|
ثقافة التكريمات بالمغرب
أسبوعية المشعل المغربية
الحوار المتمدن-العدد: 1800 - 2007 / 1 / 19 - 11:22
المحور:
المجتمع المدني
ثقافة التكريمات والاحتفاءات بالمغرب، تختلف بالاختلاف مستويات التعاطي معها من قبل منظميها، لأن كلمة تكريم تعني في عمقها اللغوي الاعتراف في أرقى صوره، ذلك الذي يحوله من مجرد إقرار بالشيء إلى مستوى الإعجاب والتعلق به، لدرجة تجعل المحتفى به، أو الشخصية موضوع التكريم، تحس بأنها عملاقة في المجال الذي تشتغل به، من خلال هذا التكريم، ليتضح المعنى العميق للكلمة، في امتداد تعبيرها إلى التتويه بالتفوق في الشيء، ومهما تعمقنا في شرح الكلمة قد لا نقف على المعاني السامية التي تحتويها، والأحاسيس القوية المتدرجة في مفهومها. إلا انه يبقى من حقنا، الوقوف على البعض من جوانب، هذه الموجة في شكلها الجديد، الذي عم فضاءات المملكة، والذي يقام في أغلب الحالات من غير مناسبة، وفي غير محله، فغالبا ما يقوم نادي أو جمعية بدار الشباب، أو غيرها بالإعداد لتكريم شخصية من الشخصيات الفنية أو الرياضية وغيرها، والغاية في جوهرها لا ترتبط غالبا بإدارة القائمين على إدارة الإطار المنظم، في الاحتفاء بالشخصية ذاتها، قدر اهتمامها باستغلال اسم الشخصية المحتفى بها، لتحقيق إشعاع للجهة المنظمة نفسها، بمعنى أن الأهداف من رواء التكريم لا تكون في غالب الأحيان سليمة، إنما لغاية في نفس يعقوب كما يقال، مما يفرغ التكريم من معناه الإنساني الاعترافي ومن قيمته الرمزية في التنويه والسمو بالذات المكرمة، إلى المراتب التي تستحقها من الاعتراف بخدماتها، وقدراتها الخارقة على التألق والحضور المتميز. هناك وجه آخر للتكريم ويتعلق بمنظمي بعد التظاهرات السينمائية أو الثقافية أو الفنية، والذين يلجؤون إلى فكرة تكريم بعض الوجوه الفنية البارزة، كطعم منهم لاستقطاب الجمهور ومحبي الشخصية المكرمة، وهو الأمر الذي أصبح سائدا في المغرب، خلال الآونة الأخيرة، وهناك من الأمثلة، ما يسد عين الشمس في هذا الباب، الشيء الذي يمكن وصفه بالموضة التي أصبحت تطبع كل التظاهرات على اختلافها، حيث أصبح المنظمون إياهم، يبحثون عن ضحاياهم من النجوم المغربية، ويستخدمونها في الدعاية والإشهار لمنتوجاتهم المعروضة أما الجمهور، ويستغلونها تحت يافطة التكريم أو الاحتفاء الرمزي بالنجوم، ولا حاجة بنا في هذا الخصوص لإعطاء نماذج لتظاهرات كبرى نظمت في المغرب، طبعها السلوك غير السوي، والاحتيال الذي وقعت في شراكه العديد من الشخصيات الفنية بالبلاد، لدرجة أن بعض هؤلاء المنظمين احترفوا هذا التقليد واعتمدوه ضمن سياساتهم التنشيطية، بل منهم من أصبح ينظم تظاهرات لتقييم الأعمال الفنية المغربية باسم الصحافة الوطنية،، مع العالم أن هذه الأخيرة بريئة منه براءة الذئب من دم يوسف. بعد هذه المعطيات يبقى السؤال مرفوعا حول، الجهة التي يحق لها تنظيم هذه الاحتفاءات أو التكريمات، هنا نفتح قوسين ـ الأول يرتبط بالأجهزة الوصية عن الفن والرياضة والسينما بالبلاد، التي يبقى من حق هؤلاء النجوم عليها، أن تحتفي بهم وأن تعمل على تكريمهم، بالقدر الذي يستحقونه، دونما ميز أو محسوبية، شريطة أن يشمل هذا التكريم جانبه المادي والمعنوي، إذ لا يعقل أن يعلن عن تكريم فنان أو رياضي، دون أن يمس هذا التكريم ولو جانبا من الجوانب المادية التي تغطي حاجته وعوزه، إذا ما كان بحاجة إليها، وفي حالات العكس، يبقى الجانب المعنوي الرمزي كافيا للاحتفاء للمكرمين. والثاني يرتبط بالمجتمع المدني وأحقيته في تنظيم هذه التكريمات، ولتوضيح الصورة أكثر ربطت "المشعل" الاتصال بمجموعة من المبدعين، آخذة إفادتهم في الموضوع، حيث اعتبر الفنان عبد القادر البدوي، أن التكريم يجب أن يشمل المستحقين أولا، وأن تشرف عليه الدولة المغربية، على اعتبار أنها المعنية، لأن في ذلك تكريم لها أيضا، لأن إشعاع هؤلاء المبدعين يساهم بالمقام الأول في تشريف الدولة المغربية بين الأمم والشعوب، ويضيف إليها شحنة من معنوية ترفع من مقامها داخل المنتديات الدولية، لذلك