ترجمة سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 8283 - 2025 / 3 / 16 - 11:29
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
صحفي الاستقصاء ، كريس هيدجز يواصل رسالته في استكشاف وتعرية ما تحاول البروباغاندا الرسمية إخفاءه: سكتشف ان الأبحاث العلمية بالمعاهد العليا "معسكرات العمل الإجباري الأميركية "، طلبة يكافحون ضد تسخير العلم لتقتيل بغزة، يضطهدون وتعطل تهيئتهم لإنجاز رسالة الدكتوراة لكنهم يتحدون ويواصلون الكفاح النبيل من أجل شعب بعيد ، لكنها قضية ضمير. أبحاث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بمقدورها التمكين من ارتكاب إبادة جماعية، بل تُمكّن في الحقيقة من مواصلة الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
"وضع تكنولوجيا خطرة بأيدٍ خطرة" - يناقش طالبا الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، براهلاد إيينجار وريتشارد سولومون، تعاون جامعتهما مع حملة الإبادة الإسرائيلية، وكيف يُقمع المعارضون.
تقرير كريس.هيدجز
تقنية الإبادة الجماعية- المسيرات
يقول ريتشارد سولومون، طالب الدكتوراه بالعلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عضو الائتلاف من أجل فلسطين في المعهد: "يمكنك الاكتفاء ببناء طائرات بدون طيار[مسيرات]دون الحديث عن الجهات التي تخدمها ومن تساعدها". يقدم كريس هيدجز للمقابلة الكاشفة :
في هذه الحلقة من تقرير كريس.هيدجز، يشرح سولومون وزميله، براهلاد إيينجار، تفاصيل معركتهما ضد المشاركة النشطة للمؤسسة التاريخية في الإبادة الجماعية في غزة.
تُجسّد قصتهما القمع الذي يواجهه الطلاب في جميع أنحاء البلاد ممن يجرؤون على التشكيك في كيفية استخدام عملهم وجهدهم لتحقيق أهداف الجيش الإسرائيلي غير القانونية والمستهجنة أخلاقياً.
بوضوح يشرح أيينجار، طالب الدكتوراه في العلوم التقنية: "ما يعنيه هذا في النهاية هو أن أبحاث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قد تُمكّن من ارتكاب إبادة جماعية، بل تُمكّن في الواقع من استمرار الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين". وقد وجد الطالبان مؤخرا نفسيهما في موقف المتهم عقب لقاء إيينجار الفاتر في معرض توظيف بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بالإضافة إلى مقال رأي كتبه ائتلاف الطلاب.
أدى مساءلة أيينجار مسؤولي التوظيف في شركة لوكهيد مارتن - أعرب، بعد انتظاره بأدب في طابور في معرض توظيف، عن عدم ارتياحه لتورطهم في الإبادة الجماعية وأزمة المناخ – فانتهى متهما بمضايقة وترهيب مسؤولي التوظيف.
انتقدت مقالة ائتلاف الطلبة ضد تعاون المختبر المباشر مع الجيش الإسرائيلي ، دانييلا روس، مديرة مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. نجحت روس في الضغط على صحيفة "ذا تيك" الصادرة عن المعهد لسحب المقال، على الرغم من عرضه معلومات متاحة للعامة وارتباطات حقيقية بالجهاز العسكري الإسرائيلي.
يقول أيينجار لهيدجز: "بإدخال هذه التقنيات وتجربتها، فإن ما يتم تجريته حقًا أبحاث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لمصلحة الجيش الإسرائيلي هو قدرة الطائرات المسيرة على التتبع، والتعرف على الوجوه، ومن ثم استهداف الفلسطينيين".
يوضح سولومون أن تسييس العمل الأكاديمي ليس بالأمر الجديد، لم يحدث في وقت قريب؛ فقد نأى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بنفسه مؤخرًا عن المشاريع المرتبطة بالإبادة الجماعية أو الحروب.لكن غير إسرائيل.
