|
في الذكرى ال 80 لتأسيس اتحاد النقابات العالمي
جهاد عقل
(Jhad Akel)
الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 12:35
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
أصدر المجلس الرئاسي لاتحاد النقابات العالمي بياناً له خلال إنعقاده في العاصمة الفيتنامية هانوي بخصوص إحياء الذكرى الـ 80 لتأسيسه ، وكان المجلس قد عقد أيام 4-5 آذار 2025، مجلس اتحاد النقابات العالمي اعتبر ذكرى التأسيس يوم 3 تشرين الأول 1945 ، لكن الحقيقة التاريخية هي أن بداية التأسيس كانت في الإجتماع التحضيري الذي عُقد في العاصمة البريطانية لندن أيام 6-17 شباط 1945 ،في ظل الحرب العالمية الثانية ، حيث وضعت الأسس العامة لتوحيد الحركة النقابية العالمية ضمن إطار نقابي واحد بإسم "إتحاد النقابات العالمي" ، وخلال هذا المؤتمر التحضيري اندلعت العديد من الخلافات في وجهات النظر ، لكن الجميع تخطى تلك الخلافات وفي "النداء" الصادر عن مؤتمر لندن النقابي، تقرر عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد النقابات العالمي في العاصمة الفرنسية باريس ووفق ما جاء في النداء تقرر ان يكون :”تجاه الواجب الهام الملقى على عاتق مؤتمرنا العالمي بإيجاد وحدة تامة للحركة النقابية الدولية فقد اتخذ مؤتمرنا خطوة عملية . وذلك بقراره بالإجماع على تأسيس منظمة نقابية عالمية تشمل جميع نقابات البلاد الحرة على أساس المساواة بغض النظر عن الجنسية والمعتقد والمذهب السياسي دون إستثناء أحد أو وضع أحد في مرتبة ثانوية وسندعوا لإيجاد منظمة دولية قوية بأسرع ما يمكن وذلك لتوحيد الجميع يكون لها حق الكلام لتأييد أهدافنا التي صرحنا بها وقد أقمنا لجنة من مؤتمر النقابات العالمي مؤلفة من 45 عضواً ممثلة لجميع الوفود مركز رآستها بباريز وستدعو هذه اللجنة المؤتمر العالمي للانعقاد مرة أخرى بشهر أيلول سنة 1945 للمصادقة على الدستور ولإقامة منظمة دائمة...”(1)
لقد جرى تأجيل موعد إنعقاد المؤتمر من شهر أيلول الى 3 تشرين الأول عام 1945 أو كما جاء في بيان مجلس اتحاد النقابات العالمي المنشور بتاريخ 13 آذار / مارس 2025 كالتالي:” في الـ 3 من تشرين الأول 1945، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وفي الأجواء الثورية ما بعد النصر العظيم ضد الفاشية بقيادة الاتحاد السوفيتي، اجتمعت النقابات العمالية من جميع أنحاء العالم في قصر شايو التاريخي في باريس لتأسيس اتحاد النقابات العالمي. كان هذا الحدث التاريخي لحظة فارقة محفورة في تاريخ الحركة النقابية الدولية، حيث أطلق نضالا مستمرًا من أجل حقوق العمال وكرامتهم والتضامن الأممي، من أجل السلام الدائم، وضد الحروب الإمبريالية، ومن أجل عالم خالٍ من التمييز واستغلال الإنسان للإنسان”.(2) لكن هذه الوحدة النقابية لم تستمر طويلاً ،حيث برزت الخلافات بين التيار الموالي للقوى الرأسمالية والتيار الثوري المدافع عن الطبقة العاملة ، مع ظهور ما سمي بالحرب الباردة. بعد خمود نار الحرب العالمية الثانية ، وتحقيق النصر على النازية ،في هذه المرحلة بدأ النقاش ما بين تلك القوى ، عندما طرحت الولايات المتحدة مشروعها الشهير بإسم "مشروع مارشال"(3) لترميم أوروبا ، الأمر الذي اعتبره الجانب الثوري في الاتحاد النقابي محاولة لفرض السيطرة الأمريكية على الدول الأوروبية وإستغلال هذا المشروع لتوجيه سياسة اقتصادية رأسمالية تعادي العمال. خلال الإجتماع لمجلس اتحاد النقابات العالمي الذي عقد في براغ يوم 9 حزيران 1947 واستمر 15 يوماً ، جرت نقاشات بين الأعضاء حول العديد من القضايا وفي هذا المجلس بدأت تظهر الخلافات في المواقف، وكان اجتماع المجلس هذا بمثابة مجلس تحضيري للمؤتمر الثاني الذي تقرر عقده في ايطاليا ، وعن ذلك المؤتمر كتبت صحيفة "الاتحاد: "افتتاح المؤتمر الثاني لاتحاد النقابات العالمي ميلانو - افتتح هنا يوم الاربعاء في 29 حزيران المؤتمر الثاني لاتحاد النقابات العالمي باشتراك ممثلي 69 مليون عامل منظم في مختلف اقطار العالم”.