أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الشَّهِيدُ مرعي الحسين: نَسرٌ حَلَّقَ في سماءِ المجدِ ولم يهبِط!














المزيد.....


الشَّهِيدُ مرعي الحسين: نَسرٌ حَلَّقَ في سماءِ المجدِ ولم يهبِط!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 16:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


هو ابنُ الأرضِ التي لا تموتُ، ابنُ الجليلِ الذي روى بدمهِ طريقَ العودةِ. لم يكنِ اللجوءُ ضعفاً، ولم تكنِ الغربةُ استسلاماً، بل كانت شرارةً أوقدت في قلبِهِ نارَ الثورةِ، فحملَ البندقيةَ وسارَ على دربِ الشرفِ والكرامةِ، مجسِّداً مقولةَ: نموتُ ولن نركع!

عاشَ مرعي الحسين نكبةً لم تكن مجردَ فقدانِ بيتٍ، بل كانت فقدانَ وطنٍ، وكانَ يدركُ أنَّ الوطنَ لا يُستعادُ بالدموعِ، بل بالنارِ والرّصاصِ.
من ناعمة صفد إلى الجنوب اللبناني، حملَ وجعَ الشتاتِ، لكنَّهُ لم يحمل روحَ المستسلمِ، فصارَ طائرَ الفينيقِ الذي ينبعثُ من رمادِ التهجيرِ ليحلِّقَ مجدَّداً في سماءِ العزَّةِ.

حينَ التحقَ برفاقِ الدّربِ في قوات التحرير الشعبيّة، لم يكن يبحثُ عن مجدٍ شخصيٍّ أو رتبةٍ، بل عن فلسطين، كلِّ فلسطين. هناك، في بلدة قطنا السّوريّة، تعلَّمَ فنونَ القتالِ، ليحملَ روحهُ على راحتهِ ويعبرَ بها إلى أغوار الأردن، حيثُ كانَ الموعدُ مع الشهادةِ، الموعدُ مع الخلودِ.

في التاسعِ من نيسان عام 1969، انطلقت روحهُ نحو العلياءِ، وارتقى جسدُهُ شهيداً على ترابِ الأغوارِ، لكنَّ صدى صرختهِ ظلَّ يهدرُ: لن ننسى... لن نغفر! لم يكن مرعي الحسين مجرَّدَ مقاتلٍ رحلَ، بل كانَ رايةً زرعها الزمنُ في قلوبِ الأحرارِ، فما زالت عيناهُ، حتّى بعدَ استشهادِهِ، تنظرانِ إلى الأفقِ، تترقَّبانِ شروقَ الشمسِ على أرضِ فلسطين.

يا مرعي...
لو كنتَ حجراً، لارتجفَ الحجرُ من بأسِكَ، ولو كنتَ سيفاً، لما غُمدتَ، ولكنَّكَ كنتَ إنساناً حرّاً، آمنَ أنَّ الأرضَ لمن يرويها بدمهِ، فكتبتَ بدمائِكَ قصيدةً عنوانها العزَّةُ، أبياتُها الشّجاعةُ، وقافيتُها البطولةُ.

لم يكنِ استشهادُكَ نهايةً، بل بدايةَ طريقٍ، ولأنَّكَ كنتَ أوَّلَ الشهداءِ من مخيّماتِ الجنوبِ، كنتَ النّبضَ الذي حرَّكَ البحرَ في وجهِ الرِّيحِ.
خرجتِ الجماهيرُ تودِّعُكَ، يتقدَّمُها السيدُ موسى الصدرُ والسيدُ شفيقُ الحوتِ والدكتورُ حدَّادٌ، وامتلأت شوارعُ المخيَّمِ بدموعِ الرّجالِ وصيحاتِ الأطفالِ، حتَّى بدا المخيَّمُ كأنَّما ارتدى ثوبَ المجدِ، وسارَ خلفَ نعشِكَ بكلِّ إباءٍ.

ولكن، يا شهيدَ الكرامةِ، خذلتكَ الأيدي التي كانَ يُفترَضُ أن ترفعَ اسمَكَ عالياً، فغابَ ذكرُكَ عن أرشيفِ الثّورةِ، كأنَّما البطولةُ تموتُ بعدَ أن يرحلَ الأبطالُ!
ولكن لا... البطولةُ لا تُنسى، لأنَّ الشّهداءَ هم حروفُ الخلودِ في سفرِ الحرّيَّةِ.

يا مرعي، أيُّها الفارسُ الذي لم يترجَّل!
نم قريرَ العينِ، فإنَّ دماءَكَ لم تذهب هدراً، وإنَّ صدى بندقيَّتِكَ ما زالَ يدوي، يوقظُ الأحرارَ، ويذكِّرُهم أنَّ طريقَ التّحريرِ ليسَ في دهاليزِ السّياسةِ، بل على دربِ الشّهداءِ!

بدأتِ الثَّورةُ بنداءِ الحقِّ الصّارخِ: "تحرير كامل التّراب الوطني الفلسطيني"، فانطلقت رصاصاتُ الفداءِ تشقُّ طريقَها في صدرِ المحتلِّ، وزحفت قوافلُ الشّهداءِ تحملُ أرواحَها قرابينَ على مذبحِ الوطنِ. كانَ الشّعارُ سيفاً، وكانت الرّايةُ ناراً تحرقُ كلَّ وهمٍ بالاستسلامِ، وكان الدّمُ بوصلتنا التي لا تخطئُ طريقَ العودةِ.

