عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 12:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتردد بين حين وآخر في وسائل الإعلام أن المتطرفين في كيان "شركائنا في عملية السلام"، يتحينون الفرصة المناسبة لذبح قربان داخل المسجد الأقصى. هل تعرف عزيزنا القارئ ماذا يعني ذلك؟! وقبل المعرفة، هل لديك معلومات عن القربان بحد ذاته؟!
بداية، ذبح القربان داخل الأقصى هو مثال فاقع على توظيف "الأساطير المقدسة"، لتحقيق أهداف سياسية، على رأسها السيطرة على المسجد كهدف أولي لتهويد فلسطين كلها. بالمناسبة، قد يكون الفاعل نفسه، أي من لديه الاستعداد لحمل "القربان" وذبحه، لا يتوفر على حدٍّ أدنى من المعلومات عما يفعل. وهذا هو شأن الهوس الديني المرضي، في كل زمان ومكان، بتحويل البني آدم إلى أداة مبرمجة من دون عقل يفكر بما يقترف.
القربان بهذه التسمية، تقليد يقوم على تصورات موغلة في القِدَم، متوارث من أزمان الشعوب البدائية المتوحشة. ويصنفه العلماء من أهل الاختصاص، مثل روبرتسون سميث بأنه أقدم أشكال الأضحية، التي كانت عند البدائيين تعني شيئاً واحداً: التقرب إلى الإله لاسترضائه أو استمالته. وكان القربان يرمز أيضاً، إلى المشترك الاجتماعي ما بين الإله وعباده، من خلال مجلس أُنس يتناول المؤمنون فيه القربان مع إلههم.
من شروط القربان، حسب أعراف البدائيين ومعتقداتهم، أن يُقدم كأضحية تؤكل وتُشرب، أي من الأشياء ذاتها التي يغتذي منها الإنسان، كاللحم والحبوب والنبيذ والزيت. ومن تقاليدهم، في السياق ذاته، القربان الحيواني يتناوله الإله مع عابديه، أما القربان النباتي فيُترك للإله وحده. ولقد أتاح استخدام الإنسان للنار رجحان كفة القربان الحيواني، الذي لم يلبث أن تحول إلى وليمة عامة لها طقوسها. فمن الأهمية بمكان حصول كل مشارك في الوليمة على نصيبه. مع الزمن، تحولت الوليمة/ القربان إلى طقس عمومي ، لم يلبث أن تحول إلى عيد ديني لكل عشيرة من عشائر البدائيين. فالدين عند البدائيين كان بصورة مطلقة شأناً عاماً. وكان الواجب الديني جزءاً من الإلتزام الإجتماعي، حيث كان الاحتفال والتضحية متطابقين لدى الأقوام البدائية. فكل تضحية تستوجب الاحتفال، ولا يجوز الاحتفال بأي عيد من دون تضحية. وكان القربان/ التضحية مناسبة للتسامي المبهج على المصالح الخاصة، ومناسبة للتأكيد على انتماء أبناء العشيرة لبعضهم وللإله!
ونترك الحكم لكل من يقرأ سطورنا هذه على العقلية المتشبثة ب"القربان"، المتوارث من الشعوب البدائية المتوحشة في عصور غبرت!!!
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