حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)
الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 18:45
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
في الجزء الرابع من المقالة حول القراءة النقدية للخطة الاستشرافية لتطوير وتجويد التعليم في الوطن العربي للفترة 2026-2035، الصادرة عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم يتمحور النقاش حول موضوع حيوي يتعلق بجودة التعليم. تعكس الخطة بوضوح الهموم الأساسية التي تعاني منها أنظمة التعليم في الدول العربية، حيث تشير إلى أن آفة التعليم تكمن في تدهور نوعيته وجودته. يتمثل هذا في انتشار أسلوب التلقين والاستظهار، الذي يطغى على التعليم، مما يؤدي إلى غياب الابتكار والإبداع في العملية التعليمية.
من الأمور التي تبرزها الخطة هي أهمية الانتقاء الدقيق للكفاءات البشرية في مجال التعليم، حيث يصبح من الضروري الاحتفاظ بهذه الكفاءات والاستثمار في التعليم بشكل فعال. كما تشير الخطة إلى عدد من التحديات التي تواجه جودة التعليم العام وهي متعلقة بمجموعة من المؤشرات التي تشمل كفايات المعلمين، مناهج التعليم، الإدارة التربوية الفعالة، والبيئة التمكينية. كما تعطي الخطة اهتمامًا خاصًا لكفايات طالب المستقبل، وتأثير التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي على العملية التعليمية. وعمومًا يمكن في هذا الصدد أن نرصد عدد من الملاحظات والمقترحات المهمة وهي:
• عند الحديث عن مناهج التعليم، يظهر أهمية تضمين أمثلة عملية توضح كيفية بناء وتفعيل استراتيجيات تعليمية جديدة، مما يعزز من وضوح وتطبيق الأفكار لدى متخذي القرار.
• أما فيما يتعلق بالإدارة التربوية الفعالة، فهي أيضا بحاجة إلى تضمين أمثلة عن كيفية بناء وتطبيق هذه المبادئ في المؤسسات التعليمية، حيث يمكن للممارسات والتجارب الناجحة أن تعزز فعالية الخطة.
• كذلك بالنسبة للبيئة التمكينية بتطور التعليم بحاجة إلى تضمين أمثلة عن كيفية بناء بيئات تمكينية ناجحة في المجتمعات العربية، وهذا ربما يكون من خلال التطرق إلى التجارب العربية الناجحة مما يعكس القوة والمرونة التي تملكها هذه المجتمعات لمواجهة تحديات التعليم.
• فيما يتعلق بكفايات طالب المستقبل، يُفضل تقديم قائمة الكفايات بشكل واضح.
• يعتبر الذكاء الاصطناعي أداة حيوية في التعليم، لذا أعتقد من المهم تقديم الفوائد والتطبيقات في قائمة مرتبة لزيادة وضوحها، وكذلك تضمين أمثلة عملية عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم.
بعد هذا الاستعراض، يعود موضوع جودة التعليم والتعلم في الخطة الاستشراقية كمحور أساسي ضمن الفصل الثالث. يُشير هذا المحور إلى وجود هيئات عربية معنية بجودة التعليم في الدول العربية، مُبرزًا أن "معظم الدول العربية تمتلك هيئات أو مؤسسات تعنى بجودة التعليم، إلا أن مستوى النشاط والفعالية يختلف من دولة لأخرى". في هذا الصدد، أود رصد عدد من الملاحظات المهمة:
• إن التباين في النشاط والفعالية بين هيئات ضمان الجودة العربية يثير أهمية تعزيز فعالية هذه الهيئات من خلال تقديم بيانات دقيقة حول إنجازاتها وتأثيرها على تحسين جودة التعليم.
• ربما الأمر كان بحاجة إلى تقديم تحليل شامل حول كيفية تأثير بعض الهيئات على التعليم، مما يعني تقديم أمثلة محددة على إنجازات تلك الهيئات ومؤشرات قياسها.
