أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الشهبي أحمد - التاريخ يصرخ.. لكن من يصغي؟














المزيد.....


التاريخ يصرخ.. لكن من يصغي؟


الشهبي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 8283 - 2025 / 3 / 16 - 02:56
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في عالم لا يعترف إلا بالقوة، يصبح السلاحُ هو جواز العبور الوحيد نحو البقاء. فالتاريخ لا يُسجَّل بأقلام الحالمين بالسلام، بل يُكتب بيد من يمتلك القدرة على فرضه، حتى لو تلحف بعباءة الدبلوماسية والتفاوض.

حين تخلّت أوكرانيا عن ترسانتها النووية عام 1994، لم يكن ذلك بدافع السذاجة، بل بوعدٍ خادع بعالمٍ جديد تُصنع فيه الأمنيات بالحبر بدلاً من الرصاص. لكن ما إن اشتعل فتيل الحرب، حتى اكتشفت أن الوعود تذوب أسرع من الثلج، وأن الورق لا يصلح درعًا حين تبدأ القذائف بالتساقط. فأين ذهبت تلك الضمانات الدولية حين اجتاحت الدبابات الروسية أراضيها؟ تبخرت كما يتبخر السراب عند أول لمسة واقع.

ولم تكن أوكرانيا وحدها من وقعت في فخ "الأمان الورقي". شعوبٌ كثيرة راهنت على العدل المزعوم في الاتفاقيات، لكنها سرعان ما وجدت نفسها بلا سند حين احتاجت إليه. الهنود الحمر ألقوا أسلحتهم، فكانت مكافأتهم إبادةً جماعية. الليبيون صدّقوا الوعود الغربية، فوجدوا ثورتهم تتلاشى وسط دوامة الفوضى. والأندلسيون سلّموا مفاتيح مدنهم، ليُدفع بهم إلى محارق محاكم التفتيش. التاريخ لا يعيد نفسه عبثًا، بل يُلقّن دروسه لمن يريد أن يفهم: لا كرامة بلا قوة، ولا وجود لمن لا يستطيع فرض نفسه.

قبل سنوات، حين طلبت الولايات المتحدة من طالبان إلقاء السلاح، كان رد المفاوض بسيطًا: "هذا السلاح هو ما جعلكم تجلسون أمامنا." لم تكن مجرد كلمات، بل حكمةٌ صيغت بدماء الشعوب. فالقوة ليست مجرد أداة للقتال، بل هي التي تمنحك مقعدًا على طاولة المفاوضات. واليوم، تتكرر المسرحية ذاتها: إسرائيل تطلب من حماس أن تُلقي سلاحها، وكأنها تطلب من طائرٍ أن يقتلع جناحيه ليبرهن على رغبته في الطيران! لكن المقاومة تدرك أن "سلامًا" يُبنى على نزع سلاحها ليس سوى استسلام مغلّف بشعاراتٍ براقة، لأن من يُسلّم قوته، يسلّم مصيره، ومن يسلّم مصيره، يخرج من معادلة التاريخ.

العالم يتقن فن التجاهل والنسيان. الاتفاقيات التي وُقّعت مع أوكرانيا، والضمانات التي مُنحت للشعوب المستضعفة، والوعود التي تُقدَّم اليوم للفلسطينيين، كلها مجرد نُسَخ معدلة من ذات الخديعة القديمة: "تخلَّ عن سلاحك، وسنمنحك الحياة". لكن الحقيقة أن الحياة بلا قوة ليست إلا انتظارًا مؤجلًا للموت.

يقول الله عز وجل في القرآن الكريم: "وَدُّوا لَوْ تُغْفِلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وأمْتِعتكم فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً". هذا ليس مجرد تحذير ديني، بل قانونٌ صاغته التجربة البشرية. والكيان الصهيوني يفهم هذه الحقيقة أكثر من غيره، فهو يتمسك بسلاحه حتى وهو يرفع شعارات السلام. فلماذا يُطلب من الفلسطيني وحده أن يكون ساذجًا؟

الذين يرفضون التخلي عن سلاحهم ليسوا مغرمين بالحروب، بل يعرفون أن التاريخ سيحاكمهم إذا استبدلوا دماءهم بتوقيعاتٍ جوفاء. إنهم كالأب الذي يرفض أن يسلم سكينه لذئبٍ يتربص بأطفاله. قد يُدان صمودهم اليوم، لكن غدًا، ستكتب الأجيال القادمة عنهم بفخر في صفحات الأرض، لا في سجلات الهزيمة.



#التاريخ_لا_يرحم #القوة_تصنع_السلام #الأمان_ليس_ورقًا #التاريخ_يصرخ #لا_كرامة_بلا_قوة



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المؤمراة من صنعنا -


المزيد.....




- شاهد ذعر عائلة أمريكية عندما حاصر إعصار مدمر منزلهم
- وسط تتالي حوادث الطيران والصيحات المقلقة.. هل يجب على المساف ...
- الأعنف منذ بدء وقف إطلاق النار.. غارة إسرائيلية دامية على غز ...
- لماذا أثار الإعلان الدستوري السوري جدلاً حول صلاحيات رئيس ال ...
- رئيس وزراء كندا الجديد يختار فرنسا وبريطانيا أولى محطاته الخ ...
- موقع Walla: واشنطن أبلغت إسرائيل مسبقا بالغارات على اليمن
- ترامب يجري تعديلات على مهام المبعوث الخاص إلى روسيا وأوكراني ...
- الدفاعات الروسية تسقط 31 مسيرة أوكرانية غربي روسيا
- استمرار الهجمات الجوية بين روسيا وأوكرانيا وسط غموض حول مصير ...
- روبيو ولافروف يناقشان -الخطوات التالية- بشأن أوكرانيا


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - الشهبي أحمد - التاريخ يصرخ.. لكن من يصغي؟