هشام عقيل
كاتب
(Hisham Aqeel)
الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 00:12
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
-1-
يَا أَيٍّهَا النّاس، سَأُلقيَ عَلَيكُم اليَوم قَولاً غَريباً.
نَبّهَني أَحَدُ الإخوةِ أَنَّ لُغَتي قَد تَكون غيرُ مَفهومةٍ أَحياناً، أَو صَعبةٌ لِلفِهم. ولِذَا سَأتّخِذُ لُغةً مباشرةً:
إِنَّمَا السّاعةُ، ساعةُ الكَارثةِ، قَد دَنت.
مَا الّذي أعنيه بِالكَارثة؟ نهايةُ العَالمِ، خَرابُ العُمرانِ البَشَريّ، ونَهاية الحَياةِ البَشَريّة، وانقراض الإنسان.
هَلَ هَذَا مَفهوم؟ هَلَ ثَمةَ أُذنٌ لَا تَفهمُ هَذَا القَول؟
مَن يُحِبُّ الحَتميّةَ التّاريخيّةَ عَلَيهِ أَن يُنصِتَ، الكَارثةُ هِي حَتميّةٌ تاريخيّة. لَا مَفرَّ مِن مِنهَا، وعَبَثَاً سَيُحاوِلُ مَن سَيُحاوِلُ أَن يُنكِرَ حلولَهَا، وهُناكَ مَن سَيقولُ إِنَّهَا قادِمةٌ إِلَّا أَنَّهُ مِنَ المُمكنِ دَفعهَا أَو صدّهَا. أَنا أعلمُ جيّداً مَا تُفكِّرونَ بِه، سَتقولونَ لِأَنفسَكُم: لَقدَ سَمعِنَا هَذَا مِن قَبل، ولَم نَرَ الكَارثةَ أَبَدَاً. لَقَد قِيلَ لَنَا هَذَا كُلَّهُ، وهَا نَحنُ ذَا ”سالمونَ غَانمون“.
أَنَا أعلمُ جَيّداً مَا الّذي سَتَقولونهُ بِشأنِ انذاري هَذَا. سَتَقولونَ هَذَا كَلامُ مُفكّرين، يَحتمِلُ التَّرجيحَ بيَنَ الصَّوابِ والخَطأ. بَل سَتقولونَ هَذَا كَلامُ فَلاسفةٍ، لَا يُمكِنُ قياسهُ فِي مكيالِ الوَاقع. بَل سَتقولونَ هَذَا كَلامُ كُتّابِ السّياسةِ والاقتصاد، ومَا هِيَ إِلّا مُجرّد توقّعاتٍ سياسيّةٍ واقتصاديّة. أَلم أقل إِنَّني أعلمُ مَا فِي قُلُوبِكُم؟
لَكنني لَستُ مُفكِّراً، ولَا فَيلسوفاً، ولَا كاتِباً، وبِالتّالي: سَتسألونَني بِأيّةِ سُلطةٍ تَنذرنَا اليَوم؟ بِصفتي مَن أنذركُم اليَوم؟ إِنَّني لَا أنطِقُ بِاسمي، وإِنَّمَا بِاسمِ المَنطوق. وإِذا سَيسألني أَحَدٌ مَا هُوَ المَنطوق؟ إِنَّهُ نَاموسُ العَالم، إِنَّهُ العَقلُ الأزليّ الحَيّ. وَحدَهُم النّطقاء مَن يَستَطيعونَ الانصاتَ إِلى صَوتِ المَنطوق. وأَنا النّاطقُ، ولَستُ فَيلسوفاً، لَا مُفكّراً، ولَا كاتِباً، ولَآ مثقّفاً. هَل سَتقرّونَ بِذَلك؟
