أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فرحات - من رجال الدين إلى دين الرجال: كيف تحوّل النص المقدّس إلى أداة للهيمنة؟














المزيد.....

من رجال الدين إلى دين الرجال: كيف تحوّل النص المقدّس إلى أداة للهيمنة؟


محمد فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 08:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


.. ودائمًا كانت الآفة في دعوى تملّك الدين من قِبَل فئة تُطلق على نفسها اسم "رجال الدين"، ثم احتكارهم لتأويل النصّ المقدّس، ثم مجاورة التأويل البشري للنصّ المقدّس، ثم تداخله مع "فهم" النصّ، ثم انسحاب النصّ المقدّس تدريجيًا لصالح التأويل البشري، ثم التماهي بين التأويل البشري لرجال الدين والنصّ المقدّس، ثم انسحاق النصّ تحت مطارق التأويل البشري.. ليحلّ التأويل محلّ النصّ في التعامل مع كل القضايا، وكأن مُنزّل النصّ، سبحانه، كان بحاجة إلى ترجمان لتأويل مراده عزّ وجلّ.

وكلما زاد التردي الاجتماعي والاقتصادي، زاد الالتفات إلى ما هو خارج الصندوق الحياتي القائم على الأسباب المادية، فيكون التأويل البشري للدين وسيلة أولًا لتبرير استبداد الحاكم، ولخنق الحرية الإنسانية في الإبداع، ثم لإلهاء الجماهير عن تردّي أوضاعهم المادية. وتمضي آلة التأويل السلطوي للدين في صيرورة متواترة التصاعد، لتنتج في النهاية دينًا بشريًا موازيًا. وعليه، فتلك الظاهرة — الموجودة في كل الأديان السماوية — بدأت بعد سقوط الحكم الرشيد بمقتل عليّ عليه السلام، وترسخت بمقتل الحسين عليه السلام، وتحوّل الفقهاء إلى ترسيخ حكم بني أمية ومن جاء بعدهم من مُلك عاضٍ مستبد.

لذا، فمن المُلاحظ أنه حينما يصل التأويل البشري السلطوي إلى غايته، يتم الإعلان عن غلق باب الاجتهاد خوفًا من إنتاج تأويلات بشرية أخرى موازية ومتصارعة. فيتحول التأويل البشري إلى مؤسسة حاكمة، رادعة لكل من يفكر في إنتاج تأويل موازٍ؛ فلنتذكر مصير الحلاج والسهروردي وغيرهم ممن قدّموا منتوجًا أكثر روحانية والتصاقًا بروح الدين.

تبدأ تلك الصيرورة الجهنمية حينما تتبنّى الدولة رؤية دينية وتنتصر لتأويل ما. حدث هذا في المسيحية حينما تبنّت الإمبراطورية الرومانية المسيحية، وكان ما كان في مجمع "نيقيا"، والانتصار لما يُرسّخ وجود الإمبراطورية. وحدث الشيء نفسه بعد "كربلاء" عند المسلمين. ففكرة استبداد التأويل فكرة إنسانية عامة عند كل الأمم.

وحينما خرج الغرب من تلك الدائرة الجهنمية بعد الحروب الدموية التي انتهت بالحرب العظمى الثانية، وبتبنّي فكرة الدين وتأويلاته كسبيل للارتقاء الروحي في علاقة خاصة بين المواطن وما يدين به، بالتوازي مع الأخذ بالأسباب المادية؛ حدث ما ترونه من ارتقاء على كافة المستويات.

فهل ما زال علينا تسديد المزيد من قرابين الدم حتى نصل إلى ما وصل إليه الغرب؟ هل ما زالت الطريق مليئة بالأحاجي والألغاز التي ينبغي علينا حلها كما فعل أوديب اليوناني؟ أم أن أوديب العربي لم يوجد بعد، ولم يُؤهَّل بعد لمواجهة أحاجي أبي الهول؟ هل من سبيل للتصالح مع أنفسنا ونصوصنا وتأويلاتنا الميتافيزيقية، وعقد مصالحة ما بينها وبين حاجاتنا المادية والحياتية، في محاولة لتحويلها إلى قاطرة تثويرية تنطلق بنا نحو بناء حياة راقية نستحقها وتستحقنا، دون الوقوع في حقل ألغام التاريخ ومشاحناته وسلطويته التأويلية الجبارة ودمويته وما فيه من ثارات مؤرقة مؤجّجة لصراعات مهدرة للطاقة والجهد؟ ربما تُفلح أجيال الميديا البديلة وسيل المعلوماتية المتسارع المتبادل من أقاصي المعمورة لأقاصيها فيما فشلنا فيه وفشل فيه أجداد أجدادنا.



#محمد_فرحات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا صدمتنا صفحة شيخ الأزهر ببيان رثاء الحويني؟
- مأساة العصافير: قراءة اجتماعية ماركسية في بنية القمع الرمزي
- الميليشيا بديل الدولة: من الحلم الإسلامي إلى الوكالة الاستخب ...
- مسلسل -معاوية-
- حارس الكلمة الأخير
- -مرارًا وتكرارًا- جسور التجريبية والتراث بشعر خالد السنديوني ...
- الوجود والعدم عند مصطفى أبو حسين، قصة -ابن الجزمة- نموذجا.
- تحقيق الشفا للقاضي عياض: بين السخرية العلمية وتزوير التراث
- لينين الزعيم الإنساني الديمقراطي
- نوستالجيا ليالي الحلمية، وزينهم السماحي.
- اسمي نجيب سرور ٧
- صعود
- حلم
- -اسمي نجيب سرور--٤
- اسمي نجيب سرور -1-
- -نعي الأحلام المجهضة-
- -أولاد حارتنا- المبادرة والانتظار .
- عبد القاهر الجرجاني يُنظِرُ لقصيدة النثر.-سأعيد طروادة ثم أح ...
- -بالضبط يشبه الصورة- ومُحدِدات الجنس الكتابي
- نون نسوة مناضلة -بيضاء عاجية، سوداء أبنوسية.-.


المزيد.....




- الأحد في السعودية عيد وفي مصر متمم رمضان.. فهل يصوم أم يفطر ...
- إسرائيل ترفض فتح المسجد الإبراهيمي كاملا أمام المسلمين بعيد ...
- مصر.. دار الإفتاء ترد على الجدل حول تحديد الاثنين أول أيام ع ...
- مصر.. دار الإفتاء ترد على الجدل المثار بشأن تحديد بداية عيد ...
- بين الفطرة والتشريع.. كيف تحمي أحكام الإسلام النظام الأسري؟ ...
- هند قبوات وزيرة مسيحية في الحكومة السورية الجديدة
- شيخ الأزهر: يعزّ علينا أن نستقبل العيد وأهل غزة يعانون البطش ...
- الرئيس عباس يهنئ شعبنا في الوطن والشتات والأمتين العربية وال ...
- أكثر من 4 ملايين مصل ومعتمر بالمسجد الحرام ليلة 29 رمضان
- السعودية: 4 ملايين مصل ومعتمر في ليلة 29 رمضان بالمسجد الحرا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فرحات - من رجال الدين إلى دين الرجال: كيف تحوّل النص المقدّس إلى أداة للهيمنة؟