أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فهد المضحكي - اقتصاد أوكرانيا: بين خسائر الحرب والنهب















المزيد.....


اقتصاد أوكرانيا: بين خسائر الحرب والنهب


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 12:07
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تصادف هذه الأيام نهاية العام الثالث من الحرب بين أوكرانيا وروسيا، والتي يبدو أنها أوشكت على نهايتها، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعيه لتسوية سلمية عبر المفاوضات المباشرة مع روسيا. ويبدو أن عملية الإذلال العلني الذي تعرض لها زيلينسكي من جانب ترامب أمام الكاميرات لا تهدف للرضوخ لمتطلبات إنهاء الحرب فقط، بل وكذلك استكمال الذهب الأمريكي الغربي لما تبقى من أوكرانيا بعد الحرب.

هذا ما أورده الباحث الاقتصادي البريطاني مايكل روبرتس في مدوّنته «الركود التالي».

ونقلاً عن الجهة المترجمة، يقول روبرتس: يريد ترامب استعادة ما أنفقته الحكومة الأمريكية على أوكرانيا حتى الآن، فضلاً عن ضمانات للإنفاق المستقبلي لإعادة بناء الاقتصاد. ورغم شكواه من التحويلات الضخمة للأموال إلى أوكرانيا، ولكنها تنطوي على معلومات مضلّلة، لأن غالبية الأموال التي خصصتها الولايات المتحدة لأوكرانيا بقيت في الحقيقة داخل أمريكا نفسها لتمويل القاعدة العسكرية المحلية وتجديد المخزونات الأمريكية، وجنت شركات الأسلحة الأمريكية أرباحًا ضخمة من هذه الحرب.

الآن يطالب ترامب أوكرانيا بتوقيع تنازل عن أكثر من 50% من معادنها النادرة لصالح الولايات المتحدة مقابل تسليم 500 مليار دولار لإعادة الإعمار. قال ترامب: «أريد منهم أن يعطونا شيئًا مقابل كل الأموال التي نضعها وأحاول تسوية الحرب وإنهاء كل هذا الموت. نطالب بالمعادن النادرة والنفط، أي شيء يمكننا الحصول عليه». وقال السناتور الأمريكي ليندسي غراهام: «هذه الحرب تدور حول المال.. أغنى دولة في أوروبا بالمعادن النادرة هي أوكرانيا، بقيمة 2 إلى 7 تريليونات دولار.. لذا فإن دونالد ترامب سيعقد صفقة لاستعادة أموالنا، لإثراء أنفسنا بالمعادن النادرة». لكن يجدر بالذكر أن نصف الرواسب المعدنية عمومًا «المقدرة قيمتها بنحو 10-12 تريليون دولار» موجودة في مناطق تسيطر عليها روسيا.

يقدر إجمالي القتلى والجرحى في أوكرانيا بنحو نصف مليون عسكري و46 ألف مدني. وفي وقت سابق من 2024، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تقييمًا أوكرانيًا سريًا لخسائر القوات الأوكرانية بأنها قرابة 80 ألف قتيل و400 ألف جريح.

ووفقًا للمصدر نفسه نقلاً عن أرقام حكومية، في النصف الأول من 2024 بلغت الوفيات في أوكرانيا ثلاثة أضعاف المواليد. وبحسب البنك الدولي، ما زال نحو 5.9 مليون أوكراني نازحين خارج البلاد و3.7 مليون نازحين داخليًا. وفي العام الماضي، كانت الخسائر الأوكرانية أعلى بخمس مرات من خسائر روسيا، حيث كانت تخسر ما لا يقل عن 50 ألف عسكري شهريًا.

خسائر التعليم للأطفال الأوكرانيين بلغت نحو 90 مليار دولار، أو ما يساوي حجم الخسائر في رأس المال المادي حتى الآن. وتظهر الدراسات أن الأطفال الذين يعيشون السنوات الخمس الأولى من حياتهم في حالة حرب، تنخفض درجات الصحة العقلية لديهم إلى نسبة 10% عندما يصبحون في عمر 80-60 سنة.

انخفض الناتج المحلي الإجمالي في أوكرانيا بنسبة 25%، ويعيش الآن 7.1 مليون أوكراني إضافي في فقر. واخفض تصنيع الحديد والصلب من 1,5 مليون طن شهريًا قبل الحرب إلى 0.6 مليون طن شهريًا حاليًا.