(4) وفي هذا المؤتمر بميلانو اعلن كل من الاتحادات النقابية في بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها انسحابها من اتحاد النقابات العالمي ، وفي كلمة السكرتير العام النقابي الفرنسي لويس سايان بالمؤتمر الثاني في ميلانو شن :" حملة شديدة على زعماء النقابات البريطانية والامريكية الذين تحالفوا مع أرباب رؤوس الأموال الإحتكاريين الذين يفضلون نشوب حرب جديدة على نشوب الأزمة المقتربة." (5) مما دفع بالمنشقين الى تأسيس ما سمي بإسم الاتحاد العام الدولي للنقابات العمالية الحرة واتخذ مقراً له عاصمة بلجيكا "بروكسل". وهكذا بقي اتحاد النقابات العالمي يضم القوى النقابية اليسارية من مختلف الدول وكان مقره مدينة براغ ،محافظاً على مواقفه الطبقية وبحق ما جاء في بيان مجلس الاتحاد الذي سبق وذكرنا أنه عقد في هانوي بأن اتحاد النقابات العالمي وقف :”لمدة 80 عامًا، وقف اتحاد النقابات العالمي كمنارة للأممية وصوت قوي للعمال في جميع أنحاء العالم. مسترشدًا بالتزام لا يتزعزع بالنضال الطبقي والوحدة، حشد أعضائه عبر القارات لمواجهة كل التحديات. وتحت راية اتحاد النقابات العالمي، حققت الطبقة العاملة أعظم انتصاراتها. لقد رُفعت راية اتحاد النقابات العالمي في جميع النضالات، الكبيرة والصغيرة، من أجل التحرر الوطني والاجتماعي. دافع الاتحاد عن الشعب والثورة في كوبا، وعن شعوب فيتنام، ولاوس، وكمبوديا، وكوريا في حقها في اتباع طريقها المستقل ضد الاستعمار والإمبريالية. دعم نضال شعب جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري من أجل الحرية والاستقلال، وناضل من أجل إنهاء الاستعمار في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، ووقف – ولا يزال يقف – إلى جانب الشعب الفلسطيني البطل في كفاحه من أجل الحرية والكرامة! اليوم، ونحن نحيي هذه الذكرى التاريخية، نجدد التأكيد على الركائز التي لا تزال توجّه أعمالنا. يظل نضالنا الحازم ضد الإمبريالية في نواة مهمتنا، حيث نواصل معارضة التدخلات الإمبريالية والحروب التي تقوض سيادة وكرامة الشعوب في جميع أنحاء العالم. في صميم مهمتنا يكمن الدفاع المستمر عن حقوق العمال، وضمان الوصول إلى الصحة والتعليم والعمل الكريم والضمان الاجتماعي للجميع”.(6) وهكذ قرر مجلس الاتحاد أن يعلن :"رسميًا أن عام 2025 سيكون عامًا للاحتفالات بالذكرى الثمانين لتأسيس اتحاد النقابات العالمي، نعلن أيضًا أن هيئاتنا وهياكلنا وأعضائنا، ستنظم العديد من الأنشطة والحملات والفعاليات. ندعو كل عامل في العالم للانضمام إلى اتحاد النقابات العالمي في هذا البرنامج الحافل بالنضالات والعمل! إن طموحنا من خلال هذه الاحتفالات هو تسليط الضوء على تاريخ نضالات اتحاد النقابات العالمي وإنجازاته، وإبراز تميزه عن المنظمات النقابية المتخاذلة والنقابات الصفراء التي تروج للتعاون الطبقي والاندماج في نظام الاستغلال”.(7) نعم نؤكد ما جاء في البيان بأن هذه الذكرى :”ليست مجرد لحظة استذكار، بل هي أيضًا نداء للعمل. نجدد التزامنا بترسيخ المبادئ التأسيسية لاتحاد النقابات العالمي من خلال إشراك العمال في جميع القطاعات والأجيال، ومناهضة التدخلات الإمبريالية، وتعزيز الحقوق العالمية في حياة كريمة”. إننا نعتبر ذكرى 80 عام لتأسيس اتحاد النقابات العالمي ، تاريخ نضالي سطرته كوادر نقابية من مختلف الحركات النقابية العالمية ومنها الحركة النقابية العربية الفلسطينية وغيرها من الحركات النقابية العربية ، وارتباط تلك الحركات بالنهج النقابي النضالي الطبقي ، الرافض للرأسمالية المتوحشة في عالمنا ، وإذ نبارك للزملاء في اتحاد النقابات العالمي هذه الذكرى ، الا أننا نبارك لأنفسنا أيضاً ، خاصة وأننا نعتبر أنفسنا من الكادر النقابي الفلسطيني الذي يواصل حمل راية النضال النقابي العربي الفلسطيني خاصة والأممي عامة .