يقول سولومون ،"إذا كان معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قد فعل ذلك بصدد الإبادة الجماعية في دارفور عام 2008، وإذا أمكنهم سحب استثماراتهم من مختبرات درابر، وإذا كان بإمكانهم، في مرحلة ما، أعتقد عام 2022، إنهاء علاقاتهم مع جامعة روسية ساعدوها في تأسيس - أعني، إذا كانوا قادرين على فعل هذه الأشياء بشأن الجرائم والأفعال السياسية وتقريرها خطوات سياسية، فيمكنهم أيضًا فعل الشيء نفسه لصالح الشعب الفلسطيني".
كريس هيدجز: تتلقى الجامعات الحكومية والخاصة والكليات والمعاهد المتوسطة مليارات الدولارات من عقود أبحاث وزارة الدفاع. لكن الجامعة التي تتصدر باستمرار قائمة عقود أبحاث وزارة الدفاع هي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
هذا البحث المُخصّص لصناعة الحرب يركز على المعلومات التقنية وتقنية النانو، والتقنية الحيوية، وعلى الروبوتات، والأسلحة. وهي مصممة ليس فقط لتمكين منظومات التسلح في القتل الجماعي، إنما كذلك لتمكين البنتاغون والصناعات الحربية من فرض إطار الأسئلة بالجامعات ضمن الحدود الضيقة لما أطلق عليه سي.رايت ميلز تعريف الواقع عسكريا.
هكذا، يجري تصور العالم الخارجي على أنه سلسلة من المخاطر المهددة؛ ه يُقسّم الدول والجماعات إلى أعداء وحلفاء؛ يمنح الأولوية ليس للدبلوماسية و الديمقراطية و التعاون، إنما لاستخدام القوة والإكراه، سواء من خلال العنف العسكري والبروباغاندا والرقابة أو من خلال استخدام التدابير المالية، بما في ذلك العقوبات.
التلاعب بالدول الأخرى وإجبارها على الامتثال لمطالب الكمبيوتر التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بقيادة دانييلا روس، مضى شوطا ابعد، حيث أجرى أبحاثًا لدعم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة.
تُدير دانييلا روس مشروع "خوارزميات ضغط كوريسيت "، الذي تلقى منذ العام 2021مبلغ 425,000 دولار أمريكي على شكل رقابة مباشرة من وزارة الدفاع الإسرائيلية ، كما ورد في الكتب البنية لعام 2024 التي يصدرها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
المشروع الذي تُشرف عليه يطور خوارزميات من اجل التطبيق مثل "منظومات الرقابة على نطاق المدينة" والمراقبة واليقظة". العديد من هذه الخوارزميات خفيفة الوزن مثالية لـتدريس أجهزة لا يقودها أناس، بما في ذلك المسيرات، كي تبحث عن وتتعقب اهدافها باستقلالية تتزايد باضطراد.
جدير بالذكر أن التنقل بين البيئات البشرية يحتفظ بأهمية مركزية: " الإنسان قد يشق الدرب العالمي... وبصورة اوتوماتية على نفس المنوال تكيف الروبوتات إعداداتها ". تُستخدم إسرائيل المسيّرات كواد كوبتر على نطاق واسع لمراقبة المدنيين الفلسطينيين وإصابتهم وقتلهم عن قرب، وكذلك موظفي الأمم المتحدة والصحفيين والطاقم الطبي، بمن فيهم الأطباء والممرضون والمسعفون.
تعرّض طلاب "الائتلاف من أجل فلسطين" في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ممن احتجوا على تواطؤ الجامعة مع الإبادة الجماعية، أو طرحوا أسئلتهم على صانعي الأسلحة الذين يفدون الى معارض التوظيف التابعة للمعهد، لتجنيد الخريجين، هؤلاء الطلبة يتعرضون للمضايقات التي اعدتها الشرطة ويخضعون للمراقبة ويقدمون للجان تأديبية أو يوقفون عن الدراسة.
معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، شأن الجامعات في أنحاء البلاد، منع حرية التعبير ضمن مجهود لقمع نقاشات الطلبة ومعارضتهم للإبادة الجماعية. أصدر المعهد أوامر للطلبة تقضي ب "عدم اتصال" و"عدم مضايقة" بشأن البروفيسورة دانييلا روس. أجبرت صحيفة المعهد، "ذا تيك"، على سحب مقال رأي يندد بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي، ثم علّقت جميع مقالات الرأي بالنشرة.
حصل هذا مباشرةً بعد إيقاف طالب الدكتوراه في المعهد ، براهلاد إيينجار، عن الدراسة وطرده فعليًا. أحد الأسباب رسالة بريد إلكتروني أرسلها إلى طلبة البروفيسورة روس "يعرض فيها الدعم" و"مساحة آمنة" لمناقشة بحثها.
انضم اليّ للبحث في استهداف الطلبة ممن ينبرون لمعارضة الإبادة الجماعية وتعاون الجامعات مثل المعهد التقني بحملة الإبادة التي تنفذها إسرائيل طالبا الدكتوراة براهلاد إيينغر وريتشارد سولومون.
إذن، لنبدأ معك، براهلاد ، ونطلب منك ان تبين للمشاهدين ما ذا تعمل تلك الأنظمة . ماذا تأمل إسرائيل الحصول عليه من أبحاث معهد التكنولوجيا؟
براهلاد إيينجار: شكرًا كريس على هذا السؤال. تتوجه مشاريع أبحاث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بشكل رئيسي نحو المسيرات لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية. أحد هذه المشاريع يُسمى "أسراب غير متجانسة لمسيرات ذاتية التحكم". اذن، فهم مهتمون بالاستدلال على كيفية إنشاء شبكات من أسراب المسيرات تستطيع التنسيق فيما بينها لدى تتبع الهدف .
يقود هذا المشروع البروفيسور إيتان موديانو في مختبر منظومات المعلومات واتخاذ القرار. يُتيح هذا المشروع في الأساس لسرب المسيرات التمكن من تتبع الأهداف المتحركة. التطبيق الواضح تتبع السيارات المتحركة؛ كما يشمل تتبع المحتجين في مظاهراتهم ، ويمكن ان يشمل تتبع الأفراد، التطبيق الصريح المركبات في حركة المرور، ويمكن أن يشمل أيضًا المتظاهرين في المظاهرات. ويمكن أن يشمل أيضًا الأفراد، الأفراد الذين يمارسون حياتهم اليومية في غزة.
يوجد مشاريع أخرى، بمن فيها "خوارزميات كورسيت َ الضاغطة"، كالتي ذكرتها، والتي هي فعلا معدة للعمل من اجل تعلم الآلة مطبقا على المسيّرات ، وذلك على الرغم من أنها في ظاهرها مرتبطة فقط بالرياضيات والعمل الخوارزمي.
تكمن قضية تكييف الخوارزميات على المسيّرات في كون المسيرات لا تملك الكثير من المهارة ، ولا تحتاج لتلك القدرة أو المهارة الحوسبية على متنها. فهي مضطرة للاتصال بالأرض. "ضغط كورسيت" أسلوب لاختصار حجم عمليات الحوسبة اللازم إجراؤها كي يسمح للمسيرة أداء المهام المدعومة بالتعلم الآلي .
تشمل هذه المهام تقنية التعرف على الوجوه. وهو تطبيق واضح أدخلته دانييلا روس في ورقة بحثية. لذا، كما تعلم، من خلال إدخال هذه التقنيات وتفعيلها، فإن ما تتيحه أبحاث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للجيش الإسرائيلي هو مقدرة المسيرات على التتبع، والتعرف على الوجوه، واستهداف، برنامج تم إدخاله العام الماضي، بل وحتى قبل ذلك، كنظامٍ معيبٍ للغاية يستخدمه الجيش الإسرائيلي لاستهداف الفلسطينيين على نطاق واسع، بما في ذلك الأهداف المدنية، وتشويه هوية المدنيين، وتحديد هويتهم كمقاتلين، بمن فيهم الأطفال. وهذا يشمل أيضًا استهداف الأطفال.