• تبرز الحاجة إلى مراجعة أسماء المؤسسات المذكورة في هذا المحور، مثل "المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية" في ليبيا و"الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم" في الكويت، وذلك لكون بعض الأسماء غير دقيقة.
• تم الحديث عن أهمية جودة التعليم كمسألة محورية في المناقشات الدولية. إلا أنه كان من المفيد تقديم أمثلة ملموسة حول كيفية قياس جودة التعليم، مما يساعد على تقديم إطار قياسي يُمكن الدول العربية من تقييم نجاحاتها وتحدياتها.
• تمت الإشارة إلى إصلاحات المناهج في معظم الدول العربية، إلا إن كان بحاجة إلى عرض أمثلة على المناهج الجديدة وكيف أثر ذلك على نتائج التعلم يمكن أن يساهم في تعزيز فهم التأثير الفعلي للإصلاحات واستجابتها لتطورات سوق العمل.
• تم الحديث في هذا المحور عن أهمية تدريب المعلمين وتأهيلهم، وفي هذا السياق تبرز الحاجة لعرض برامج تدريب مهني مستمر وشراكات مع مؤسسات تعليمية ذات سمعة جيدة. كما إن تضمين قياس أثر هذه البرامج على أداء المعلمين وجودة التعليم يعد جزءًا أساسيًا في الخطة .
• تم الإشارة إلى جدول يتضمن عدد الطلبة بالنسبة للمعلم الواحد. لكن الأمر كان بحاجة إلى توضيح كيفية تأثير هذه النسب على جودة التعليم، مع تقديم أمثلة من دول نجحت في تحسين هذه المعدلات.
• تم الحديث عن أهمية الحوكمة في تحسين جودة التعليم، إلا أنه بحاجة إلى عرض استراتيجيات ونماذج ناجحة من دول أخرى يُمكن أن تُحتذى بها الدول العربية، مما يعني إمكانية تحسين الإدارة التعليمية في الدول العربية.
• تم تناول التحديات المرتبطة بجودة التعليم، نعتقد كذلك أهمية تحليل شامل لكل تحدٍ، مع اقتراح حلول مبتكرة أو استراتيجيات للتغلب عليها، مما يعزز من الفهم العام لكيفية التغلب على هذه التحديات.
• تم الحديث عن بعض المبادرات الناجحة في الدول العربية، نعتقد أهمية توضيح كيفية قياس نجاح هذه المبادرات وتأثيرها الفعلي في تحسين جودة التعليم، مما يعكس فائدة هذه التجارب وضرورة اتباعها.
وبعد هذا الحديث عن جودة التعليم والتعلم نلاحظ إعادة تناول نفس العنوان مرة أخرى، وفي نفس الفصل تحت عنوان "رؤية الاستشرافية المستقبلية للتعليم العام" وهذا الأمر قد تؤدي إلى تشويش لدى القارئ أو صانعي القرار، مما يستدعي الحاجة إلى تنظيم الأفكار بطريقة تسهم في الوضوح والترتيب. وبشكل عام يمكن رصد عدد من الملاحظات في هذا المحور وهي على النحو الاتي :
• يشير هذا المحور إلى أن جودة التعليم تمثل هدفًا ساميًا، وفي هذا الصدد أعتقد بأنه من المفيد تقديم أمثلة عملية على كيفية قياس الجودة في المؤسسات التعليمية. وهذا يعني الحاجة إلى عرض بيانات أو إحصاءات تدعم فعالية معايير الجودة المطبقة خلال السنوات الماضية. فمثلا لا توجد أي إشارة لوجود معايير العربية في التعليم العام؛ على سبيل المثال في ليبيا، تم اعتماد معايير مؤسسات التعليم الأساسي والثانوي منذ عام 2010، وكذلك في جمهورية مصر العربية، ومملكة البحرين.