وتفتقر أوكرانيا بشدة إلى القوى العاملة للإنتاج أو المشاركة في الحرب. فقد بلغ معدل البطالة 16.8% في يناير 2025، وترك العمال المهرة البلاد، ومن تبقوا جُند معظمهم في الجيش. ولا تزال أوكرانيا تعتمد كليًا على دعم غربي (ما لا يقل عن 40 مليار دولار سنويًا للخدمات الحكومية والسكان والإنتاج). وتعتمد على الاتحاد الأوروبي في تمويل الخدمات المدنية، وعلى الولايات المتحدة في تمويلها العسكري بالكامل، وهو ما يشكل «تقسيمًا مباشرًا للعمل». وعرض صندوق النقد والبنك الدوليين أموالاً مشروطة بأن تثبت أوكرانيا قدرتها على «الاستدامة»، بمعنى القدرة على سداد القروض الثنائية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «قروض وليست مساعدات»، فلن يمدد صندوق النقد الدولي الإقراضي.

وهذا يعيدنا إلى ما سيحدث لاقتصاد أوكرانيا إذا انتهت الحرب مع روسيا. فوفقًا لأحداث تقديرات البنك الدولي، ستحتاج أوكرانيا إلى 486 مليار دولار للسنوات العشر المقبلة للتعافي وإعادة الإعمار «بافتراض انتهاء الحرب هذا العام»، وهذا يعادل ثلاثة أضعاف ناتجها المحلي الإجمالي تقريبًا. وقد بلغت الأضرار المباشرة الناجمة عن الحرب الآن قرابة 152 مليار دولار، مع تضرر أو تدمير نحو 2 مليون وحدة سكنية «10% من إجمالي المساكن» وتدمير 8400 كيلو متر من الطرقات، ونحو 300 جسر.

بعض أرقام النهب الغربي لأوكرانيا
حتى الأراضي والموارد الأوكرانية التي بقيت تحت سيطرة كييف بيع جزء كبير منها لشركات غربية، فباتت 28% من الأراضي الصالحية للزراعة في أوكرانيا مملوكة الآن لمزيج من الطغمة الأوكرانيين والشركات الأوروبية والأمريكية الشمالية، وبعضها لصندوق الثروة السيادية للمملكة العربية السعودية، واستثمرت شركة نستله 46 مليون دولار في منشأة جديدة في منطقة فولين الغربية، وتخطط شركة باير الألمانية العملاقة للأدوية والمبيدات الحشرية لاستثمار 60 مليون يورو في إنتاج بذور الذرة في منطقة جيتومير الوسطى. أكبر شركة دواجن في أوكرانيا وهي «MHP» يملكها المستشار السابق للرئيس الأوكراني بوروشينكو، وقد تلقت هذه الشركة أكثر من خُمس إجمالي القروض من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في العامين الماضيين، وتوظف الشركة 28 ألف شخص وتسيطر على نحو 360 هكتارًا من أراضي أوكرانيا «بمساحة أكبر من دويلة لوكسمبورغ».

والحكومة الأوكرانية ملتزمة «بالسوق الحرة» للاقتصاد في مرحلة ما بعد الحرب، ما يعني مزيدًا من معايير العمل في الاتحاد الأوروبي، أي ظروف العمل الشاقة، وخفض الضرائب على الشركات إلى الحد الأقصى، والخصخصة الكاملة للأصول الحكومية المتبقية.

هذه ليست سوى بعض المؤشرات إلى أن أصول أوكرانيا سيتم تقسيمها من قبل القوى الغربية. الشهر الماضي وقع زيلينسكي قانونًا جديدًا يوسّع خصخصة البنوك المملوكة للدولة في البلاد. يأتي ذلك في أعقاب إعلان الحكومة الأوكرانية في يوليو الماضي برنامج «الخصخصة واسعة النطاق 2024» الهادف لجذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد وجمع الأموال للميزانية المتعثرة. وتشمل الأصول الكبيرة المقرر خصخصتها حاليًا أكبر مؤسسة لإنتاج التيتانيوم في البلاد، والمنتج الرائد للخرسانات ومصنعًا للتعدين. ولدى السلطات الأوكرانية تصوّر عن خصخصة ما يقرب من 3500 شركة مملوكة للدولة في قانون صدر عام 2018، وينص على أن الأجانب «شركات ومواطنين» يمكن أن يصبحوا مالكين.