أعني، من المعروف أن طائرات كواد كوبتر هذه مجهزة برشاشات تستهدف الأطفال في الصدر والرأس، بهدف التسبب في جروح قاتلة.
يزعم الكثيرون ممن يدافعون عن هذه الروابط وعن هذا النوع من الأبحاث، أنه يجعل الأمور أكثر أمانًا، ويُساعد في جعل الهجمات أكثر دقة. غير أن ما شاهدناه في الممارسة العملية أن الجيش الإسرائيلي يستخدم هذه ا الأبحاث لاختيار الأهداف، ثم بعد ذلك صعّدوا عتبتها الى ما يسبب إصابة، إصابة مدنية.
أي انها تسمح بإلحاق عشرين أو حتى مئة إصابة لكل هجوم. وعمليا، ما أفضت اليه بالفعل إحداث خسائر بالمدنيين أكبر بكثير لكل هجوم دون أدني ضمانة بمهاجمة فعلية لأي مقاتل .
بالطبع، ما يعنيه هذا في نهاية المطاف أن أبحاث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بمقدورها التمكين من ارتكاب إبادة جماعية، بل تُمكّن في الحقيقة من مواصلة الإبادة الجماعية للفلسطينيين. إذن هذا نمط من الأبحاث يجريها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
أنا واثق من أن ابحاثا عديدة يجري القيام بها في جامعات أخرى وفي أنحاء المجمع الصناعي العسكري الأميركي . غير ان هذا البحث تحديدًا يستفيد نوعًا ما من خبرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وخبرة باحثيه في التعلم الآلي، وفي الذكاء الاصطناعي المُستخدم في خوارزميات خفيفة الوزن تطبق لأغراض الإبادة الجماعية.
كريس هيدجز: كتبت مجلة +972 الإسرائيلية عن عدد الأهداف التي يلتقطها الذكاء الاصطناعي في كل طلعة. هل تستجيب هذه الطائرات المسيرة أساسًا للتحكم البشري؟ أم أنها تُوجَّه بواسطة خوارزميات؟
براهلاد إيينجار: إذًا، ممكن فعلا القيام بالمهمتين باستخدام هذه التقنيات. يمكن إضافة مسار تحكم بشري. على سبيل المثال، فيما يتعلق بسرب المسيّرات، من الممكن إضافة نمط من التنسيق يتيح مسارًا يحدده الإنسان.
غير انه يمكن للسرب ان يتبع مساره المطور ديناميا والقائم على قاعدة انقطاعات بالمسار الخاضع للتحكم البشري. ما يعنيه هذا في نهاية المطاف ان المسيرات تُمنح استقلالية أكبر بكثير لكي تتمكن من تنفيذ قدر هائل من القتل.
لذا، لم يعد ضروريا مراقبة أرضية طوال الوقت. يمكنها اتخاذ قرارات مرنة، قرارات تُتيح لها البقاء في الجو والتركيز على الهدف دون أي إشراف بشري.
وهذا تطور بالغ الخطورة. بالطبع، تصاعد استخدام تكنولوجيا المسيرات في الحروب قبل الإبادة الجماعية الحالية بكثير، حتى في عهد إدارة أوباما، بل حتى قبل ذلك.
لكن هذه القدرات الجديدة، المُعززة بالذكاء الاصطناعي، تُمكّن البشر أساسًا من التوقف عن أي إشراف. وهذا الإشراف المحدود المُفروض هو في الأساس مُجرّد تحكّم سطحي، أليس كذلك؟ مُجرّد تحكّم سطحي لا يأخذ في الاعتبار الدمار الذي تُلحقه هذه الطائرات المُسيّرة بالفلسطينيين. وبالطبع، ليس من المُفترض أن يتوقف الجيش الإسرائيلي، حتى لو كان يعلم أن لهذا عواقب إنسانية جسيمة.
لقد رأيناهم - رغم كل التحذيرات، ورغم كل صرخات المجتمع الدولي - يُواصلون هجمات الإبادة ضد الفلسطينيين. لذا، فهذه بالتأكيد تقنية خطيرة في أيدٍ خطيرة.
