خليل إبراهيم كاظم الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 12:03
المحور:
حقوق الانسان
المقدمة
لطالما سعى الإنسان إلى تحقيق الانسجام بين معتقداته وسلوكياته، ولكن ماذا يحدث عندما يجد نفسه أمام تناقضات أخلاقية وسلوكية يصعب تبريرها؟ هنا تبرز نظرية التنافر المعرفي، التي صاغها عالم النفس الاجتماعي ليون فستنغر (Leon Festinger) عام 1957، كأحد المفاهيم الأساسية لفهم الصراع الداخلي الذي يواجهه الأفراد عند التعارض بين قناعاتهم وأفعالهم.
لا يقتصر تأثير هذه النظرية على الأفراد فقط، بل يمتد إلى المجتمعات بأكملها، حيث يمكن أن تصبح آليات التبرير والإنكار أدواتٍ لصياغة خطاب سياسي وثقافي يكرس التناقضات ويعيد إنتاجها. في هذا السياق، تلعب نظرية التنافر المعرفي دورًا محوريًا في تحليل كيفية تبرير الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، سواء عبر إعادة تأطير الوقائع، التقليل من أهمية الضحايا، أو إلقاء اللوم على جهات خارجية.
في هذه الدراسة، سنجاول تقديم تأطير معرفي وتاريخي لهذه النظرية، مع تسليط الضوء على محطات تاريخية شهدت تجليات واضحة للتنافر المعرفي في انتهاكات حقوق الإنسان. كما سنناقش تطبيقها على واقع حقوق الانسان في العراق، حيث تفاقمت حالات التنافر المعرفي بسبب عقود من القمع السياسي، العنف الطائفي، الفساد، والحروب، مما خلق بيئة معقدة تتطلب تفكيك هذه الآليات لفهم التحديات الراهنة وإيجاد سبل لمواجهتها.
التأطير المعرفي والتاريخي لنظرية التنافر المعرفي
1. جذور النظرية وتطورها
ظهرت نظرية التنافر المعرفي كإطار نظري ثوري في علم النفس الاجتماعي على يد عالم النفس ليون فستنغر عام 1957، بهدف تفسير حالة الاضطراب النفسي التي يعيشها الأفراد عندما تتعارض معتقداتهم أو قيمهم مع سلوكياتهم أو مع الحقائق الموضوعية المحيطة بهم. وصف فستنغر هذا الشعور بأنه حالة من "التنافر" أو عدم الاتساق الداخلي، تدفع الفرد إلى البحث عن سبل لتقليص هذا التوتر النفسي. يمكن تحقيق ذلك من خلال عدة آليات، مثل تغيير المعتقدات، تعديل السلوك، أو إعادة تفسير الأحداث لتتناسب مع الصورة الذهنية التي يريد الفرد الحفاظ عليها.
مع مرور الوقت، تم توسيع وتعميق هذه النظرية من قبل باحثين لاحقين، مما أضاف أبعادًا جديدة لفهم كيفية تعامل الأفراد مع التناقضات الداخلية. على سبيل المثال، ركز إليوت أرونسون على كيفية تبرير الناس لسلوكياتهم غير الأخلاقية أو المتناقضة مع مبادئهم الشخصية، مشيرًا إلى أن الأفراد غالبًا ما يلجؤون إلى إعادة صياغة أفكارهم لتبرير أفعالهم، مما يسمح لهم بالحفاظ على صورة إيجابية عن أنفسهم.
أما ألبرت باندورا، في إطار نظريته عن التكيف الاجتماعي، فقد أشار إلى أن التبرير الذاتي يمكن أن يؤدي إلى استمرار الممارسات اللاأخلاقية، حيث يعيد الأفراد تشكيل تصوراتهم الأخلاقية لتتناسب مع سلوكياتهم الضارة، مما يقلل من الشعور بالذنب أو المسؤولية. هذه التطورات في النظرية ساعدت على فهم أعمق لكيفية تعامل الأفراد والمجتمعات مع التناقضات الأخلاقية والنفسية.
