مزن مرشد
الحوار المتمدن-العدد: 1800 - 2007 / 1 / 19 - 11:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
فساد! القيمة الأكثر رواجا, وحضوره,
الأكثر سطوة, فلنرفع له الكؤوس,
ولنشرب نخب صحته, فهو يستحق ذلك; لأنه
الوحيد, الباقي,
والحاضر بيننا دائما, لأنه الوحيد الذي
استطاع الاستمرار رغم كل
المتغيرات, الوحيد الذي استطاع فرض نفسه
بجدارة على حاضرنا, حاضرنا الذي
حاصرناه بالمراهنات, والأحلام,
والأوهام, فأمسى الفساد سمة العصر, وهويته
الراسخة, ليولد كابن غير شرعي لزواج
حرام, جمع بين الطمع والحاجة, وبين
الطموح والتسلق, فجاء كائنا ممسوخا
تكاثر مع طحلب الأماكن الرطبة,
وقبلناه, امتد إلى كل الحارات, وقبلناه,
حفر بصماته عميقا على الجدران,
وقبلناه, هذا الكائن الذي تغذى من كل
المياه الآسنة في النفوس, ومن كل
الأتربة المشبعة بالنفايات في الضمائر,
ومن كل الصفقات التي تمت تحت
الطاولات, حتى أينع كبيرا, قويا, كمارد من
حجر, منتصرا, على ما تعلمناه
من قيم, ماسحا الأرض بكل المبادئ, مثبتا,
عكس نظرية البقاء للأفضل.
إذن, فلنرفع الكؤوس, لهذا العنيد الذي
صمد, وتجذر, وتفشى, في حياتنا,
ليأخذ كل ألاماكن التي كانت مخصصة
للنقاء, ليأخذ كل الأماكن التي كانت
مخصصة لذلك الصدق الذي فر هاربا, مهاجرا
من صدورنا, ليأخذ كل الأماكن
التي كانت مخصصة لتلك القيم التي قفزت من
النوافذ منتحرة, أخذ كل الأماكن
وقبلناه, ليمسي الشرف غباء, والنزاهة
بلاهة, والرشوة فطنة, والخيانة
ذكاء, وهو نفسه, أي الفساد, مكسبا مغمسا
بعرق الجياع.
ومن مفارقات القدر أننا نحن من أصبنا
بنوبات الخجل أمامه, اعتدنا وقاحته,
واكتساحه المساحات, دون خوف أو وجل,
تأخرنا بالاعتراف بحجم الكارثة,
تأخرنا بمحاولة هدم أوكاره المحفورة
عميقا, أخشى من تأخرنا, أخشى أن يصبح
يوما ابنا شرعيا لزواج يعترف به الجميع,
أخشى أن ترفع له الكؤوس يوما,
ليشرب نخبه منتصرا, ففي زمن المكاسب,
يشرب نخب القذارة.
#مزن_مرشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