أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حازم كويي - دكتاتورية الليبراليون الجُدد















المزيد.....


دكتاتورية الليبراليون الجُدد


حازم كويي

الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 18:42
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يتحدث الليبراليون مثل إيلون ماسك أو خافيير ميلي عن الحرية. إلا أن ما يطالبون به في واقع الأمر هو دكتاتورية رجال الأعمال.
عندما إدعت أليس فايدل (رئيسة حزب البديل من أجل ألمانيا الفاشي) في مُحادثتها مع إيلون ماسك، أنَ هتلر كان شيوعياً وإتفاق إيلون ماسك معها على ذلك، وكان الحقد كبيراً يضمر هناك.
كم يمكن للإنسان أن يكون غبياً؟ الذي عبرت عنه بالإجماع معظم وسائل الإعلام اليسارية الليبرالية لهذا الرأي. إن حقيقة أنه يمكن تسمية هتلر بالشيوعي في ألمانيا لمُجرد أن كلمة "أشتراكي" مخفية في إختصار NSDAP(حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني) الذي يرجع جزئياً إلى الرؤية المشوهة تماماً للتاريخ في هذا البلد فضلاً عن العداء للشيوعية الذي يشكل جزءاً من مبرر وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية.
الهدف من هذه المقالة هو إظهار أن تقييم ماسك وفايدل ليس تحريفاً تنقيحياً للماضي، بل هو نتيجة لرؤيتهما الأيديولوجية للعالم وهما ليسا وحدهما في هذه الرؤية. ينتمي كل من ماسك وفايدل إلى مدرسة فكرية تعتقد أن التدخل الحكومي في حد ذاته غير شرعي وأن أي شكل من أشكال التدخل الحكومي هو شئ يشبه الشيوعية. وقد يبدأ إنتقادهم بهتلر وستالين، ولكنه يُوجه أيضاً ضد الأقتصادي كينز ورئيس أميركا السابق روزفلت. إنه إستمرار لما يسمى بمدرسة فيينا للاقتصاد، أو المدرسة النمساوية باختصار، وهي مدرسة فكرية يمكن وصفها في شكلها المُتطرف أيضاً بالرأسمالية الفوضوية، حيث تشق طريقها حالياً في شكلها الاستبدادي إلى السياسة الدولية في شكل ليبراليين يمينيين مثل خافيير ميلي(رئيس الأرجنتين)، وترامب، وإيلون ماسك، وجورجيا ميلوني، وأليس فايدل، وبياتريكس فون ستورش(عضوة البرلمان الألماني من حزب البديل الألماني الفاشي).
تأسست مدرسة فيينا للاقتصاد في نهاية القرن التاسع عشر على يد كارل مينغر(مؤسس المدرسة النمساوية للإقتصاد)، ولكنها لم تتطور بشكل كبير حتى منتصف القرن العشرين على يد الجيل الثالث والرابع تحت قيادة الاقتصادي الأمريكي النمساوي لودفيغ فون ميزس وزميله البريطاني النمساوي فريدريش أوغست فون هايك. ولم يروا أنفسهم كقطب مُضاد للماركسية فحسب، بل وضعوا أنفسهم أيضاً في معارضة حادة للنموذج البريطاني الكينزي.
في عام 1947، أسس هايك جمعية مونت بيليرين، وهي جمعية تضم أكاديميين ورجال أعمال وصحافيين، ولا تزال تعمل كمركز للشبكات النيوليبرالية. هدف الجمعية هو إقناع الأجيال القادمة بالأفكار الليبرالية الجديدة.
