|
الامبريالية والصهيونية ..عنصرية التفوق العرقي افضت الى مجازر الإبادة الجماعية(1من3)
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 13:02
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
هولوكوست النازية ومجازر الامبريالية
كريس هيدجز،صحفي تقصي أميركي تضامن مع غزة في حرب الإبادة الجماعية . كتب عن الأكاديمي والشاعر رفعت العرير ، وكتب عن الطبيب الجراح عدنان البرش. أجرى حوارا مع الكاتب الصحفي جدعون ليفي حول كتابه عن حرب الإبادة الجماعية في عزة ، وتحاور مع الطالبين بمعهد ما ساشوشيتس للتكنولوجيا بصدد انتقاداتهما لخضوع المعهد لمقتضيات رعاية المعهد لأبحاثه في تطوير المسيرات القاتلة ، أنزلت الإبادة الجماعية بسكان غزة. كما تحاور مع بانكاج ميشرا حول كتابه بعنوان " العالم بعد غزة"، قراءة للعالم من منظور مأساة غزة، حرب الإبادة الجماعية في القطاع . نشر الحوار على موقعه شير بوست، ونقلت عنه كونسورتيوم نيوز تحت عنوان "العالم بعد غزة". في هذه الحلقة من تقرير كريس هيدجز، ينضم الكاتب والروائي، بانكاج ميشرا ، لمناقشة أحدث كتبه " العالم بعد غزة ".
يقدم كريس هيدجز للحوار بالملاحظات التالية حول كتاب ميشرا: يرى ميشرا أن ديناميات القوة المتغيرة في العالم تعني أنه لم يعد من الممكن تجاهل رواية الجنوب العالمي حول الفظائع، وأن الإبادة الجماعية في غزة هي جوهر القضية الراهنة . تحتفظ أجزاء كبيرة من العالم بذاكرة ثقافية، وذاكرة تاريخية للفظائع التي ارتكبتها قوى الغرب في تلك الأجزاء من العالم. وقد ساهمت هذه الذاكرة في الواقع في تشكيل هويتهم الجماعية. وهذه هي الطريقة التي يرون بها أنفسهم في العالم"، كما يقول ميشرا . يوضح ميشرا أنه في حالة إسرائيل، يستغل القادة الصهاينة هذه الرواية من خلال ربط سلامة ووجود دولة إسرائيل بالدفاع ضد شرور الهولوكوست؛ بعبارة أخرى، تستغل الدولة الصهيونية معاناة الملايين لصالح الأقوياء. يضيف هيدجز: لا يمكنني التفكير ان فكرة أكثر معاداة للسامية من حطاب بايدن؛ كلمات سياسيين أمثال نتنياهو، وخطاب أشخاص مثل جو بايدن الذي يصر على أن "أي شخص يهودي في العالم لن يكون آمنًا إذا لم تكن إسرائيل آمنة"، يربط مصائر ملايين اليهود الذين يعيشون خارج إسرائيل بمصير دولة إسرائيل باستمرار... ومع ذلك، يواصل هؤلاء الأشخاص هذا الخطاب، مما يعرض السكان اليهود في أماكن أخرى للخطر". في كتاب بانكاج ميشرا الأخير "العالم بعد غزة"، يرى كريس هيدجز وبانكاج ميشرا أن النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية تشكل ردا على المحرقة النازية؛ في الغرب كانت المحرقة بمثابة معيار للفظائع، والإبادة الجماعية النموذجية. وتخدم ذكراها لتبرير دولة إسرائيل الاستعمارية الاستيطانية والفصل العنصري، فضلاً عن تقديس الضحايا اليهود. ولكن هناك، كما يلاحظ، محرقة أخرى، والمذبحة الألمانية لشعبي هيريرو وناماكو ، الإبادة الجماعية للأرمن، ومجاعة البنغال عام 1943 ــ استخف رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل آنذاك بوفاة ثلاثة ملايين هندوسي في المجاعة