أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرزاق دحنون - تأبَّط كتاب هكذا تكلَّم زرادشت














المزيد.....

تأبَّط كتاب هكذا تكلَّم زرادشت


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 8298 - 2025 / 3 / 31 - 20:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دخل مكتبة "المدى" في زقاق المسيحيين غرب كنيسة الروم الأرثوذكس يُريد بالتحديد كتاب "هكذا تكلَّم زرادشت" تأليف الألماني فريدريك نيتشه ترجمة اللبناني فليكس فارس، وكانت رائحة الخمر تفوح مع كلماته، فاستغربت ما عليه الحال، لأننا في الصباح ما نزال، وفي مدينة إدلب في الشمال الغربي من سورية! ومن باب الفضول سألت عن اسمه، فقال مُجيباً عن السؤال:
-عبد المسيح موسى.
-أنت مسيحي!؟
-أعوذ بالله! أنا مُسلم.
-أنت مُسلم وتشرب خمراً في الصباح يا عبدالمسيح موسى!؟
-نعم، الأمر لله، وهو الغفور الرحيم.
-تصلي؟
-نعم، أُصلي الجمعة جماعة في المسجد، ولا أعرف أن أُصلي وحيداً.
-تصوم؟
-كلا، لا أصبر على الصيام.
-تزني؟
-نعم، في بعض الأحيان.
-تتصدّق من مالك؟
-أحياناً.
-هل أنت شيوعي؟
-أعوذ بالله يا رجل.
-هل تؤمن بالكتب السماوية المقدَّسة؟
-بكل تأكيد، أو مهلاً، ربما نعم في أحيان، وربما لا في أحيان أخرى.
-هل تعتقد أن هناك في السماء ربَّاً يُسيّر هذا الكون الفسيح؟
-أعتقد أن الأمر كذلك.
-أنت عربي؟
-نعم، أو ربما لا، فأنا كما ترى أشقر الشعر بعينين زرقاوين، وسحنتي تُشبه سحنة أهل الإمبراطورية الرومانية والتي أقامت مدناً عامرة في ديارنا، نعم، أقصد "المدن المنسيَّة" في الهضبة الكلسيَّة في جبل الزاوية وعموم محافظة إدلب في الشمال الغربي من سورية. ولا أعتقد بأنها سحنة عربية، على كل حال عشت وأجدادي هنا وأتحدث العربية، تقدر أن تقول، نعم، أنا من العرب.
-أنت من العرب، أو من أهل روما، لا فرق عندك، مسلم، ولست من جماعة عيسى بن مريم، والعياذ بالله، تشرب خمراً، تصلي الجمعة جماعة في المسجد ولا تُصلي وحيداً، لا تصوم، تزني، تتصدق أحياناً، ولست من أهل الشيوعية والحمد لله. والسؤال الذي يخطر في البال: هل تشعر في وجدانك في ضميرك بأنك تعيش حرية تُرضيك أم عبودية تأنف منها في هذا البلد متعدد الأعراق والطوائف؟
-بصراحة أُحسُ في قرارة نفسي بعبودية غير متناهية في هذه الرقعة الجغرافية من العالم.
-مع أنه لا عبودية إلا للخالق.
-إذن؟
-أنت مؤمن على طريقتك، لا ولاء لك، لا مبدأ ولا دين، أنت ضائع بين بين، ما عندك هوية، ما رأيك أن تخرج من رتق العبودية التي تعيش وتدخل ملكوت الرحمة والحرية. ألم تصلك رسالة المفكر العراقي هادي العلوي البغدادي التي يقول فيها مخاطباً الحسين بن منصور بلا فواصل أو نقاط: (أيها الباحث عن المستقر بكل أرض لو استعبدتك المطامع لما قتلوك لكنه كيد التنين وغفلة من ينادمه في عز الصيف فخذ مني العهد أن لا أنادمه وأن أرفض الشرب من كأسه ما دمت مترعاً بكأسك وأن لا أقرب الواسطة بعد أن