2. تطبيقات النظرية في السياسة وحقوق الإنسان
عبر التاريخ، استخدمت الأنظمة السياسية والمؤسسات آليات التنافر المعرفي لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان والممارسات القمعية. فعندما تتعارض سياسات هذه الأنظمة مع المبادئ الإنسانية أو الديمقراطية التي تدعي تبنيها، تظهر حالة من التنافر المعرفي لدى الأفراد أو الجماعات. للتغلب على هذا التنافر، تلجأ الأنظمة إلى آليات مثل التبرير الأيديولوجي، تشويه الحقائق، أو إعادة صياغة السرديات لتبرير أفعالها.
على سبيل المثال، في فترات الحروب أو النزاعات المسلحة، غالبًا ما يتم تصوير الضحايا المدنيين على أنهم "أضرار جانبية ضرورية" لتحقيق أهداف استراتيجية، مما يقلل من الشعور بالذنب أو المسؤولية الأخلاقية. كما يمكن ملاحظة هذه الآلية في حالات التمييز العنصري أو الديني، حيث يتم إعادة تعريف المجموعات المستهدفة على أنها "أقل قيمة" أو "تهديد" لتبرير انتهاكات حقوقها.
في سياق حقوق الإنسان، يمكن أن يظهر التنافر المعرفي لدى الأفراد الذين يؤمنون بمبادئ العدالة والمساواة، لكنهم يشهدون أو يشاركون في ممارسات تتعارض مع هذه القيم. للتخلص من هذا التنافر، قد يلجأون إلى إنكار الانتهاكات، التقليل من أهميتها، أو إعادة تفسيرها لتتناسب مع قناعاتهم. على سبيل المثال، قد يبرر شخص ما انتهاكات حقوق الإنسان بأنها "ضرورية" للحفاظ على الأمن أو الاستقرار، مما يسمح له بالحفاظ على صورة إيجابية عن نفسه أو عن النظام الذي يدعمه. وغالباً ماتشكل الممارسات التالية تجليات للتنافر المعرفي:
• إعادة تأطير الانتهاكات: تصوير القمع السياسي على أنه "ضرورة أمنية"، أو تبرير الحروب بأنها "تحرير".
• تقليل أهمية الضحايا: نزع الطابع الإنساني عنهم، كما حدث في الأنظمة الاستعمارية والعنصرية.
• خلق سرديات تبريرية: استخدام الإعلام والخطاب السياسي لإعادة تشكيل الإدراك العام حول الأحداث.
من خلال فهم هذه الآليات، يمكن للعاملين في مجال حقوق الإنسان تصميم استراتيجيات فعّالة لمواجهة التبريرات الزائفة وتعزيز الوعي بالتناقضات الأخلاقية. هذا يشمل تسليط الضوء على الفجوة بين المبادئ الإنسانية والممارسات الفعلية، وتحفيز الأفراد على تبني مواقف أكثر اتساقًا مع قيم العدالة والكرامة الإنسانية.
التنافر المعرفي في انتهاكات حقوق الإنسان بعض الشواهد التاريخبة
على مدار التاريخ، شهدت البشرية العديد من الحوادث التي كشفت عن التناقض الصارخ بين القيم الإنسانية المعلنة والممارسات الفعلية التي تنتهك هذه القيم. تُعد انتهاكات حقوق الإنسان واحدة من أكثر المجالات التي تظهر فيها ظاهرة التنافر المعرفي بوضوح، حيث يواجه الأفراد والمجتمعات صراعًا داخليًا بين ما يؤمنون به من مبادئ أخلاقية مثل العدل والمساواة، وبين ما يشهدونه أو يشاركون فيه من أفعال تنتهك هذه المبادئ.
تُعرف نظرية التنافر المعرفي بأنها حالة من عدم الراحة النفسية تنتج عن وجود تناقض بين المعتقدات والسلوكيات أو الحقائق. للتخلص من هذا الشعور، يلجأ الأفراد إلى آليات مثل الإنكار، التبرير، أو إعادة تفسير الأحداث لتقليل الشعور بالتناقض. في سياق انتهاكات حقوق الإنسان، تُظهر العديد من الحوادث التاريخية كيف استخدمت الأنظمة والمجتمعات هذه الآليات لتبرير أفعالها أو التغاضي عنها.
