أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات















المزيد.....


مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات


ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)


الحوار المتمدن-العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 16:44
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يُمثّل الاتفاق بين القيادة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي عقد في العاشر من آذار الحالي، نقطة تحول هامة في المشهد السياسي السوري، بهدف تحقيق نوعاً من الاستقرار الداخلي وإنهاء حالة الانقسام.
وتكمن أهمية الاتفاق في أنه أعاد، في خضم نزاع وقتال داخلي وشبح حرب أهلية، توحيد البلاد تحت قيادة النظام السوري الجديد، ومن المرجح أن يتبنى النظام السوري صيغة من "اللامركزية الإدارية الموسعة"، بحيث تبقى السلطة السيادية موحدة مع توزيع الصلاحيات للإدارات المحلية.
أبعاد جيوسياسية وأمنية
ويبدو ان ملامح الاتفاق قد بُنيت وفق معطيات جيوسياسية واستراتيجية وميدانية هامة، والأهم في ضوء تطورات إقليمية شديدة التعقيد، فرضت على القوى الوطنية الاحتكام إلى مبدأ الإجماع والتفاوض، عوضاً عن التصعيد والمواجهة، خاصة بعد الفوضى ومجاز الساحل السوري من ميليشيا وعناصر تخريبية موالية للنظام السابق وبعض القوى الإقليمية.
بالإضافة الى الاتفاق على دمج قوات "قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية، فقد تضمّن الاتفاق الاعتراف بالهوية الثقافية والسياسية للأكراد ومنحهم حقوقاً ثقافية وتعليمية موسعة، مثل استخدام اللغة الكردية في التعليم الرسمي إلى جانب العربية، وتمثيل سياسي في الحكومة السورية، سواء عبر تعيينات رسمية أو عبر حصص محددة في البرلمان القادم.
وعلى الصعيد السياسي والإداري تضمن الاتفاق، كما يبدو، إعادة دمج المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" تحت مظلة الدولة السورية وقبول دمشق بإدارة لامركزية موسعة لمناطق شمال وشرق سوريا، لكن مع الحفاظ على سيادة الدولة السورية، ومن المرجح أن تبقى المؤسسات الإدارية المحلية لتنظيم "قسد" تعمل، ولكن ضمن إطار قانوني جديد يتبع الدولة السورية.
وعلى الصعيد الأمني والعسكري، ستتحول "قسد" إلى قوة عسكرية نظامية تحت قيادة الجيش السوري، ونتوقّع إمكانية تشكيل "حرس حدود" خاص بالمناطق الشمالية، بحيث يتم استيعاب القادة العسكريين من "قسد" في مؤسسات الجيش، لكن مع إعادة هيكلة تدريجية لمنع أي نزعات انفصالية مستقبلية.
ورغم أن الاتفاق لم يتطرق للقوات الأمريكية في سوريا، فانه قد يشمل مفاوضات مع الولايات المتحدة لضمان انسحاب قواتها من شمال شرق سوريا، مع ضمانات بعدم استهداف القوات التركية للأكراد، ونعتقد أن تقدّم دمشق التزامات لتركيا بعدم السماح لحزب العمال الكردستاني (PKK) باستخدام الأراضي السورية كقاعدة له.
تحديات مفترضة
ويواجه الاتفاق تحديات مفترضة رئيسية، أهمها: رفض بعض الفصائل الكردية للاتفاق، فهناك تيارات، حتى من داخل "قسد"، تعارض دمج قواتها في الجيش السوري، خاصة العناصر الأكثر ارتباطاً بحزب العمال الكردستاني، لذا من المتوقع حدوث انقسامات داخلية "قسد"، قد تؤدي، في أي لحظة، إلى اضطرابات أو تأخير تنفيذ الاتفاق.
الحسابات التركية من الاتفاق مختلفة وحساسة للغاية، لكنها تتفهّم المصلحة المشتركة بين البلدين من حسم هذا الملف المؤثّر، لم ترفض فعلياً الاتفاق، لكنها سترفض حتماً النتائج المترتبة على توسيع مساحة الحركة السياسية أو زيادة صلاحيات جيوسياسية واسعة لتنظيم "قسد"، خاصة إذا لم تحصل على ضمانات أمنية بعدم دعم حزب العمال الكردستاني (PKK).
ونتوقع عقد صفقة أمنية بين القيادة السورية وتركيا تمنع قيام كيان كردي مستقل مقابل انسحاب تدريجي للقوات التركية من الشمال السوري في المستقبل.