وباعتبارهم من دعاة السوق الراديكاليين، دعا ممثلو المدرسة النمساوية إلى إقامة دولة بحد أدنى تركز على المهام الأكثر ضرورة. ولكونه مناهضاً قوياً للشيوعية، عارض هايك بشكل خاص أي شكل من أشكال تدخل الدولة، حيث كان يعتقد أنه يُشكل أرضاً خصبة لانعدام الحرية. وفي كتابه "الطريق إلى العبودية" الصادر عام 1944، حذر هتلر من أن التخطيط الحكومي والسيطرة الاقتصادية المركزية من شأنهما أن يؤديا حتماً إلى الاستبداد وفقدان الحرية الفردية. وأستشهد بتطور الأنظمة النازية والشيوعية كأمثلة تحذيرية، وأعتبر إقتصاد السوق الحر هو النظام الوحيد القادر على ضمان الرخاء والحرية الفردية.
يظل الكتاب نصاً مركزياً لليبراليين الاقتصاديين والليبراليين حتى يومنا هذا، وربما أثر ليس فقط على ممثلي مؤسسة فريدريش ناومان، بل كان له أيضاً تأثير كبير على سياسات مارغريت تاتشر ورونالد ريغان.
مملكة رجال الأعمال
ولكن بينما كان هذا الجيل المبكر من الليبرتاريين لا يزال يبحث عن طرق لبناء نظام أقتصادي دولي من خلال الاتفاقيات الدولية والمنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية أو صندوق النقد الدولي، أصبح هذا التفكير متطرفاً على يد فروع المدرسة النمساوية في الولايات المتحدة، أو ما يسمى بالنمساويين الجُدد.
لقد رفض الخبير الاقتصادي الأميركي موراي روثبارد على وجه الخصوص بشكل قاطع أي مؤسسات تنظيمية، وجمع بين الإيمان بتفوق السوق والطبيعة الأساسية التي فهم بها الرأسمالية باعتبارها نظاماً طبيعياً ينبغي للنخب الريادية "المقصودة بشكل طبيعي" أن تحكم فيه.
وقد إكتسبت هذه الأيديولوجية الآن مسيرة دولية. ومع ميلي وميلوني وترامب وماسك، فقد أستحوذت بالفعل على العديد من البلدان، ومع أليس فايدل وفون ستورش وغيرهما من المؤيدين الراديكاليين للسوق مثل ليندنر(وزير المالية من الحزب الديمقراطي الليبرالي،والذي لم يفلح حزبه من الحصول على عتبة 5% في إنتخابات ألمانيا الأخيرة) وبوشاردت(رئيس تحرير موقع فيلت 24 اليمينية)، حيث أصبحت هنا في ألمانيا أيضاً نقطة البداية. وقد أعرب الاثنان الأخيران على الأقل عن إعجابهما بالإجراءات التي اتخذها خافيير ميلي.
إن ما يشتركون فيه جميعاً هو معاداة الشيوعية العميقة الجذور، والتركيز على الحرية الفردية، والليبرالية الاقتصادية المُتطرفة، ورفض النقابات العمالية ودولة الرفاهة، والراديكالية السوقية الرأسمالية المتطرفة التي تعتبر إعادة التوزيع والضرائب سرقة، والفكرة القائلة بأن جميع المجالات الإجتماعية، من المدارس إلى الشرطة إلى الرعاية الصحية، يجب خصخصتها.
يضاف إلى ذلك قليل من الشك تجاه الديمقراطية، وهو الشك الذي كان موجوداً بالفعل لدى رواد المدرسة النمساوية مثل ميزس وهايك، إلا أنه تحول بعد ذلك إلى عداء حقيقي تجاه الديمقراطية لدى موراي روثبارد. إن هانز هيرمان هوب(أقتصادي الماني من المدرسة النمساوية)، أحد أكثر خلفائه نشاطاً وإعجاباً به، يرفض الديمقراطية تماماً ويدعو إلى نوع من الملكية الريادية.
هذا الخبير الاقتصادي، الذي يحظى بالاحتفاء في الدوائر الليبرالية اليمينية، أسس شبكة دولية هي "جمعية الملكية والحرية" (PFS)، وفي مقابلة مع صحيفة "يونغ فرايهايت" وصف نفسه بأنه "عدو للدولة الديمقراطية".