كَلَا، يَا أيّهَا الإخوةُ والأَخَوات، لَا تَسمحوا لِنُكرانِ النَّاكرينَ أَن يَستَحوِذَ عَلَى عقولِكُم: يَومُ الكَارثةِ آتٍ لَا رَيبَ فِي ذَلِكَ. إنّ خَرابَ العالمِ آتٍ آت، وستَفتحُ الكارثةُ باباً لا يُغلق، وَستَغلقُ باباً لا يُفتح، وَهي واقعةٌ واقعةٌ، عَبَثاً لَكُم أن تسترجوا رَحمَةً مِنها. إنّهُ يومُ الذّبيحِ تُقتنصُ فيهِ كُلَّ نفسٍ مَذعورةٍ، وتُشعَلُ النّارُ في قِلاعِ الممالكِ العَتيدة، الممالكُ السّبعُ فذُيولِها. ساعتئذٍ يَتَخاصمُ النّاسُ ويتناحرونَ، وتَقومُ الأمّمُ على بعضِها حتّى تتهاوى واحدةً تِلوَ الأخرى، والرّجلُ يَبغضُ إمرأتهُ، والمرأةُ تَبغِضُ زَوجهَا. ساعتئذٍ يُعلِنُ النّاقوسُ جَاءَ هَلاكُ بَني الإنسِ والسّماء والأَرَضين، خيطُ دخانٍ لا يَقبِضُ ولا يُقبض. ساعتُئذٍ تُولَجُ النّارُ فِي القَمَر، وَيَبرِقُ مِنجَلهُ كَشرارٍ موقود. هِلالُ الموّتِ الّذي كُنتم تَنكِرونَ. ساعتئذٍ تَفورُ الأَرضونَ مِن قُعورِها، فَتُطلَقُ مِنها الشَّبابيرُ الصّوارخ. ساعتئذٍ تُبقِرُ الحُبالَى بُطُونهُنَّ خَلاصاً مِنَ الأجِنّةِ، لَعلّهُنَّ يُسابقنَّ المَوّتَ وَهُوَ سابقهُنَّ. سَاعتئذٍ تَتَزلزلُ الأرضُ ويَقولُ الإنسانُ هَا عَهدي قَد انقضى.
هَل ثَمّةَ عَينٌ تَقدِرُ أَن تَنظِرَ إِلى هَذَا المَنظَر؟ أَو أُذنٌ تَستمِعٌ إِلى هَذهِ الأهوال؟ أَو قَلبٌ يَتحمَّلُ كُلَّ هَذَا المَوت؟ عَلَى الإطلاق. مَن يَقولُ إنّنا نَعيشُ أيّاماً سيئة، أُنذِركُم: الأسوأ آتٍ.
- 2 -
يَا أيّهَا النّاس، لا أَعتَقِدُ أَنَّ أيَّاً مِنكُم سَيُعارضني فِيمَا سَأقولهُ الآنَ: إِنَّ اليَسارَ التَّقليديّ قَد ماتَ.
إِنَّ مصيرَ كُلِّ حَرَكةٍ ثوريّةٍ عظمى واجهت انهياراً عظيماً هوَ التّشتّتُ إلى فصائلَ، ومذاهبَ، وطوائفَ متعدّدة. وفِي عقودٍ طويلةٍ مِن هذا التّشتتِ (التّدريجيّ لكن الثّابت) تبدأ هذه المذاهبُ بإلقاءِ اللوم، في أوّلِ الأمر، عَلَى ”قوى“ أو ”ظروفٍ“ خارجةٍ عَن سلطانِها. وبعدَ أن استنفدت غَضَبَها كُلّيّاً، تلتفتُ إلى بعضِها الآخر، فتَدخلُ فِي خلافاتٍ شرسةٍ بينها، إذ تبدأُ في إلقاءِ اللومِ عَلَى بعضِها الآخر؛ فكُلُّ مذهبٍ يقولُ إِنَّ الآخرَ ليسَ عَلَى شيءٍ، وأنّ زيغَهُ هوَ أساسُ البلاء، وجميعها تنسبُ لذاتِها الأصالةَ الحقيقيّةَ لصورةٍ تنتمي لزمانٍ لَن يَعود. بعدَ أن تنتهي هذه الخلافاتُ الدّمويّة، الّتي لا تخلو مِن خسائرَ حقيقيّة على هيئةِ انقراضٍ فكريّ وسياسيّ، تتهادنُ المذاهبُ وتتّفقُ أَنَّ القربى للأصالةِ هي الأجدر، وأَنَّ لكُلٍّ طريقهُ في الاجتهادِ طالما يبقونَ متّفقينَ على ثوابتَ معيّنة، وأَنَّ الاختلافَ الّذي يفسدُ الوحدةَ قَد يؤدّي إلى نهايةٍ شاملةٍ للحلمِ الثّوريّ ذاته. وفِي هذا الأثناء، بانشغالِهم بتلكَ الخلافاتِ وطرق