وبحسب الأخبار، فان الولايات المتحدة ساهمت في تشجيع الطرفين على الاتفاق، لكن الرؤية الأمريكية ترتبط بما يضمن حماية مصالحها في سوريا، في حال قررّت إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" سحب القوات الأمريكية من القواعد السورية.
نموذج الحكم الأصلح
وحول شكل وطبيعة النظام السياسي القادم، في ظل التطورات الأخيرة والاتفاق مع "قسد"، فمن الصعب تصور انتقال فوري إلى نظام مشاركة سياسية حرّ وتداول سلطوي بشكل ديمقراطي كامل، لكن يمكن أن يكون هناك نموذج "ديمقراطية متعددّة توافقية" يوازن بين القوى السياسية والاجتماعية، فالنظام السياسي الجديد سيتشكل بناءً على عدة عوامل، أهمها: "حوار وطني" حقيقي بين كافة الفرقاء والقوى الوطنية، ويفضل مأسسة "مؤتمر الحوار الوطني" كهيئة استشارية وتشريعية، ليكون ضمانة على استمرارية الحوار الوطني الهادف لتجاوز عقلية الحكم الفردي وتجربة الماضي، لحين الانتهاء من كافة المراحل التأسيسية المتعلقة بطبيعة النظام السياسي المطلوب باردة جامعة.
ومن العوامل الأخرى أيضاً: "دستور توافقي جديد"، يتم صياغته بمشاركة كافة القوى والتيارات السياسية، مع ضمانات لحقوق الأقليات والقوى المعارضة السابقة، وكذلك تحقيق متطلب "العدالة الانتقالية"، من خلال إنشاء هيئة عدالة انتقالية لمعالجة إرث الصراع، خاصة فيما يتعلق بملف المعتقلين واللاجئين وإعادة الحقوق المصادرة، وستعتمد هذه العملية على التوافق الداخلي ومدى استعداد قوى السلطة الحالية للتنازل لصالح المصالحة الوطنية الجامعة.
أما نموذج الحكم الأصلح، وليس الأمثل، للحالة السورية، فقد يكون النظام الرئاسي بصلاحيات محدودة للرئيس، مقابل برلمان قوي يتم انتخابه بحرية أكبر، هو أفضل الخيارات المطروحة، أو سيناريو اعتماد نموذج "شبه رئاسي"، بحيث يتم توزيع السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وسلطة تشريعية رقابية مستقلة، لضمان التعددية السياسية.
الاستثمار والإصلاح وإعادة الإعمار المشروط
على الصعيد الاقتصادي وإعادة الإعمار، فلا بد أن هناك مصلحة وطنية بإدارة الموارد النفطية بشكل مشترك، فمناطق سيطرة "قسد" تحتوي على معظم الثروات النفطية السورية، ولذلك ستتم إعادة هيكلة قطاع النفط لضمان استفادة الدولة السورية، وقد يتم تشكيل هيئة مشتركة لإدارة عائدات النفط، مع تخصيص جزء من الإيرادات لتنمية مناطق شمال وشرق سوريا.
ولا بد من تشكيل هيئة وطنية لإعادة تأهيل البنية التحتية في المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد"، وكذلك إطلاق مشاريع إعادة إعمار في المدن التي تضررت من الحرب، مثل الرقة ودير الزور والحسكة، وتحسين الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم بالتعاون بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية الكردية.
ومن المهم منح حوافز استثمارية للشركات السورية والعالمية لتشجيع تنمية المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، وفتح المجال أمام الصين ودول الخليج لدعم مشاريع اقتصادية في شمال شرق سوريا.
ومن المؤكّد أن اعتماد سوريا على الاستثمار والتمويل الخارجي سيكون مشروطا بأدوار سياسية ومزايا اقتصادية، خاصة في ظل حاجة سوريا لتمويل إعادة الإعمار وتسريع وتيرة التنمية والإصلاح الاقتصادي وزيادة فرص العمل وتشغيل البطالة، لاسيما قطاعات الصناعة والزراعة.
ومن غير المرجح حدوث انتعاش سريع في قطاع النفط، نظراً لأن معظم الحقول الرئيسية تحت سيطرة "قسد" أو القوات الأمريكية.
إن معالجة الأزمة الإنسانية وملف النازحين واللاجئين من أكبر التحديات التي تواجه مستقبل سوريا، حيث يتطلب استقراراً أمنياً وسياسياً لاستعادتهم، والمطلوب تنفيذ برامج إعادة توطين تدريجية بتمويل دولي، مع تحفيزات اقتصادية لعودتهم.

