ضرائب ترامب الجمركية ستنشر الفقر حول العالم

محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8303 - 2025 / 4 / 5 - 09:23
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثاني من نيسان 2025, عن حزمة من الضرائب الجمركية على الاستيرادات شمل فيها الدول العدوة والصديقة. وفي معرض دفاعه عن قراره قال , ان الثاني من نيسان " سيدخل التاريخ كاليوم الذي استعادت فيه أمريكا مصيرها الاقتصادي , " بدأت تصبح دولة غنية , غنية حقا". وعن أهمية قراره للاقتصاد الأمريكي , قال " حان دورنا الان للازدهار وفي نفس الوقت استخدام تريليونات و تريليونات الدولارات لخفض ضرائبنا وسداد ديوننا الحكومية , وكل هذا سيحدث بسرعة". الرئيس توقع ان الرسوم الجمركية الجديدة على السلع المستوردة ستوفر للولايات المتحدة ما بين 6 و 7 ترليون دولارا إضافية.
بدون شك يستطيع الرئيس الأمريكي جني 6 الى 7 ترليون دولارا إضافية , ولكن الرئيس يبنى توقعه على فرضية عدم رد فعل شركائه التجاريين على قراره هذا , وان المصدر الأجنبي وليس المستهلك الأمريكي من سيدفع ال 6 الى 7 ترليون دولار. هذا خطا فاضح , مصدر السلع الى أمريكا سوف لن يتحمل الضرائب الجديد وانما المستهلك الأمريكي . كيف ؟
تتفق جميع كتب الاقتصاد التي تتعامل مع موضوع التجارة الخارجية , ان الضرائب على السلع المستوردة تضاف الى كلفة السلعة المستوردة وتضاف الى أسعار السلعة في السوق المحلية .
حتى لو اتفقنا ان المصدر هو الذي سيتحمل قيمة الضرائب على سلعته وليس المستورد , الا انه سيضيفها الى سعر بضاعته , وبالتالي فان المستهلك الأمريكي هو الذي سيتحل الكلفة .
وحتى لو قرر المنتج الأجنبي , قل المنتج الفيتنامي ,نقل مصنعه الى أمريكا تجنبا للضرائب , فان كلفة التصنيع في أمريكا ستكون مرتفعة جدا (كلفة الايدي العاملة ), وفي الأخير يتحملها المستهلك الأمريكي.
اذا , ان قرار ترامب بفرض ضرائب جمركية على الاستيرادات سوف لن يتحملها الا المستهلك الأمريكي , وان هذه الضرائب سوف ترفع من معدل الأسعار في أمريكا بنسبة 1 الى 1.5% , حسب ما توصل له الاحصائيون.
ولكن ما تأثير فرض الضرائب الجديدة على الاقتصاد الأمريكي ؟
قبول العالم بقرار الضرائب وهضمها وتحملها , وهذا ما تفترضه إدارة ترامب , قد يجلب الخير والسعادة والازدهار الى أمريكا , ولكن شعار الرئيس " أمريكا أولا" يقابله أيضا " أوروبا أولا" و " كندا أولا" ,و " اليابان أولا" سوف لن يسمحوا للأمريكان الاحتفال والتهاني . شركاء أمريكا التجاريين سوف يردون على قرار الرئيس الأمريكي بضرائب مقابلة . ماذا سيحدث؟
ارتفاع أسعار السلع حول العالم , انخفاض الطلب العالمي عليها , اضطرار المصانع اغلاق أبوابها , وتسريح عمالها . نحن نتحدث حول قصة الكساد الاقتصادي العظيم الذي ضرب الاقتصاد العالمي في الثلاثينيات القرن الماضي. بعد يومين من القرار الأمريكي , أعلنت الصين انها ستفرض رسوما جمركية بنسبة 34% على السلع الامريكية المستوردة , إضافة الى الرسوم الجمركية الحالية. رئيسة المفوضية الأوروبية ورسولا فون دير لاين , أعلنت " نستعد الان لإجراءات مضادة إضافية لحماية مصالحنا وشركاتنا اذا فشلت المفاوضات", فيما أعلنت كندا بان التكامل الاقتصادي بينها وبين الولايات المتحدة الامريكية " قد انتهى". وأشارت وكالة " اكسيوس" الى ان قادة الاقتصاد الصناعي و مدراء شركاتهم " يحاولون إعادة هيكلة اقتصادهم لتكون اقل اعتمادا على الولايات المتحدة الامريكية على الأمد الطويل".
هذه التصريحات الدولية وجدت اذن تصغي لها في الولايات المتحدة واقلقت أصحاب شركاتها . ففي استطلاع قامت به جمعية التجارة الالكترونية IPCهذا الأسبوع وجدت ان 18% من الشركات التي استطلعت اراءها في اذار جمدت عمليات التوظيف ردا على الرسوم الجمركية , بينما تفكر 36% أخرى بتطبيق الامر نفسه.
في النتيجة , ان الرئيس ترامب سوف يسدد جزء من الديون المتراكمة على خزينة دولته من جيب المستهلك الأمريكي وليس من جيب الصيني او الكوري الجنوبي او الكندي , مما يضيف أعباء مالية على المواطن الأمريكي فوق ما يتحمله الان . هذا اذا افترضنا ان المستهلك الأمريكي سوف لن يخسر عمله نتيجة الضرائب الانتقامية و تراجع اقتصاد بلاده . حيث كتب الخبير الاقتصادي في " مورنيغ ستار" , وهو يحذر من عواقب فرض الضرائب على الاستيرادات المتبادلة , يقول فيه " لقد ارتفع خطر الركود بشكل كبير . واذا استمرت زيادات الرسوم الجمركية , فسوف ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بشكل دائم , ومعه ستتدهور مستويات المعيشة الحقيقية للأمريكيين العاديين". الخبير في " مورنيغ ستار " فات عليه القول ان تدهر مستويات المعيشة ليس فقط سيلف الامريكان وحدهم , وانما العالم بأجمعه .

#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات