أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - جرح الكلام_ثرثرة














المزيد.....

جرح الكلام_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1798 - 2007 / 1 / 17 - 08:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جرح الكلام _ثرثرة

حتى القرن الماضي, بقي الكلام في دائرة الشخصي والمباشر.وحدة الكلام والمتكلم أنتجت نظم الثقافة والأخلاق. مع استثناء الكتابة والرسم, الأحادية في المنطق وأشكال التفكير_ وما ينجم عنها من ضروب الاختزال والتبسيط_ ما تزال تحكم عالم اليوم, ربما بتعسف وجور أكثر قسوة من الأمس. تفجير الذرّة وحضور المجهول وخارج الوعي إلى مركز المشهد, رافقه انتثار العالم الفردي إلى شظايا وصور, لا سلام ودعة بعدها. انفصال الصوت والصورة عن الشخص, أبرز ملامح المكان الجديد, من الثبات النسبي والنفسي إلى واقع الحركة العشوائية, غير الخاضعة لمنطق, والمتعذّرة على الفهم والقبول. مفهوم الزمن المتغيّر بدوره وسطوته على الوعي, ليس أقل هولا ورعبا.
على صفحة داخلية في جريدة تشرين, خبر صغير وعابر: إعدام برزان والبندر, وانفصال رأس برزان عن الجثة, ولم اكترث لتفصيلات الخبر.
أفكّر بالزمان والمكان, وفي رأسي الصغير وعقلي المتعب, تعصف صور مبهمة وأصوات, قادمة من رعب طفولتي, وتاليا من المحيط الفالت من عقاله وضوابطه المنطقية والأخلاقية.
ساحة نفايات لمخلّفات العلم والصناعة وضروب العبث الفردي والمشترك.... هي بلادي.
*
صدى موت أسامة الدناصوري, له رجع وطنين في ذاكرتي ونفسيتي, يشابه ما أحدثه موت رياض الصالح الحسين منذ ربع قرن. أمراض الكلية ومرضى الفشل الكلوي, ذاك الخطّ القاتم, يطمس بؤرة انفعالية هي الأكثر تأججا في حياتي. رأيتهم وعشت وتنفّست ونمت وحلمت, بينهم ومعهم, ذالك الصنف الباهت من حقل الألم وتوابعه. السرطان أو الأيدذ أو أمراض القلب, تستحضر الانتباه والتعاطف خارج الشخصي, سطوة الموت وقربه في تلك الحزمة, تحمي كرامة المريض وكبريائه غالبا. أما مرضى الكلية, المكدّسون في العنابر والغرف القذرة, وفي أكثر الحالات تكون من صنف"المريض الاعتيادي", فتسقط عنه حقوق المريض من جهة, وتبقى أكداس الواجبات دون مسّ, حضور بلا تبعات بلا ظل أو ملامح.
في مشفى تشرين العسكري بدمشق, ترى أحدهم في بداية عشريناته, مكوّما على كرسي ونصفه الأسفل عاريا. سوى خرقة ملقاة فوق أكثر الأعضاء حميمية وارتباطا بالكرامة وعزة النفس, وينتظر لساعات من ينزع تلك الأنابيب المخيفة, بشيء من التعاطف والاحترام.
ليس لك, سوى الحلم والخيال والتشبث بالمعجزة والغيب, إن أطبق عليك سوء الطالع, ووضعك في موقع كهذا. بعدها ومهما طال العمر, ستأتيك ردّات وارتدادات, من هوس التعويض لما فات ولا يمكن استعادته. وقاحتك غير المفهومة_وخارج السياق غالبا_ هستريا الهمود أو الضحك, ستتكرر حتى نهاية الذاكرة.

النقص_الجسدي أو النفسي_ بؤرة جذب هائلة, يتعذّر ردمها أو التخفيف من رضّاتها العميقة.
*
الكلام الشخصي والحميمي,الممتزج بالرائحة والمشهد والحدث والأشخاص, رصيد دائم لقصيدة النثر, ولمختلف نصوص الأدب. ذلك الصنف من الكلام ليس في خطر ولن ينتهي, لكنه دوما مزاح ومبعد, تنافسه وتقترب إلى حيّزه الخاص, الأنشطة المشتركة حاملة المغريات القديمة والمستحدثة, شؤون المال والسلطة والأحداث المثيرة_ مسلّحة دوما وتراكم المزيد من الأسلحة والأعوان_ لكنها بلمحة خاطفة تتقهقر مع كلمة سرطان أو موت....ويبقى الباب المفتوح منذ الأزل, المعاناة بالتسمية البوذية, والاغتراب بالتسمية الماركسية, والألم النفسي أو الروحي أو....بالتسمية العامة, تحضر ويحضر معها الحشرجة والأنين...بلا جدوى.
كيف استطاع ذلك الصنف الخاص من البشر, تجاوز الشكوى والصراخ وبقية أفعال العدوان, والتفتوا...وقدّموا: النصوص الجميلة والأفكار والاقتراحات, دون أن تجذبهم الهاوية.
أليس الميراث والموروث البشري موزّعا على الجميع, وفي كل لحظة موت ينتهي التاريخ..!

عشرات الأسماء, بمجرد سماعها أو قراءتها, تستحضر بحورا من الحنين والذكريات.... خسارة أن يغادر أسامة ورياض وسواهم دون أن نتبادل المصافحة أو الكلام.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيفما اتجهت الحكاية ناقصة_ثرثرة
- طاولة مستديرة_ثرثرة
- هل يقرأ السوريون والعرب الدرس العراقي....ثرثرة
- استعاد
- ضوء في آخر النفق_ثرثرة
- مسقط رأس_ثرثرة
- لأدوار المهملة_ثرثرة
- عام جديد سعيد _ثرثرة
- رسائل جانبية_ثرثرة
- بيت في ساقية بسنادا_ثرثرة
- عودوا إلى شرب الشاي ....يا اصدقائي_ثرثرة
- مركب في الرمل_ثرثرة
- مرام في هونغ كونغ_ثرثرة
- الغراب الأبيض_مسودة خامسة
- اسم قديم للموت_ ثرثرة
- الموضوعية في (النظر والتفكير والسلوك) _ثرثرة
- المرأة ذات الجمال الخارق_ثرثرة
- سجن الذكريات_ثرثرة
- البيت الذي اسكنه الآن_ثرثرة
- كم نتشابه يا أخي_ثرثرة


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - جرح الكلام_ثرثرة