محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد
الحوار المتمدن-العدد: 8286 - 2025 / 3 / 19 - 00:12
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
أنقرة
ليس من المنطقي الحكم على مجريات الحاضر وفق وقائع حدثت في ماضٍ بعيد وكأن الزمن يتوقف ، وأن الظروف التي خلقت تلك الوقائع تبقى قائمة رغم تقادم السنين وتغيّر الأحوال ، ذلك لأن القائم بالحدث قد يسير الى سلوك مشين او سيء مقارنة بـ المنقضي ، وربما يجعل الزمن والتجربة والخبرة منه عنصرا خيّرا يتعظ من ماضيه ويغير ذاته الى الأفضل ، وهذا الزعم تدعمه الشرائع وقيم السماء في عشرات الآيات القرآنية والسنة النبوية الشريفة .
هذا الطرح الواقعي والموضوعي والعقلاني يمكن أن يكون قياساً لما تمر به سوريا بعد إسقاط حكم الأسد في 8 كانون الأول من العام الفائت ، فإستلمت السلطة مجموعة من الثوار تدرج بعضهم ومنهم احمد الشرع في كنف العديد من المنظمات المتطرفة وصولاً الى واقع سوريا الحالي ، مما دفع الكثيرين من المناوئين الى إدانتهم واثارة ماضيهم واسقاط تبعاته على الحاضر ، فيما يصر منفذوا التغيير التأكيد على عامل التغيير والإنعتاق من تبعات الماضي وأوزاره ، ومطالبة الشعب السوري والعالم بضرورة اعطائهم فرصة ليبرهنوا على التحول الجذري الذي يمارسونه لتكريسه بوعي وادراك لصياغة واقع جديد يتسم بالحرية والتسامح وخدمة السوريين في ظل القانون .
من هذا المنطلق فان إصرار البعض على رفض هذا التغيير في السلوك والأداء وعدم الإصغاء الى امكانية التغيير الايجابي يجافي المنطق السليم ، بل ويتناقض مع الإرادة الإلهية التي تؤكد على إمكانية بل ضرورة تغيير الانسان الى السلوك السوي لينال الرحمة والغفران ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (الفرقان 70) .عليه فان إعطاء القائمين على إدارة سوريا الآن الفرصة الزمنية الكافية ليبرهنوا على قدرتهم ومن ثم الحكم عليهم نتيجة ممارساتهم الفعلية في ميدان التجربة والحكم .
قد ينبري من يوجه الاتهام لهذا الطرح بأنه منحاز لطرف على حساب طرف آخر ، لكن يبقى التساؤل مشروعا لماذا يسمح أي كان الحق لنفسه أن يتجاوز قناعات ورأي المواطن السوري في حكومته او في التغيير الحاصل في وطنه ؟ وإن كان لابد للرأي الآخر أن يدلو بدلوه فلنعطي قبله فرصة مشروعة لإختبار حسن النية ثم تقييم التجرية والمسيرة سلباً وإيجاباً .
#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