ووصفهم بأنهم "شعب وحشي له دين وحشي" ــ إلى جانب إسقاط القنابل النووية على الأهداف المدنية في هيروشيما وناجازاكي. الجينوسايد وإبادة الجموع لم تكن حكراً على ألمانيا النازية ؛ فالملايين من ضحايا المشاريع الإمبريالية العنصرية في بلدان مثل المكسيك والصين والهند والكونغو وكينيا وفيتنام لا يأبهون بالادعاءات السخيفة التي يروج لها اليهود بأن ضحاياهم فريدون من نوعهم. وهذا ينطبق أيضاً على الأميركيين السود والبنيين وسكان أميركا الأصليين. عانى الأوروبيون من محرقة الهولوكوست، ولكن هذه المحرقة ظلت غير معترف بها أو غير ذات أهمية من قِبَل مرتكبيها الغربيين. وكما كتب إيمي سيزار في كتابه "خطاب حول الاستعمار"، لم يبد أدولف هتلر قاسياً بشكل استثنائي إلا لأنه أشرف على "إذلال الرجل الأبيض"؛ غير ان النازيين، كما يكتب، كانوا ببساطة يطبقون "الإجراءات الاستعمارية التي كانت حتى ذلك الحين مخصصة حصرياً للعرب في الجزائر، والعمال في الهند، والسود في أفريقيا". يرى ميشرا أنه يوجد مثال آخر مغاير تماماً خارج الغرب. فالقصة السائدة في أغلب أنحاء العالم هي قصة إنهاء الاستعمار وجرائم المستعمرين. يوضح ميشرا في كتابه "الصراع في غزة: الإبادة الجماعية" أن هذا التباين في الخبرة ووجهة النظر يفسر لماذا كانت هناك ردود أفعال متباينة تجاه الإبادة الجماعية في غزة، ولماذا كان هناك تفهم فوري لمحنة الفلسطينيين لدى سكان الجنوب العالمي، ولماذا يرون خطوط اللون الواضحة بين المحتلين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولماذا يدركون كيف ينقسم العالم في الغرب بشكل صارخ إلى ضحايا يستحقون وآخرين غير جديرين بكنية ضحايا. ينضم إليّ في مناقشة كتاب "العالم بعد غزة" بانكاج ميشرا، مؤلف كتاب "عصر الغضب: تاريخ الحاضر" وأعمال أخرى من الخيالي والواقعي. وهو يكتب بانتظام لمجلة "نيويوركر"، ومجلة "نيويورك ريفيو أوف بوكس"، ومجلة "الغارديان"، ومجلة "لندن ريفيو أوف بوكس"، وغيرها من المنشورات. يوجه الكتاب ، كما كتبت، رسالة واضحة لا لبس فيها إلى بقية العالم. ما هي هذه الرسالة؟ بانكاج ميشرا: أعتقد أن الرسالة مفادها أننا ربما ننتقل إلى عصر لن نجد المساندة كثيرا في القانون الدولي والأخلاق الأساسية واللياقة العادية ، خاصة في سلوك ساستنا وصحافيينا؛ وأعتقد أن هذا أمر أكثر إزعاجاً بكثير مما عرفه الكثيرون في ثلاثينيات القرن العشرين، لأنه في ذلك الوقت كانت بلدان كثيرة تقاوم بنشاط هجوم الفاشية. هذه البلدان نفسها اليوم، كما يمكن القول، في طليعة الاستبداد. فعلا، شيء أسوأ من الاستبداد. كريس هيدجز: لماذا أسوأ؟ بانكاج ميشرا: حسناً، أعتقد، كما تعلم، كان لدينا في الماضي استبداد مثل الذي رأيناه في الصين وأماكن أخرى لم يطالب بأراضي شعوب أخرى، لا سيما أراض تبعد آلاف الأميال. نعم، لقد شهدنا خلال الأسبوعين الماضيين سلسلة غير عادية من التصريحات والادعاءات من جانب الرئيس الأميركي الجديد، والتي لا يمكن إلا أن تنذر بعصر يشهد المزيد من إراقة الدماء والفوضى. أعني أنه لا مفر من هذه الحقيقة التي تحملق بوجوهنا الآن.