لكن أيُّ طريقٍ هذا الذي انحرفَ؟ كيفَ تحوَّلتِ البندقيَّةُ التي كانت تطلقُ النّارَ على العدوِّ إلى يدٍ ممدودةٍ للمصافحةِ؟ كيفَ سقطَ شعارُ التّحريرِ الكاملِ في مستنقعِ المساوماتِ، وتحوَّلَ النِّضالُ من مقاومةٍ شرسةٍ إلى "تنسيقٍ أمنيٍّ مقدَّس"؟ كيف انتهى بنا الحالُ إلى أن نحرسَ مستوطناتِ العدوِّ بدلَ أن نقتحمَها؟

أيُّ خذلانٍ أكبرُ من هذا؟
أيُّ طعنةٍ أشدُّ من هذه؟

ولكن، لا يا مرعي، لا يا كلَّ الشّهداءِ، لن تذهبَ دماؤُكم هدراً. أنتم لم تموتوا من أجلِ وطنٍ يُباعُ على طاولةِ المفاوضاتِ، ولم تقدِّموا أرواحَكم ليُنسى عهدُ المقاومةِ. دماؤُكم ستبقى لعنةً على المتخاذلينَ، وناراً تحتَ رمادِ الانتظارِ، ستشتعلُ من جديدٍ حينَ تستيقظُ الأمَّةُ من سباتِها، وحينَ تعودُ الرّايةُ إلى أصحابِها الحقيقيِّينَ، أولئك الذينَ لا يعرفونَ طريقاً سوى دربِكم، دربِ العزَّةِ والتّضحيةِ.

المجدُ لكم، والخزيُ لمن خذلكم!



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينَ يغيبُ الكبارُ... وداعاً أَبا سعيد!
- إبراهيم أبو خليل: عاشقُ الوطنِ الذي رَوَى الأرضَ بِدَمِهِ
- فاطمة فاعور.. أُمُّ الشهداء التي ودَّعتهُم ثُمَّ لحِقَت بِهِ ...
- عمر المحمود (أبو مروان): طائرُ الحُزنِ والحنينِ للوطنِ
- نمر كلّم وحَمَر.. قصَّةُ شهيدٍ لم يُخذِّلهُ كلبُهُ!
- وصيّةُ ندى لافي كلّم: حينَ تكتُبُ الأرضُ رسالتَها الأخيرةَ
- ندى لافي كلَّم (أم علي)... وصيَّةُ الأَرض التي لا تموتُ
- قمة العرب 7353: فلسطين على الرَّفِّ والتَّطبيع على الطَّاولة
- شربل فارس.. حين يُزهر البؤس كبرياءً
- أبو عرب: صوتُ الأرضِ وحارسُ الذاكرة الفلسطينية
- طائرُ السُّنُونُو.. صوتُ الشَّرفِ الفلسطينيِّ في زمنِ العارِ ...
- ثورةٌ بدأَت بالبنادقِ... وانتهت بالتَّنسيقِ الأَمنيِّ المُقد ...
- أمنٌ يَحرُسُ الكُرسيَّ... لا الوطنَ!
- صلاح الدين الكردي: سيفُ المجدِ في وجهِ خيانةِ العرب
- فلسطين.. أرضُ التينِ والزيتونِ وصمودِ الجبالِ
- قناةُ -كتب فلسطين-... حصنُ الثَّقافةِ والمُقاومةِ الفِكريَّة ...
- نمر فيّاض نمر (أبو فيّاض): رجلٌ من زمن الأمجاد!
- عبد الله كلَّم: الحنين الذي لم يُعانقه الوطن!
- فلسطين التي سلبها الزَّمنُ... ذكرياتٌ لا تمُوتُ
- فلسطين... الأَرضُ التي لا تقبلُ المُساومةَ ولا تنحني للغُزاة ...


المزيد.....




- ترامب: أجريت مكالمة جيدة جدا مع زيلينسكي ونحن على مسار السلا ...
- عاجل: الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية برية -محدودة- في قطا ...
- إدارة ترامب تنشر دفعة جديدة من أرشيف اغتيال الرئيس جون إف كي ...
- ألمانيا والردع النووي.. هل تحل مظلةٌ فرنسية مكان الأمريكية؟ ...
- القبض على رجل أعمال مصري خلال رحلة عمرة بالسعودية
- باريس: لا نريد الحرب مع الجزائر وهي التي تهاجمنا
- -قسد- تصدر بيانا بشأن اجتماع قائدها مظلوم عبدي مع ممثلي الحك ...
- خبير: نتائج المحادثة بين بوتين وترامب أمس انتصار واضح لبوتين ...
- الدفاع الجزائرية تصدر بياناً حول تحطم طائرة مقاتلة تابعة لها ...
- الجيش المصري: جاهزون لأي تحدٍّ.. وعقيدتنا التمسك بالأرض حتى ...


المزيد.....

- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الشَّهِيدُ مرعي الحسين: نَسرٌ حَلَّقَ في سماءِ المجدِ ولم يهبِط!