ويعمل هوب وشبكته بمثابة مفصل بين المشهد الليبرالي واليمين المتطرف. وفي حين كانت أليس فايدل وبياتريكس فون ستورش عضوتين في جمعية فريدريش أ. فون هايك ــ الفرع الألماني لجمعية مونت بيليرين ــ حتى عام 2022، قبل أن تنأى بنفسها عن مواقف حزب البديل لألمانيا، فقد حافظت فون ستورش أيضا على إتصال وثيق مع منظمة هوب. فقد حضرت الاجتماعات السنوية لـ PFS مرتين على الأقل، ألقت فيها هناك محاضراتها.
إن نظرية هوب هي مزيج بدائي من الرأسمالية السوقية المتطرفة وما يسميه "النظام الطبيعي". وفي إطار هذا النظام، يقوم بتصنيف الديانات المختلفة وفقاً لقابليتها للاستخدام الرأسمالي، حيث ينتقد الهندوسية والبوذية والإسلام لأنها لا تعطي قيمة كبيرة للسلع الأرضية وبالتالي لا يمكنها تجميع الثروة. ولم يكن بمقدور اليهودية أن تلعب دوراً في الرأسمالية إلا عندما تخلى ممثلو اليهودية، مثل موراي روثبارد أو لودفيغ فون ميزس، عن إيمانهم.
المسيحيون وحدهم هم الرأسماليون "الجيدون"، رغم أنه ينبغي النظر إليهم أيضاً بشكل مُنفصل وفقاً للطائفة. ويمتدح هوب الطابع الهرمي للكاثوليكية، الذي يتوافق مع مفهومه لـ "النظام الطبيعي"، لكنه يعتبر المسيحية البروتستانتية أكثر إنتاجية ويعتقد أنها الأنسب لتراكم رأس المال البشري.
وفي مقابلة مع مجلة Eigentümlich Frei(مجلة سياسية شهرية،تصدر منذ عام 1998 )،أوضح أن المالكين من القطاع الخاص يجب أن يتمتعوا "بالحق في الإقصاء والحصرية والتمييز والنفي". ويزعم هوب أنه، على سبيل المثال، من الطبيعي أن يمارس الجيش الخاص "التمييز ضد النساء والمثليين جنسياً بشكل علني" لأن "وجود النساء والمثليين جنسياً بشكل علني في وحدات القتال" أمر غير منتج. لن يقدم أي مقاول عسكري مثل هذه الوحدات القتالية "لأنه لن يجد أي مشترين". يرى هوب أنه في "النظام الطبيعي" فإن نطاق التنوع في المنظمات أو المجتمعات حسب الطلب والعرض سيكون أكبر بكثير مما هو عليه في النظام الاجتماعي الحالي، حيث يمكن للأشخاص ذوي التفكير المماثل شراء المجتمعات التي يرغبون فيها معاً.
الحرية الكاذبة
لقد نأت فون ستورش بنفسها عن بعض تصريحات هوب، ولكنها من الواضح تشترك معه في إفتراضاته الاقتصادية الأساسية، وهو ما يتجلى في مطالبتها بدولة الحد الأدنى، وموقفها تجاه النقابات العمالية، وتشككها في الديمقراطية. ويظهر إرتباطها بجمعية الملكية والحرية أيضاً المجالات الفكرية التي تتحرك فيها والمصادر الليبرتارية التي تتغذى منها أفكارها. كما أنها تحب الإشارة إلى الكاتبة ئين راند، وهي ممثلة أخرى لليبرتارية الراديكالية التي يحترمها أتباعها إلى حد كبير. وعلى الرغم من أن المجموعة كانت قد أختلفت مع ممثلي النمساويين الجدد لأسباب شخصية، فإن رفضها لتقرير المصير النقابي والديمقراطي، وكراهيتها للشيوعيين وتمجيدها للعبقرية الريادية أظهرت تداخلاً كبيراً مع نظرياتهم. تعتبر أعمالها The Fountainhead وAtlas Shrugged أعمالاً قياسية في الأدب الليبرالي.
وكان لفكر موراي روثبارد، بدوره، تأثير كبير على وادي السيليكون، حيث تم تطوير نظرياته أيضاً بطريقة إستبدادية، وأنتشرت في السنوات الأخيرة كأيديولوجية رجعية جديدة، ومع تأثيرها المباشر وغير المباشر على البيت الأبيض، يبدو الآن أنها وصلت إلى مركز السلطة.
ومن بين أبرز ممثلي الحركة الرجعية الجديدة (NRx) المناهضة للديمقراطية والمساواة والإقطاعية الجديدة، والتي تطلق على نفسها أيضاً اسم التنوير المُظلم، كيرتس يارفين(أميركي معروف بالإسم المستعار مونوس مولدبورغ، مدون ومطور برامج)، الذي أدار مدونة Unqualified Reservations حتى عام 2013 وله تأثير كبير على الملياردير والمستثمر في مجال التكنولوجيا بيتر ثيل. في المقابل، كانت لثيل علاقة وثيقة نسبياً مع إيلون ماسك، الذي أسس معه شركة باي بال، ولديه نفوذ أكبر على نائب الرئيس الأمريكي المُنتخب حديثاً جي دي ماكين. فانس.
في عام 2009، نشر ثيل، أحد أهم رجال الأعمال في صناعة التكنولوجيا، مقالاً بعنوان "تعليم الليبرتاري"، تأثر فيه بشدة بأفكار موراي روثبارد، حيث أشارصراحة: "لم أعُد أعتقد أن الحرية والديمقراطية متوافقتان". ويستند تفكيره إلى مزيج من الفلسفة الليبرتارية، وإنتقاد البيروقراطية غير الفعالة، والاعتقاد بأن الديمقراطية تعوق حرية الفرد. وعلى غرار روثبارد، فإنه يرى أن الديمقراطية ليست أكثر من إستبداد الأغلبية، الأمر الذي يحد من الحرية، وخاصة حرية الفرد في ريادة الأعمال. وعلاوة على ذلك، فإن الديمقراطيات من شأنها أن تعيق الابتكار من خلال تدخل الدولة والتنظيمات، وهو ما ينطبق بشكل خاص على الصناعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي، أو السفر إلى الفضاء، أو التكنولوجيا الحيوية.
ولذلك اقترح ثيل في مقاله، ثلاثة سبل للهروب من النظام الديمقراطي "المعادي للابتكار". ومن خلال، أولاً، الإنترنيت كنظام للحرية خارج سيطرة الدولة مع تقنية البلوك تشين والعملات المشفرة، وثانياً، الاستيطان البحري، أي المدن العائمة ذات السيادة على البحر والتي يتم إدارتها مثل الشركات، بشكل مُستقل عن سيطرة الدولة والعمليات الديمقراطية، وثالثاً، غزو الفضاء مع المستعمرات على الكواكب الغريبة، حيث يمكن بناء أشكال جديدة من المجتمع دون قيود الأنظمة الديمقراطية. في هذه المرحلة، يجب أن تكون أوجه التشابه بين إيلون ماسك وإستعماره للمريخ واضحة.
ورغم أن المقالة صدرت عام 2009، فهي لا تزال تحتوي على سمات رأسمالية لاسلطوية قوية، إلا أن تأثير كيرتس يارفين زاد لاحقاً، والذي طور رفض روثبارد للديمقراطية إلى درجة مفادها أن السلطة بدلاًمن ذلك،يجب أن تتركز في أيدي النخبة التكنوقراطية في الفترة التالية.
يزعم يارفين، الذي يبدو كالهيبي بشعره الطويل والذي نشر أطروحاته الفلسفية تحت الاسم المُستعار منسيوس مولدبوغ، أن الديمقراطيات فاسدة وغير فعالة وغير قادرة على الإصلاح، ومثلهُ كمثل هوب، يقترح بدلاً من ذلك نوعاً من دكتاتورية الرئيس التنفيذي.