إفلاس أخلاقي بجريرة السياسة والميديا
كريس هيدجز: أود التحدث عن الطريقة التي استجاب بها عالم الغرب على وجه الخصوص. ليس فقط القيادة، التي جعلت من أي نمط لمعارضة الإبادة الجماعية في الحرم الجامعي وغيرها من الأماكن عملاً إجرامياً ، وطاردت الأساتذة والطلاب الذين تصدوا؛ لكن الصحافة أيضاً. لاحظتم أن محرري صحيفة نيويورك تايمز أصدروا تعليمات لموظفيهم في مذكرة داخلية لتجنب استخدام مصطلحات مثل مخيمات اللاجئين، والأراضي المحتلة، والتطهير العرقي. إلى أي مدى ينذر هذا بنوع من الإفلاس الأخلاقي داخل الثقافة الغربية؟ بانكاج ميشرا: أود أن أقول، انظروا، أنا لا أعرف شيئاً عن ثقافة الغرب؛ أستطيع بشكل محدود للغاية عن بعض الدوريات العريقة المرموقة، أو المرموقة رسمياً على الأقل، والتي أظهرت درجة من الإفلاس الأخلاقي، فضلاً عن نوع من الإفلاس الفكري، في مواجهة تصرفات إسرائيل في غزة وأماكن أخرى، بالطبع، في سوريا ولبنان. الشطب، القمع، التملص، ومراكمة الخدع والأكاذيب بشكل صارخ ـ لا أعتقد ان هناك إدانة أشد فظاعة للصحافة السائدة، مما شاهدناه على مدى الأشهر القليلة الماضية. وما أخشاه حقاً أن هذه الدوريات لن تتمكن من التعافي من هذا. وهذا تدمير تام لمصداقيتها ولشرعيتها. أقول هذا ككاتب معني ، وكمساهم في بعض هذه الدوريات. كيف تتعافى من أمر كهذا؟ لا توجد طريقة سهلة للعودة إلى نوع من النزاهة الفكرية والأخلاقية. ويبدو أنهم عاجزون تمامًا في هذه المرحلة. ليسوا على بيّنة، أعتقد أن هذه هي الصفة المناسبة. قبل ترامب، وقبل هذا الهجوم من اليمين المتطرف، لم يكن لديهم أي ردود فعل على هذا. في كل مرة يقول فيها ترامب شيئًا، يقول، دعونا نطهر غزة عرقيًا، يأتون بمقال يقول، ولكن هناك مشكلة في هذه الخطة وهي وجود حماس في غزة. لذلك أعتقد أننا نتطلع لألفة ثابتة مع أكثر أنواع الخطابات عنفًا وتطرفًا. هذا ما تقدمه الصحافة السائدة في هذه اللحظة. كريس هيدجز: تمضي الكثير من الوقت تحكي في كتابك عن الهولوكوست وتنقل عن العديد من الكتاب العظام عن الهولوكوست مثل بريمو ليفي؛ وتكتب أن تذكر الفظائع التي جرت بالماضي لا يشكل ضمانة ضد تكرارها في الحاضر، الأمر الذي يثير بطبيعة الحال قضية وفرة الدراسات التي تناولت الهولوكوست والتي توجد في كل جامعة في هذا البلد، و تحظى بتمويل جيد. بالطبع ألمانيا بالذات تتمسك بالهولوكوست بمثابة نوع من التكفير داخل المجتمع الألماني، ومع ذلك فإننا نشاهدها مرة أخرى. ما الذي فشل؟ وما الذي لم ينجح؟
مكيدة: الهولوكوست محرك جرائم إسرائيل
بانكاج ميشرا: حسنًا، أعتقد أنه إذا انتويت تدريس الهولوكوست كدرس ذي خصوصية ، تتمثل رسالته الرئيسية في حماية دولة إسرائيل، بغض النظر عما تفعله؛ حينئذ ستنتهي بالطبع عند تلك الحالة حيث ألمانيا، التي تدعي لتفسخها بالفعل أكثر من أي طرف آخر حق إحياء ذكرى الجرائم النازية ضد اليهود مقرونة بالدعم القوي لدولة إسرائيل. غير ان ذلك، بالطبع، خال تماما من التفكير، وغير نقدي بالقطع. هكذا، وصلنا نقطة حيث دعمت الأسلحة الألمانية هجوم إسرائيل على غزة، وتدمير إسرائيل لغزة. ومع ذلك، ما من قرار أن عليك التوقف عند نقطة معينة. أنت مدين، بالطبع