أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - همام طه - التطرف كمنظومة: من الفتوى إلى الدراما














المزيد.....


التطرف كمنظومة: من الفتوى إلى الدراما


همام طه

الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 12:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التطرف هو الارتهان للتراث الديني، والتعصب له، واستعادته في كل وقت وحين، والاستغراق فيه، وإخضاع الحياة المعاصرة لتعاليمه وأحكامه ونصوصه وشخوصه قسرًا وقهرًا وإكراهًا. كما يتجلى في الشعور غير العقلاني بأن الانتساب لهذا التراث والتماهي معه يمنح الفرد أو الجماعة أفضلية دينية وأخلاقية مطلقة على الآخرين، مما يؤدي إلى تجذير العنف النفسي الخفي (الكراهية الباسمة والازدراء الناعم) تجاه المختلفين والمخالفين، وتأصيل وتبرير وشرعنة العنف اللفظي والمادي ضدهم، تلميحًا وتضمينًا تارة، وتصريحًا وتدوينًا تارة أخرى، وفعلاً وممارسةً تارة ثالثة، ونهجًا وسياساتٍ تارة رابعة، وصولًا إلى تكريسه في البنى الثقافية والهياكل الاجتماعية والمؤسسات السياسية.

بناءً على ذلك، يمكن النظر إلى تصريح أحد أعضاء هيئة كبار العلماء التابعة لمشيخة الأزهر في مصر بتحريم مشاهدة مسلسل "معاوية"، الذي يُعرض خلال شهر رمضان، بسبب تجسيد الصحابة دراميًا، بوصفه نموذجًا للتطرف الممنهج، يمكن تلخيصه بالمعادلة التالية:

"مؤسسة دينية تُصدر فتوى متشددة، بدافع من رؤية متزمتة، تجاه عمل درامي يحمل بعدًا صراعيًا في سياق مشحون".

ويمكن تفكيك هذه المعادلة على النحو التالي:

1- مشيخة الأزهر تعزز الرؤية التقليدية المغلقة لأنها ترعى عمليات إعادة إنتاج واستدعاء التراث الديني وتسويقه ضمن خطاب يهدف إلى تكريس هوية دينية انعزالية، تفرض سلطتها وسطوتها على العقول والضمائر. كما يُسهم هذا الخطاب - عبر التصريح والتلميح، والسياسات المؤسسية، والسلوك الدعوي والتربوي الممنهج، والفتاوى التطبيقية - في التشكيك بإيمان كل من لا يلتزم بتعاليمه، ويؤسس لشعور بالتفوق الديني ويجذّر الكراهية ضد الهويات الأخرى.

2- فتوى تحريم مشاهدة مسلسل "معاوية" تندرج ضمن الوصاية الدينية لأنها تفرض رؤية دينية تقليدية على الجمهور، وتحد من حرية الأفراد في الاختيار والتفاعل مع المحتوى الفني.

3- الدافع وراء الفتوى يعكس نزعة تقديسية غير نقدية للتاريخ حيث ينطلق من اعتقاد بحرمة تجسيد الصحابة دراميًا، مما يضفي عليهم قداسة ترفعهم إلى مقام فوق بشري، وهو تصور يعمّق الطابع الأسطوري للتاريخ الإسلامي بدل إخضاعه للبحث العقلاني.

4- المسلسل ذاته يعكس قراءة أحادية للتاريخ تعكس وجهة نظر طرف واحد في الصراع المذهبي. ومهما حاولت هذه القراءة أن تبدو محايدة وموضوعية، فإنها تبقى قراءة صراعية لن يرضى عنها "الطرف الآخر".

5- إنتاج المسلسل يأتي ضمن سياق سياسي - ثقافي أوسع حيث يُعيد تقديم الإسلام مقترنًا بالسيف والحروب والدماء والصراع غير الأخلاقي على السلطة الروحية والسياسية. قد يُقال إن هذا هو التاريخ، نعم، لكنه ليس مجرد استدعاء انتقائي، بل هو انعكاس لسردية العنف والدم السائدة في الوعي العربي الإسلامي، والتي لم تكن يومًا محل إدانة حقيقية، لا على مستوى الجمهور ولا على مستوى النخبة السياسية. إن هذه السردية ليست مجرد أداة خطابية يتم تفعيلها وفقًا للمصلحة، بل تمثل منظومة فكرية وثقافية مترسخة في الوجدان الجمعي، يُعاد إنتاجها باستمرار عبر المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، مما يجعلها جزءًا من البناء الهوياتي والسياسي في المنطقة.



#همام_طه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصوم بوصفه فعل محبّة: تجربة شخصية في رمضان
- بين الذكاء الاصطناعي والبعد الإنساني: لحظة تأمل في الحوار مع ...
- التجديد في مفهوم الصيام: تطبيقات معاصرة تلبي احتياجات الروح ...
- ثنائية الجاني والضحية في الخطاب الرسمي العراقي: نقد لمنطق ال ...
- فقه الرحمة: هل يجوز السحور بعد الفجر؟
- مقالة في الحاجة لإعادة قراءة النص الديني: سورة المسد أنموذجا ...
- رسالة إلى ابن الأكرمين السيد محمد جعفر الصدر: العفو عند المق ...
- قانون عيد الغدير .. الفرصة التي لم يتم استثمارها
- الخطاب السياسي وتعزيز رأس المال الاجتماعي
- سياسات مقترحة لمعالجة تأنيث الفقر في العراق
- نحو استراتيجية وطنية للتدريب المهني في العراق .. لا تُعطني س ...
- الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلي ...
- مشاريع الإسكان والانتقال من الدولة الريعية إلى الدولة التنمو ...
- معالجة التسرّب المدرسي في العراق .. مدخل للتنمية والإصلاح ال ...
- تطوير الفلسفة العقابية في العراق .. من سلب الحرية إلى العقوب ...
- مواجهة أكتوبر وإعادة هيكلة الوعي والمواقف .. القضية الفلسطين ...
- الثورة المعرفية ركيزة النهضة الشاملة .. نحو استراتيجية وطنية ...
- الاستثمار في رأس المال البشري .. تطوير موظفي القطاع العام ال ...
- هل يمكن أن يتحوّل العراق إلى دولة لاعنفية؟
- المشروع الوطني لتعليم اللغة الإنجليزية في العراق .. رافعة اس ...


المزيد.....




- عشرات الآلاف يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- أزمة بيض في فرنسا بسبب رمضان؟ المسلمون يردّون بسخرية على الا ...
- طر يقة تثبيت تردد طيور الجنة الجديد على النايل سات والعرب سا ...
- بابا الفاتيكان يطالب بالوقف الفوري للقصف الصهيوني على غزة
- البابا فرنسيس يعود إلى الفاتيكان بعد خمسة أسابيع من العلاج
- السعودية .. تفاعل واسع حول فاتورة كهرباء -المسجد الحرام-
- مسيحيو سوريا: خوف من القادم و-حرج- من مواقف الكنائس من الأسد ...
- البندورة الحمراء..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعر ...
- كيف تستخدم إسرائيل السياح في اقتحامات المسجد الأقصى؟
- دار الإفتاء الليبية تجيز إرسال زكاة الفطر إلى غزة وتدعو المو ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - همام طه - التطرف كمنظومة: من الفتوى إلى الدراما