حسناً الآن يمكن للمرء أن يعترض. بعض مطوري البرمجيات الذين يديرون بعض المدونات السياسية الغامضة - الذين لايعرفونهم هم من الهيبيين حيث أعتنقوا فجأة وجهات نظر طبيعية وسلطوية. لم تكن لإي منهما لتكون مشكلة إذا لم يتم دعم يارفين مالياً من قبل بيتر ثيل، والذي دعم بدوره أيضاً جيه دي. فانس. هنا، يعمل ثيل كحلقة وصل بين النظرة العالمية الفلسفية السلطوية والرجعية الجديدة من ناحية والتطبيق العملي والسياسي لهذه الأفكار من ناحية أخرى. وتظهر أيضاً في خطابات وكتابات فانس مفاهيم رئيسية لدى يارفين، مثل مصطلح "الكاتدرائية"، الذي يقصد به شبكة من وسائل الإعلام والجامعات والمؤسسات الحكومية.
لعب ثيل دوراً محورياً في وضع فانس كمرشح مُحافظ من اليمين الجديد، ودعمه بنشاط في طريقه إلى مجلس الشيوخ الأمريكي وتبرع بمبلغ 15 مليون دولار للجنة العمل السياسي الفائقة "حماية قيم أوهايو". وأصبح ثيل بمثابة مُرشد بالنسبة لفانس، حيث أستخدم علاقاته وموارده لتعزيز طموحات فانس السياسية. ولذلك يتهم المنتقدون هذا المشروع بأنه مشروع ثيلي خالص. إنها فكرة ليست غير معقولة تماماً عندما ظهر فانس في مؤتمر الذكاء الاصطناعي في باريس. وربما يكون تحذيره من أن الإفراط في تنظيم الحكومة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد يعني موت هذه الصناعة أسعد فيها ثيل،الذي رعاه.
حرب الثقافة اليمينية الليبرالية
ولكن ليس الإيمان بالتكنولوجيا والتشكك في الديمقراطية هو وحده الذي يربط الثنائي معاً. وعلى غرار ثيل، يسعى فانس إلى تحقيق أجندة ثقافية مُحافظة، تتجلى في المقام الأول في النضال ضد ما يسمى "اليقظة". وهذا يؤدي بدوره إلى ربط الأثنين بإيلون ماسك، الذي من المرجح أن يصبح تأثيره على البيت الأبيض أكثر مباشرة مع تعيينه رئيساً لمكتب كفاءة الحكومة.
ولكن العلاقة بين ثيل وماسك ليست خالية من التعقيدات، تماماً مثل العلاقة بين فانس وترامب. ومع ذلك، فإنهم جميعاً يعلقون أهمية كبيرة على الابتكار التكنولوجي وحرية السوق والدور الأدنى للدولة. الجميع يكره النقابات و"الليبرالية اليسارية" مع حقوق المثليين جنسياً ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسياً، ونسويتها، ولوائح التنوع غير الشعبية. الجميع يريد القضاء نهائياً على المؤسسات التنظيمية التي تقيد السوق الحرة.
وهذا لا يربط ماسك مع ثيل وترامب مع فانس، بل يربط أيضا ميزس وهايك مع هوب ويارفين، فضلا عن ترامب وفانس مع ميلي وميلوني وفايدل وفون ستورش. والواقع أن الصلة بين كل هذه الشخصيات لا تكمن في التعاون المباشر، بل في التداخلات الإيديولوجية. ويشمل ذلك إنتقاد الديمقراطية ومؤسساتها، فضلاً عن الحرب الثقافية ضد الوعي أو ما يسمى بالنضال من أجل الحرية. على سبيل المثال، قال الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في يناير/كانون الثاني 2025 إنه يشعر بأنه "أقل وحدة" هذا العام. وفي النهاية التقى بمناضلين من أجل الحرية: من إيلون موسك الرائع إلى صديقته جورجيا ميلوني، التي وصفها بأنها "رفيقة السلاح في الدفاع عن أفكار الحرية"، إلى فيكتور أوربان، وبنيامين نتنياهو، ودونالد ترامب. وأضاف قائلاً: "شيئاً فشيئاً، تم تشكيل تحالف دولي بين كل تلك الدول التي تريد أن تكون حرة وتؤمن بأفكار الحرية".