إصلاحِها، سرعان ما ينسى الثّوريّونَ الدّافعَ الحقيقيّ، والعدوَّ الحقيقيّ، والغايةَ الحقيقيّة للثّورة. وسرعانَ ما يجدونَ أَنّ سنوات، وعقوداً، وقروناً، مرّت بهم، فينخلعونَ مِن الزّمان؛ فلا يَفهمُ أحدٌ ألسنتهم، ولَا توجدُ آذانٌ صاغيةٌ لمقالِهم، ولا أعينُ تقرأ كلماتِهم. هكذا، يكونونَ حَمَلةَ شيءٍ غريبٍ عَمّا يريدون، شيئاً كشَبَحِ الماضي، يَدعونَ إلى تَقويضِ شيءٍ لم يعد موجوداً. أمّا المتبقّي مِن أصالةِ الماضي فإنّهُ غالباً يوجدُ عَلَى هيئةِ ”خروجٍ“ أو ”هَرطَقةٍ“، لأنّهُ أيضاً غريبٌ عَن زمانه، ولكن حينَ تأتي اللحظةُ لنهوضِ مذهبٍ جسورٍ يَرفعُ تلكَ المذاهبَ مِن ضياعٍ وظلامٍ غالباً ما ينهضُ مِن تلكَ الطّوائفِ المهرطقة. إنّهُ ينهضُ ويدعو لحلمٍ جديد، ويقرُّ بأَنَّ الحقيقةَ لم تعد حقيقةً، وبأَنَّ عَلَى الموتى أَن يدفنوا موتاهم. فيتصادمُ الجديدُ بالقديم، وتكونُ الثّورةُ بينَ خيارين: إمّا المستقبلُ وإمّا النّكوصُ إلى الماضي.
مَن سَيُنكِرُ أنّ الحَرَكةَ اليساريّةَ اليوم تواجهُ انهياراً كهذا؟ مَن سينكرُ أنّ كُلَّ مذاهبِها متفرّقةٌ ولا تقومُ عَلَى أساسٍ متينٍ وواضح؟ بعدَ دخولِنا فِي عصرِ الكارثة، لم يعد اليسارُ، بشكلهِ التّقليديّ، قادراً عَلَى التّعاملِ مَعَ هذه الوقائعِ الجديدة، إِذ إِنّهُ ناكرٌ لعصرِ الكارثة، ولجديدِ علمِ العمران، ولجديدِ التّآلفيّة. فِي التّعريف، ليسَ عصرُ الكارثةِ عصرَ الخرابِ العمرانيّ للرّأسماليّةِ فحسب، بل عصرَ نهايةِ الحضارةِ البشريّةِ بأكملِها، وانقراضِ النّوعِ البشريّ كذلك. يدعونا هذا الواقعُ الجديدُ إٍلى فهمٍ جديدٍ لَه، وإِلى ممارسةٍ سياسيّةٍ جديدة، إِذ إِنّنا نعيشُ حالةً غيرَ مسبوقةٍ بالنّسبةِ إِلى الحضارةِ البشريّة. إِنَّ اكتمالَ تطّورِ العمرانِ الرّأسماليّ، ووصولهُ إِلى الحَدِّ الأخيرِ مِن القدرانِ عَلَى التّطوّرِ نوعيّاً، يسجّلُ عدم قدرتهِ عَلَى التّجدّدِ بعدَ الآن. إذن، تواجهُ البشريّةُ، أمامَ واقعِ انقراضها وانقراضِ حضارتِها، واقعاً لم يسبقُ لَها أَن واجهتهُ مِن قبل. لكن مَا الّذي يقومُ بِهِ اليسار؟ إِنَّهُ يصرُّ عَلَى الإنكارِ والاستكبارِ إصراراً، ولهذا السّببِ لم يعد قادراً عَلَى التّعبيرِ عَن الواقعِ بعدَ الآن، ناهيك عَن تغييره. فِي السّابق، كانَ عَلَى اليسارِ أَن يواجهُ حقائقَ وضعها الزّمان الارتقائيّ للرّأسماليّة، وهي حقائقُ بسيطةٌ مقارنةً بما نواجههُ الآن، إِذ عَلينا أَن نتعاملَ اليوم مَعَ حقائقَ يضعها الزّمانُ الانحطاطيّ للرّأسماليّة. بهذا المعنى، ومَهما تشعّبت المواقفُ والمذاهبُ اليساريّة، فإنّها أصبحت تعبّرُ عَن حقيقةٍ واحدة: إِنَّها لا تمثّلُ موقفاً ثوريّاً بعدَ الآن. فِي حقيقةِ الأمر، دَخَلَ اليسارُ إِلى مرحلةِ الكهولة، إِذ اُستُنفذت مبرّراتُ وجودهِ التّاريخيّ، وعَلَى ذلكَ لابدّ أَن يتفرّقَ إِلى مذاهبَ متعدّدة، ولا بدّ أَن تظهرَ عليهِ مظاهرُ الضّعفِ، والوهنِ، والسّقم، والتّشتتِ الفكريّ، إِذ إِنَّها العوارضُ المَرَضيّةُ الطّبيعيّةُ الّتي تظهرُ فِي الحالاتِ الّتي يستعصى علاجها: فإِنَّ اليسارَ التّقليديّ يموتُ مَعَ موتِ الرّأسماليّة.
هَل الحَلُ يَكمِنُ فِي العَالمِ المُتعدّدِ الأقطاب؟ أَو لَعلَّهُ يَكمِنُ فِي ”إنقاذِ“ العَالم مِن كارثته (أَو مَا اسميه بِالحَلِّ العَاموسيّ)؟ مَن يُؤمِنُ بِهذِهِ الحلول، يُؤمِنُ بِالحُلولِ النّصفيّة، وَتخلّى عَنِ الاشتراكيّةِ كُلِّيّاً. اليَوم لَا يَحِقُ لِأيِّ أَحَدٍ أَن يُسمّي نَفسهُ يساريّاً، أَو اشتراكيّاً، مَا لَم يَكن تآلفيّاً. إِن لَم تَكن تآلفيّاً، فَأَنتَ لَستَ يساريّاً عَلَى الإطلاق!
مَن يُؤمِنُ بِالعَالم المُتعدّدِ الأقطاب، هُوَ مساهِمٌ فَعّال فِي تَشكيلِ الكَارثة، لَأَنَّهُ مشارِكٌ فِي النُّكران. لَكنَ نُكرانَ النّكوصيّينَ هُوَ أشدُ مِنَ نُكرانِ النّاكرين. النّاكِرونَ لَا يَعلمونَ مَا يَنكِرون، لَكنَ النّكوصيّينَ يَعلِمونَ الحَقَّ، يَعلِمونَ أَنَّ مَا أقولهُ حَقّاً، لَكنَهُم يَستكبِرون. إِلى مَتَى سَيَنكِرون؟ إِلى مَتَى سَسيتكبِرون؟ قَالَ النّاكرونَ ها نحنُ منتظرونَ عذابَكم حيثما ملاقينا، بَهّاتونَ ولَم نَجِدُ متعذّباً سواكُم. أَلا إِنَّ الكارثةَ آتيةٌ آتية، وهُم لاهونَ. أَلا إِنَّ الكارثةَ واقعةٌ واقعة، وهُم يُكذّبون. وَإِذا استَمَعوا قَالوا مِن سُباتٍ إلى سبات، دَعونا نعوسٌ، رقودٌ، هجوعٌ، نتذوّقُ قبلَ أَن لَا نذوق. الكارثةُ الكبرى تَخطِفُ قُلُوبَ الغافلينَ المرحينَ، المَذهولينَ عَن الظّلامِ بالظّلام، فأولئكَ هُمَ الّذينَ يُشيحونَ وجوهَهُم كُلّمَا نُطِقَ المَنطوقُ، مَثَلهُم كمَثَلِ الّذي جاءهُ المَوّتُ فجَعَلَ يَنظِرُ فِي كُلِّ اتّجاهٍ لعلّهُ يَفلتُ مِنهُ ليقبِض غيرهُ أو يدرأهُ حَتَّى ميعادٍ آخر. وإِنَّما هُوَ المَوتُ الأعظمُ، إِذا جاءَ لآخرَ جاءَ لصاحبه. وَلَو عَلِموا مَا أُخفيَ عَنهم لتمنّوا مَوّتاً يُطبعُ عَلَى مَوّتِهم، وَلعَجِبوا مِن بَأسِ المُتآلفين، أولئكَ الّذينَ فِي العَذابِ يتشوّقون.