علمتني أنّ الحق لا يؤخذ من غير الحق ولن يكون دليلي بشراً يأكل الناس من يديه وقد خرجت من شرط الإيمان إلى شرط العلم ثم تخلصت منه إلى شرط المعرفة فشربت من أسرار الوجود ما أغرقني في بحار الاستغراق ولما غرقت في البحر لقيت الذين سبقوني إلى قراره فأخذوا بيدي إلى مقام الصعود وقالوا المالك للشيء مملوك له ومن أراد الحرية فليخرج من ملكوت الرغبة وبيوت الأغنياء لا تصح فيها الصلاة ومن استمع إليهم لم تدخل الحكمة إلى قلبه قلت لهم أجوع مع الجائعين فذلك هو شرط المعرفة وألتحف بالمنافي، فذلك هو شرط الحرية وإذا رضي عني الحسين بن منصور فليغضب عليّ كل سلاطين العالم)
- قرأتُ ما قال في الرسالة من زمان، ولكنني لم أخرج من مقام صاحب "قفا نبك" في قوله: بكى صاحبي لمّا رأى الدرب دُونه/ وأيقنَ أنا لاحقان بقيصرا فقلتُ له: لا تبك عينك/إنّما نحاولُ مُلكاً أو نموت فنعذرا. وعلى كل حال الأمر أصعب مما تتصور، وأنا في نهاية الحال لي حرية اختيار الدروب التي يسلكها البشر، والدروب تصنعها الأقدام كما تعلم.
-هذا خيارك، سر في الدروب التي تريد يا عبد المسيح موسى.
-أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد.
-خذ معك هذه النسخة القديمة من كتاب "هكذا تكلًّم زرادشت" هديَّة من مكتبتي، لعل وعسى يهديك إلى الدرب المستقيم.
قال وهو يُغادر متأبطاُ كتاب نيتشه:
-هذا إذا وجدنا الدرب المستقيم على هذه الأرض، شكراً على الهديَّة الهادية.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة في الكون الفسيح
- هل كانت نساء روما القديمة مواطنات؟
- أحد عشر يوماً من تاريخ الثورة السورية
- الشيوعيون والنوم في العسل
- حكايات سورية
- متلازمة البطة العرجاء
- الشّعب معصِّب
- هل كان ألبرت أينشتاين اشتراكياً؟
- السعي لفهم أسرار الكون
- كيف سيغير ترامب العالم؟
- بقايا كلام في جمهوريّات العسكر
- هل تحتاج إلى الدّين كي تكون إنساناً أخلاقيّاً؟
- في التفكير المستقيم والتفكير الأعوج
- اليسار العربي حاطب ليل
- عطس الأسد فخرج السنور من أنفه
- حسيب كيالي يشكو أمره إلى رئيس الجمهورية
- احتفظ بأصدقائك قريبين وبأعدائك أقرب
- الميسور يأكل ثلجاً في جهنم
- لينين وابن عمي نضال
- كيف أحبَّ جدّي سميرة توفيق؟


المزيد.....




- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون
- جدل حول اعتقال تونسي يهودي في جربة: هل شارك في حرب غزة؟
- عيد الفطر في مدن عربية وإسلامية
- العاهل المغربي يصدر عفوا عن عبد القادر بلعيرج المدان بتهمة ق ...
- المرصد السوري يطالب بفتوى شرعية عاجلة لوقف جرائم الإبادة
- عبود حول تشكيلة الحكومة السورية الجديدة: غلبت التوقعات وكنت ...
- بقائي: يوم الجمهورية الإسلامية رمز لإرادة الإيرانيين التاريخ ...
- الخارجية الايرانية: يوم الجمهورية الإسلامية تجسيد لعزيمة الش ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالرزاق دحنون - تأبَّط كتاب هكذا تكلَّم زرادشت