كريس هيدجز: حسنًا، نعلم من وثائق الطائرات المُسيّرة التي سرّبها دانيال هيل ونُشرت في موقع "ذا إنترسبت" أن مُعظم الإصابات، أو حتى مُعظم القتلى، التي أوقعتها الطائرات المُسيّرة في أماكن مثل أفغانستان، حيث كان لديهم مُشغّلو طائرات مُسيّرة عن بُعد في قواعد جوية في نيفادا، كانوا ضحايا مدنيين.
براهلاد أيينجار: اجل، هذا صحيح بالتأكيد. وأعتقد أن هذا يُشير إلى أن وضع هذه المهمة تحت تصرف الذكاء الاصطناعي لن يُحل المشكلة، أليس كذلك؟ بل سيُفاقمها. لكن ريتشارد، تفضل.
ريتشارد سولومون: حقا، وكنت سأقول إن هذا جزء من نمط أوسع في تاريخ حروب بلدان الرأسمالية. وفي ظل إمبراطوريات الغرب هو محاولة التخلص من أكبر قدر ممكن من شعور البشر بالذنب او التواطؤ المباشر.
كما تعلم، جرت العادة في السابق ان عليك إرسال جيوش ضخمة لتجلس في الخنادق وتحارب بعضها البعض. أما الآن، فيمكن للناس في نيفادا أن يجلسوا أمام شاشة الكمبيوتر ويطلقوا النار ويقتلون المدنيين في اليمن. وليس لهذا التأثير نفسه.
أعتقد أن الذكاء الاصطناعي، ونوع الأبحاث التي يُجريها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، هي عملية نقل المخاطر والألآم والدماء والعنف بصورة مصطنعه إلى منطقة الحرب، بعيدًا عن الأشخاص الفعليين الذين يتخذون القرارات وينفذون العمليات.
وهذا، في رأيي، تطورٌ مُخيفٌ للغاية، يعني أن الناس يُمكنهم تحمُّل مستوياتٍ أعلى من العنف المُنظَّم ضد مُجتمعاتٍ بأكملها دون إحساس من جانبهم انهم من يُمارسونه فعلا .
كريس هيدجز: ريتشارد، أريد أن أسألك، أنت تتحدث العربية، وكنتَ تعمل بوزارة الخارجية الأمريكية. مثلي، امضيت زمنا مديدا في العالم الإسلامي، وهذا باعتقادي يوفر لك منظورا لا يتاح لكثير من الناس بصدد ما يجري .
أمضيتُ ردحا من الزمن منذ 7 اكتوبر في زيارة مصر والأردن مرتين، وهذا الصيف زرت الضفة الغربية، وقمت برحلتين إلى قطر. أعتقد أن ما يُغفل عنه في كثير من الأحيان هو كيف يتفاعلون مع هذه الإبادة الجماعية، وخاصة المسلمين، لكن ليس المسلمين فقط، أعني أي شخص في العالم العربي.
غياب الديمقراطية قي الأقطار العربية دعم للأبارتهايد الإسرائيلي
وتساءلتُ إن كان بإمكانكم التحدث عن ذلك، لأن الغضب والشعور بالعجز، وكل هذه أمور واجهتها أينما ذهبت، في قطر أو مصر أو أي مكان آخر، وكنتَ انت في المملكة العربية السعودية بالطبع. فقط تحدث عن ذلك كما يبدو خارج الولايات المتحدة.
ريتشارد سولومون: حسنًا، أنا مواطن أمريكي. نشأتُ هنا، أنا لستُ مسلمًا، أنا مسيحي. لا أستطيع التحدث عن ذلك الصنف من الغضب. لكن يمكنني القول إن السلك الدبلوماسي الأمريكي يضم مجموعة من الناس معزولين تمامًا عن المجتمعات التي يضطهدونها. عندما يذهبون إلى القاهرة أو لبنان أو حتى السعودية، يعيشون داخل ثكنات عسكرية، أليس كذلك؟
حتى أولئك أمثالي ممن يُجرون مقابلات مع مئات الأشخاص يوميًا في القسم القنصلي، لا يتعاملون مع الناس على قدم المساواة. أعني أنك في حالتي تمنح شخصًا ما امتياز عبور الحدود، وهو أمر نتمتع به جميعًا كمواطنين في الشمال العالمي، لكنهم لا يتمتعون به.