يجب عليها التعاطي مع هذه التكريمات على هذا الأساس، وألا يقتصر التكريم على الجانب المعنوي فقط إنما يجب أن يشمل الجانب المادي أيضا، لأن التكريم يجب أن يشمل المحتفى به من جميع الجوانب، وأركز على الجانب المادي لأنه كفيل بضمان استقرار نفسي وحافز مهم على العطاء والاستمرار إلى ما بعد التكريم. في حين ركز نقيب المسرحيين الفنان حسن نفالي على ضرورة اهتمام الدولة بجوانب التكريم الخاصة بالفنانين والمثقفين عموما، وإعطاءها المكانة التي تليق بمستوى الخدمات الفنية والثقافية التي قدموها للبلاد، خاصة وأنهم حققوا أرقاما قياسية في ظل ظروف صعبة للغاية، بما يجعل خدماتهم ترقى إلى مستوى التضحيات، لذلك يجب أن يوازي تكريمهم حجم تضحياتهم، مؤكدا في ذلك على الشق المادي في التكريم بالموازاة مع المعنوي فيه، نظرا للوضعية الصعبة التي تحياها غالبية الفنانين والمثقفين بهذا البلد، مبرزا في ذات السياق أحقية مجموعة من الأسماء، عملت في شروط صعبة، على امتداد فترات الزمن المغربي، في الاستفادة من هذا التكريم، قياسا لعطاءاتها الخالدة وحضورها البارز إقليميا ودوليا على امتداد مسافة مسيرتها الإبداعية، معتبرا أهمية الجانب المادي في عملية التكريم أو الاحتفاء ضرورية إذا ما كان المكرم في حاجة إليها، في نفس الاتجاه صب تصريح الفنان الحسين بنياز الذي ركز في معرض حديثه على ضرورة احتواء الدولة لهذه التكريمات، بأن تعتبرها من صميم اختصاصها، خاصة أن هؤلاء المكرمين أفنوا زهرة شبابهم، وشوطا كبيرا من حياتهم، في سبيل تحقيق الحضور الوازن، والذي يشرف الدولة المغربية في المقام الأول، ويرفع رايتها بين الأمم، ويبقى راسخا في ذاكرة التاريخ، مشيرا إلى الأوضاع المادية الصعبة التي تحيط بفلك هؤلاء المبدعين، والتي يجب على ضوئها رد الاعتبار لهم عن طريق التكريم المادي، الذي يضمن لهم الاستقرار النفسي ويحفزهم في المقابل على الانطلاق بنفس مضاعف لتحقيق أرقام إضافية، أما الفنانة سعاد العلوي، فتناولت جانبا مهما من الموضوع ويتعلق بضرورة تكريم المبدع في حياته حتى يتسنى له الاستمتاع بأجواء التكريم، لأنه في حالة العكس يبدوا الأمر كما لو صب الماء في الرمل، ويجب على الدولة أن تنخرط فعليا في تنظيم هذه التكريمات، لأنها معنية بالدرجة الأولى، وعليها أن تعترف فعليا بالمجهودات، التي بذلتها هذه الطاقات المبدعة، خلال مشوارها الفني، لأن في تكريمها المباشر لهؤلاء تشجيع للطاقات الشبابية الواعدة، على الخلق والإبداع، وتقوية روح المنافسة بينها، مشيرة إلى ضرورة اهتمام التكريم بالجوانب المادية، نظرا لأهميتها في ظل الظروف الصعبة، التي تلازم حياة العديد من المبدعين، ممن يستحقون فعلا التكريم المادي من الدولة، كما أن هذا الشق في جوانب التكريم، يبعث الأمل من جديد في نفوس هؤلاء المبدعين ويحفزهم على العطاء والاستمرارية.
#أسبوعية_المشعل_المغربية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تاريخنا يعيد نفسه؟
-
سنة، بعد نصف قرن من الاستقلال
-
حوار مع ندية ياسين نجلة المرشد العام لجماعة العدل والإحسان
-
متى يعلن الملك الحرب على فساد جنرالات الجيش؟
-
الحركة من أجل ثلث المقاعد المنتخبة للنساء.. في أفق المناصفة
المزيد.....
-
قائد الثورة : اصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو غير كاف بل يجب
...
-
قائد الثورة: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكيان الصهيون
...
-
حملة اعتقالات بالضفة تطال 22 فلسطينيا بينهم صحفي وجريح
-
هيومن رايتس:-إسرائيل- استهدفت صحافيين بلبنان بأسلحة أميركية
...
-
عاجل | المرشد الإيراني: إصدار قرار الاعتقال لقادة إسرائيل لا
...
-
الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
-
هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض
...
-
اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
-
الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
-
الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|