من خلال استعراض بعض الحوادث التاريخية، يمكننا فهم كيف يلعب التنافر المعرفي دورًا محوريًا في استمرار الانتهاكات، وكيف يمكن أن يساهم الوعي بهذه الآليات في منع تكرارها. هذه الحوادث ليست مجرد أحداث ماضية، بل هي دروس حية تُظهر أهمية مواجهة التناقضات الأخلاقية وضرورة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان.
1. ألمانيا النازية والإنكار الجماعي
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، واجه المجتمع الألماني حالة من التنافر المعرفي الهائل، حيث تساءل الكثيرون: كيف يمكن لشعب متحضر ومتقدم ثقافيًا وعلميًا أن يشارك أو يتغاضى عن واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ، وهي الهولوكوست؟ لقد كانت الإبادة الجماعية لستة ملايين يهودي، بالإضافة إلى ملايين آخرين من الأقليات، حدثًا صادمًا يتناقض مع صورة ألمانيا كدولة متحضرة.
للتغلب على هذا التنافر، لجأ العديد من الألمان إلى آليات مثل الإنكار أو الادعاء بعدم المعرفة بما كان يحدث في معسكرات الاعتقال. آخرون برروا هذه الجرائم بالقول إنهم كانوا يتبعون الأوامر بشكل أعمى، أو أنهم كانوا مجرد "ترس في آلة" النظام النازي. هذه التبريرات سمحت لهم بالحفاظ على صورة إيجابية عن أنفسهم، رغم مشاركتهم أو صمتهم عن جرائم مروعة.
2. الفصل العنصري في الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا
في كل من الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، مثّل نظام الفصل العنصري حالة كلاسيكية من التنافر المعرفي. ففي الولايات المتحدة، تم تبرير التمييز ضد الأمريكيين من أصل أفريقي عبر خطاب يدعي "الحفاظ على النظام الاجتماعي" أو "حماية القيم التقليدية". وفي جنوب إفريقيا، تم تبرير الفصل العنصري (الأبارتايد) بذرائع مثل "التنمية المنفصلة" أو "حماية الهوية الثقافية".
مع انهيار هذه الأنظمة، واجهت المجتمعات البيضاء في كلا البلدين تنافرًا معرفيًا بين تاريخ الاضطهاد العنصري الذي دعمته أو تغاضت عنه، وبين ادعاءاتها بالديمقراطية والمساواة. للتغلب على هذا التنافر، لجأ البعض إلى إنكار حجم المعاناة التي عانتها المجتمعات السوداء، بينما حاول آخرون إعادة تفسير التاريخ لتقليل مسؤوليتهم.
3. حرب العراق وسجن أبو غريب
عندما تم الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان في سجن أبو غريب بالعراق عام 2004، واجه المجتمع الأمريكي حالة من التنافر المعرفي بين خطاب الحكومة الأمريكية الذي يدعي "نشر الديمقراطية" و"تحرير الشعب العراقي"، وبين الصور المروعة للتعذيب والإساءة التي تعرض لها المعتقلون. هذه الصور كشفت عن فجوة كبيرة بين القيم الأمريكية المعلنة والممارسات الفعلية.
للتغلب على هذا التنافر، لجأ الكثيرون إلى تبرير هذه الانتهاكات باعتبارها "حالات فردية" أو "أخطاء غير مقصودة"، رغم الأدلة التي تشير إلى وجود ممارسات ممنهجة. كما تم تصوير المعتقلين على أنهم "إرهابيون" أو "أعداء"، مما قلل من التعاطف مع معاناتهم. هذه الآليات سمحت للكثيرين بالحفاظ على صورة إيجابية عن بلدهم، رغم الانتهاكات التي ارتُكبت باسمه.
4. الإبادة الجماعية في رواندا
خلال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، قُتل ما يقرب من 800,000 شخص من أقلية التوتسي على يد جماعات الهوتو. واجه المجتمع الدولي تنافرًا معرفيًا بين دوره المعلن في حماية حقوق الإنسان وبين تقاعسه عن التدخل لوقف المذبحة. للتغلب على هذا التنافر، لجأ الكثيرون إلى تبرير التقاعس بالقول إن الأمر كان "شأنًا داخليًا" أو أن المعلومات لم تكن كافية لاتخاذ إجراءات.
