رياض هاني بهار
الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 12:16
المحور:
المجتمع المدني
أصبحت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تشهد بشكل متزايد ظاهرة نشر صور المسؤولين سواء أثناء أدائهم لمهامهم أو في لحظات رمزية، مصحوبة بخلفيات موسيقية وأهازيج تتسم بطابع حماسي ، وعلى الرغم من أن هذه المشاهد تُصوّر على أنها وسيلة لإبراز الإنجازفي حين ممارسته الاداء وليمه او ذهاب لمجلس عزاء او زيارة صديق، إلا أن انتشارها بهذا الأسلوب يطرح تساؤلات عديدة حول الأثر، والنية، والانطباع المتشكل لدى المواطن .
في كثير من الأحيان تُستخدم الموسيقى والأناشيد الوطنية كأدوات لتعزيز المشاعر وربط صورة المسؤول بالقيم العليا كالوطنية، القوة، الحزم أو القرب من الشعب، ورغم أن هذا الاستخدام قد يُقصد به رفع المعنويات، إلا أنه في بعض السياقات يتحول إلى ما يُشبه “التضخيم الرمزي”، حيث يصبح محور كل إنجاز، ويُبنى حوله نوع من الهالة المزيفه ، وبدا المشاهد يمقت هذه الصورة البائسة وأصبحت موضع سخرية.
هذه الظاهرة لها أبعاد اجتماعية ونفسية وسياسية أيضاً، فصورة المسؤول لا تُبنى بالموسيقى والمؤثرات، بل تُصنع بالفعل الصادق والإنجاز الحقيقي، فما نحتاجه اليوم ليس عرضاً سينمائياً، بل عملاً واقعياً يلمسه الناس ويرونه في حياتهم.
حين تتكرر هذه الصور بشكل مبالغ فيه، تصبح أشبه بـ”رسائل رمزية” غير معلنة، تُشير إلى تمجيد الفرد أكثر من المؤسسة، وتركز على الشخص أكثر من النظام أو المشروع أو الفريق، وهذه إحدى ملامح الشخصنة في العمل العام، التي تتعارض مع مبادئ الشفافية والديمقراطية.
هذا النمط من المحتوى يُخاطب العاطفة أكثر من العقل وهذا قد يؤدي إلى تضليل المواطن أحياناً أو خلق صورة مثالية بعيدة عن الواقع، ما يفتح الباب أمام ثقافة التقديس بدلًا من ثقافة المحاسبة ، فاحترام العقول هو البداية الحقيقية لصناعة الثقة.
خاتمة
لا شك أن احترام القادة وإبراز إنجازاتهم أمر مشروع بل ومطلوب حين يكون حقيقياً ومدعوماً بنتائج ملموسة، لكن المبالغة في التقديم “الاستعراضي” للمسؤولين عبر الموسيقى والمؤثرات تُفقد الرسالة مضمونها، وتحوّلها إلى أداة دعائية أكثر من كونها إعلاماً نزيهاً، إن التوازن مطلوب باحترام العقول قبل دغدغة العواطف.
#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