هوامش : 1- تقرير وفد جمعية العمال العربي الفلسطينية الى مؤتمر النقابات الدولي بلندن – ص-65-66 2- بيان مجلس الرئاسة لاتحاد النقابات العالمي – 13 آذار 2025 3- يرجع تاريخ خطة "مارشال" الأصلية أو مشروع مارشال ،إلى يوم 5 يونيو 1947، حين ألقى وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال كلمة في جامعة هارفارد، أوجز فيها برنامجا للمساعدة في إعادة بناء أوروبا الغربية التي مزقتها الحرب، لقد كان هذا المشروع بمثابة بداية الحرب الباردة. 4-جريدة الاتحاد 3/7/1949 ص1 5- جريدة الاتحاد الاحد 3 تموز 1949 ص 1 6- بيان مجلس اتحاد النقابات العالمي 13/3/2025 7- ن.م
#جهاد_عقل (هاشتاغ)
Jhad_Akel#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفاقم ظاهرة الاتجاز بالأطفال
-
ترامب يقوم بهجوم كاسح على العمال الامريكان
-
مجموعة العشرين العمالية تتخذ قرارات هامة في اجتماعها بجنوب أ
...
-
يوم العدالة الاجتماعية ، هل توجد عولمة عادلة؟
-
العمال يريدون إعادة الإعمار وليس الترحيل
-
ذكرى تأسيس الاتحاد الدولي للنقابات العمالية
-
-حياة الماعز- والمؤتمر الدولي لسوق العمل
-
حوادث العمل في فرع البناء تكلف الإقتصاد المحلي 15 مليار شيكل
...
-
الاستغلال الرأسمالي ، ما بين دافوس والسودان
-
من تاريخ الحركة النقابية العربية الفلسطينية - فلسطين كانت ال
...
-
تقرير الأجور العالمي ، واحداً من كل ثلاثة عمال هو عامل غير
...
-
الرياضيون عمال
-
طريق الوحدة والنضال النقابي , طريق تحقيق المطالب العادلة
-
الشباب ما بين العمل والتعليم وفقدان التدريب
-
المؤتمر العاشر للاتحاد الدولي للمعلمين .. هموم وتحديات
-
اعادة الوحدة النقابية الفلسطينية ضرورة المرحلة
-
حرية الصحافة وصمت الغالبية الكبرى للصحفيين في اسرائيل
-
في ذكرى ثورة 23 يوليو المصرية ،جمال عبد الناصر والحركة النقا
...
-
مصر أزمة نقابية وتراشق الاتهامات تغيير وزاري يؤدي الى خلافات
...
-
في الذكرى ال 75 لرحيله: -شاعر القطرين- خليل مطران هو شاعر -ك
...
المزيد.....
-
ورشة تكوينية لفائدة أجيرات مصنع ستيلانتيس القنيطرة
-
الطبقة العاملة والقضية الفلسطينية تحت شعار: (لا للتهجير. نعم
...
-
عاجل.. تخفيض الغرامات المرورية في العراق بسبب رواتب الموظفين
...
-
بعد مقتل موظف دولي في غزة.. ما هي أشهر الهجمات الإسرائيلية ع
...
-
الصليب الأحمر: العاملون في المجال الطبي يكافحون للتعامل مع ع
...
-
حكومة غزة تنشر أسماء 6 عمال أجانب قصفهم الاحتلال
-
خطوات الإستعلام رواتب المتقاعدين لشهر أبريل 2025
-
السوداني يوجه بمنح عمال النظافة مكافأة 100 ألف دينار مع كتاب
...
-
وكالة البيئة الأميركية تخطط لتسريحات وإغلاق مكتب الأبحاث
-
جموع من الإسرائيليين تتجه نحو منزل نتنياهو احتجاجا على مواصل
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|