5. الاستعمار وتبرير الاستغلال
خلال حقبة الاستعمار، واجهت القوى الاستعمارية تنافرًا معرفيًا بين ادعاءاتها بنشر الحضارة والتنمية في المستعمرات، وبين الممارسات الوحشية التي ارتكبتها مثل الاستغلال الاقتصادي، القمع السياسي، والإبادة الجماعية. للتغلب على هذا التنافر، تم تصوير الشعوب المستعمرة على أنها "متخلفة" أو "غير قادرة على حكم نفسها"، مما سمح بتبرير الاستعمار كـ"عبء الرجل الأبيض" لتحضير هذه الشعوب.
تُظهر هذه الحوادث التاريخية كيف يمكن للتنافر المعرفي أن يلعب دورًا رئيسيًا في تبرير انتهاكات حقوق الإنسان أو التغاضي عنها. من خلال فهم هذه الآليات، يمكن للعالم اليوم أن يتعلم من أخطاء الماضي ويعمل على تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، حيث يتم تقليص الفجوة بين المبادئ المعلنة والممارسات الفعلية.
التنافر المعرفي وحقوق الإنسان في العراق
على مدار العقود الماضية، شهد العراق سلسلة من الأزمات السياسية والاجتماعية التي تركت آثارًا عميقة على نسيجه المجتمعي وحقوق الإنسان فيه. من حكم النظام البعثي القمعي إلى الغزو الأمريكي عام 2003، وما تلاه من صراعات طائفية ومواجهات مع تنظيمات إرهابية مثل داعش، واجه العراقيون تحديات جسيمة في التوفيق بين قيمهم الإنسانية والواقع المرير الذي عاشوه. في هذا السياق، تُعد نظرية التنافر المعرفي أداةً قوية لفهم كيفية تعامل الأفراد والمجتمعات مع هذه التناقضات، وكيفية تبريرهم للانتهاكات أو تقبّلها.
التنافر المعرفي، بوصفه حالة من عدم الراحة النفسية الناتجة عن التعارض بين المعتقدات والسلوكيات، يلعب دورًا محوريًا في تفسير العديد من الظواهر الاجتماعية والسياسية في العراق. فمن تبرير القمع باسم الأمن القومي، إلى إعادة تأطير الصراعات الطائفية كحرب وجودية، وصولًا إلى تبرير الفساد المالي والإداري، تظهر آليات التنافر المعرفي بوضوح في الخطاب السياسي والاجتماعي العراقي.
في هذا السياق، يصبح فهم هذه الآليات ضروريًا ليس فقط لفهم الماضي، ولكن أيضًا لبناء مستقبل أفضل. من خلال تحليل كيفية تعامل العراقيين مع التنافر المعرفي، يمكن تحديد سبل لتعزيز حقوق الإنسان وبناء مجتمع أكثر عدلًا وشفافية. هذا التحليل لا يقتصر على النخب السياسية فحسب، بل يشمل أيضًا المجتمع المدني والأفراد العاديين الذين يكافحون للتوفيق بين قيمهم والواقع الذي يعيشونه.
1. تبرير انتهاكات الدولة
منذ عهد النظام البعثي، استخدمت الحكومات العراقية وسائل الإعلام والدعاية السياسية لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان باسم "حماية الأمن القومي". فالقمع الوحشي، الاعتقالات التعسفية، وحتى الإعدامات الجماعية، تم تصويرها على أنها إجراءات ضرورية للحفاظ على استقرار البلاد. حتى بعد سقوط النظام عام 2003، استمرت الحكومات المتعاقبة في استخدام نفس التبريرات، خاصة في سياق مكافحة الإرهاب.
على سبيل المثال، تم تبرير عمليات الاعتقال الواسعة والتعذيب في السجون العراقية بعد 2003 بأنها جزء من "الحرب على الإرهاب"، رغم الأدلة على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. هذه التبريرات سمحت للحكومات والمجتمع بتقبل هذه الممارسات، حيث تم تصوير الضحايا على أنهم "تهديدات" يجب التخلص منها، بدلًا من بشر لهم حقوق.