• تم الحديث عن مؤشر المعرفة العالمي كوسيلة لتقييم أداء الدول في التعليم، وهذا الأمر بحاجة إلى توضيح كيفية توظيف هذا المؤشر لتحسين السياسات التعليمية. وهذا يعني من المفيد تقديم أمثلة من دول نجحت في تحقيق تحسينات من خلال هذا المؤشر.
• تم التطرق كذلك عن أهمية التعليم المبكر، إلا أن الأمر بحاجة إلى أمثلة على البرامج الناجحة، بمعني كيفية تأثير هذه البرامج (التعليم المبكر) على جودة التعليم لاحقًا، مع تقديم بيانات تدعم هذا الأثر.
• كذلك تم الحديث عن ضرورة تحديث المناهج، وفي هذا السياق أود التأكيد على أهمية التنويه إلى ضرورة أن تعكس المناهج احتياجات سوق العمل، ومتطلبات العصر الرقمي.
• تم الحديث عن أهمية تصميم المناهج بشكل يتناسب مع التطورات العلمية والتكنولوجية، وأعتقد بأن الأمر ربما كان بحاجة إلى توضيح الخطوات العملية التي يجب اتخاذها لتحديث المناهج، مثل التعاون مع خبراء ومتخصصين، كذلك الحاجة إلى تسليط الضوء على تجارب ناجحة لدول أخرى في تطوير المناهج، بحيث يمكن أن تستفيد منها الدول العربية، مما يُعزز من إمكانية الرؤية الاستشرافية لمستقبل التعليم في الوطن العربي.
• كذلك تبرز الحاجة إلى توضيح كيف يمكن للمعلمين الحاليين تطوير أنفسهم للوصول إلى صفات معلم المستقبل، بمعني تحديد أمثلة عن برامج تدريبية ناجحة. كذلك تبرز أهمية تقديم حلول عملية للتحديات التي تواجه التعليم في الدول العربية، مثل تطوير السياسات التعليمية أو تحسين البنية التحتية.
كما نود التنويه بأنه بالرغم من وجود جهود ملحوظة لبعض الجامعات العربية في تطبيق معايير الجودة والاعتماد، إلا أن الخطة لم تشير إلى الجودة والاعتماد في التعليم الجامعي أو المهني، بالرغم من كون الخطة وضعت الجودة ضمن المسارات المهمة لتطوير وتجويد التعليم، وفي هذا السياق تبرز جهود المؤسسات غير الحكومية: مثل الشبكة العربية لضمان جودة التعليم العالي، بالإضافة إلى تعزيز دور المنظمات والجمعيات المتخصصة أخرى قامت بدور مهم في تحفيز وتهيئة الجامعات العربية لتحقيق الجودة الاعتماد. مثل الجمعية الليبية للجودة التميز في التعليم في ليبيا. ومن الملاحظ أن تطبيق معايير الجودة والاعتماد في مؤسسات التعليم العالي قد سبق التعليم العام، مما يستدعي قياس التأثير الذي يحدثه هذا التطبيق على المجتمع ونسبة التنافسية بين الجامعات.
علاوة على ذلك، يجب الإشارة إلى أثر التصنيف العربي للجامعات الذي بدأ منذ عام 2023، حيث يقوم هذا التصنيف بدورًا مهمًا في تعزيز جودة التعليم العالي وتحفيز المؤسسات على تحسين أدائها.
وفي هذا السياق يمكن طرح مبادرة تصنيف أفضل مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي في المنطقة العربية مما يحفز هذا المسار التعليمي الهام.
عموما يمكن القول، إن قضايا جودة التعليم في الوطن العربي تستوجب نظرة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الممارسات والتجارب الناجحة والمعايير التطبيقية الفعالة بحيث يمكن للمخططين وصانعي القرار في الوطن العربي من الاستفادة من هذه الرؤية الاستشرافية، مما يفسح المجال أمامها لوضع استراتيجيات تعليمية عربية فعالة تضمن جودة التعليم في المستقبل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة....وللحديث بقية
#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)
Hussein_Salem__Mrgin#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