أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - نوح الفلسطيني: بين طوفانِ الخذلانِ وسفينةِ الصُّمودِ














المزيد.....

نوح الفلسطيني: بين طوفانِ الخذلانِ وسفينةِ الصُّمودِ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 18:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


في أرضٍ غارقةٍ بالدموع، يقف نوح الفلسطيني وحيداً، يصنع سفينته بصبرٍ من ألمه، بمساميرَ من جراحه، وألواحٍ من بيوتٍ هدمها القصف. يرفع رأسه إلى السماء، فيرى المطر ينهمر دماً، والماء لا يحمل نجاةً، بل غرقاً. يلتفت حوله، فلا يرى إلا قوماً سخروا منه، كما سخر قوم نوح الأول. قالوا له:



"إلى متى تصنع سفينتك في صحراء الخذلان؟ من سيحملك وأنت محاصر؟ من سينقذك والموانئ مغلقة، والبحار مملوءة بالغرباء؟"



يرفع نوح الفلسطيني يديه إلى الله، ينادي أمةً كانت يوماً عظيمة، يسألها:



"أين أنتم يا أبناء المروءة؟ هل ضاقت بكم الأرض، أم ضاقت صدوركم عن نصرتي؟ هل جفّت عيونكم عن دمعي، أم قست قلوبكم عن وجعي؟ هل غرقتم في دنياكم حتى نسيتم أننا شعبٌ ينتظر سفينته في بحرٍ لم يهدأ منذ النكبة؟"



يرى الشعوب تتفرج من خلف الشاشات، ترفع شعارات، تكتب بيانات، تعقد مؤتمرات، لكنها لا تمد يدها لركوب السفينة، ولا تحمل زاداً أو مدداً، بل تكتفي بنظرات الشفقة وكلمات المواساة، التي لا توقف نزيفاً، ولا تبني جداراً، ولا تدفع ظلماً.



نوح الفلسطيني ليس نبيّاً، لكنه يحمل نبوءة الطوفان.

إن لم تتحرك الأمة اليوم، إن لم تسارع إلى السفينة قبل أن يفيض التنور بدماء الأبرياء، ستغرق كما غرق المتخاذلون من قبل، وستبكون كما بكى ابن نوح حين وجد نفسه وحيداً، على جبل الخذلان، لا جبل النجاة.



يا شعوب الأمة، يا من ورثتم رسالة العدل والكرامة، أما آن لكم أن تستفيقوا قبل أن تغرقوا في طوفان العار؟ نوح الفلسطيني لا يزال يصنع سفينته وسط صحراء الخذلان، لا يطلب معجزة، بل وقفة حق. لا ينتظر الغرقى ليواسوه، بل ينتظر الأحياء لينصروه.



إن التاريخ لا يرحم المتخاذلين، والماء لا يفرّق بين ظالم وساكت عن الظلم. فإما أن تكونوا مع نوح في سفينته، أو تكونوا مع الغرقى حين يأتي الطوفان.



لكن السفينة تُبحر بلا مجداف، والريح تعصف بها من كل اتجاه، فيما يقف نوح الفلسطيني على سطحها، لا يرى في الأفق ميناءً يحتضنه، ولا نجمة تهديه إلى برّ الأمان.

يصرخ بأعلى صوته، لكن صوته يضيع بين أمواج الصمت، وبين جدرانٍ أُقيمت لا لردع العدو، بل لعزل الحقيقة عن عيونٍ أغمضتها الطمأنينة، وقلوبٍ سكنت إلى الخذلان.



وحين يفيض الطوفان، لن تبقى سوى ذكراه، ستتلاشى صرخته مع هدير الماء، وستحكي الرمال عن رجلٍ صنع سفينةً في صحراء، وانتظر أمةً لم تأتِ، حتى ابتلعه البحر… وحيداً، كما بدأ.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرحان السعدي: الشَّيخ الذي صامَ عن الحياةِ وارتوى بالمجدِ
- اليمن: أَصلُ العروبة وَشُمُوخُ الجبالِ
- نافع محمد: من القامشلي إِلى فلسطين.. حكايةُ عشقٍ لا تنتهِي!
- الشَّهِيدُ مرعي الحسين: نَسرٌ حَلَّقَ في سماءِ المجدِ ولم يه ...
- حينَ يغيبُ الكبارُ... وداعاً أَبا سعيد!
- إبراهيم أبو خليل: عاشقُ الوطنِ الذي رَوَى الأرضَ بِدَمِهِ
- فاطمة فاعور.. أُمُّ الشهداء التي ودَّعتهُم ثُمَّ لحِقَت بِهِ ...
- عمر المحمود (أبو مروان): طائرُ الحُزنِ والحنينِ للوطنِ
- نمر كلّم وحَمَر.. قصَّةُ شهيدٍ لم يُخذِّلهُ كلبُهُ!
- وصيّةُ ندى لافي كلّم: حينَ تكتُبُ الأرضُ رسالتَها الأخيرةَ
- ندى لافي كلَّم (أم علي)... وصيَّةُ الأَرض التي لا تموتُ
- قمة العرب 7353: فلسطين على الرَّفِّ والتَّطبيع على الطَّاولة
- شربل فارس.. حين يُزهر البؤس كبرياءً
- أبو عرب: صوتُ الأرضِ وحارسُ الذاكرة الفلسطينية
- طائرُ السُّنُونُو.. صوتُ الشَّرفِ الفلسطينيِّ في زمنِ العارِ ...
- ثورةٌ بدأَت بالبنادقِ... وانتهت بالتَّنسيقِ الأَمنيِّ المُقد ...
- أمنٌ يَحرُسُ الكُرسيَّ... لا الوطنَ!
- صلاح الدين الكردي: سيفُ المجدِ في وجهِ خيانةِ العرب
- فلسطين.. أرضُ التينِ والزيتونِ وصمودِ الجبالِ
- قناةُ -كتب فلسطين-... حصنُ الثَّقافةِ والمُقاومةِ الفِكريَّة ...


المزيد.....




- أصحاب الشعر الطويل بين جبال الإكوادور .. ما سبب هوس هذه المص ...
- هل تقبل مصر تهجير الفلسطينيين؟
- ريبورتاج: وحدات الدفاع الجوية الأوكرانية تواجه مخاوف من تراج ...
- لوموند: لماذا لا تنتهي الأزمة بين فرنسا والجزائر ؟ ما أثر ال ...
- قصف إسرائيلي يستهدف مناطق مختلفة في غزة ويتسبب بمقتل وإصابة ...
- كيف يجعلنا السعي وراء السعادة أكثر بؤسا؟
- -لن تأخذوها-... رئيس وزراء غرينلاند يرد على آخر تهديد لترامب ...
- نتانياهو يعين قائداً سابقاً للبحرية رئيساً جديداً لجهاز الأم ...
- أضرار تناول الحلويات ليلا
- بزشكيان: الصورة الخاطئة التي رسمت عن إيران في العالم ليست صح ...


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - نوح الفلسطيني: بين طوفانِ الخذلانِ وسفينةِ الصُّمودِ