لا بد للناس من أمير .. و لا بد للناس من تفاؤل .
مجلس الحكم الانتقالي العراقي المزمع انعقاد جلسته الأولى اليوم الأحد ، فيه الكثير من عوامل التفاؤل ، وإن كان فيه أيضا بعض عوامل الإحباط ، المتأتية أصلا من ظروف البلاد الواقعة تحت الاحتلال .
وإذا أردت تجاهل عوامل الإحباط ، من باب كون النصف المليء من الكأس ذا حظ قليل من الملاحظة عادة ، ومن شأن الكاتب المحايد أن ينير الطريق للناس ، لا أن يظلَم الدنيا عليهم وفي عيونهم ، فليس من المعقول تجاهل دواعي التفاؤل ، في بلد لم يترك له النظام الصدَامي البائد غير الألم والحزن والمقابر الجماعية ولون الحداد الأسود ووجوه المتطرفين العابسة !
قديما قيل ، ولعل القائل هو الإمام علي بن أبي طالب ، لا بد للناس من أمير ، برا كان أو فاجرا . و إذا كانت أسماء المجلس الانتقالي في معظمها ليست على درجة من البر تصل إلى مستوى الزهد والتقوى ، لكن لا خلاف في أن النظام السابق لم يترك فجورا يعتب عليه ، وسد أي فراغ محتمل في أية موسوعة للأرقام القياسية أمام أي حاكم أكثر فجورا . أقول جازما وأتحمل مسؤولية قولي : لا صدام إلا صدام !
إحتمالات التفاؤل ، يبدو لي ، ليست قليلة . ولعل من أهمها أن الشيعة لم يستأثروا بالحكم ، ولو الانتقالي ، وسدوا الذرائع أمام أي متقول من هواة التضخيم والتهويل – مثل الزميل نصر المجالي في موقع إيلاف – من حولنا . فالمجلس ، مجلس مناصفة لا استئثار . ثمة يا سيدي ثلاثة عشر شيعيا ، إزاء أحد عشر سنيا ( عربا و كردا ) و تركماني واحد ( سني غالبا لأن شيعة التركمان إسلاميون منخرطون ضمنا في قائمة الثلاثة عشر ) و مسيحي واحد ، وافتقرت القائمة إلى المندائي والإيزيدي . هذا إذا أردنا حساب القضية وفق ما يعرف بالحصص ، في حين أنها وطنية بحتة ذات أبعاد و أطر أكثر سعة .
مع ذلك ، يظل تشكيل المجلس الانتقالي وانعقاد جلسته التاريخية اليوم أمنية عزيزة على قلوب العراقيين و قد أوشكت على التحقق . فالعراقيون شعب حر وحي ، ينطوي على الكثير من الإبداع والابتكار والخلاقية . شعب لم يأكل بعضه بعضا كما حل بشعوب أخرى بعضها مسلم ، رغم انفلات الأوضاع طوال أكثر من تسعين يوما ، شعب كل هاجسه وكل ما يطالب به هو الأمن والأمان والحكم العادل والعيش الكريم في بلد الخير والثروات و زوال الإحتلال .
والسؤال الذي يشوي الوجوه الآن ، هو هل سيكون هذا المجلس خاتمة أحزان العراقيين ؟
لا أمتلك بلورة الألوسي ، لكن طريق الألف ميل في إعادة بناء العراق بدأت اليوم بهذه الخطوة غير الكاملة ، لكن غير الناقصة كذلك .
-----