إذا نظرنا من بعيد إلى الانتصار الدولي الذي حققه المناصرون للسوق، فمن السهل أن ندرك في هذا التطور مشروعاً نخبوياً يهدف إلى القمع الكامل للطبقة العاملة. يمكن لرجال الأعمال ممارسة سلطتهم بحرية وفرض أسبوع عمل مدته 80 ساعة على موظفيهم دون عقاب، كما فعل إيلون ماسك عندما تولى إدارة تويتر. بفضل تأثيرها غير المحدود على وسائل الإعلام الحديثة، يتم نشر أيديولوجية تثير الاستياء ضد المهاجرين، أو الأيديولوجيات "المستيقظة" أو الحركات اليسارية، من أجل تقسيم الطبقة العاملة وصرف الانتباه عن السبب الحقيقي لمشاكلها ــ قوة رأس المال. إن التفاوت الاجتماعي والصراع من أجل التوزيع بين الطبقات الدنيا يغذيان بحيث يصبح التضامن مستحيلاً. إن الدولة وحقوقها الحامية تتآكل إلى حد لم يبق فيه سوى جهاز الدولة للعنف في صورة الجيش والشرطة.
ها هي الرأسمالية المُفترسة القديمة تأتي في ثوب جديد، تشوه كل الإنجازات الاجتماعية من خلال خطابها عن الحرية وتقرير المصير. وهنا يأتي عدو جديد مُسلح بقوة أيديولوجية، ولذلك يتعين علينا أن نواجهه ليس فقط أيديولوجياً.



#حازم_كويي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجعيات العالمية والشبكات اليمينية في أنحاء العالم
- كيف سيتصدى حزب اليسار الألماني أمام صعود اليمين المتطرف
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
- عودة حزب اليسار الألماني
- تزايد المشاكل التي تواجه جورجيا ميلوني
- هل هذه هي الفاشية الآن؟
- اليسار يواجه ثورة ثقافية حقيقية
- رياح منعشة تهب داخل حزب اليسار الألماني
- -الاتحاد الأوروبي يواجه الإنكسار-
- الأثرياء في ألمانيا لا يخلقون الثروة بل يستنزفوها
- خمس عواقب لسياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها دونالد ترامب ع ...
- إجراءات ترامب بقطع مساعدات التنمية
- العقل المدبر للذكاء الاصطناعي في الصين
- قوة ترامب مبنية على الرمال
- وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تجعلك مريضاً عقلياً. الرأسما ...
- الحزب كقوة خلاقة
- مشروع الصين الجميلة
- روح غرامشي
- التقشف كمقدمة للفاشية
- عندما كانت الأرض كرة ثلجية


المزيد.....




- صوفيا ملك// -لن أَدفع! لنْ أَدفع!-
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم الشعب الفلسطيني ومناهضة
- غزة: مئات المتظاهرين الفلسطينيين في بيت لاهيا يرددون شعارات ...
- مسيرة إحياء لذكرى يوم الأرض في رام الله
- الاحتجاجات المنددة بسجن رئيس بلدية إسطنبول لا تهدأ وأردوغان ...
- مصر.. ضخ 2.7 مليار جنيه لإحياء شركة محلية كبرى من زمن عبد ال ...
- عالِمة نفس تتحدى الطريقة التي ننظر بها إلى المرض النفسي
- غدًا تجديد حبس القيادي العمالي “شادي محمد” وخمسة شباب في قضي ...
- تجديد حبس القيادي العمالي شادي محمد وخمسة شباب 45 يومًا في ق ...
- أمين عام -حزب العمال- في تونس: البلاد تعيش أزمة سياسية خطيرة ...


المزيد.....

- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حازم كويي - دكتاتورية الليبراليون الجُدد