملة من الوجود وحدوث عمليات اغتصاب.
وقال الجندي مايو وين تون في شهادته عبر الفيديو إنه تلقى في آب 2017 أوامر من قائده بأن "أطلق النار على كل من تراه وعلى كل ما تسمعه".
وأضاف أنه أطاع الأوامر وشارك في المذبحة التي قُتل فيها 30 من المسلمين الروهينغا، ودُفنوا في قبر جماعي بالقرب من أحد أبراج الاتصالات وقاعدة عسكرية.
وبدوره قال الجندي الثاني - زاو ناينغ تون- إنه ورفاقه في كتيبة أخرى امتثلوا لأوامر مماثلة من قائدهم مفادها أن "اقتلوا كل من ترونه سواء كانوا أطفالًا أو رجالًا"، حدث ذلك في نفس التوقيت، وفي بلدة قريبة من تلك المذبحة التي كشف عنها الجندي الأول.
وأردف زاو تون قائلا: "أبدنا حوالي 20 قرية، وألقينا بالجثث في قبر جماعي".
وذكرت الصحيفة في تقريرها أن شهادة الجنديين عبر شريط الفيديو، الذي قامت بتسجيله مليشيا متمردة، تعد الاعتراف الأول من نوعه لأفراد من القوات المسلحة لميانمار، التي تعرف رسميا باسم "تاتماداو"، بالضلوع في ما يصفه مسؤولي الأمم المتحدة بــ"حملة إبادة جماعية" ضد أقلية الروهينغا المسلمة.
وكشف تقرير الصحيفة أن الجنديين - اللذين تمكنا من الفرار من ميانمار- نُقلا إلى لاهاي، حيث فتحت المحكمة الجنائية الدولية قضية للتحقق عما إذا كان قادة جيش ميانمار "تاتماداو" قد ارتكبوا جرائم واسعة النطاق ضد الروهينغا.
وتعد الفظائع التي وردت على لسان الجنديين مطابقة لأدلة تؤكد حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، والتي جُمعت من أكثر من مليون روهينغي لجؤوا إلى بنغلاديش المجاورة.
ووفقا لنيويورك تايمز، فإن ما يميز شهادة الجنديين أنها جاءت من الجناة لا من الضحايا.
وتتطابق رواية الجنديين مع التوصيفات التي ذكرها عشرات الشهود، والمراقبين، واللاجئين الروهينغا، وأهالي ولاية راخين (أراكان سابقا)، والجنود الحكوميين (تاتماداو) والسياسيين المحليين.
وأكد العديد من القرويين معرفتهم بأماكن وجود المقابر الجماعية التي تضمنتها شهادة الجنديين، مما يعد بينة سوف يُستعان بها في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية والإجراءات القانونية الأخرى.
هذا وقد ظلت حكومة ميانمار تنفي مرارا وتكرارا أي وجود لمقابر جماعية في ولاية راخين.
وليست الجرائم التي يقول الجنديان إن كتائب المشاة التي يتبعان لها وقوات الأمن الأخرى قد ارتكبتها، سوى جزء من حملة طويلة ضد الروهينغا. وتورد نيويورك تايمز أن تلك الكتائب والقوات قتلت نحو 150 مدنيا ودمرّت عشرات القرى.
وتؤكد الصحيفة الأميركية أن تلك الجرائم تُرتكب في إطار عملية مُنَسقَّة ومدرُوسَة لإبادة أقلية عرقية واحدة هي الروهينغا المسلمة.
وقدّرت منظمة أطباء بلا حدود أن 6700 على الأقل من الروهينغا - بينهم 730 طفلا- لقوا حتفهم بأساليب عنيفة خلال الفترة من أواخر آب إلى أواخر أيلول 2017.
وتقول منظمة الأمم المتحدة إن 200 من مستوطنات الروهينغا تقريبا مُحيت تماما من الوجود ما بين عامي 2017 و 2019
* الأقليات الأخرى..
1- تعيش أقليّة "الكارين" في ولاية "كايان" الفقيرة، وتتعرَّض لعمليات تهجير وهجمات من قبل الجيش الذي يسعى للسيطرة على المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية. والكارين الذين بدأو بالوصول إلى ما يعرف اليوم باسم بورما حوالي عام 500 قبل الميلاد، و يعتنق غالبية الكارين الروحانية، والبوذية، والمسيحية..
2- أقليّة "الكاشين" فيعتقد أنها جاءت من التبت ويعتنق أفرادها المسيحيّة ولها فصيل مسلح هو "جبهة تحرير كاشين" الذي توصَّل لاتفاق وقف إطلاق نار مع الحكومة.
3- تعيش أقلية "تشين" البالغ تعدادها 1.5 مليون نسمة في ولاية تشين النائية قرب الحدود مع الهند وأغلبها يعتنق المسيحية، ويتعرّضون للاضطهاد على يد السلطات ويعانون نقصًا في الغذاء.
4- تعيش أقليّة "وا" في ولاية "شان" ذات الحكم الذاتي ولهم علاقات وثيقة مع الصين، ويستخدمون لغة "المندرين" الصينية كلغة ثانية، وهم يتوزعون بين الوثنية والمسيحية وينتمي لها فصيل مسلح هو جيش "دولة وا المتحدة" وهي ميليشيا قوية تضم 30 ألف مقاتل وقد توصلت الحكومة لوقف لإطلاق النار معها.
5- أقليّة "الشان" هي الأكثر عددًا في ميانمار بـ 6 ملايين نسمة، وهم موزعين بين ولايات شان وكايان وكاشين ووسط إقليم ماندالاي، وأغلبهم يعتنق البوذية ولديهم لغتهم ويرتبطون عرقيا بالتاي في جنوب غرب الصين.
6- أقلية "المون" يعتقد أنها من أقدم الأعراق في بورما وأنهم الذين جلبوا البوذية للبلاد، يعيشون في جنوب البلاد ويرتبطون عرقيا بالخمير في كمبوديا، وقد توصّل فصيل عسكري ينتمي لهم وهو حزب "ولاية مون الجديد" لوقف لإطلاق النار مع السلطات.
7- تمثل أقلية "الكارين" ثاني أكبر الأقليات في البلاد، ويعتنق كثيرون منهم المسيحيّة، ويعيشون في ولاية "كياه" وقد خاضوا الحرب إلى جانب البريطانيين ضد اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانوا قد وعدوا بدولة مستقلة وهو ما لم يحدث أبدا، ونظرت لهم السلطات كعملاء لذلك تعرضوا للكثير من القمع.
8- أقليّة "الراخين" التي تعيش في ولاية راخين غربي البلاد فيمثلون غالبية سكان الولاية وبنسبة 5 % من سكان ميانمار، وأغلبهم بوذيون، وتعيش هذه الأقلية في جنوب بنغلاديش أيضا.