ودينك عظيم، وتتحمل بالفعل مسئولية ضخمة تجاه دولة إسرائيل، ولكن هذا لا يعني منحهم ترخيصًا لارتكاب مذابح لا نهاية لها. وتعلم، باعتقادي أن بمقدورك قول نفس الكلام حول تدريس الهولوكوست في الكثير من الجامعات الأخرى، حيث يبدو أنه درس خصوصي للغاية أن تفعل كل ما بوسعك لحماية دولة إسرائيل، بغض النظر عن مدى وحشية وعنف تصرفات دولة إسرائيل. كريس هيدجز: حسنًا، كان هناك مقابل في نهاية الحرب العالمية الثانية. أرسلت ألمانيا على الفور، حالا بعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، في الحال أرسلت ألمانيا الأسلحة، وبالطبع مليارات الدولارات على شكل تعويضات؛ ذلك المقابل أنهم أشاحوا بوجوههم جي لا ينظروا إلى تهجير الفلسطينيين من بلادهم، ومنحت إسرائيل ألمانيا نوعًا من الشرعية، أعتقد أنك تجادل. بانكاج ميشرا: أنا فعلا أجادل بالقول ان الأدلة واضحة الآن. شرع الناس النظر جليا في هذا الأمر. صدر كتابان أشير إليهما. وأعتقد أن الطابع الساخر، الطبيعة مطلقة السخرية لهاتين المقايضتين باتت أكثر وضوحًا الأن عما كانت عليه من قبل . أعتقد أننا على بينة من أن أعدادًا كبيرة من الناس خُدِعوا إذ اعتقدوا أن هذا كان نوعًا من الدين الأخلاقي في رقبة الألمان، وأن هذا ما كانوا يسددونه طوال الوقت. بات واضحا أنه جرى بالفعل عناصر خداع في هذه العلاقة، خاصة في تبادل الأسلحة الثقيلة وفي الغالب نوعا من الرشوة المكشوفة واحد أنماط الابتزاز. انه لصادم حقا بعض تفاصيل هذه العلاقة. كريس هيدجز: حسنًا، حتى أثناء محاكمة [ضابط قوات الأمن الخاصة أدولف] آيخمان، وصل الأمر حد حماية شخصية نازية بارزة داخل التسلسل الهرمي للحكومة الألمانية، ناهيك عن تسميته. بانكاج ميشرا: بالتأكيد. أعني أن هناك العديد من التفاصيل القذرة المخفية في الأراشيف والتي لا يزال صعبا على الباحثين والكتاب الوصول إليها. أنا متأكد من أن المزيد من هذه الأشياء سوف تظهر في زمن قادم.
امبريالية الغرب قبل وبعد النازية
كريس هيدجز: دعنا نتحدث عن الهولوكوست الذي حل بالجنوب العالمي. ذكرتُ المجاعة في كينيا، لأنني أعتقد أن هذه واحدة من النقاط الأساس في كتابك، تلك التجارب التاريخية والصدمة المستدامة، جرى التقليل من شأنها، وغسلت الأيدي منها. فرغتُ من قراءة كتاب امبريالية ريكونينغ [النهاية الوحشية الاستعمار في كينيا من تأليف كارولين إلكينز] يحكي قصة سحق البريطانيين لحركة ماو ماو في كينيا . كتاب عظيم ، غير ان المزعج حقاً فيه ذلك الصمت، ليس شعب موي، بل الكينيون، والغرب، والبريطانيون، أفلحوا في طي صفحة المذابح الجماعية التي جرت في عصر إليزابيث. بانكاج ميشرا: حسنًا، كما تعلم، كريس، أعتقد أن هناك اتهامًا غالبًا ما يكون له أساس، موجهًا ضد اناس عديدين في دول آسيوية ودول أفريقية متورطين في إنكار الهولوكوست. وغالبًا ما يوجد في آسيا وإفريقيا أناس يجهلون حقا تلك الأفعال المتوحشة من العنف، والتي هي أعمال هولوكوست، وهناك اناس معلوماتهم محدودة، كما تعلم، بحيث لا يعيرونها الاهتمام إن هم علموا شيئا عن هذه المجازر. باعتقادي أن ما لوحظ بقدر أقل بكثير هو المستوى غير العادي لعينة من منكري الهولوكوست في دول