المستقبل وشروط تنفيذ الاتفاق
قد يكون الاتفاق فرصة تاريخية لإنهاء الانقسام الداخلي، لكنه لن يكون سهل التطبيق بسبب العوامل الإقليمية والدولية المعقدة، ونجاحه يعتمد على قدرة القيادة السورية على تقديم تنازلات تكفل تحقيق الاستقرار، مع تحقيق توازن بين المطالب الكردية والمصالح الوطنية السورية.
ولا يمكن إغفال أن هناك قوى إقليمية ودولية مؤثرة، مثل روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة، ونجاح الاتفاق يعتمد على ضمان ألا يكون هناك تصادم بين هذه القوى، خاصة مع تركيا التي تعارض أي شكل من الاستقلال الكردي، وستظل التدخلات الإقليمية عاملاً معقداً في رسم المستقبل.
ونتوقع باستشراف المستقبل على المدى القصير (خلال ثلاث سنوات) أن يكون هناك استقرار نسبي مع استمرار المفاوضات السياسية، وتحديد ملامح النظام الجديد، وبدء إصلاحات اقتصادية تدريجية، فيما على المدى المتوسط، قد يتم ترسيخ شكل جديد للحكم يحقق توازناً بين المركزية واللامركزية، مع بداية تعافٍ اقتصادي محدود، خاصة إذا استمرت الإصلاحات السياسية والاقتصادية بنجاح.
بلا شك أن المرحلة القادمة تتطلب إدارة دقيقة ومتوازنة لتجنب الانزلاق مجدداً في الفوضى، والنجاح يعتمد على قدرة القيادة السورية على تحقيق توازن داخلي وخارجي مستدام.



#ياسر_قطيشات (هاشتاغ)       Yasser_Qtaishat#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ومستقبل البحث العلمي الرقمي: ا ...
- طهران وتل أبيب.. من حروب الظل إلى رسائل النار
- -المجمع الصناعي العسكري- الأمريكي وتجارة الحروب
- ما بعد -الطوفان- .. مصير الكيان والمنطقة!
- انحياز النظام الغربي ضد الإنسانية !
- -هولوكوست- غزة وجريمة الصمت العربي والدولي !
- -طوفان الأقصى- والعدوان على غزّة: سياقات الصراع وسيناريوهات ...
- سياقات الموقف الأردني من العدوان على غزة: الخيارات الصعبة بي ...
- الانسحاب الأخير وغياب البديل !!
- الأردن ودول الخليج: معادلة الأمن والسياسة ومُعضلة والاقتصاد
- الدولة والمواطن .. كيف يكون المجتمع المدنيُّ رديفاً للدولةِ؟
- فلسفة الانتحار .. لحظةٌ فاصلةٌ بين المواجهة وتجربة الموت!
- التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم ! الجزء الثاني
- التوظيف السياسي للدين : لعبة الأمم !! الجزء الأول
- الأردن وإيران .. عقدة السياسة والمصالح -المؤجلة-
- الأمن القومي -الطائفي- وأزمة الدولة العربية المركبة
- -ابتسم أيها الجنرال- .. -ميكافيللي- في دراما صراع السلطة وال ...
- السودان وحافة الهاوية: نزاع الجنرالات على السلطة والثروة
- أوباما والأرض الموعودة .. ملخص كتابه الجديد
- كيف يمكن ضمان نجاح تجربة الحكومات البرلمانية في الأردن؟


المزيد.....




- سرايا القدس تعلن إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة
- مشادات كلامية بين نتنياهو ونواب المعارضة أثناء كلمته في الكن ...
- روسيا تطور درونات لتدمير المروحيات العسكرية والطائرات المسيّ ...
- لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة الم ...
- إسرائيل تطلق سراح مخرج فلسطيني حائز على جائزة أوسكار
- رئيس وزراء كوسوفو يقع في فخ مخادعين روسيين ويفضح ما يحضره ال ...
- مجلة -وايرد-: إدارة ترامب تتجه لإقالة مجموعة من العلماء في م ...
- مكتب نتنياهو ينفي تلقية أي تحذير بشأن -الأموال القطرية-
- موسكو تعلق على توقيف مولدوفا لرئيسة غاغاوزيا
- -تجربة أولية-.. قناة إسرائيلية تتحدث عن ذهاب دفعة من الغزيين ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ياسر قطيشات - مآلات ومستقبل الدولة السورية ما بعد الاتفاق: شروط وتحديّات