تتم الآن خصخصة مئات الشركات الأصغر حجمًا، ما جلب إيرادات بلغت 9.6 مليار هريفنيا أوكرانية «181 مليون جنيه إسترليني» في العامين الماضيين. يتضمن هذا برنامجًا فرعيًا مدته 7 سنوات يسمى «SOERA» لما يسمى «إصلاح الشركات المملوكة للدولة» في أوكرانيا، بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «USAID» وبالشراكات الثانوية مع وزارة الخارجية البريطانية.

ورأس المال البريطاني يسيل لعابه، فبحسب وثائق صادرة مؤخرًا عن وزارة الخارجية البريطانية، توفر الحرب «فرصًا» لأوكرانيا لتنفيذ بعض الإصلاحات المهمة للغاية. وأشار تقرير سابق عن المساعدات البريطانية لأوكرانيا إلى أن «المملكة المتحدة تأمل في جني الفوائد للشركات البريطانية من إعادة إعمار أوكرانيا».

وتتماشى هذه المخططات مع تجريد أوكرانيا من النقابات العمالية وأنظمة الضرائب التجارية الصارمة واللوائح التنظيمية، وأي عقبات رئيسة أخرى تحول دون الاستثمارات المربحة لرأس المال الغربي المتحالف مع الطغمة الأوكرانية السابقة.

وتُقدِّر المصادر الأوكرانية تكلفة حجم ترميم البنية الأساسية؛ تمويل المجهود الحربي وخسائر مخزون الإسكان والعقارات التجارية والتعويض عن الوفاة والإصابة وتكاليف إعادة التوطين ودعم الدخل وتعويض الدخل المفقود الحالي والمستقبلي، بأنها ستصل إلى تريليون دولار، أو ست سنوات من الناتج المحلي الإجمالي السنوي السابق لأوكرانيا «نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي سنويًا أو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة الدول السبع لمدة ست سنوات». وبحلول نهاية هذا العقد، حتى لو سارت إعادة الإعمار على ما يرام «وحتى بافتراض استعادة جميع موارد وأراضي أوكرانيا التي سيطرت عليها روسيا خلال الحرب، أي صناعة شرق أوكرانيا ومعادنها»، فإن الاقتصاد الأوكراني سيظل أقل بنسبة 15% من مستواه قبل الحرب.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناتو وزيادة الإنفاق الدفاعي
- فاطمة حدّاد الشامخ.. أبرز القامات التونسية في مجال الفلسفة
- حلف الناتو.. هل يتفكك؟
- عبدالعظيم أنيس.. المفكر والأديب
- فهل يحق لي أن أشتكي من انعدام التحرر؟
- العرب والدولة الحديثة والديمقراطية
- نعوم تشومسكي
- لماذا الأزمة البيئية كونية؟
- حديث عن الصحافة الثقافية
- الدكتور عادل العوا.. قامة فلسفية وفكرية
- العرب وأسئلة الهوية
- أمريكا: حدود الممكن إلى الانبعاث
- أكاديمي صيني: بريكس لا ينبغي أن تكون منظمة مواجهة.. بل خيارً ...
- المؤرخ والأديب أحمد أمين.. من رواد التنوير الإسلامي
- فوز ترامب.. انتصار للشعبوية الأمريكية
- وداعًا النقابي محمد المرباطي
- سيد درويش... رائد الأغنية الوطنية
- مأزق المشروع الحضاري العربي
- العرب والفكر النقدي
- قيم قابلة للتبديل بحسب الحاجة


المزيد.....




- وفد جزائري رفيع يزور إثيوبيا لاستكشاف أفاق جديدة للشراكة الا ...
- مصر.. الحكومة تعتزم رفع حد إعفاء الضرائب العقارية
- صحيفة إيطالية تصدر أول طبعة كاملة من إنتاج الذكاء الاصطناعي. ...
- بنك أوف أمريكا: جيل Z سيصبح أكثر ثراء في العالم بحلول عام 20 ...
- مصر: نتوقع تلقي 4.7 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي قريبا
- لماذا خفض مؤتمر المانحين دعمه لسوريا وما انعكاسات ذلك؟
- رمضان والاقتصاد الشعبي.. تجارة موسمية تواجه تحديات مستمرة
- برامج مسابقات رمضان تكافح الفقر بلبنان في ظل الأزمة الاقتصاد ...
- اقتصادي يحذر من خطر يؤدي لانهيار اقتصاد العراق
- تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الأحد


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فهد المضحكي - اقتصاد أوكرانيا: بين خسائر الحرب والنهب