الغرب. انت تعلم حقيقة أن هذا يكمن في الماضي الطويل من الإمبريالية والعبودية والعنف الهائل الذي نزل بالعديد من مختلف انحاء العالم ، والعديد من مختلف الشعوب في المعمورة . إذا حاولت اليوم إثارة هذا الأمر كي تحكي عنه، فسوف تتعرض للتنديد معتبرا أحد أنصار إيقاظ المؤامرة، تطرد أو تعزل او تكون موضع استنكار. غير ان هذا شيء كان يجري لمدة طويلة جدا . وباعتقادي أن هذا ، من بين العديد من العواقب الأخرى، أثر بشكل فعال في إعاقة المحاولات لفهم العالم كما هو موجود اليوم. وتعلم، حقيقة أن أجزاء كبيرة من العالم لديها ذاكرة ثقافية، وذاكرة تاريخية عن الفظائع التي ارتكبتها دول الغرب ضد تلك الأجزاء من العالم. واسهم هذا قعلا في تكوين هويتهم الجماعية. وهذه هي الطريقة التي يموضعون فيها ذواتهم في هذا العالم. وطبيعي ايضا ان الرواية التي يؤمنون بها غدت الآن أكثر تضادا، وأشد حزماً بطريقة ما، خاصة حين تلامس روايات الغرب تمالئ الذات بصدد كيف هزم الغرب نظامين استبداديين رئيسيين، وكيف حرر يهود أوشفيتز مؤخرًا... كريس هيدجز: عند هذا اود أن أقاطعك، كما أشرتَ في الكتاب أن هذا غير صحيح من ناحية تاريخية؛ فالسوفييت حرروا تقريبا جميع معسكرات الموت . بانكاج ميشرا: بالطبع، كما تعلم، توجد طرق يمكنك من خلالها إعادة كتابة كل هذا، وتحويل يوم النصر بحيث يكون أهم من جميع مساهمات الجيش الأحمر. تعرف الطريقة التي يدرس بها التاريخ في أجزاء كبيرة من أوروبا الغربية والولايات المتحدة؛ كما تعلم، حقيقة أنه حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بثت هيئة الإذاعة البريطانية فيلمًا وثائقيًا عن الإمبراطورية البريطانية قدمت البريطانيين وكأنهم قوة خيرية عالمية. ليس مستغربا على الإطلاق أن نشهد اليوم بروباغاندا تبالغ في شرح ما يحدث في غزة اليوم. كما تعلم، من زمن بعيد وهذه الجماعات تشيع بروباغاندا ، نمط من الأدلجة وغسل الأدمغة لأعداد كبيرة من البشر. لذا أعتقد أن هذه مشكلة خطيرة حقاً ينبغي مقاربتها. ولا بد من التوفيق بين بعض هذه الروايات، وبعض هذه الروايات المتناقضة . يفضي هذا جقا إلى المزيد من الصراعات والعداوات؛ لأن الكثير من هذا التاريخ الطويل من العنف لا يجري ببساطة الإقرار به . لا أحد يطالب بجدية بالتعويضات، أقصد أن عددًا صغيرًا جدًا من الأشخاص يطلبون تعويضات؛ إنما الاعتراف البسيط بأن هناك تاريخًا طويلًا جدًا من المكابدة التي شاركنا فيها جميعًا، سواء كضحايا أو مرتكبين، هو أمر بالغ الأهمية. كيانات عصبوية
كريس هيدجز: أريد أن أتحدث عن الهوية اليهودية. اقتبستَ عن [الصحفي الإسرائيلي] بواز إيفرون، أن إسرائيل، في نظر العديد من اليهود في الغرب، باتت ضرورية، لأن عددا عظيما من النقاط المحورية الأخرى لهويتهم اليهودية قد فقد، وهذا ما كتبتَه، وبلغ افتقارهم الوجودي حدا فقدوا حياله الرغبة في أن تتحرر إسرائيل من اعتمادها المتزايد على الدعم اليهودي الأمريكي. اعتقدت أن هذه نقطة مهمة حقًا. هل يمكنك أن توضح؟ بانكاج ميشرا: كما تعلم، كريس، أعتقد أن هذا شيء يمكن أن يندرج على العديد من الشتات، وخاصة في الولايات المتحدة. الناس الذين انتقلوا إلى هناك من أماكن أخرى يحملون ذكريات أسلافهم، وبعض الأفكار حول تراث الأجداد . باعتقادي أنهم في مرحلة ما، أثناء العيش في الولايات المتحدة، في مجتمع مادي في الأساس ليس لديه الكثير من التقاليد، وليس لديه الكثير من التراث، على عكس معظم أجزاء العالم، فإنهم يسعون إلى التقاط نوع من المعنى، ونوع من الهوية لأنفسهم من خلال الانتماء إلى نوع من التراث العائلي الذي بحوزتهم. وأعتقد أنه في العديد من الحالات، وأشهرها، يمكنني أن أرى هذا في حالة القومية الهندوسية، على سبيل المثال. هناك عدد كبير من الناس، العلمانيين، ذوي التعليم العالي، والأشخاص الذين ليس لديهم إيمان بالله، ولا أي نوع من الإيمان الديني على الإطلاق؛ ومع ذلك، يمكن أن يصبحوا الى حد بعيد عرضة لفكرة القومية الهندوسية. وعلى نحو مماثل، أعتقد أن هناك عدداً كبيراً من الأميركيين اليهود الذين، على الرغم من تعليمهم العلماني، شعروا بنوع من الضرورة الوجودية لربط أنفسهم بدولة إسرائيل. وهؤلاء الناس ليسوا بالضرورة من نسل الناجين من الهولوكوست؛ إنما هناك صلة قوية للغاية، وأعتقد أن هذا له علاقة بالوضع الغريب لمجتمع لا يوفر حقا أساليب متعددة يمكنك من خلالها أن تمنح نفسك تعريفا ذا معنى كعضو في مجتمع أكبر روحانيا وعاطفيا . كريس هيدجز: حسنًا، لقد ذكرت في كتابك "عصر الغضب" أن انعدام الجذور هذا كان بمثابة عامل رئيسي في التشوهات السياسية، سواء في الهند أو هنا أو في أي مكان آخر. بانكاج ميشرا: إنها نقطة مهمة، أعني أعتقد حقيقة وجود هذ ه البنية؛ فهي نوع من التقاليد الغربية التي كانت مفيدة للغاية للمشاريع الإيديولوجية من النوع الذي رأيناه أثناء الحرب الباردة، تمثل وتخلق وحدة ما يسمى بالعالم الحر حيث يمكن تجنيد هذه الشخصيات الفلسفية المتباينة واعتبارها تتحدث عن نوع معين من الحرية. بالطبع، نحن نعلم أن الحرية كانت متاحة حقًا لأقلية ضئيلة في القرن التاسع عشر أو في القرن الثامن عشر. ومع ذلك، فإن هؤلاء الفلاسفة، سواء كان لوك أو حتى جون ستيوارت ميل، تم تجنيدهم جميعًا في هذا العرض العظيم للحضارة الغربية. وهذه كلها هياكل. هذه كلها وسائل لاختراع التقاليد. وهذا شيء يجب أن نكون أكثر حذرا حياله بدلاً من أخذ كل هذا على ظاهره. كما أن للهنود أنماطهم الخاصة من التقاليد المخترعة، وكما أن للروس انماطهم الخاصة، وللصينيين انماطهم الخاصة، فإن الغرب لديه تقاليده الخاصة المخترعة، حيث كما تعلم، تم قمع العديد من الجوانب، وخاصة تلك التي تصفها. كريس هيدجز: إنها نقطة صغيرة في الكتاب، لكنني أعتقد أنها مهمة. ولكنك تكتب عن العنصرية المتفشية داخل التقاليد الفلسفية للغرب. لقد سخر [جورج فيلهلم فريدريش] هيجل من اليهود بقدر ما سخر من الآسيويين والأفارقة أثناء شرح فلسفته حول التنمية الشاملة. لكن هذا كان شائعًا. كان [جون] لوك، والجميع، راسخين حقًا في نوع من التفوق للعرق الأبيض. ونحن نوعًا ما نمحو هذه الأشياء عندما نقرأها في الجامعة. لكنني أعتقد أنها نقطة مهمة. بانكاج ميشرا: أعتقد أن هذا صحيح، كريس. أعني، أعتقد أنه من المهم حقًا تأكيد أن الحالة الإسرائيلية ليست استثناءً؛ فهي في الواقع تضخيم لشكل مشوه للغاية للعديد من الأمراض التي نراها