2. العنف الطائفي وإعادة تأطير الصراع
بعد سقوط النظام السابق، تصاعدت النزاعات الطائفية في العراق، مما وضع العراقيين أمام تنافر معرفي بين إيمانهم بوحدة الوطن وبين مشاركتهم أو دعمهم لأعمال العنف ضد الآخر الطائفي. للتغلب على هذا التنافر، لجأ الكثيرون إلى إعادة تأطير الصراع باستخدام تبريرات مثل:
- تصوير الآخر كتهديد وجودي: حيث تم تصوير الطائفة الأخرى على أنها تهديد للهوية أو الوجود.
- تقديم العنف كإجراء انتقامي عادل: حيث تم تبرير الهجمات الطائفية كرد فعل على مظالم تاريخية.
- إلقاء اللوم على جهات خارجية: مثل اتهام دول الجوار أو القوى الدولية بتأجيج الصراع، مما يقلل من الشعور بالمسؤولية المحلية.
3. الفساد والتناقضات السلوكية للمسؤولين
يواجه العديد من المسؤولين العراقيين تنافرًا معرفيًا بين ادعاءاتهم بالعمل لصالح الشعب وبين ممارساتهم الفاسدة. للتغلب على هذا التنافر، يلجأون إلى تبريرات مثل:
- إلقاء اللوم على الإدارات السابقة: حيث يتم تصوير الفساد على أنه إرث من الأنظمة السابقة.
- ادعاء أن الوضع لا يمكن تغييره: حيث يتم تقديم الفساد على أنه جزء لا يتجزأ من النظام السياسي.
- تحويل المسؤولية إلى الشعب: حيث يتم اتهام المواطنين بعدم المشاركة في الإصلاح أو تقبل الفساد كجزء من الثقافة.
4. قضايا النازحين وضحايا الإرهاب
بعد هزيمة داعش، واجهت الحكومة العراقية والمجتمع المدني أزمة أخلاقية حول كيفية التعامل مع عائلات عناصر التنظيم. أدى ذلك إلى تنافر معرفي تم التخفيف منه عبر:
- اعتبار جميع النازحين تهديدًا أمنيًا: حيث تم تصوير العائلات النازحة على أنها امتداد للتنظيم الإرهابي.
- تبرير العقوبات الجماعية: حيث تم تبرير الحرمان من الخدمات الأساسية كإجراءات احترازية ضرورية.
مواجهة التنافر المعرفي لتعزيز حقوق الإنسان في العراق
للتغلب على التنافر المعرفي الذي يساهم في استمرار الانتهاكات، يمكن اتباع عدة خطوات:
أ) تعزيز الشفافية والمساءلة: من خلال كشف التناقضات بين الخطاب السياسي والواقع، يمكن تقليل قدرة الحكومات على تبرير الانتهاكات.
ب) إعادة تأطير السرديات المبررة للعنف: عبر التحول من خطاب الانتقام إلى خطاب العدالة الانتقالية، يمكن تعزيز المصالحة المجتمعية.
ج) إبراز أصوات الضحايا: من خلال تحويل الضحايا من أرقام إلى قصص إنسانية ملموسة، يمكن تعزيز التعاطف والوعي بحقوق الإنسان.
د) تعزيز التعليم النقدي: عبر تعليم الأفراد كيفية التعرف على أنماط التنافر المعرفي في السياسة والإعلام، يمكن تمكينهم من مقاومة التبريرات الزائفة.
الخاتمة
تلعب نظرية التنافر المعرفي دورًا محوريًا في فهم كيفية تعامل الأفراد والمجتمعات مع انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. من خلال تحليل آليات التبرير والإنكار، يمكن تحديد سبل لتعزيز العدالة والمساءلة. وفي بلد مثل العراق، حيث تمتد جذور التنافر عبر عقود من القمع والحروب، يصبح فهم هذه الآليات ضروريًا لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا. من خلال مواجهة التنافر المعرفي، يمكن للمجتمع العراقي أن يخطو نحو إصلاح حقيقي مبني على الاعتراف بالحقائق، تعزيز المساءلة، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان.
#خليل_إبراهيم_كاظم_الحمداني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