أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الشهبي أحمد - التعليم المغربي: حلم يتهاوى بين فوضى السياسة وصمت الجميع














المزيد.....


التعليم المغربي: حلم يتهاوى بين فوضى السياسة وصمت الجميع


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8288 - 2025 / 3 / 21 - 00:09
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


بعد فترة طويلة من الصمت، كنت أتأمل واقع التعليم المغربي بعين قلقة وحماسة متجددة، أحاول فهم هذا القطاع الذي يحمل على كتفيه آمال أمة بأكملها، لكنه يتخبط في متاهة لا تبدو لها نهاية. لم أعد أجد مبررًا للغياب عن مناقشة قضية تتجاوز كونها مجرد ملف إداري، بل هي نبض المستقبل الذي يتشكل بين جدران المدارس، أو بالأحرى، يتشوه تحت وطأة الصراعات التي لا تهدأ. كمحلل تربوي، أرى أن ما يعيشه التعليم في المغرب اليوم ليس مجرد أزمة عابرة، بل حالة معقدة تستحق أن ننظر إليها بعمق، بعيدًا عن الشعارات الجوفاء والخطابات المكررة.

تخيلوا معي مشهدًا يتكرر باستمرار: التعليم، هذا الحلم الجميل الذي يُفترض أن يصنع أجيالاً قادرة على قيادة التنمية، يتحول إلى حلبة صراع سياسي لا هوادة فيها. الحكومات تتعاقب، والمبادرات تُعلن بضجيج كبير، لكن النتيجة تبقى واحدة: واقع يئن تحت ضربات التخبط والارتجال. أتساءل أحيانًا، وأنا أتصفح تقارير مثل تلك التي يصدرها المجلس الأعلى للحسابات، كيف يمكن أن يُترك مصير ملايين التلاميذ معلقًا بين مطرقة الأجندات الحزبية وسندان غياب رؤية وطنية موحدة؟ القلب يتألم وهو يرى المدرسة العمومية، التي كانت يومًا رمزًا للأمل، تتحول إلى شاهد على فوضى تُدار بلا خطة واضحة.

ما يثير الدهشة أكثر هو ذلك التنافس العقيم بين الأحزاب، حيث يصبح التعليم ساحة لتبادل الاتهامات بدل أن يكون مشروعًا مشتركًا يجمع الجميع. كل طرف يسعى لفرض بصمته، يشكك في جهود الآخر، ويرفض أي مبادرة لا تحمل توقيعه، حتى وإن كانت تحمل بذور الخير. المشهد يبدو كلعبة قوى لا تنتهي، لكن الخاسر الوحيد فيها هو التلميذ الذي يقف حائرًا وسط هذا العبث، ينتظر إصلاحًا يُعلن عنه في المؤتمرات، لكنه لا يرى النور على أرض الواقع.

ولا يتوقف الأمر عند السياسيين وحدهم. للأسف، تتسرب هذه التجاذبات إلى داخل المؤسسات التعليمية، حيث نجد أحيانًا مسؤولين وأساتذة ينجرفون في دوامة الولاءات الحزبية أو يخضعون لضغوط تُفرض عليهم. النتيجة؟ إصلاحات تُقدم على أنها حلول جذرية، لكنها في الحقيقة مجرد ترقيعات مؤقتة تتغير مع كل نسمة ريح سياسية. كيف يمكن لنا أن نبني تعليمًا قويًا إذا كانت أسسه تهتز مع كل تغيير في المشهد الحكومي؟

ثم تأتي الصحافة، أو بالأحرى بعض أقلامها التي اختارت أن تكون وقودًا للنار بدل أن تكون شعلة للتنوير. مقالات تُكتب بلغة مبالغة، تهدف إلى تضخيم الأزمات وتوجيه الأصابع نحو هذا الطرف أو ذاك، لا لأجل الحقيقة، بل لخدمة أجندات من يقف خلفها. هذه الأقلام لا تدرك أنها، بتحويلها التعليم إلى مادة للجدل السطحي، تضع طوبة أخرى في جدار الأزمة، وتُبعدنا عن مناقشة الحلول التي نحتاجها بإلحاح.

لكن، دعونا نتوقف لحظة ونفكر: إلى متى سيظل التعليم أسير هذا الوضع؟ الصراع السياسي لم يعد مجرد اختلاف في الرؤى، بل تحول إلى حاجز يقف في وجه أي تقدم حقيقي. نرى مشاريع تُعلن ثم تُلغى، وأخرى تُبنى ثم تُهدم، في دورة لا نهائية من الوعود التي تذوب كالسراب. المدرسة المغربية اليوم ليست فقط في أزمة، بل هي تحتضر، تنتظر من يمد لها يد العون أو من يقرأ عليها صلاة الوداع.