أيضًا في حالة الجمهور الآخر، سواء كانوا انفصاليين من السيخ أو تعاطفًا مع القومية السيخية. الأمر فقط أن الحالة الإسرائيلية أكثر أهمية من الناحية السياسية’ وهي تشوه، كما أعتقد، السياسة الخارجية للولايات المتحدة تشوه السياسة الداخلية للولايات المتحدة إلى حد أكبر بكثير من الدعم الأيرلندي للقومية الأيرلندية أو الدعم الهندوسي للقومية الهندوسية. كريس هيدجز: إنها ملاحظة هامشية، ولكنها ملاحظة رائعة. وهي تتعلق بمناقشتك لمحرقة كريس نفسها. أعتقد أنك اقتبست عن بريمو ليفي كيف كانت المأساة الحقيقية للمحرقة، بصرف النظر عن خسارة الأرواح، هي أنها أطلقت العنان للشر. لكن في نقطة ما، أنت تستشهد بكتاب [الكاتبة والصحفية] جيتا سيريني عن أحد الناجين عندما وصلت سفن النقل، "اعتبارًا من الغد، ستتحرك سفن النقل مرة أخرى. هل تعلم ماذا شعرنا؟ قلنا لأنفسنا، هورا، أخيرًا يمكننا ملء بطوننا مرة أخرى". لي صديقة كانت في أوشفيتز في سن الرابعة عشرة، وسألتها هذا السؤال، كيف شعرت عندما رأت سفن النقل تصل، فقالت إننا كنا سعداء لأننا كنا نعلم أننا نستطيع أن نأكل.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعتقال محمود خليل أحد دلالات الفاشية في نظام ترمب
-
التعليم العالي حين يكرس للأغراض الحربية(3من3) معهد ماساتشوست
...
-
التعليم العالي حين يكرس للأغراض الحربية معهد ماساتشوستس للتك
...
-
التعليم العالي حين يكرس للأغراض الحربية معهد ماساتشوستس للتك
...
-
التطهير العرقي جار جنوب الضفة الغربية
-
فيضان الثقافة العادمة يغرق الولايات المتحدة(3من3)
-
فيضان الثقافة العادمة يغرق الولايات المتحدة(2من3)
-
فيضان الثقافة العادمة يغرق الولايات المتحدة(حلقة 1من3)
-
الأبارتهايد أصل الداء وتصفيته هي الدواء
-
مرتزقة امريكيون في ممر نبتساريم بغزة
-
إدارة ترامب تستثمر الليبرالية الجديدة فاشية جديدة
-
ترمب يرى غزة عقارا للاستثمار وليس ضحية إبادة جماعية
-
هذه فاتشية، يجب إيقافها
-
بالإرادة الصلبة المتماسكة تُفشل مخططات التهجير ويدحر الاحتلا
...
-
سياسات سوقية تنتهجها إدارة ترامب
-
ثقافة استسلمت لأسوأ غرائزها في مجتمع يعول على النسيان
-
الميديا الرئيسة في عالم الرأسمال تزيف الوقائع وتحتفي بقتل ال
...
-
الاستعمار الاستيطاني سينتهي في فلسطين وإسرائيل
-
نظام يمارس الخداع بمهارة وعلة الدوام
-
ذئاب ترامب شرعت العواء على فلسطين
المزيد.....
-
م.م.ن.ص// في ذكرى يوم الأرض: المقاومة وجرح الكون النابض
-
محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ضي
...
-
في ذكرى يوم الأرض: شعب يستشهد محتضنا أرضه لن يُهزم
-
مسيرات بإسبانيا تضامنا مع فلسطين بذكرى يوم الأرض
-
تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإتمام تبادل
...
-
إعادة إعمار السيادة بمناسبة يوم الأرض الفلسطيني
-
49 عاما على ذكرى -يوم الأرض- الخالد
-
في يوم الأرض الفلسطيني (30 آذار) آن الأوان ليتمتع الشعب الفل
...
-
صربيا: بالرغم من الحراك الشعبي الرئيس فوسيتش يحظى بثقة حلفائ
...
-
في يوم الأرض: فلسطين أرض لها شعب… لن يفرّط فيها
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|