- 3 -
خَلَاصكُم كُلّهُ فِي كَلِمةٍ وَاحدة: ”أؤمِن“. ”أؤمِنُ بِمَاذَا؟“، سَيسألني أَحَدكُم.
أؤمِنُ بِأَنَّ الكَارثةَ اقتربت ساعتُهَا.
أؤمِنُ بِأَنَّ اتّباعَ الحَياةِ التّآلفيّة هُوَ الخَلاصُ الوَحيد.
أؤمِنُ بِتأديةِ الألفةِ لِلمتآلفينَ.
لَقَد جَاءَ خَرابُ العالمِ وَزَوالُ السّماءِ والأرَضينَ. لَقَد جاءَ هَلاكُ بَني الإِنس أجمعين. مَا سَتصنَعونَ بِسويعاتِكُم الأخيرة؟ إِنَّ قَميصاً زاهياً تَرَكهُ صاحِبهُ لِيَومٍ جَليلٍ لاقى رَبَّهُ قَبلَ أَن يحِلّ، فَعاشَ بِالمرقّعات. هَل تَقبِلونَ العَيشَ بِالمرقّعات؟ لِمَ تَقبِلونَ بِأَنصافِ الحُلول؟ هَل فَقدتُم كُلَّ أَمَلٍ مُمّكن؟ أَنا أُبشّرَكُم الآنَ فَعليكُم أَن تَسعَدوا، إِذ آثركُم التّاريخ، فَأنتم البكور.
أَنا قِلتُ إِنَّ يَومَ الكَارثةِ عَظيمٌ، ولَا عَينٌ تَقدِرُ أَن تَراه، ولَا قَلبٌ يَتحمّلهُ أَبَداً، لَكنَ هُناكَ أعَين، وقُلُوب، قَادِرةٌ عَلَى ذَلِكَ. نعم، ثَمّةُ أمّةٌ ناجيةٌ مِنَ الكَارثة. الأمّةُ النّاجيةُ الوحيدةُ هِيَ الأمّةُ المتآلفة. وَحدَهُم المُتآلفِونَ، فِي الكَارثة، لَن يُصيبَهُم الفَزَع. إِذ سَاعتُئذ، يَفرَحُ المُتآلِفونَ فَيَقولونَ الوَعدُ الوَعد، إِنَّهُ يومُ جَمعِ المَلَكوتين. ساعتُئذٍ يَتَصاهَرُ المُتآلِفونَ كَعُقدِ الحَبل، سُلِبَ النّورُ مِنَ العالمِ وَسَكَنَ قُلُوبهُم ليملأ الدّنيا عَدلاً بَعدَ قرونِ الظّلم.
طُوبَى لِمَن اتَّبعَ كُلُمَ المَنطوقِ وَلَم يَزغ. لأَنَّهُ كَشَجَرةٍ مُطمَئنةِ الغِراسِ مُطمَئنةِ السُّريان، لَا تُثنيها رياحٌ وَلَا يَنضَبُ ثَمَرُهُا أبداً. لأَنَّهُ مَثَلُ ريحٍ شماليّةٍ تُوقِظُ جَنّةً بِطَغواها، وَتَبعَثُ طيباً وَمَطَراً وَبَرَاداً. لأَنَّهُ كَفُلكٍ عَظيمٍ سيّارٍ، لَا تُرشِدهُ بِحارٌ وَلَا تُقلِّبهُ أمواجٌ.
مَن تآلفَ رأى، ومَن تَخالَفَ رأى.
=======================================
ملاحظة: ألقيتُ هَذِهِ المحاضرةَ فِي مقر المنبر التّقدّميّ، 12 يناير 2025.
#هشام_عقيل (هاشتاغ)
Hisham_Aqeel#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