خاصةً في مكان مثل الخليج، حيث غالبية السكان في العديد من دوله ليسوا حتى مواطنين في ذلك البلد، وهم من خلفيات متنوعة في الجنوب العالمي. إنهم من يواجهون هذا النوع من نظام الفصل العنصري العالمي.
هكذا، عندما تُحرك حكومة الولايات المتحدة، مدفوعةً بمختلف سياسات التنافس بين الحزبين وحاجات الإمبراطورية واستخراج الموارد في مكان كالشرق الأوسط، عندما نتجاوز ونشنّ غارات بمسيرات على اليمن ونتسبب في كوارث إنسانية هائلة، لا يبادر هؤلاء الناس بالمغادرة كما نُغادر.
أعتقد أن هذا التناقض بين وضعي كشخص يحمل جواز سفر أسود، جواز سفر دبلوماسي، ويستطيع السفر إلى أي مكان، ولا يخضع لنفس القوانين التي يخضع لها الآخرون، وتلك الحصانة الدبلوماسية. إنه التناقض بين ذلك وبين العواقب وفرص الحياة التي يواجهها البشر الذين يقعون على الجانب الآخر من عنفنا. هذا ما دفعني للخروج من وزارة الخارجية.
باعتقادي أن معظم الأمريكيين لا يدركون ذلك كل يوم، حتى أولئك الذين يذهبون إلى الشرق الأوسط. أعني، إنهم يعيشون في مجمعات سكنية، لديهم مقاهٍ جميلة، يقوم على خدمتهم أفراد من خلفيات أدنى ، لا يتحدثون العربية. هم يعيشون في عزلة، وفي أمريكا الحال أكثر تعقيدا على كل حال. ... يمكن للناس أن يتسامحوا مع مستويات أعلى من العنف المنظم ضد مجتمعات بأكملها دون أن يشعروا بأنهم هم من يرتكبونه بالفعل.
بمجرد وقوع هجوم مثل 11 سبتمبر، يرى الناس أنه حدثٌ مفاجئ، ولكنه جزء من نمط أوسع، في رأيي، من الحرب والعنف والاستبداد في الشرق الأوسط، وهو ما تدعمه الحكومة الأمريكية بنشاط.
" ... يستطيع الناس تحمل مستويات اعلى من العنف المنظم ضد مجتمعات بأكملها دون ان يشعروا انهم من يفعل ذلك حقا."
لا أعتقد أن الناس يدركون في الغالب أن سبب دعم الحكومة الأمريكية للنظام الملكي في الأردن والديكتاتورية في مصر متعلق بفلسطين.
أعني، لو غدت هذه الحكومات ديمقراطية، لزاد الضغط على النظام لكي يفعل شيئًا حيال الإبادة الجماعية للفلسطينيين ودولة الفصل العنصري. لذا، فللولايات المتحدة مصلحة في قمع الأصوات الديمقراطية في الخارج.
أسلوب كفاحي وإرهاب سلطوي
وهذا جزء مهم من القصة. غالبًا ما يُشير الناس إلى إسرائيل كنوع من الديمقراطية في الشرق الأوسط، ويقارنونها بمصر أو لبنان أو الأردن، غير ان الرؤية عبر منظور أكثر عداءً للإمبريالية، ترى أن قمع الصوت الديمقراطي في مصر هو أحد أسباب استمرار دولة إسرائيل كدولة فصل عنصري.
وهذا لا يرتبط بهذ القدر على وجه الخصوص بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا؛ غير انه شريك بالتأكيد في ذلك بعلاقاته الفريدة وغير القانونية وغير المستحبة ولا سابق لها مع الجيش الإسرائيلي.
يتبع
#ترجمة_سعيد_مضيه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