#عقيل_الخضري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلويُّون مرَّة أخرى.. بين الرَّحمن والشَّيطان
- إبادة الطائفة العلويَّة ..
- مآسِي المَسيحيَّة في باكستان..
- التشريب طعام أهل الجنّة..
- عائشة إبراهيم دوهولو
- دعاء خليل أسود
- الضمير والمعتقد..رؤية وتداعيات! (2-2)
- الضمير والمعتقد..رؤية وتداعيات! (1)
- سارة الجميلة...من يعيدها؟
- الانتماء واللعب بحقوق الآخرين!
- مكافحة الخوف الفردي...تجربة وتداعيات
- مطالبة الحكومة العراقية بالإلتزم بواجبها الوطني والأخلاقي تج ...


المزيد.....




- مصر.. الإفتاء ترد على فتوى -وجوب الجهاد المسلح ضد إسرائيل-: ...
- حرب غزة تثير خلافا دينيا.. الإفتاء المصرية تحذر من مغامرات غ ...
- تقرير فلسطيني: عشرات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى
- لابيد: هناك إرهاب يهودي في إسرائيل ونتنياهو يتصرف كزعيم عصاب ...
- تقرير: من بينها كتائب حزب الله.. الفصائل الشيعية في العراق ت ...
- -تهجير الفلسطينيين القسري سيجلب عواقب وخيمة-.. إيهود باراك ي ...
- بسبب عبارة -أنا حضرت اليهود والأرمن هنا-.. تفاعل على فيديو ل ...
- فرنسا: توقيف شابين بشبهة التحضير لهجوم إرهابي أحدهما أعلن مب ...
- -يديعوت أحرونوت- تنشر تقريرا عن ملياردير يهودي جعل العالم يق ...
- -يديعوت أحرونوت- تنشر تقريرا عن ملياردير يهودي جعل العالم يق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل الخضري - مذابح المسلمين في بورما.. تاريخٌ وحيثيَّات