حتى النقابات، التي كان يُفترض أن تكون صوت الدفاع عن المعلمين والتعليم، انجرفت في كثير من الأحيان إلى مستنقع التسييس. بعض قياداتها تحولت إلى أدوات في يد الأحزاب، تبتعد عن الجوهر وتنشغل بالمناكفات التي لا تخدم إلا استمرار الفوضى. إذا أردنا لها أن تكون جزءًا من الحل، فعليها أن تعيد ترتيب أولوياتها، وتضع مصلحة التلاميذ والمعلمين فوق كل حسابات ضيقة.

وأنتم، أيها المواطنون، أصحاب الصوت الحقيقي، لماذا تظلون في موقف المتفرج؟ كل خمس سنوات، تمارسون حقكم في الاختيار، لكن هل تساءلتم يومًا عن الرؤى التي تحملها الأحزاب التي تمنحونها أصواتكم؟ هل فكرتم في أن صمتكم قد يكون تواطؤًا مع من يعبث بمستقبل أبنائكم؟ التعليم ليس مجرد قضية حكومية، بل هو مسؤوليتكم أيضًا. إذا أردتم تغييرًا، فابدأوا بتغيير نظرتكم، بمطالبة الجميع بالابتعاد عن تسييس المدرسة، وبالتفكير في حلول تجمع بدل أن تفرق.

اليوم، المدرسة المغربية تقف على حافة الانهيار، تنتظر قرارًا حاسمًا. هل سنتركها تنهار ونكتفي بالبكاء على أطلالها؟ أم سنتحرك جميعًا – سياسيين، مربين، مواطنين – لنعيد لها الحياة؟ الجواب بين أيدينا، والوقت ينفد.



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبارات ملهمة: قراءة نقدية وتحليلية في أعماق الكلمة والوجود ل ...
- -ياسمين الخريف- لأحمد الشهبي: قراءة نقدية وتحليلية في المتاه ...
- -عبارات ملهمة-: سلطة الكلمة في مجموعة جواد العوالي القصصية
- عبارات ملهمة: تأثير الكلمة على أعماق الوجود الإنساني - قراءة ...
- كيكو: اغتصاب الطفولة في ظلّ ثقافة الإفلات من العقاب – مأساة ...
- تحديات الكتابة والنشر في عصر الرقمنة: أزمة قلة القراءة وصعوب ...
- غزة: الجريمةُ التي تُعيدُ تشكيلَ ضمير العالم
- الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية: تصعيد وتغيرات استراتيجية ت ...
- انحدار الذوق في البرامج التلفزية: بين الاستهلاك السطحي وإشكا ...
- عتمة قمم: بين حب مستحيل وواقع ثقافي متجذر- قراءة نقدية لرواي ...
- 23 مارس 1965: جراح لم تندمل وأسئلة لم تُجاب
- هل يعيد التاريخ نفسه؟
- أين اختفت النخب المثقفة؟
- حين يصير البيت عرضاً والكرامة سلعةً في سوق التيك توك
- -السلطة الرابعة في خطر: حين يتحوّل التنظيم الذاتي إلى فخّ لل ...
- التاريخ يصرخ.. لكن من يصغي؟
- -المؤمراة من صنعنا -


المزيد.....




- دولة موبيليس- ديف
- محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ...
- أمهات فلسطين يغيرن مفاهيم الأمومة
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تطالب بالتنفيذ التام لالتزام ...
- المرصد الأورومتوسطي: الاحتلال الإسرائيلي يسارع لفرض التهجير ...
- مئات المتظاهرين في القدس يطالبون نتنياهو بوقف الحرب على غزة ...
- المغرب.. ارتفاع مرتقب في أسعار -سجائر الفقراء- ابتداء من الش ...
- العراق.. بارزاني يأمل بإطلاق سراح أوجلان ويجدد دعمه لعملية ...
- حزب الشعب الجمهوري يعتزم ترشيح إمام أوغلو لانتخابات الرئاسة ...
- لقاء دراسي حول “الذكاء الاصطناعي بين الفرص والمخاطر: مستقبل ...


المزيد.....

- محاضرة عن الحزب الماركسي / الحزب الشيوعي السوداني
- نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2 / عبد الرحمان النوضة
- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الشهبي أحمد - التعليم المغربي: حلم يتهاوى بين فوضى السياسة وصمت الجميع